محمد بوتخريط / أمستردام
الى روح الراحل محمد شاشا..
تجمع العشاق في امستردام … تجمع العشاق في لحظة وداع أخيرة...
خيمت أجواء الحزن على المشهد كله خصوصا بين أوساط أصدقاء الراحل ورفاقه المقرببين في مسيرته الحافلة ... تبادل الجميع العزاء في فقدان واحد من أبرز نجوم وصناع الكلمة الهادفة الصادقة.
في جو مهيب، ميزه الحزن والأسى...عشرات الاحبة لم تفوت فرصة الحضور إلى مكان اللقاء بمدينة امستردام من اجل القاء النظرة الأخيرة على " الزعيم" الذي عاش وتألق وتألم طيلة عقود من الزمن، أكرمه العشاق بالحب والدمع خلال القاء النظرة الأخيرة على جثمانه..
وانت الغائب الحاضر.. الغائب عن عيوننا الباقي في قلوبنا ..من العشاق من بكى أمام عينيك كطفل صغير...آخرون حضروا ليرون لآخر مرة وجهك الحنين... جاؤوك ليلقون أمامك حبهم الكبير..جاؤوك صديقي ليودعوك الوداع الأخير.
جئناك نحرق أوراق شعرنا بين يديك . لأنك بعد قليل ستطير...ولا أحد سألك إلى أين ! فأنا والعشاق وكل الاحبة نعرف إلى أين المسير.. سيهبط النعش الطائر آتياً بأجنحةِ وفاء الرفاق من مساء امستردامي بارد الى دفء شبذان الولادة ، ليسجلَ هذا اللقاء بين منفى في امستردام ومقبرة في شبذان وجه أسطورة يخططها شاشا بقلم "رصاص" عبر نافذة كل قصة حكاها اوقصيدة كتبها او اغنية غناها ، أو صرخة جائع في شوارع اليسار العالمي عاشها اوعايشها.
قرابة اربعين عاما و..أكثر، أعوام حنين طويلة لبلدته.. لتقبلَ اليوم النعش في صمت دمعتها وتشيعه بمهابة روحه وعناده قصائده. هذا الانسان الجميل هبط اليوم سعيدا على صباح شبذان . أشعر بفرح روحه وسعادتها وهو يعود الى الريف الأم كما تعود السنونو في رحلاتها السنوية من بلاد البلطيق وبحر الشمال لتحط على اكواخ شبذان وشواطئه . يستقبلهُ الريف وكل العشاق والاحبة ، في نعشه يتخيلون جدارا ُعلقتْ عليه كل اعماله يوم كان قلبه يبدع على جدران قاعات ومسارح امستردام ..
هي حكايات هذا العاشق الذي حمل ذات مساء طفولته ورموزها ومحيطها وكل أساطيره ورحل..ليسجلها مثلما يسجل الهيروغليفيون كتاباتهم على الحجر . بين أبتسامة العودة ودمعة الفراق ، سيمشي النعش في جسد بلدته الهادئة وشوارعها ... لتسجل وقائع أحتفالية وعودة غير منتظرة لهذا المسافر الابدي في صمت اللغة والجرح والقصيدة ، عودة تسجل في صمت قاتل تاريخا لريفٍ يعاني من اشياء كثيرة يحتاجها ، عمل لمعطليه..مبنى لمثقفيه ، خشبة لمسرح يليق بفنانيه، نادٍ لطموحات شبابه السينمائيين ، وأشياء اخرى كثييييرة. هبط النعش الطائر من سماء امستردام الى تراب شبذان ..
عاد الفنان الى مهده وطفولته وشبابه واصدقاءه...عاد شاشا إلى أمه..
آآآه يا أماه..آه يا أمهاتنا.. في تنهيدة من تنهيداته حكى لنا شاشا ذات مساء .. عن آخر لقاء جمعه بوالدته..ذات مساء زادت فيه وطأة الفراق غربةً، وأخذ يبعثر في الذاكرة، يستذكر أيام شبذان...تذكر وهو جالس على صخرة كطائر ليلي يفكر في الرحيل ..
