المزيد من الأخبار






مذكرات بنعلي المنصوري تكشف رفض الحسن الثاني هدم قبر ولي صالح بالناظور


مذكرات بنعلي المنصوري تكشف رفض الحسن الثاني هدم قبر ولي صالح بالناظور
ناظورسيتي : س. الجراري

قصر ملكي في الناظور… المشروع الذي أوقفه ضريح ولي صالح

في مذكراته، يسرد بنعلي المنصوري تفاصيل نقاشه مع الملك الراحل الحسن الثاني حول إمكانية إنشاء قصر ملكي في مدينة الناظور، مشيرًا إلى أن العاهل المغربي في ستينيات القرن الماضي كان يقضي عطلته الصيفية بمدينة طنجة، التي أطلق عليها آنذاك "العاصفة الصيفية". حينها، تساءل المنصوري: "لماذا لا يكون لجلالته إقامة أخرى في مدينة الناظور؟"

اقتراح بناء قصر ملكي في الناظور

قرر المنصوري اغتنام الفرصة لمفاتحة الملك بشأن الفكرة، إلا أن رد الحسن الثاني جاء واضحًا: "إن زياراتي لمنطقة الريف ليست منتظمة، ولذلك لم أحرص على بناء قصر هناك." غير أن المنصوري لم يتراجع عن اقتراحه، موضحًا للملك أن إقامة قصر ملكي في منطقة الريف تحمل رمزية عميقة، مستشهدًا بأن أحد الملوك العلويين سبق أن شيد قصرًا في إقليم الناظور، ليبدي الملك اهتمامًا بالأمر.

البحث عن الموقع المثالي

كان المنصوري على دراية بوجود منطقة خلابة في الناظور، تتميز بإطلالة بحرية من ثلاث جهات، وتُعرف محليًا باسم "الكدية"، وهي شبه جزيرة تقع داخل بحيرة مارتشيكا. تواصل مع الجنرال حسني بنسليمان طالبًا منه تزويده بصور جوية للموقع، وما إن حصل عليها حتى عرضها على الحسن الثاني، الذي طلب منه اصطحاب المهندس المعماري الفرنسي ميشال بانسو لمعاينة الموقع ميدانيًا.

بالفعل، زار المهندس الموقع برفقة المنصوري، فاندهش بجماله الفريد وإطلالته الاستثنائية على مدينة مليلية من جهة، والناظور من الجهة الأخرى، بينما يمتد أمامه البحر الأبيض المتوسط وبحيرة مارتشيكا.



الضريح الذي غيّر مسار المشروع

بعد العودة إلى الرباط، قدم المهندس بانسو تقريره، معبرًا عن إعجابه بالموقع، فأصدر الملك أوامره للشروع في إعداد التصاميم. لكن أثناء إحدى الزيارات التفقدية للمكان، لاحظ المنصوري وجود شخص في زاوية بعيدة، وعند استفساره عن سبب وجوده، كشف الرجل عن ضريح قديم لولي صالح يقع في أحد أركان الموقع، مؤكدًا أن بعض الزوار يقصدونه، وإن كان عددهم محدودًا.

أخذ المنصوري هذه المعلومة بعين الاعتبار، وعندما سنحت الفرصة، أخبر الملك الحسن الثاني بوجود الضريح في المنطقة المقترحة لبناء القصر، لكنه أوضح أنه يقع على الحدود ولا يعيق المشروع. غير أن الملك، وبمجرد سماعه بوجود ولي صالح في المكان، قرر فورًا صرف النظر عن بناء القصر هناك، احترامًا للطابع الروحي للموقع.

الموقع البديل وإنجاز القصر

لم يكن قرار الملك مفاجئًا للمنصوري، إذ كان يدرك تشبّع الحسن الثاني بالقيم الروحية. إلا أن العاهل المغربي لاحظ إصرار المنصوري على إقامة قصر ملكي في إقليم الناظور، فطلب منه البحث عن موقع بديل. لم يطل البحث كثيرًا، حيث وقع الاختيار على قطعة أرض مقابلة للموقع السابق، وتطل أيضًا على البحر.

بموافقة الملك، شرع المهندس بانسو في إعداد التصاميم، وسارت أعمال البناء بسرعة، إلا أن المشروع لم يكتمل بسبب وفاة الحسن الثاني. ومع اعتلاء الملك محمد السادس العرش، كثرت زياراته إلى إقليم الناظور، ما دفع المنصوري إلى إبلاغه بعدم اكتمال القصر، ليأمر الملك محمد السادس بإتمام التجهيزات، وبذلك أصبح إقليم الناظور يضم قصرًا ملكيًا.

لماذا كان إصرار المنصوري على إقامة قصر ملكي للملك الحسن الثاني في منطقة الريف، وتحديدًا في إقليم الناظور؟

يشرح بنعلي المنصوري قائلاً: "إلى جانب جمال الموقع المختار – موقع مارتشيكا الحالي – وتهيئة فضاء لقضاء العطلات الصيفية للملك، كنت على يقين بأن إقامة قصر ملكي في هذه المنطقة ستسهم في إحداث حركة ديناميكية على عدة مستويات. فبمجرد بدء بناء القصر، سيتنبه العديد من الوزارات لتطوير المنطقة، وسيتم تحسين البنية التحتية من طرقات وشبكات توزيع الماء والكهرباء، فضلاً عن تعزيز المؤسسات التعليمية والصحية، فضلاً عن إطلاق مشاريع سياحية. بالإضافة إلى ذلك، سيشهد سوق العمل انتعاشًا ملحوظًا، مما سيساهم في جذب العديد من الاستثمارات إلى المنطقة."


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح