NadorCity.Com
 


عرض مسرحي بعنوان " الحراكة " بزايو يعالج قضية الهجرة السـرية


عرض مسرحي بعنوان " الحراكة " بزايو يعالج قضية الهجرة السـرية
جمال ازضوض/ محمد العلوي

نظمت جمعية المشكاة للمسرح بزايو يومه الخميس 14 مارس الجاري في حدود الساعة السابعة ليلا باعدادية علال الفاسي 01 وبالضبط بالاقامة المتواجدة بذات المؤسسة والمخصصة للتلاميذ القاطنين بالجماعات المجاورة عرضا مسرحيا رائعا بعنوان " الحراكة " حيث لاقى اعجاب الحاضرين.

وتعالج مسرحية ” الحراكة” قضية مهمة استفحلت بشكل جلي في السنوات الأخيرة. إنها قضية الهجرية السرية، وامتطاء قوارب الموت، والرحيل نحو الضفة الأخرى التي يراها المتجهون نحوها أكثر أمنا وأوفر مالا وشغلا وكرامة. لذا فهم يتحملون كل أهوال الطريق وأشكال الموت والعذاب في سبيل تحقيق حلم الوصول.

وهكذا تصور لنا المسرحية بؤرة لانطلاق الأحداث ومكانا لالتقاء الشخوص في بدايتها، وهو عبارة عن غابة يجتمع فيها شخصان يودان الهجرة كما تدل على ذلك اللوحة المعلقة في عمق الخشبة التي تصور هذا الخلاء الممتد الأشجار (الغابة) مرفوقة بمؤثرات صوتية تحيل إلى حيوانات كاسرة. المكان موحش ويوحي بالخوف. يسود حوار مفعم باليأس بين الشخصين، ويتم التطرق إلى الواقع المغربي الكئيب الذي يدفع بأصحابه نحو مغادرته والهروب منه. لذا يستحوذ عليهما سؤال وجودي رغم بساطته، وهو: ما الداعي للهجرة؟ وهو سؤال محفز ومفجر للحكي ويوشي بما سيحدث لاحقا. سؤال سيجعلهما يتطرقان إلى وضعيتهما وظروفهما القاتمة. بعد ذلك سيلتحق بهما المشرف على الهجرة وصاحب القارب (المختار)، إذ سيدعوهما إلى تهييئ المبلغ المتفق عليه قبل الإبحار.

وفي المقطع الثاني من المسرحية، وهو مقطع خاص بالإبحار على ظهر القارب الذي ستجري فيه كل الأحداث المتبقية، بحيث سيبرز تذبذب وتردد الأشخاص المرشحين للهجرة، سرعان ما يعتريهم الندم ويندبون حظهم الذي ألقى بهم في أتون قارب ماخر لعباب الموت والمجهول. والمثير هو اعترافهم أنهم ما ركبوا البحر إلا اضطرارا. بل نجد المشرف على الهجرة نفسه لا يرضى عن هذه المغامرة ولا المهنة التي يزاولها. ومنذ البداية كانت الرحلة مفعمة بالقلق والكوابيس، كما كان الشأن مع أحد المهاجرين الذي استفاق على وقع كابوس جعله يصرخ عاليا في مجاهل البحر.

