عن اليوم24
“كانت المهمة تحتاج إلى أقل من 4 ساعات. في هذه المدة تمكنوا من الذهاب للمغرب والعودة إلى الشواطئ الإسبانية محملين بـ2.4 طن من الحشيش”، هذا جزء من تفاصيل قصة من قلب الحدث لم يسبق أن رويت تنقلها “أخبار اليوم”، انطلاقا من تحقيق غير مسبوق أنجزه صحافي إسباني بصحيفة “الإسبانيول”، تمكن من إقناع مهربين مغاربة وإسبان بالسماح له بالصعود معهم إلى زورق سريع مخصص لتهريب الحشيش انطلاقا من شمال المملكة صوب السواحل الإسبانية.
الصحافي الإسباني أوضح أن هدفه هو أن ينقل وقائع وشهادات حية لما يجري في “إمبراطورية الحشيش” بين المملكتين، لهذا خلص إلى أنه “إذا قمت يوما بتدخين مخدر الحشيش، فاعلم أن وراءه كل أنواع البشر”، في إشارة ضمنية إلى تواطؤ بعض رجال الأمن في البلدين مع مهربي المخدرات، علاوة على أن هناك من المهربين من يقوم بذلك، لأنه ليست لديه مهنة أخرى أو من أجل ضمان رفاهية العيش لزوجته وأطفاله، أو لأنه رأى النور في وسط ألِف المخدرات، أو لأنه ركب القطار الخطأ الذي قاده إلى المخاطرة بحياته في أعماق البحر.
بداية المغامرة
يحكي الصحافي الإسباني أن تلك العملية جرت في أوائل الشهر الجاري، لكن المهربين اشترطوا عليه أشياء كثيرة، منها عدم ذكر أسمائهم الحقيقية. في هذا يقول: “علمت أن الأمر يتعلق بهم عندما رأيت أضواء سيارة قادمة في ليلة ظلماء. كانت الساعة تشير إلى الثانية صباحا، والشوارع خالية من الناس في منطقة “باريوس” بمدينة قاديس، حيث اتفقت قبل ساعة عبر الهاتف مع زعيم المهربين أن نلتقي”. لكن الصحافي تفاجأ بنبرة صوت الزعيم تغيرت وهو يحذره: “سنأخذك إلى هناك لكي نتجه مباشرة إلى الشاطئ. لكن، إياك أن تفكر في حمل كاميرا تصوير، أو أي شيء من هذا القبيل. أنت وحدك، وملابسك، ولا يمكنك تدوين ما ستشاهده، فقط يمكن الاعتماد على الذاكرة. الصور ممنوعة، ولا واحدة”. لماذا كل هذا؟ يسأل الصحافي، ويجيبه الزعيم قائلا: “إذا انتابهم أي شك في المغرب بخصوصك، فإن حياتك ستتحول إلى جحيم ومعها حياتنا أيضا”. وأضاف قائلا: “انظر، سنسمح لك برحلة واحدة فقط. هيا ارفع يديك وتحرك”.
“تشادو” مهرب إسباني، يبدو من خلال التحقيق أنه زعيم المجموعة المغربية الإسبانية المكلفة بتهريب الحشيش لصالح “بارون” مخدرات كبير غير معروف ويتحرك في الخفاء. تمكن الصحافي الإسباني من التعرف على تشادو وإقناعه عبر صديق مشترك. “فتشوني من رأسي حتى أخمص قدمي. إلى درجة أنهم فتشوا ملابسي الداخلية، وفي جيوب سترتي، هذا دون الحديث عن الحقيبة الصغيرة التي حملتها معي. أمام هذا أخبرتهم قائلا: “لا تقلقوا ليس معي أي شيء””. وأجابه الزعيم شارحا: “أعرف ذلك لكنه إجراء يجب القيام به، لقد كلفني إقناعهم بأن ترافقنا الكثير، لهذا حذار أن تخدعنا، لأن هذا الشخص (يقصد مصطفى) لن يتوانى في جعلك تدفع الثمن”. كان الزعيم يقصد مصطفى، وهو اسم مستعار للمهرب المغربي الذي يعتبره التحقيق حلقة الوصل بين بارونات المخدرات في إسبانيا والممونين في شمال المملكة.
