متابعة*
توصلت جريدة «أخبار اليوم» من المعتقل السياسي السابق على ذمة ملف حراك الريف، شاكر المخروط، بورقة تعكس تصور بعض المعتقلين السابقين الذين أفرِج عنهم بعفو ملكي بمناسبة عيد العرش الأخير، حول ما راج من نقاشات بخصوص ذلك العفو، وكانت هذه النقاشات قد انفجرت بعد تصريحات أدلى بها المعتقل السابق، الحبيب الحنودي، والتي تفيد بأن ذلك العفو جاء بعد وساطة من المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وتوقيع معتقلي الحراك بسجن طنجة2، باستثناء محمد جلول، على وثيقة تخص توضيح موقفهم من النظام الملكي والوحدة الترابية والملف المطلبي للحراك، ورؤيتهم لطي ملف معتقلي الحراك. وموازاة مع هذه التصريحات، أعلن الحبيب الحنودي استعداده للقيام بوساطة على أرضية تلك الوثيقة من أجل الإفراج عن باقي المعتقلين. وقد أفضت تصريحات الحبيب الحنودي إلى بروز نقاشات تراوحت بين اتهامات وجهت إليه بـ«خدمة أجندة مجهولة»، وبين الترحيب بمبادرته.
وكان لافتا سكوت باقي المعتقلين المفرج عنهم، وعدم إدلائهم بأي موقف من تصريحات الحبيب الحنودي، ما جعل التساؤلات تتكاثر. وإذا كان بعض المعتقلين المتبقين مثل بلال أهباض (سجن سلوان) ووسيم البوستاتي (سجن الحسيمة)، قد عبروا بما يفيد ترحيبهم بمبادرة الحنودي، فإن قادة الحراك المعتقلين بسجن طنجة2؛ ناصر الزفزافي ونبيل أحمجيق ومحمد جلول، إضافة إلى محمد حاكي وسمير إغيد وأضهشور، أصدروا بلاغا يفوضون فيه إلى جمعية ثافرا لعائلات معتقلي الحراك، التي يترأسها أحمد الزفزافي، تمثيلهم في أي حوار أو مفاوضات أو وساطة، بما يفيد رفضهم خرجات رفيقهم السابق الحبيب الحنودي.
وفي إطار هذا السياق، خرج المعتقل السابق، شاكر المخروط، عن صمته، وخص جريدة «أخبار اليوم» بموقفه وموقف بعض رفاقه من الوثيقة التي صيغت قبل الإفراج عنهم، ومن هذه التجاذبات.
سياق ودوافع المبادرة
في سياق السجال الحاصل حول ما يسمى «الورقة السياسة» أو «الورقة الموقفية»، إلا أن الاسم الذين سميناه نحن هو: «البيان التوضيحي لمعتقلي حراك الريف الموجودين بسجن طنجة2 حول حراك الريف»، وفي خضم الجدل الذي أثارته بعض التصريحات في ما يخص هذه الورقة، وحتى نرفع اللّبس والغموض عن المسألة، ودرءا لكل محاولة تشويش على اختياراتنا الواضحة، ودون أن يزايد علينا أحد أو يتطاول على تضحيات المعتقلين بصفة عامة، وبعيدا عن لغة التحنيط السياسي! قررنا صياغة هذه الوثيقة التوضيحية ليعرف الجميع مجريات الأمور في طريق الإفراج عنا نحن مجموعة معتقلي «سجن طنجة2».
بصفتنا معتقلين عن الحراك الشعبي بالريف، وبعد قرابة ثلاثة سنوات في محنة الاعتقال، استقر بنا الحال بسجن طنجة2 بعد التشتيت الذي تعرضنا له في سجن عين السبع1 (عكاشة)، لنستهل وجودنا بهذا السجن بإضراب عن الطعام الذي كنا متفقين عليه مسبقا في حال تفريقنا. وكانت الغاية من ذلك هي تحقيق مطلب تجميع جميع المعتقلين المشتتين على مختلف السجون، ليبدأ بعدها مسلسل زيارة أعضاء المجلس الوطني لحقوق الإنسان، اللجنة الجهوية بطنجة، باستمرار، في محاولة منهم لإقناعنا بإيقاف الإضراب عن الطعام ورفعه، لكن كان ردنا دائما هو الاستمرار في الإضراب إلى أن تحقق المطالب، وقد تدهورت حالة بعض الرفاق في سجن «راس الما» بفاس وعندنا بسجن «طنجة2» كذلك، لكن، لم يثننا ذلك الوضع عن الاستمرار في الإضراب. وهذا ما جعل اللجنة تلح على ضرورة إيقاف الإضراب بعد زيارتها إيانا. نسقنا خلال تلك الزيارة، نحن معتقلو طنجة2، مع معتقلي «سجن راس الما»، واتفقنا على رفع الإضراب بعد الاستجابة لمجموعة من المطالب، وحفاظا على حياة رفاقنا الذين تدهورت حالتهم الصحية بشكل خطير.
توصلت جريدة «أخبار اليوم» من المعتقل السياسي السابق على ذمة ملف حراك الريف، شاكر المخروط، بورقة تعكس تصور بعض المعتقلين السابقين الذين أفرِج عنهم بعفو ملكي بمناسبة عيد العرش الأخير، حول ما راج من نقاشات بخصوص ذلك العفو، وكانت هذه النقاشات قد انفجرت بعد تصريحات أدلى بها المعتقل السابق، الحبيب الحنودي، والتي تفيد بأن ذلك العفو جاء بعد وساطة من المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وتوقيع معتقلي الحراك بسجن طنجة2، باستثناء محمد جلول، على وثيقة تخص توضيح موقفهم من النظام الملكي والوحدة الترابية والملف المطلبي للحراك، ورؤيتهم لطي ملف معتقلي الحراك. وموازاة مع هذه التصريحات، أعلن الحبيب الحنودي استعداده للقيام بوساطة على أرضية تلك الوثيقة من أجل الإفراج عن باقي المعتقلين. وقد أفضت تصريحات الحبيب الحنودي إلى بروز نقاشات تراوحت بين اتهامات وجهت إليه بـ«خدمة أجندة مجهولة»، وبين الترحيب بمبادرته.
وكان لافتا سكوت باقي المعتقلين المفرج عنهم، وعدم إدلائهم بأي موقف من تصريحات الحبيب الحنودي، ما جعل التساؤلات تتكاثر. وإذا كان بعض المعتقلين المتبقين مثل بلال أهباض (سجن سلوان) ووسيم البوستاتي (سجن الحسيمة)، قد عبروا بما يفيد ترحيبهم بمبادرة الحنودي، فإن قادة الحراك المعتقلين بسجن طنجة2؛ ناصر الزفزافي ونبيل أحمجيق ومحمد جلول، إضافة إلى محمد حاكي وسمير إغيد وأضهشور، أصدروا بلاغا يفوضون فيه إلى جمعية ثافرا لعائلات معتقلي الحراك، التي يترأسها أحمد الزفزافي، تمثيلهم في أي حوار أو مفاوضات أو وساطة، بما يفيد رفضهم خرجات رفيقهم السابق الحبيب الحنودي.
وفي إطار هذا السياق، خرج المعتقل السابق، شاكر المخروط، عن صمته، وخص جريدة «أخبار اليوم» بموقفه وموقف بعض رفاقه من الوثيقة التي صيغت قبل الإفراج عنهم، ومن هذه التجاذبات.
