ذ.نجيم مزيان دكتور في الحقوق،باحث جامعي كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية سطات.
لا يمكن أن نتحدث عن الحكامة دون تكريس المشاركة والمحاسبة والشفافية،ولا وجود لهذا المفهوم إلا في ظل الديمقراطية،وتستوجب وجود نظام متكامل من المحاسبة والمساءلة السياسية والإدارية للمسؤولين في وظائفهم العامة مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص والقدرة على محاسبة المسؤولين عن إدارتهم للموارد العامة،وخصوصا تطبيق فصل الخاص عن العام وحماية الشأن العام من تعسف واستغلال السياسيين.
وتختلف عناصر ومكونات معايير الحكامة باختلاف المنظمات والهيآت الدولية،وهكذا فإن هذه المؤشرات تتعدد بتعدد هذه المنظمات والأهداف التي تسعى الى تحقيقها والمجال الذي تعمل في ظله،أكان دوليا كما هو الشأن بالنسبة لمؤشرات برنامج الامم المتحدة الانمائي كمنظمة دولية حكومية.
يرتبط مفهوم الحكامة في فكر برنامج الامم المتحدة الانمائي بمفهوم التنمية البشرية،حيث عمل البرنامج على اعداد مؤشرات لقياس مستويات التنمية البشرية في العالم منذ سنة 1990،تاريخ صدور أول تقرير للتنمية البشرية حول العالم.هذه المؤشرات جاءت لتعطي الصبغة الانسانية لمفهوم التنمية من خلال الاخذ بعين الاعتبار معايير جديدة لقياس التنمية عوضا عن قياس الناتج الداخلي الخام للفرد المعتمد من طرف هذا البرنامج.
ويعتبر دليل التنمية البشرية بمثابة دليل مركب يقيس متوسط الانجازات في بلد ما من خلال:
أولا : مؤشرات التنمية البشرية
ان مفهوم التنمية البشرية ليس تصورا جامدا،بل يخضع دوريا للتطوير والمراجعة من طرف خبراء برنامج الامم المتحدة،فمنذ انشاء دليل التنمية البشرية سنة 1990،تم تطوير أدلة تكميلية تهتم بجوانب معينة من التنمية البشرية مثل:دليل الفقر البشري ،دليل التنمية الجنسانية(الجنس أو النوع) ومقياس تمكين المرأة.
دليل الفقر البشري:
يقيس دليل التنمية البشرية إجمالي تقدم التنمية في بلد ما،أما دليل الفقر البشري فيظهر توزيع هذا التقدم ويقيس تراكم شتى انواع الحرمان في أبعاد التنمية البشرية الاساسية،وهناك دليلين لقياس الفقر البشري،يقيس دليل الفقر البشري رقم 1 في البلدان النامية،ويركز على أنواع الحرمان في ثلاثة أبعاد
العمر:يقاس باحتمال عدم العيش عند الولادة حتى سن الاربعين
المعرفة: تقاس بمعدل الأمية لدى البالغين
اجمالي توفير الحاجيات الاقتصادية من القطاعين العام والخاص:يقاس بالنسبة المئوية للناس الذين ليست لديهم منافذ مستدامة للوصول الى مصادر ملائمة للمياه،والنسبة المئوية للأطفال دون الخامسة ناقصي الوزن المعتاد(المفترض) لأعمارهم.
ونظرا لتفاوت مستويات الحرمان البشري حسب الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية لمجتمع محلي ما فقد تم تصميم دليل خاص لقياس الفقر البشري(دليل الفقر البشري رقم 2 ) في عدد مختار من بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية،ويركز هذا الدليل على الحرمان في الابعاد الثلاثة الرسمية للتنمية مثل دليل الفقر البشري رقم 1 ،على بعد إضافي يتمثل في الاستبعاد الاجتماعي،أما المؤشرات فهي:
احتمال عدم العيش حتى سن 60 عند الولادة(سن 40 في دليل الفقر رقم 1)
معدل الالمام الوظيفي للبالغين بالقراءة والكتابة,
النسبة المئوية للذين يعيشون تحت خط فقر الدخل,
نسبة البطالة لأمد طويل (12 شهرا أو أكثر).
دليل التنمية الجنسانية:
يقيس هذا الدليل أبعاد التنمية البشرية،ويستخدم المؤشرات المعتمدة في دليل التنمية البشرية،لكنه يعطي صورة واضحة عن شتى أنواع اللامساواة بين الجنسين (النساء والرجال)،وهو ليس سوى دليل للتنمية البشرية،فكلما ازداد التباين بين الجنسين في التنمية البشرية الاساسية،انخفضت درجة البلد في دليل التنمية الجنسانية،مقارنة مع درجته في هذا الدليل.فعلى سبيل المثال،إذا كانت العديد من الدول الافريقية تصنف ضمن مجموعة التنمية البشرية المنخفضة حسب دليل التنمية البشرية،فإن هذه الدول بالضرورة تحتل مراتب متأخرة ومعدلات منخفضة في دليل التنمية الجنسانية.