وعن المغربي مصطفى يقول الصحافي: “هذا المغربي الذي قبل بصعوبة أن أرافقهم في تلك الرحلة هو المكلف بالحديث مع المغاربة عبر الهاتف والتنسيق من أجل تسلم الحشيش”. إلى جانب الزعيم تشادو والمنسق مصطفى، كان هناك مهربان آخران، لكنهما لا يتحدثان كثيرا. “على طول الطريق، ظل مصطفى يحدق في شاشة هاتفه الجوال، يبدو أنه يستعمله كبوصلة من أجل الرسو في المكان المتفق عليه مع الممونين”، يقول التحقيق.
البرغوث: ألجأ إلى الحشيش عند الإفلاس
على الجانب الأيمن من الصحافي، يتواجد مهرب يلقبه أصدقاؤه بـ”البرغوث”. يبلغ هذا الأخير 33 عاما، لم يرغب في أن يكشف عن اسمه أو مسقط رأسه للصحافي، لكن “من خلال لكنته يبدو أنه أندلسي”، يقول الصحافي. يحكي “البرغوث” بنبرة من يرغب في إعادة الكرامة لنفسه من خلال خوض غمار تهريب الحشيش قائلا: “ألجأ إلى الحشيش عند الإفلاس، لأنني منذ أربع سنوات وأنا عاطل عن العمل”. يعيل البرغوث طفلين (8 و11 عاما) وزوجة عاطلة، أيضا، عن العمل. يروي أنها المرة الرابعة التي يصعد فيها إلى دراجة مائية صوب المغرب من أجل شحن الحشيش، أما المرات الثلاث السابقة فحدثت منذ سنوات. يشرح أنه في واحدة من المناسبات الثلاث اعتقلته عناصر الحرس المدني متلبسا في تفريغ الحشيش في سواحل مالقة، مما كلفه 13 شهرا سجنا نافذا. لكن يبدو أنه غير نادم على الماضي، بل يصب كل تفكيره على “الكعكة” الحالية. “إذا نجحت عملية التهريب فسيحصل على 20 مليون سنتيم. الحشيش ليس ملكا له، بل فقط يعمل لدى الآخرين، في الحقيقة هو مجرد بيدق”، يقول الصحافي.
زعيم بدون زعامة
لا يحمل “تشادو” البالغ من العمر 44 من الزعامة إلا الاسم، لأنه مجرد ربان للدراجة المائية. “هو زعيم المجموعة. ليس من طينة المهربين الكبار، إذ إنه خلال السنوات الـ15 الأخيرة يشتغل في قطاع الحشيش، لكن ليس لحسابه الخاص، بل عند الآخرين”. خبر تشادو كل مهن القطاع: حمال للحشيش وربان الدراجات المائية، وسارق للسيارات، حارس، يقول الصحافي، ويضيف: “لكن هذه الليلة وجد نفسه أمام مقود الزورق”.
يحكي تشادو أن أول مرة قاد فيها قاربا لتهريب الحشيش كانت سنة 1990، في هذا يقول: “في البداية كنا نهرب الحشيش على متن “قوارب الموت” شبيهة بتلك التي يركبها المهاجرون السريون اليوم”. وعن الأسباب يشرح قائلا: “كان ذلك أيام الزمن الجميل، لم تكن هناك كاميرات الأشعة تحت الحمراء ولا رادارات تراقب كل سواحل الجنوب الإسباني. الآن الأمر أصبح أكثر تعقيدا مع وجود العصفور، (مروحية حراسة السواحل التابعة للحرس المدني الإسباني)، الذي إذا طردك ليس أمامك خيار آخر غير التخلص من البضاعة في أعماق البحر أو العودة إلى المياه الدولية والانتظار.. لا يتركوننا نعمل في هدوء”. يقول إنه من أجل حماية النفس والبضاعة يلجأ دوما إلى استعمال الرموز في مكالماته، إلى درجة أنه اقتنى هاتفا بـ11 ألف درهم من الصعب اختراقه، لكن مع ذلك فهو مصر على أخذ كل الاحتياطات.
على طول الرحلة، بالكاد تسمع كلمة، فقط “تشادو” والمغربي مصطفى يتبادلان الكلام. في الحقيقة كان الأمر يتعلق بتعليمات كان يقدمها مصطفى العارف بخبايا الطريق للربان “تشادو”. كان البحر هادئا، والدراجة تطير كما لو أنها تسير في الطريق السيار. “لو كنا في الطريق لاعتقدت أننا نسير بسرعة 120 كيلومترا في الساعة، لكن الشعور كان مختلفا عن ذلك الذي ينتابني في نفس الوضع في السيارة. هنا أشعر أنني ضعيف، في كل مرة تنزاح مؤخرتي عن المقعد، أي حادث سيكون مأسويا للجميع”، يروي الصحافي.
أضواء المغرب
“في الوقت الذي كنت غارقا في التفكير في صمت، تراءت لي من بعيد أضواء العديد من المناطق”، يقول الصحافي. “تلك هي تطوان، والمضيق، وذاك هو نهر مارتين”، همس أحد المهربين في أذن الصحافي. هذا المهرب لم يتحدث على طول الرحلة، كانت المرة الأولى التي ينطق فيها بكلمة. حينها كانوا على بعد أميال من مدينة سبتة المحتلة. “وصلنا إلى منطقة مظلمة على الشاطئ، وهناك في مكان بعيد تراءى لنا شخص يشير إلينا بالعديد من المصابيح. وقام تشادو بخفض السرعة وأوقف الدراجة على الشاطئ، هكذا بدأت اللعبة”، يقول الصحافي. ويضيف: “تكلف المهربون الأربعة الذين رافقوني، علاوة على 7 مغاربة وجدناهم هناك، بشحن الدراجة بـ2.4 طن من الحشيش، ومجموعه 80 حزمة يبلغ وزن كل واحدة 30 كيلوغراما”. وتبلغ قيمة تلك الكميات 3.6 مليار سنتيم، كما أن الكيلوغرام الواحد يصل ثمنه إلى 15 ألف درهم، حسب ما أخبر به المهربون الصحافي الإسباني. هكذا تم شحن 2.4 من الحشيش في 10 دقائق.
قبل العودة بسرعة البرق إلى إسبانيا، يوضح الصحافي قائلا: “قبل العودة، ودع تشادو ثلاثة أشخاص. الأول مغربي كان يراقب عملية الشحن على بعد أمتار، وفهمت أن الأمر يتعلق بالممون؛ أما الشخصان الآخران اللذان حياهما تشادو فهما دركيان مغربيان بالزي المهني. وكانا يمسكان بمصباحين. عندها أدركت أنهما من كانا يشيران إلينا بالأضواء قبل الوصول. هكذا خلصت إلى أن الكثير من الأفواه تعيش من تهريب المخدرات”.
وانتهت المغامرة بحصول المهربين الأربعة على مبلغ 80 مليون سنتيم على الأقل في ظرف ساعة و40 دقيقة تقريبا.
“كانت المهمة تحتاج إلى أقل من 4 ساعات. في هذه المدة تمكنوا من الذهاب للمغرب والعودة إلى الشواطئ الإسبانية محملين بـ2.4 طن من الحشيش”، هذا جزء من تفاصيل قصة من قلب الحدث لم يسبق أن رويت تنقلها “أخبار اليوم”، انطلاقا من تحقيق غير مسبوق أنجزه صحافي إسباني بصحيفة “الإسبانيول”، تمكن من إقناع مهربين مغاربة وإسبان بالسماح له بالصعود معهم إلى زورق سريع مخصص لتهريب الحشيش انطلاقا من شمال المملكة صوب السواحل الإسبانية.
الصحافي الإسباني أوضح أن هدفه هو أن ينقل وقائع وشهادات حية لما يجري في “إمبراطورية الحشيش” بين المملكتين، لهذا خلص إلى أنه “إذا قمت يوما بتدخين مخدر الحشيش، فاعلم أن وراءه كل أنواع البشر”، في إشارة ضمنية إلى تواطؤ بعض رجال الأمن في البلدين مع مهربي المخدرات، علاوة على أن هناك من المهربين من يقوم بذلك، لأنه ليست لديه مهنة أخرى أو من أجل ضمان رفاهية العيش لزوجته وأطفاله، أو لأنه رأى النور في وسط ألِف المخدرات، أو لأنه ركب القطار الخطأ الذي قاده إلى المخاطرة بحياته في أعماق البحر.
بداية المغامرة
يحكي الصحافي الإسباني أن تلك العملية جرت في أوائل الشهر الجاري، لكن المهربين اشترطوا عليه أشياء كثيرة، منها عدم ذكر أسمائهم الحقيقية. في هذا يقول: “علمت أن الأمر يتعلق بهم عندما رأيت أضواء سيارة قادمة في ليلة ظلماء. كانت الساعة تشير إلى الثانية صباحا، والشوارع خالية من الناس في منطقة “باريوس” بمدينة قاديس، حيث اتفقت قبل ساعة عبر الهاتف مع زعيم المهربين أن نلتقي”. لكن الصحافي تفاجأ بنبرة صوت الزعيم تغيرت وهو يحذره: “سنأخذك إلى هناك لكي نتجه مباشرة إلى الشاطئ. لكن، إياك أن تفكر في حمل كاميرا تصوير، أو أي شيء من هذا القبيل. أنت وحدك، وملابسك، ولا يمكنك تدوين ما ستشاهده، فقط يمكن الاعتماد على الذاكرة. الصور ممنوعة، ولا واحدة”. لماذا كل هذا؟ يسأل الصحافي، ويجيبه الزعيم قائلا: “إذا انتابهم أي شك في المغرب بخصوصك، فإن حياتك ستتحول إلى جحيم ومعها حياتنا أيضا”. وأضاف قائلا: “انظر، سنسمح لك برحلة واحدة فقط. هيا ارفع يديك وتحرك”.
“تشادو” مهرب إسباني، يبدو من خلال التحقيق أنه زعيم المجموعة المغربية الإسبانية المكلفة بتهريب الحشيش لصالح “بارون” مخدرات كبير غير معروف ويتحرك في الخفاء. تمكن الصحافي الإسباني من التعرف على تشادو وإقناعه عبر صديق مشترك. “فتشوني من رأسي حتى أخمص قدمي. إلى درجة أنهم فتشوا ملابسي الداخلية، وفي جيوب سترتي، هذا دون الحديث عن الحقيبة الصغيرة التي حملتها معي. أمام هذا أخبرتهم قائلا: “لا تقلقوا ليس معي أي شيء””. وأجابه الزعيم شارحا: “أعرف ذلك لكنه إجراء يجب القيام به، لقد كلفني إقناعهم بأن ترافقنا الكثير، لهذا حذار أن تخدعنا، لأن هذا الشخص (يقصد مصطفى) لن يتوانى في جعلك تدفع الثمن”. كان الزعيم يقصد مصطفى، وهو اسم مستعار للمهرب المغربي الذي يعتبره التحقيق حلقة الوصل بين بارونات المخدرات في إسبانيا والممونين في شمال المملكة.
وعن المغربي مصطفى يقول الصحافي: “هذا المغربي الذي قبل بصعوبة أن أرافقهم في تلك الرحلة هو المكلف بالحديث مع المغاربة عبر الهاتف والتنسيق من أجل تسلم الحشيش”. إلى جانب الزعيم تشادو والمنسق مصطفى، كان هناك مهربان آخران، لكنهما لا يتحدثان كثيرا. “على طول الطريق، ظل مصطفى يحدق في شاشة هاتفه الجوال، يبدو أنه يستعمله كبوصلة من أجل الرسو في المكان المتفق عليه مع الممونين”، يقول التحقيق.
البرغوث: ألجأ إلى الحشيش عند الإفلاس
على الجانب الأيمن من الصحافي، يتواجد مهرب يلقبه أصدقاؤه بـ”البرغوث”. يبلغ هذا الأخير 33 عاما، لم يرغب في أن يكشف عن اسمه أو مسقط رأسه للصحافي، لكن “من خلال لكنته يبدو أنه أندلسي”، يقول الصحافي. يحكي “البرغوث” بنبرة من يرغب في إعادة الكرامة لنفسه من خلال خوض غمار تهريب الحشيش قائلا: “ألجأ إلى الحشيش عند الإفلاس، لأنني منذ أربع سنوات وأنا عاطل عن العمل”. يعيل البرغوث طفلين (8 و11 عاما) وزوجة عاطلة، أيضا، عن العمل. يروي أنها المرة الرابعة التي يصعد فيها إلى دراجة مائية صوب المغرب من أجل شحن الحشيش، أما المرات الثلاث السابقة فحدثت منذ سنوات. يشرح أنه في واحدة من المناسبات الثلاث اعتقلته عناصر الحرس المدني متلبسا في تفريغ الحشيش في سواحل مالقة، مما كلفه 13 شهرا سجنا نافذا. لكن يبدو أنه غير نادم على الماضي، بل يصب كل تفكيره على “الكعكة” الحالية. “إذا نجحت عملية التهريب فسيحصل على 20 مليون سنتيم. الحشيش ليس ملكا له، بل فقط يعمل لدى الآخرين، في الحقيقة هو مجرد بيدق”، يقول الصحافي.
