مُشاهدات مُهينة لكرامة المهاجرين من قلب القنصلية
((... وإننا لواثقون من انخراط جميع المغاربة، في بناء ما نتوخاه من إرساء نموذج مجتمعي متضامن ومتوازن، بروح المواطنة الملتزمة،والعمل الجاد، والثقة في النفس. وفي هذا الصدد، نؤكد التنويه بمواطنينا في المهجر،لتشبثهم الراسخ بوطنهم الأم، في السراء والضراء.
فبالرغم من تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية،فإن تعلقهم القوي بتجديد العهد ببلدهم المغرب،يشهد إقبالا متزايدا،وصلة الرحم مع ذويهم،تعرف تواصلا مستمرا. وإننا لندعو الحكومة إلى مواصلة العناية بأحوالهم، داخل الوطن وخارجه...))
كان ذلك مقتطف من نص الخطاب السامي الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى الأمة بمناسبة الذكرى العاشرة لاعتلاء جلالته عرش أسلافه المنعمين.. وهو الخطاب الذي ضمنه جلالته بحرصه كالعادة، على أهمية مغاربة المهجر كمكون لا يتجزأ من المجتمع المغربي المتضامن والأصيل..وهو ما نستشفه من خاتمة الخطاب التي كانت على الشكل التالي:
((... وبدعاء صادق من قلب خديمك الأول،المفعم بمحبتك،أسأل الله تعالى أن يحفظ كل المغاربة،حيثما كانوا،في أنفسهم وذويهم،وأن يوالي نعمه على هذا البلد الأمين.
كما أضرع إليه جلت قدرته،أن يكلل الجهود الخيرة،لكل مغربي ومغربية،داخل الوطن وخارجه،بالنجاح والتوفيق،فيما يسعد أحوالهم،ويبلغهم آمالهم،ويحقق بعملنا الجماعي،لوطننا الغالي، دوام الوحدة والاستقرار،والتقدم والازدهار.
إنه نعم المولى ونعم النصير.
"قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني". صدق الله العظيم.))
جريدة أنوال اليوم، إذ تستحضر هاته المقتطفات القيمة من خطاب قائد الأمة، تسجل بأسف عميق استمرار بعض طفيليات العقلية البصرية في الحياة بين مكاتب الإدارات والمصالح المغربية المختلفة، تدير شؤون الجالية المغربية المقيمة بالخارج، وتمثل المغرب داخل المجتمع الغربي...!!
نؤكد أن هاته الكلمات التي خطها الزميل عبد الواحد الشامي باعتباره من وقف على بعض الحقائق المُرة التي تعرفها أوضاع مهاجرينا بالخارج، ننشرها عن مضض بسبب تقاطع رغبتنا في تغيير العقليات الإدارية والبيروقراطية المجحفة، مع ما تم نقله إلينا من عين المكان.. القنصلية العامة للمملكة المغربية بمدينة برشلونة الاسبانية تحديداً.. فما الذي جعلنا نتأسف عن واقع الحال هناك..؟!
المئات من المواطنين المغاربة القاطنين باسبانيا، الذين يقطنون بمدن بعيدة بساعات عن مدينة برشلونة حيث مقر القنصلية المغربية، يضطرون يومياً إلى تحمل عناء السفر والعياء من أجل قضاء أغراضهم الإدارية بهاته المصلحة المغربية التي يُفترض أنها وُجدت رهن إشارتهم وتحت تصرفهم.. لكن هيهات ثم هيهات.. فما تمت معاينته بعين المكان عكس ذلك تماماً..! ، فما أن تطأ قدماك مقر القنصلية المغربية حتى تصاب بجميع أنواع الكآبة والتذمر والاستياء... نتيجة الإهانة التي ستُعامل بها من قبل موظفي القنصلية الذين يتوزعون على مكاتب مختلفة كل واحد بمصلحة معينة: مصلحة البطاقة الوطنية، الحالة المدنية، عقود الازدياد، عدول الزواج، التأشيرات، جوازات السفر،...الخ، إلا أن أحد من هاته المصالح المذكورة تُعامل المواطن المغربي على أنه إنسان..!
مهلاً، هذه ليست مبالغة.. إنها صورة مُصَغَّرة وملخصة عن الواقع المرير الذي يفرضه موظفو القنصلية المغربية ببرشلونة على رعايا صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وعلى سبيل المثال لا الحصر، نجد: "تورية الكحلة" و "نورالدين" و "العبودي" و "رشيد"...هؤلاء من حطم الرقم القياسي في التعامل الهجين مع المواطنين، بل وصلت الوقاحة بالمدعوة "تورية الكحلة" مثلاً، إلى حد نعت أحد المواطنين المغاربة الذي يشارف سنه على الثمانين، بأقذع النعوت.. وإهانته بألفاظ لا أخلاقية أمام العيان، ليس لسبب إلا لأنه حاول استفسارها عن الوجهة التي سيقصدها من أجل انجاز شهادة إدارية.. !! الأمر لا يختلف كثيرا بالنسبة للمسؤول عن الديوان بالقنصلية، المدعو "الزيتوني"، هذا الأخير الذي حطم كل أرقام البيروقراطية المتعفنة في عقول ورثة المرحوم البصري فيما يخص الاستبداد واحتقار كرامة المواطن المغربي..إذ يضل طيلة النهار قابعاً بمكتبه بمعية كاتبته يتبادلان أطراف النميمة والضحك.. فيما مصالح المواطنين متعطلة إلى حين..فَيَضَلُّون ساعات تلو الأخرى، ومنهم من يبيت لأيام بمدينة برشلونة في انتظار انجاز شهادة ما..فــ "الزيتوني" منهمك هو الآخر في إشعال السيجارة تلو الأخرى لسيكرتيرته الخاصة داخل مكتبه...وهو ما وقفت عنه "أنوال اليوم" بصفة مباشرة..