مقياس تمكين المرأة:
يكشف هذا المقياس ما إذا كانت النساء قادرات على الاشتراك الفعال في الحياة الاقتصادية والسياسية ويركز على المشاركة،فيقيس عدم المساواة بين الجنسين في مجالات رئيسية من المشاركة وصنع القرار اقتصاديا وسياسيا،حيث يهتم هذا المقياس بمعرفة السنة التي حصلت فيها المرأة على حق التصويت والترشح للانتخابات في بلد ما ويتتبع النسب المئوية للنساء الاعضاء في البرلمانات ،ونسبتهن من بين المشرعين وكبار المسؤولين والمديرين ومن بين المهنيين والعامليين التقنيين،كما يقيس التباين بين الجنسين في مجال الاستقلالية الاقتصادية .ويختلف مقياس تمكين المرأة عن دليل التنمية الجنسانية في أنه يكشف اللامساواة في الفرص في مجالات مختارة.
ثانيا : مؤشر الحكامة
ان محاولة تعميم اسس الحكامة التي تتبناها الامم المتحدة للتنمية على المجتمعات كافة عبر استخدام معايير موحدة،قد تحمل بعض التعسف الذي ينتج عن عدم احترام الخصوصيات الثقافية والفوارق في مستويات التطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي بين المجتمعات والدول،لذلك ينبغي تكييف معايير الحكامة مع حالة البلد أو المناطق على الاقل،حيث قد تختلف الاولويات حسب تاريخ هذه البلدان وتراثها وثقافتها ومستوى تطورها،ويعتبر هذا التكييف للمؤشرات والمعايير ضروريا للانتقال من مرحلة المفهوم النظري الى ابتكار الاليات العملية التطبيقية التي تسمح تدريجيا بتطوير تدبير الشأن العمومي،اعتمادا على المؤشرات التالية:
المشاركة:
ان وجود وملائمة وفعالية السياسات ترتبط ارتباطا وثيقا بالمشاركة الواسعة لجميع الفاعلين المجتمعين في عملية اتخاذ القرار.إن فعل المشاركة له من الحضور والقوة والأبعاد ما يجعله نشاطا وفعلا موجها في بناء وصنع السياسات واختبار أولوياتها وتحديد الطرق المثلى لتنفيذها،ويجعلها ذات تعبيرات اجتماعية مقبولة تسهم في جعل شروط التنمية،شروطا ذاتية في الاصل تمتاز بالتلقائية والتطوعية. ورغم التعدد غير المتناهي لصور المشاركة،فإنها تأخذ في المجمل ثلاث صور رئيسية ،وهي:
المشاركة الاجتماعية : تفيد تلك الانشطة التي تهدف التغلب على بعض المشكلات الاجتماعية العملية اليومية،وتسهم في تحقيق قدر من التضامن والتكامل بين أعضاء المجتمع في الجانبين المادي والمعنوي.
المشاركة الاقتصادية : تفيد المساهمة المدنية في مشاريع التنمية الاقتصادية سواء من حيث التصور والبناء أو التمويل.
المشاركة السياسية:تفيد أساسا تلك الانشطة التي يقوم بها المواطنون بهدف التأثير بشكل مباشر أو غير مباشر في عملية اختيار الحكام،أو التأثير في القرارات أو السياسات التي يتخذونها،كما تفيد أيضا العملية التي يلعب الفرد من خلالها دورا في الحياة السياسية العامة،وتكون لديه الفرصة لأن يسهم في مناقشة الاهداف العامة للمجتمع وتحديد أفضل الوسائل والسبل لتحقيقها وانجازها.
2 - حكم القانون:
يقصد بسيادة القانون،اعتبار القانون مرجعية للجميع وضمان سيادته على الجميع دون استثناء،ويتطلب ذلك بالضرورة بناء صيغة حكم مستقرة وتطويرها،وذلك من خلال الاستقرار السياسي والسلم المجتمعي وبناء المؤسسات الديمقراطية التي تسمح بتداول السلطة سلميا ودوريا دون اللجوء الى العنف .ويتضمن هذا نوعا من التوافق بين الاطراف السياسية والقوى الاجتماعية-السياسية على قواعد التنافس وفي مقدمة هذه القواعد قبول الربح كما الخسارة وتنظيم الحياة السياسية على اسس نزيهة سليمة تحكمها الانتخابات الدورية والاطار الدستوري والعمل المؤسسي.
الشرعية:
ان تكون السلطة مشروعة من حيث الاطار التشريعي والمؤسسي،والقرارات المحددة من حيث المعايير المرعية في المؤسسة والعمليات والإجراءات أن تكون مقبولة لدى العامة،وفي اطار التحولات التي يعرفها المحيط السوسيو-سياسي وما لها من أثر كبير على تطور وتزايد حاجيات وتطلعات المواطنين بالمعنى الواسع(الافراد،العائلات،المقاولات،الجمعيات،الجماعات المحلية...)،تضع على عاتق الحكام واجبا أساسيا يتمثل في اشباع وتلبية حاجيات وتطلعات المحكومين بطريقة فعالة،إذ لا يكفي الاستماع الدقيق والفهم العميق لجميع متطلبات المواطنين المعنيين من طرف المسؤولين ولكن أيضا يجب أن يبادر هؤلاء الى خدمتهم والوفاء بالتزاماتهم تجاههم،وإيجاد الحلول المناسبة لمشاكلهم ومعاناتهم.