كان لازال شابا يافعا، لم يتجاوز عمره 22 عاما..كان يفكر فيما يصنع ، وأمل يراود أحلامه... كان يفكر في كيف يستطيع أن يصل إلى بحر الغيوم، ويريح القلب المهموم، سألته امه : في ما تفكر يا بني؟ فأجابها : بعد خمس سنوات ساعود يا أماه وستعرفين وتطمأنين علي.
لم تسأله عن المكان المقصود، وهو لم يشرح لها الحدود... كيف سيصل إلى المأمول... وهو الذاهب إلى المجهول. فقط همست له بصوت مبحوح: إياك أن تنساني يا بني إياك أن تنسى امك ! فأجابها بلغة الواثق المطمئن الذي لا يمكن أن تسلك الهزيمة والرعب إلى قلبه :مهما بعد الزمان وغاب..انا لك مهما طال العمر.. وان حكمت علي الظروف بطول الغياب..فحتما سأعود وأطرق اﻻبواب..فانا احن اليك والى لمس التراب..مهما طال الزمن سأعود.
لكن ...الوعد خان والغياب طال .. وعاد .. مثل طائر الفينيق ..لكنه عاد في نعش طائرالى مقبرة خلوده .. عاد حين شعرَ أن موت الغربة موتاً آخرا في الجسد الواحد ، عاد الى شبذان ليبقيَّ لروحه وجسده خلودا في عطر طين شبذان وجدران ذكرياته.. عاد الفنان..عاد شاشا الى مهده وطفولته وشبابه واصدقاءه. عودة دمعتها عطر وأبتسامتها نخوة المدينة ومثقفيها وكل عشاق شاشا ليصنعوا لهذا الطائر القادم بأجنحته من مساء خريفي تشيعاً يليقْ به وبروحه الجميلة.
عدت وحضرالعشاق للقاءك..عدتَ الى شبذان وحضنه ، يعانقك ، ثم يودِّعك بزهو .. ليودِعكَ ترابا طريا وسط حقول ناهزت زمانك. بين حياة منفى مؤقتة في امستردام . وموت دائم في شبذان.. يرقد محمد شاشا ... هادئا ، صامتا ... "يحكون في بلادنا...يحكون في شجن...عن صاحبي الذي مضى و عاد في كفن..".
الى روح الراحل محمد شاشا..
تجمع العشاق في امستردام … تجمع العشاق في لحظة وداع أخيرة...
خيمت أجواء الحزن على المشهد كله خصوصا بين أوساط أصدقاء الراحل ورفاقه المقرببين في مسيرته الحافلة ... تبادل الجميع العزاء في فقدان واحد من أبرز نجوم وصناع الكلمة الهادفة الصادقة.
في جو مهيب، ميزه الحزن والأسى...عشرات الاحبة لم تفوت فرصة الحضور إلى مكان اللقاء بمدينة امستردام من اجل القاء النظرة الأخيرة على " الزعيم" الذي عاش وتألق وتألم طيلة عقود من الزمن، أكرمه العشاق بالحب والدمع خلال القاء النظرة الأخيرة على جثمانه..
وانت الغائب الحاضر.. الغائب عن عيوننا الباقي في قلوبنا ..من العشاق من بكى أمام عينيك كطفل صغير...آخرون حضروا ليرون لآخر مرة وجهك الحنين... جاؤوك ليلقون أمامك حبهم الكبير..جاؤوك صديقي ليودعوك الوداع الأخير.
جئناك نحرق أوراق شعرنا بين يديك . لأنك بعد قليل ستطير...ولا أحد سألك إلى أين ! فأنا والعشاق وكل الاحبة نعرف إلى أين المسير.. سيهبط النعش الطائر آتياً بأجنحةِ وفاء الرفاق من مساء امستردامي بارد الى دفء شبذان الولادة ، ليسجلَ هذا اللقاء بين منفى في امستردام ومقبرة في شبذان وجه أسطورة يخططها شاشا بقلم "رصاص" عبر نافذة كل قصة حكاها اوقصيدة كتبها او اغنية غناها ، أو صرخة جائع في شوارع اليسار العالمي عاشها اوعايشها.