بحر سيجعلهم عرضة للضياع وفقدان الاتجاه الصحيح للوصول إلى الوجهة المتوخاة. وما أن ظهرت اليابسة ووصلوا إلى شط الأمان حتى بدأ شخص ما يلوح لهم بيديه يلبس ثيابا مرقعة ورثة، وانخرط معهم في حوار باللغة الإسبانية متسائلا عن سبب مجيئهم، ومخبرا أياهم أنهم لم يحسنوا الاختيار بقصدهم لهذه الربوع، لأنه لا شيئ يغري فيها بالبقاء. لذا قرر القارب العودة بمن فيه من حيث أتى. والطريف أن الإسباني ترجاهم بحمله معهم إلى بلدهم. ونجد أنفسنا هنا أمام هجرة معكوسة ومضادة تخلخل مجموعة من القيم والأعراف السائدة في ثنائية شمال جنوب. وتتحدث المسرحية في أنفاسها الأخيرة عن العودة إلى الأصل والوطن باعتباره ملجأ آمنا وحضنا دافئا، وما الهجرة إلا وهم زائل، وما النعيم الموعود إلا طيف عابر، فالرخاء موجود في أوطاننا والخير كامن في ذواتنا
.
وتعتبر هذه المسرحية إلى حد ما متماسكة البناء، ومنسجمة مع لوحاتها ومشاهدها، وتحمل في طياتها صراعا متصاعدا، وتزخر بثنائيات ضدية من مثل: (الرحيل/البقاء، الحياة/الموت، الحلم/الواقع، الأنا/الآخر…) وهذا أعطى للعرض طابعا تشويقيا.
وقمين بنا أن نشير إلى أن قضية الهجرة المعكوسة، وتحول بلد الاستقطاب إلى بلد نازح بسبب ما ألم به من أوضاع مزرية التفاتة ذكية من مؤلف النص، وترسيخ للأنا ضد الآخر، وإثبات للذات، ودعوة للتشبث بالوطن والجذور
.
وإذا ما انتقلنا إلى الجانب الإخراجي من المسرحية، فيمكن القول إنها اعتمدت على ديكور وظيفي ومرن، وهو عبارة عن ستارة في عمق الخشبة. إنها لوحة تشكيلية تحيل إلى الغابة وهو موضع اللقاء قبل الهجرة، ثم نجد كذلك ديكور القارب، وهو عبارة عن مجسم خشبي صغير يتم امتطاؤه أثناء الرحلة، وفيه تدور معظم أحداث المسرحية وانعطافاتها المثيرة. وقد لجأ المخرج إلى مؤثرات صوتية عدة لإعطاء أبعاد وكثافة للمكان كالموسيقى الحزينة وهدير القارب طيلة الرحلة. كما وظف الأغنية سواء بشكل أدائي من قبل الممثلين وهم على متن القارب، أم من خلال البلاي باي (الأغنية المسجلة) في نهاية المسرحية عندما قرر المهاجرون العودة إلى الوطن، فتم استحضار أغنية تشيد بالبلد وميْزاته.

والملاحظ أن هذا العرض كلاسيكي في تقسيمه وفي تقنياته، ومباشر في رسالته. فمن حيث التقسيم، تبتدئ المسرحية بالدقات الثلاث وفتح الستارة وإغلاقها. وبهذا فهي مقسمة إلى قسمين أو إلى لوحتين: لوحة ما قبل الهجرة، ولوحة البحر. غير أن هذه اللوحة الأخيرة بدت طويلة جدا ورتيبة في جزء كبير منها وتم تطعيمها بعدة أحداث جانبية، وإغراقها بفيض من الكلام، مما أسقطها في الجمود وعدم الحركة، لأن الممثلين كانوا طيلة هذا المشهد جالسين في القارب وينوب الكلام عن حركاتهم واشتباكهم. كما أن غياب الإضاءة والتنوع فيها للدلالة على التغيير الزمني من قبيل (الليل والنهار) أو لإبراز الحالة النفسية وتغيير المواقف أضفى عليها نوعا من اللازمنية وأسقطها في نمط واحد ثابت.

على العموم مسرحية (الحراكة) عرض لا بأس به، وهو بذرة طيبة لأعمال قادمة أكثر نضجا واستعابا لمكونات العرض المسرحي. وفي اعتقادنا أنه عمل يحتاج إلى مزيد من الإعداد لا على مستوى الممثل ولا على مستوى الإخراج والسينوغرافيا.





































































































































المزيد من الأخبار

الناظور

الفنان رشيد الوالي يخطف الأضواء خلال زيارته لأشهر معد "بوقاذيو نواتون" بالناظور

المجلس العلمي بالناظور يعزي في وفاة حميد أمكداو

تلاميذ ثانوية طه حسين بأزغنغان يستفيدون من حملة تحسيسية حول ظاهرة الانحراف

عملية أمنية في مليلية المحتلة تسفر عن اعتقال شخص لتورطه في نشر أفكار متطرفة

مهني يؤكد: تجديد"الطاكسيات" مرغوب والتعاقد العرفي يعيق العملية بالناظور

بحضور ممثل الوزارة ومدير الأكاديمية.. الناظور تحتضن حفل تتويج المؤسسات الفائزة بالألوية الخضراء

نائب رئيس جماعة بني انصار ينفي ترأسه اللجنة الوطنية للمطالبة بتحرير سبتة ومليلية