سياق ودوافع المبادرة
في سياق السجال الحاصل حول ما يسمى «الورقة السياسة» أو «الورقة الموقفية»، إلا أن الاسم الذين سميناه نحن هو: «البيان التوضيحي لمعتقلي حراك الريف الموجودين بسجن طنجة2 حول حراك الريف»، وفي خضم الجدل الذي أثارته بعض التصريحات في ما يخص هذه الورقة، وحتى نرفع اللّبس والغموض عن المسألة، ودرءا لكل محاولة تشويش على اختياراتنا الواضحة، ودون أن يزايد علينا أحد أو يتطاول على تضحيات المعتقلين بصفة عامة، وبعيدا عن لغة التحنيط السياسي! قررنا صياغة هذه الوثيقة التوضيحية ليعرف الجميع مجريات الأمور في طريق الإفراج عنا نحن مجموعة معتقلي «سجن طنجة2».
بصفتنا معتقلين عن الحراك الشعبي بالريف، وبعد قرابة ثلاثة سنوات في محنة الاعتقال، استقر بنا الحال بسجن طنجة2 بعد التشتيت الذي تعرضنا له في سجن عين السبع1 (عكاشة)، لنستهل وجودنا بهذا السجن بإضراب عن الطعام الذي كنا متفقين عليه مسبقا في حال تفريقنا. وكانت الغاية من ذلك هي تحقيق مطلب تجميع جميع المعتقلين المشتتين على مختلف السجون، ليبدأ بعدها مسلسل زيارة أعضاء المجلس الوطني لحقوق الإنسان، اللجنة الجهوية بطنجة، باستمرار، في محاولة منهم لإقناعنا بإيقاف الإضراب عن الطعام ورفعه، لكن كان ردنا دائما هو الاستمرار في الإضراب إلى أن تحقق المطالب، وقد تدهورت حالة بعض الرفاق في سجن «راس الما» بفاس وعندنا بسجن «طنجة2» كذلك، لكن، لم يثننا ذلك الوضع عن الاستمرار في الإضراب. وهذا ما جعل اللجنة تلح على ضرورة إيقاف الإضراب بعد زيارتها إيانا. نسقنا خلال تلك الزيارة، نحن معتقلو طنجة2، مع معتقلي «سجن راس الما»، واتفقنا على رفع الإضراب بعد الاستجابة لمجموعة من المطالب، وحفاظا على حياة رفاقنا الذين تدهورت حالتهم الصحية بشكل خطير.
وذلك ما كان، رفعنا الإضراب، وحققت إدارة السجن مجموعة من المطالب، وحافظنا على مكتسبات المعتقلين السياسيين المتراكمة في درب النضال بشكل عام، كما استمرت اللجة الجهوية في زيارتنا لمناقشة بعض المطالب التي مازالت عالقة ولم تتحقق، ليتراخى الزمن بعد ذلك، وتمضي الأيام السجنية، كالعادة، دون جديد يذكر في ما يخص حل ملفّنا ككل.
وبصفتنا معتقلين سياسيين، كنا، بطبيعة الحال، نتتبع ما يجرى في الساحة السياسية ومستجداتها بالمغرب وخارجه، إيمانا منا بأن الوضعية أو الظرفية السياسية لها دور مهم في معالجة القضايا العالقة بالبلاد، السياسية والحقوقية منها بالخصوص، ودون شك يحضر ملف «معتقلي حراك الريف» واحدا من الملفات الملحة التي تتطلب التسريع في حلها، لأنه لا مصلحة لأحد في هذا النزيف الحقوقي بالبلاد.