فأمثال هؤلاء الموظفين يسيرون ضد تيار التغيير الذي ينهجه جلالة الملك محمد السادس سدد الله خطاه، إذ يخصصون كل أوقات عملهم لاحتقار المواطن بكل الطرق: بالانتضارية القاتلة، بالكلام الساقط، بالابتزاز... وهذا موضوع آخر.. فعبد ربه "ع. الشامي" لا يجد حرجًا في الاعتراف بأن أحد أغراضه الإدارية بتلك القنصلية لم تتم إلا بعد دفع مبلغ "10 أُورو" لأحد الموظفين الأشباح..فهو شبح لأنه لا يلتحق بالعمل إلا بعد الساعة الحادية عشر صباحا، فيما تُفتح أبواب القنصلية ابتداء من الساعة الثامنة والنصف..
القنصل المغربي بنفس المبنى، الذي يحرص على أناقة وبروتوكول معين أثناء نزوله من سيارته قبل ولوج القنصلية، إذ يُظهر لــ "حارسَيْ" القنصلية المغربية، وهما من الشرطة الاسبانية، خنوع وخضوع مبالغين أثناء إلقائه تحيته الصباحية عنهم وهو مطأطأ الرأس.. هو الآخر يساهم في إضفاء التعامل البيروقراطي واللامسؤول بين موظفيه..كيف لا وهو يمر بين طوابير مصطفة بالمئات من بني جلدته يعانون ويقاسون بلا جدوى..فيواصل الخطى دون تغيير المنكر، نحو مكتبه الوثير في أقصى الزاوية اليمنى من الطابق الأول ..
أحد العجزة الذين توافدوا على القنصلية يوم 06/08/2009 الذي تصادف مع تواجدنا بعين المكان، غلب عليه الحزن والبكاء وهو يردد ما عاناه مع مصالح هاته القنصلية من تسويف وبيروقراطية وإهانة بشكل يومي.. مؤكدا لنا أن نفس التعامل ستجده بمدينة "فلنسيا" الاسبانية وغيرها بحكم تجربته – حسب إفادته- أما مصلحة البطاقة الوطنية التي تعرف إقبالاً منقطع النضير من قبل أفراد الجالية، فإنها مثار استياء كل الوافدين عليها نضرًا للتأخر المبالغ فيه من أجل إنجاز أو تجديد بطاقة التعريف الوطنية.. وهنا كانت لنا دردشة صغيرة مع احد المواطنين الذي لم يتمالك نفسه بالضحك قائلا: "هذه هي علامة المغرب.. فأينما اتجهت صوب إدارة مغربية داخل أو خارج المغرب ستجد الرشوة و الفوضى وانعدام حقوق الإنسان.." مؤكدا انه كان عليه انتظار مدة ستة اشهر من اجل انجاز بطاقة التعريف الوطنية..!!
لنتأمل هذا التناقض الصارخ بين ما جاء في مضمون خطاب العرش من حرص جلالة الملك على إيلاء أهمية بالغة لأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، وبين هذا المستوى الوضيع و المشين لتعامل المسؤولين بالقنصلية المغربية ببرشلونة.. فنستنتج بالجزم أن عقلية موظفي تلك القنصلية تسبح ضد تيار التغيير الذي لطالما أكد الملك على ضرورة تجسيده في شتى المجالات على رأسها الإدارة المغربية داخل وخارج الوطن..
إن ما يحدث ببعض المصالح المغربية بأوروبا على رأسها القنصلية بمدينة برشلونة الاسبانية، تجاوز كل حدود الشطط واللامسؤولية التي يعتبر ضحيتها الأولى مواطنين مغاربة يكابدون في العمل طوال العام من اجل تحصيل مصاريف عيش أسرهم وذويهم بالمغرب، وكذا من أجل جلب العملة الصعبة للاستثمار في وطنهم..لكنهم يُصابون بالغبن والبؤس والرعب لمجرد أن تصادفهم تلك السلوكات المشينة والمحتقرة لكرامة المواطن المغربي.. فيتراجعون القهقرى، أو يُرددون في قرارات أنفسهم: "حَسْبُنَا الله وَنِعْمَ الوَكِيل" وذلك على أبعد تقدير..
* أنوال اليوم
camera / kader barcelona