قرابة اربعين عاما و..أكثر، أعوام حنين طويلة لبلدته.. لتقبلَ اليوم النعش في صمت دمعتها وتشيعه بمهابة روحه وعناده قصائده. هذا الانسان الجميل هبط اليوم سعيدا على صباح شبذان . أشعر بفرح روحه وسعادتها وهو يعود الى الريف الأم كما تعود السنونو في رحلاتها السنوية من بلاد البلطيق وبحر الشمال لتحط على اكواخ شبذان وشواطئه . يستقبلهُ الريف وكل العشاق والاحبة ، في نعشه يتخيلون جدارا ُعلقتْ عليه كل اعماله يوم كان قلبه يبدع على جدران قاعات ومسارح امستردام ..
هي حكايات هذا العاشق الذي حمل ذات مساء طفولته ورموزها ومحيطها وكل أساطيره ورحل..ليسجلها مثلما يسجل الهيروغليفيون كتاباتهم على الحجر . بين أبتسامة العودة ودمعة الفراق ، سيمشي النعش في جسد بلدته الهادئة وشوارعها ... لتسجل وقائع أحتفالية وعودة غير منتظرة لهذا المسافر الابدي في صمت اللغة والجرح والقصيدة ، عودة تسجل في صمت قاتل تاريخا لريفٍ يعاني من اشياء كثيرة يحتاجها ، عمل لمعطليه..مبنى لمثقفيه ، خشبة لمسرح يليق بفنانيه، نادٍ لطموحات شبابه السينمائيين ، وأشياء اخرى كثييييرة. هبط النعش الطائر من سماء امستردام الى تراب شبذان ..
عاد الفنان الى مهده وطفولته وشبابه واصدقاءه...عاد شاشا إلى أمه..
آآآه يا أماه..آه يا أمهاتنا.. في تنهيدة من تنهيداته حكى لنا شاشا ذات مساء .. عن آخر لقاء جمعه بوالدته..ذات مساء زادت فيه وطأة الفراق غربةً، وأخذ يبعثر في الذاكرة، يستذكر أيام شبذان...تذكر وهو جالس على صخرة كطائر ليلي يفكر في الرحيل ..
كان لازال شابا يافعا، لم يتجاوز عمره 22 عاما..كان يفكر فيما يصنع ، وأمل يراود أحلامه... كان يفكر في كيف يستطيع أن يصل إلى بحر الغيوم، ويريح القلب المهموم، سألته امه : في ما تفكر يا بني؟ فأجابها : بعد خمس سنوات ساعود يا أماه وستعرفين وتطمأنين علي.
لم تسأله عن المكان المقصود، وهو لم يشرح لها الحدود... كيف سيصل إلى المأمول... وهو الذاهب إلى المجهول. فقط همست له بصوت مبحوح: إياك أن تنساني يا بني إياك أن تنسى امك ! فأجابها بلغة الواثق المطمئن الذي لا يمكن أن تسلك الهزيمة والرعب إلى قلبه :مهما بعد الزمان وغاب..انا لك مهما طال العمر.. وان حكمت علي الظروف بطول الغياب..فحتما سأعود وأطرق اﻻبواب..فانا احن اليك والى لمس التراب..مهما طال الزمن سأعود.
لكن ...الوعد خان والغياب طال .. وعاد .. مثل طائر الفينيق ..لكنه عاد في نعش طائرالى مقبرة خلوده .. عاد حين شعرَ أن موت الغربة موتاً آخرا في الجسد الواحد ، عاد الى شبذان ليبقيَّ لروحه وجسده خلودا في عطر طين شبذان وجدران ذكرياته.. عاد الفنان..عاد شاشا الى مهده وطفولته وشبابه واصدقاءه. عودة دمعتها عطر وأبتسامتها نخوة المدينة ومثقفيها وكل عشاق شاشا ليصنعوا لهذا الطائر القادم بأجنحته من مساء خريفي تشيعاً يليقْ به وبروحه الجميلة.
عدت وحضرالعشاق للقاءك..عدتَ الى شبذان وحضنه ، يعانقك ، ثم يودِّعك بزهو .. ليودِعكَ ترابا طريا وسط حقول ناهزت زمانك. بين حياة منفى مؤقتة في امستردام . وموت دائم في شبذان.. يرقد محمد شاشا ... هادئا ، صامتا ... "يحكون في بلادنا...يحكون في شجن...عن صاحبي الذي مضى و عاد في كفن..".