وبناء على ذلك، فقد أصبح التفكير في كيفية حل ملفنا وحلحلته أمرا ضروريا، سواء من لدن الدولة أو من لدننا أيضا، فَفُتح نقاش بيننا نحن المعتقلين في ما يخص فكرة التواصل مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وطَرح فكرة الحوار من أجل مد الجسور بين الدولة والمعتقلين، وحتى يتحمل الكل مسؤوليته التاريخية في ما يتعلق بالاستمرار في هذا النزيف الحقوقي، وطَال النقاش في المسألة واستفاض بيننا، فتقرر القيام بخطوة الاتصال (بالمجلس) بعد إجماع المعتقلين على هذا القرار، فاستجاب المجلس، بعد اتصال بمدير المكتب بالحسيمة وعبره رئيسة المجلس، لندائنا، وحضر وفد من المجلس فعلا إلى السجن، وافتتحت الجلسات بيننا للتداول في ماذا نريده؟ بحكم أننا المبادرون، فكان الرد منا بأن بسطنا القول في حيثيات الحراك وسقفه المطلبي وكذا تعامل الدولة مع الحراك بهذا الشكل القمعي غير المعقول، ثم كذلك استفسرنا حول نظرة الدولة إلينا بصفتنا نشطاء في الحراك؟ فدار النقاش بيننا في هذا الإطار، وفي جو ساده الاحترام المتبادل وحسن الإصغاء، ونموذجا للحوار الهادئ والبناء، ومما اقترحناه على «الوفد»، في هذه الجلسة الأولى، أن تُوسع دائرة الحوار هذه لتشمل باقي معتقلي الحراك الموجودين في السجون الأخرى، فكان الرد منهم أن «الوضعية الوبائية بالبلاد لا تسمح بذلك الآن، فدعونا نسترسل في النقاش معكم، ونحن بعدُ مازلنا في بداية الطريق، كما أننا هنا لا نقدم ضمانات أو وعودا بشأن أمر ما! إنما هو نقاش ودّي بيننا فقط».
هذا ما كان، دون الخوض في التأويلات من لدننا؛ هل قولهم مجرد مبرر فقط لعدم الرغبة في إشراك المعتقلين الآخرين في النقاش والحوار، أم غير ذلك؟ لا ندري. كما تجدر الإشارة إلى أن هذه المجريات كلها وقعت قبل خوض معتقلي «رأس الما» بفاس الإضراب عن الطعام.
أما طريقة عملنا أو طريقة الجلوس للنقاش والحوار فكانت كالتالي: حضور مجموعة من المعتقلين في كل جلسة، فيجري النقاش والحوار مع الطرف الثاني، ثم في النهاية، وبعد مغادرة الزوار، نجتمع، نحن المعتقلين، من أجل عرض مجريات الحوار والنقاط المتداولة مع الزوار، ليفتح النقاش حول ما جرى بيننا وبين الزوار، وذلك بشكل ديمقراطي راقٍ.
هكذا، وبعد سلسلة جلسات مع وفد المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ارتأينا أن نصوغ بيانا توضيحيا يجمع شتات ما دار بين الطرفين من نقاشات، ولتتضح الصورة أكثر كذلك، وهذا في شكل مسودة، ولينتهي بعدها البيان إلى صيغة نهائية ضمت أمهات المواقف الضرورية تجاه الدولة، من لدن الحراك، وليس الأشخاص والأفراد، وهي كالتالي:
– موقف الحراك الشعبي بالريف من الوحدة الترابية للمملكة المغربية.
– موقف الحراك الشعبي بالريف من المؤسسات المختلفة للدولة.
– موقف الحراك الشعبي بالريف من العنف.
– مستقبل الوطن مسؤوليتنا جميعا، وهو ما يقتضي إيجاد حل لكافة معتقلي حراك الريف، وإتاحة الفرصة لإشراك الجميع في الإسهام في ركب التنمية والديمقراطية ببلادنا في ظل مغرب يتسع لكل أبنائه، ولا يتناقض مع مقتضيات الدستور ومع المواثيق والعهود الدولية التي صادقت عليها الدولة المغربية.
عموما، هذا ما يمكن قوله في ما يخص البيان التوضيحي أو الورقة السياسية ومضمونها، وأظن أن المسألة واضحة ولا تحتاج إلى توضيح أكثر.