زعيم بدون زعامة
لا يحمل “تشادو” البالغ من العمر 44 من الزعامة إلا الاسم، لأنه مجرد ربان للدراجة المائية. “هو زعيم المجموعة. ليس من طينة المهربين الكبار، إذ إنه خلال السنوات الـ15 الأخيرة يشتغل في قطاع الحشيش، لكن ليس لحسابه الخاص، بل عند الآخرين”. خبر تشادو كل مهن القطاع: حمال للحشيش وربان الدراجات المائية، وسارق للسيارات، حارس، يقول الصحافي، ويضيف: “لكن هذه الليلة وجد نفسه أمام مقود الزورق”.
يحكي تشادو أن أول مرة قاد فيها قاربا لتهريب الحشيش كانت سنة 1990، في هذا يقول: “في البداية كنا نهرب الحشيش على متن “قوارب الموت” شبيهة بتلك التي يركبها المهاجرون السريون اليوم”. وعن الأسباب يشرح قائلا: “كان ذلك أيام الزمن الجميل، لم تكن هناك كاميرات الأشعة تحت الحمراء ولا رادارات تراقب كل سواحل الجنوب الإسباني. الآن الأمر أصبح أكثر تعقيدا مع وجود العصفور، (مروحية حراسة السواحل التابعة للحرس المدني الإسباني)، الذي إذا طردك ليس أمامك خيار آخر غير التخلص من البضاعة في أعماق البحر أو العودة إلى المياه الدولية والانتظار.. لا يتركوننا نعمل في هدوء”. يقول إنه من أجل حماية النفس والبضاعة يلجأ دوما إلى استعمال الرموز في مكالماته، إلى درجة أنه اقتنى هاتفا بـ11 ألف درهم من الصعب اختراقه، لكن مع ذلك فهو مصر على أخذ كل الاحتياطات.
على طول الرحلة، بالكاد تسمع كلمة، فقط “تشادو” والمغربي مصطفى يتبادلان الكلام. في الحقيقة كان الأمر يتعلق بتعليمات كان يقدمها مصطفى العارف بخبايا الطريق للربان “تشادو”. كان البحر هادئا، والدراجة تطير كما لو أنها تسير في الطريق السيار. “لو كنا في الطريق لاعتقدت أننا نسير بسرعة 120 كيلومترا في الساعة، لكن الشعور كان مختلفا عن ذلك الذي ينتابني في نفس الوضع في السيارة. هنا أشعر أنني ضعيف، في كل مرة تنزاح مؤخرتي عن المقعد، أي حادث سيكون مأسويا للجميع”، يروي الصحافي.
أضواء المغرب
“في الوقت الذي كنت غارقا في التفكير في صمت، تراءت لي من بعيد أضواء العديد من المناطق”، يقول الصحافي. “تلك هي تطوان، والمضيق، وذاك هو نهر مارتين”، همس أحد المهربين في أذن الصحافي. هذا المهرب لم يتحدث على طول الرحلة، كانت المرة الأولى التي ينطق فيها بكلمة. حينها كانوا على بعد أميال من مدينة سبتة المحتلة. “وصلنا إلى منطقة مظلمة على الشاطئ، وهناك في مكان بعيد تراءى لنا شخص يشير إلينا بالعديد من المصابيح. وقام تشادو بخفض السرعة وأوقف الدراجة على الشاطئ، هكذا بدأت اللعبة”، يقول الصحافي. ويضيف: “تكلف المهربون الأربعة الذين رافقوني، علاوة على 7 مغاربة وجدناهم هناك، بشحن الدراجة بـ2.4 طن من الحشيش، ومجموعه 80 حزمة يبلغ وزن كل واحدة 30 كيلوغراما”. وتبلغ قيمة تلك الكميات 3.6 مليار سنتيم، كما أن الكيلوغرام الواحد يصل ثمنه إلى 15 ألف درهم، حسب ما أخبر به المهربون الصحافي الإسباني. هكذا تم شحن 2.4 من الحشيش في 10 دقائق.
قبل العودة بسرعة البرق إلى إسبانيا، يوضح الصحافي قائلا: “قبل العودة، ودع تشادو ثلاثة أشخاص. الأول مغربي كان يراقب عملية الشحن على بعد أمتار، وفهمت أن الأمر يتعلق بالممون؛ أما الشخصان الآخران اللذان حياهما تشادو فهما دركيان مغربيان بالزي المهني. وكانا يمسكان بمصباحين. عندها أدركت أنهما من كانا يشيران إلينا بالأضواء قبل الوصول. هكذا خلصت إلى أن الكثير من الأفواه تعيش من تهريب المخدرات”.
وانتهت المغامرة بحصول المهربين الأربعة على مبلغ 80 مليون سنتيم على الأقل في ظرف ساعة و40 دقيقة تقريبا.