بناء على ما ذكر، وكأفق للمبادرة الماضية وامتدادا لها، ومنذ الأيام الأولى من تاريخ الإفراج عنا، كان التفكير والعمل على إيجاد أو خلق جو يسمح بحل ملف معتقلي الحراك، وإلغاء متابعات إخواننا بالخارج، وذلك بمحاولة خلق أرضية جادة غايتها الإسهام في الإفراج عن باقي المعتقلين، وبما أننا سبق وأن خضنا هذه التجربة الحوارية مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان وكانت لها نتيجة، فقد ارتأينا أن نستمر في هذا المسعى والمساعي مع المجلس، آملين الإفراج عمن تبقى من رفاقنا، وطي ملف معتقلي حراك الريف.
وحتى نضع النقاط على الحروف ونسمي الأشياء بمسمياتها، فقد شكلنا كتلة أو مجموعة تضم بعض الرفاق الحراكيين الذين شملتهم محنة الاعتقال السياسي على خلفية الحراك الشعبي، لغرض استئناف الحوار مع المجلس الوطني، والترافع من أجل حث المجلس على القيام بالمزيد من المساعي، في خطوة عملية في طريق خلق فسحة أمل تجعل أزمة معتقلي حراك الريف ممكنة الحلحلة.
ولمزيد من التوضيح لما نحن سائرون فيه، نعرض هذه الخطوط العريضة التي تؤطر هذا العمل:
لا شك في أن أي إرادة حرة تسعى إلى عمل معين لا بد لها من أن تكون مقتنعة بما ترمي إليه، فهذا أمر لا غنى عنه، وعليه، فنحن مقتنعون بما نمضي إليه، والذي هو الإسهام في حلحلة ملف معتقلي الحراك (الإفراج عمن تبقوا من الرفاق)، وذلك بطريقتنا المختارة، ودون أن يحجر علينا أحد، كما لا نحجر بدورنا على أحد، وكل من يسعى إلى هذه الغاية أو إلى أي غاية تعود على الريف بالنفع، فالمجال مفتوح للعمل والمبادرات، والساحة تتسع للجميع، والريف في حاجة إلى من يعمل.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، لا بد من استحضار الطرفين المشكلين لهيكل هذه المبادرة ومدى انسجامهما مع مقصد المبادرة ورغبتهما الجادة في العمل المشترك، وهو الأمر الذي يتوفر لدينا نحن الطرفين في هذه المبادرة، فمن جهتنا، بصفتنا طرفا يمثّل معتقلين صرحوا بجدية الدفع في هذا المسار، فنحن ندعمهم بصفتهم مبادرين لفتح باب الأمل، وكذلك الجانب الآخر أو طرف المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي يبقى مؤسسة قبلة لاحتضان كل المبادرات والمساعي، ويؤهله موقعه للتواصل مع صناع القرار في الشأن ذاته (ملف الريف). مع تأكيدنا الدائم أنه لا توجد ضمانات ولا وعود قطعية بشيء ربما لن يتحقق، بل هناك مساعٍ جادة وصادقة، لذلك سيكون عمل الجميع هنا يقتصر على خلق جو للانفراج يمكن التحرك في نطاقه، وكذلك رفعا للمسؤولية التاريخية عنا باعتبارنا معتقلين سياسيين، حيث نكون فعلنا ما يتوجب علينا فعله، والمتمثل في الإسهام والترافع من أجل حرية الرفاق المعتقلين، مع احترام مواقفهم واختياراتهم.
*عن جربدة أخبار اليوم
وبصفتنا معتقلين سياسيين، كنا، بطبيعة الحال، نتتبع ما يجرى في الساحة السياسية ومستجداتها بالمغرب وخارجه، إيمانا منا بأن الوضعية أو الظرفية السياسية لها دور مهم في معالجة القضايا العالقة بالبلاد، السياسية والحقوقية منها بالخصوص، ودون شك يحضر ملف «معتقلي حراك الريف» واحدا من الملفات الملحة التي تتطلب التسريع في حلها، لأنه لا مصلحة لأحد في هذا النزيف الحقوقي بالبلاد.
وبناء على ذلك، فقد أصبح التفكير في كيفية حل ملفنا وحلحلته أمرا ضروريا، سواء من لدن الدولة أو من لدننا أيضا، فَفُتح نقاش بيننا نحن المعتقلين في ما يخص فكرة التواصل مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وطَرح فكرة الحوار من أجل مد الجسور بين الدولة والمعتقلين، وحتى يتحمل الكل مسؤوليته التاريخية في ما يتعلق بالاستمرار في هذا النزيف الحقوقي، وطَال النقاش في المسألة واستفاض بيننا، فتقرر القيام بخطوة الاتصال (بالمجلس) بعد إجماع المعتقلين على هذا القرار، فاستجاب المجلس، بعد اتصال بمدير المكتب بالحسيمة وعبره رئيسة المجلس، لندائنا، وحضر وفد من المجلس فعلا إلى السجن، وافتتحت الجلسات بيننا للتداول في ماذا نريده؟ بحكم أننا المبادرون، فكان الرد منا بأن بسطنا القول في حيثيات الحراك وسقفه المطلبي وكذا تعامل الدولة مع الحراك بهذا الشكل القمعي غير المعقول، ثم كذلك استفسرنا حول نظرة الدولة إلينا بصفتنا نشطاء في الحراك؟ فدار النقاش بيننا في هذا الإطار، وفي جو ساده الاحترام المتبادل وحسن الإصغاء، ونموذجا للحوار الهادئ والبناء، ومما اقترحناه على «الوفد»، في هذه الجلسة الأولى، أن تُوسع دائرة الحوار هذه لتشمل باقي معتقلي الحراك الموجودين في السجون الأخرى، فكان الرد منهم أن «الوضعية الوبائية بالبلاد لا تسمح بذلك الآن، فدعونا نسترسل في النقاش معكم، ونحن بعدُ مازلنا في بداية الطريق، كما أننا هنا لا نقدم ضمانات أو وعودا بشأن أمر ما! إنما هو نقاش ودّي بيننا فقط».
هذا ما كان، دون الخوض في التأويلات من لدننا؛ هل قولهم مجرد مبرر فقط لعدم الرغبة في إشراك المعتقلين الآخرين في النقاش والحوار، أم غير ذلك؟ لا ندري. كما تجدر الإشارة إلى أن هذه المجريات كلها وقعت قبل خوض معتقلي «رأس الما» بفاس الإضراب عن الطعام.
أما طريقة عملنا أو طريقة الجلوس للنقاش والحوار فكانت كالتالي: حضور مجموعة من المعتقلين في كل جلسة، فيجري النقاش والحوار مع الطرف الثاني، ثم في النهاية، وبعد مغادرة الزوار، نجتمع، نحن المعتقلين، من أجل عرض مجريات الحوار والنقاط المتداولة مع الزوار، ليفتح النقاش حول ما جرى بيننا وبين الزوار، وذلك بشكل ديمقراطي راقٍ.
هكذا، وبعد سلسلة جلسات مع وفد المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ارتأينا أن نصوغ بيانا توضيحيا يجمع شتات ما دار بين الطرفين من نقاشات، ولتتضح الصورة أكثر كذلك، وهذا في شكل مسودة، ولينتهي بعدها البيان إلى صيغة نهائية ضمت أمهات المواقف الضرورية تجاه الدولة، من لدن الحراك، وليس الأشخاص والأفراد، وهي كالتالي:
– موقف الحراك الشعبي بالريف من الوحدة الترابية للمملكة المغربية.
– موقف الحراك الشعبي بالريف من المؤسسات المختلفة للدولة.
– موقف الحراك الشعبي بالريف من العنف.
– مستقبل الوطن مسؤوليتنا جميعا، وهو ما يقتضي إيجاد حل لكافة معتقلي حراك الريف، وإتاحة الفرصة لإشراك الجميع في الإسهام في ركب التنمية والديمقراطية ببلادنا في ظل مغرب يتسع لكل أبنائه، ولا يتناقض مع مقتضيات الدستور ومع المواثيق والعهود الدولية التي صادقت عليها الدولة المغربية.
عموما، هذا ما يمكن قوله في ما يخص البيان التوضيحي أو الورقة السياسية ومضمونها، وأظن أن المسألة واضحة ولا تحتاج إلى توضيح أكثر.
بناء على ما ذكر، وكأفق للمبادرة الماضية وامتدادا لها، ومنذ الأيام الأولى من تاريخ الإفراج عنا، كان التفكير والعمل على إيجاد أو خلق جو يسمح بحل ملف معتقلي الحراك، وإلغاء متابعات إخواننا بالخارج، وذلك بمحاولة خلق أرضية جادة غايتها الإسهام في الإفراج عن باقي المعتقلين، وبما أننا سبق وأن خضنا هذه التجربة الحوارية مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان وكانت لها نتيجة، فقد ارتأينا أن نستمر في هذا المسعى والمساعي مع المجلس، آملين الإفراج عمن تبقى من رفاقنا، وطي ملف معتقلي حراك الريف.
وحتى نضع النقاط على الحروف ونسمي الأشياء بمسمياتها، فقد شكلنا كتلة أو مجموعة تضم بعض الرفاق الحراكيين الذين شملتهم محنة الاعتقال السياسي على خلفية الحراك الشعبي، لغرض استئناف الحوار مع المجلس الوطني، والترافع من أجل حث المجلس على القيام بالمزيد من المساعي، في خطوة عملية في طريق خلق فسحة أمل تجعل أزمة معتقلي حراك الريف ممكنة الحلحلة.
ولمزيد من التوضيح لما نحن سائرون فيه، نعرض هذه الخطوط العريضة التي تؤطر هذا العمل:
لا شك في أن أي إرادة حرة تسعى إلى عمل معين لا بد لها من أن تكون مقتنعة بما ترمي إليه، فهذا أمر لا غنى عنه، وعليه، فنحن مقتنعون بما نمضي إليه، والذي هو الإسهام في حلحلة ملف معتقلي الحراك (الإفراج عمن تبقوا من الرفاق)، وذلك بطريقتنا المختارة، ودون أن يحجر علينا أحد، كما لا نحجر بدورنا على أحد، وكل من يسعى إلى هذه الغاية أو إلى أي غاية تعود على الريف بالنفع، فالمجال مفتوح للعمل والمبادرات، والساحة تتسع للجميع، والريف في حاجة إلى من يعمل.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، لا بد من استحضار الطرفين المشكلين لهيكل هذه المبادرة ومدى انسجامهما مع مقصد المبادرة ورغبتهما الجادة في العمل المشترك، وهو الأمر الذي يتوفر لدينا نحن الطرفين في هذه المبادرة، فمن جهتنا، بصفتنا طرفا يمثّل معتقلين صرحوا بجدية الدفع في هذا المسار، فنحن ندعمهم بصفتهم مبادرين لفتح باب الأمل، وكذلك الجانب الآخر أو طرف المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي يبقى مؤسسة قبلة لاحتضان كل المبادرات والمساعي، ويؤهله موقعه للتواصل مع صناع القرار في الشأن ذاته (ملف الريف). مع تأكيدنا الدائم أنه لا توجد ضمانات ولا وعود قطعية بشيء ربما لن يتحقق، بل هناك مساعٍ جادة وصادقة، لذلك سيكون عمل الجميع هنا يقتصر على خلق جو للانفراج يمكن التحرك في نطاقه، وكذلك رفعا للمسؤولية التاريخية عنا باعتبارنا معتقلين سياسيين، حيث نكون فعلنا ما يتوجب علينا فعله، والمتمثل في الإسهام والترافع من أجل حرية الرفاق المعتقلين، مع احترام مواقفهم واختياراتهم.
*عن جربدة أخبار اليوم