العدالة والمساواة:
لا يخفى على أحد أن العدالة والمساواة هي أسمى وأنبل المبادئ التي ترنو الى تحقيقها كل المجتمعات،نظرا لأهميتها القصوى في تحقيق السلم والأمن الاجتماعي وضمان استقرار الدول،إلا أن هذين المبدأين لا ينبغي أن يظلا حبيسا التمني،بل يجب اتخاذ اجراءات عملية لضمان تطبيقها على ارض الواقع ولو بكيفية نسبية،فالعدالة تدفعنا لتحسين النظام القضائي وتفعيل مبادئ العدالة الاجتماعية وتطبيق القاعدة القانونية دون تحيز،الشيء الذي يستلزم وجود علاقات قائمة على روابط عقدية وإلغاء كل اشكال التمييز،مع منح بعض الامتيازات للفئات الاقل حظا في المجتمعات لتمكينهم من الالتحاق بالركب.
الشفافية والمسؤولية:
ان الشفافية على مستوى جهاز الدولة تستلزم بالضرورة توافر المعلومات وحرية تدفقها وتداولها،بحيث تكون العمليات والمؤسسات والمعلومات في متناول المعنيين بها وتكون هذه المعلومات المتوفرة كافية لهم مع ما يتطلب انفتاح هذه الاخيرة على بعضها البعض،وعلى المجتمع من جهة اخرى عن طريق مد وتبسيط قنوات الاتصال والتواصل ،ويقتضي هذا المعطى الاخير بدوره استعمال مؤسسات الدولة ومختلف أجهزتها للغة سلسة مفهومة من طرف الجمهور،إذ يحظى هذا الامر بأهمية خاصة من أجل دعم الثقة في المؤسسات المعقدة وعدم ترك أي مجال للشك أو لسوء الظن بالإضافة الى ضرورة مأسسة التقيم المستقل والمختص بالسياسات العامة.
اللامركزية:
تعتبر جزءا مكملا لمنطق الديمقراطية المحلية التي تعني قوة الجمهور في اختيار نظام وأشكال الحكم بواسطة الجماعات المحلية،وتمثيلهم فيها وفي سياساتها وخدماتها،إذ من الضروري بمكان عند تصميم السياسات العامة على الصعيد المحلي التأكيد على توفير عمليات المساءلة،الشفافية والاستجابة من خلال الفعاليات المجتمعية لمختلف الشروط والتنمية المحلية.
الرؤية الاستراتيجية:
هي رؤية تتخذ من قبل مؤسسات المجتمع والدولة من خلال منظور بعيد المدى لعملية التطوير المجتمعي والتنمية البشرية المستدامة،مع توفير الوضوح في رسم البدائل التي تأخذ بالاعتبار المتغيرات المحلية والدولية الحالية والمستقبلية.
لا يمكن أن نتحدث عن الحكامة دون تكريس المشاركة والمحاسبة والشفافية،ولا وجود لهذا المفهوم إلا في ظل الديمقراطية،وتستوجب وجود نظام متكامل من المحاسبة والمساءلة السياسية والإدارية للمسؤولين في وظائفهم العامة مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص والقدرة على محاسبة المسؤولين عن إدارتهم للموارد العامة،وخصوصا تطبيق فصل الخاص عن العام وحماية الشأن العام من تعسف واستغلال السياسيين.
وتختلف عناصر ومكونات معايير الحكامة باختلاف المنظمات والهيآت الدولية،وهكذا فإن هذه المؤشرات تتعدد بتعدد هذه المنظمات والأهداف التي تسعى الى تحقيقها والمجال الذي تعمل في ظله،أكان دوليا كما هو الشأن بالنسبة لمؤشرات برنامج الامم المتحدة الانمائي كمنظمة دولية حكومية.
يرتبط مفهوم الحكامة في فكر برنامج الامم المتحدة الانمائي بمفهوم التنمية البشرية،حيث عمل البرنامج على اعداد مؤشرات لقياس مستويات التنمية البشرية في العالم منذ سنة 1990،تاريخ صدور أول تقرير للتنمية البشرية حول العالم.هذه المؤشرات جاءت لتعطي الصبغة الانسانية لمفهوم التنمية من خلال الاخذ بعين الاعتبار معايير جديدة لقياس التنمية عوضا عن قياس الناتج الداخلي الخام للفرد المعتمد من طرف هذا البرنامج.
ويعتبر دليل التنمية البشرية بمثابة دليل مركب يقيس متوسط الانجازات في بلد ما من خلال:
أولا : مؤشرات التنمية البشرية
ان مفهوم التنمية البشرية ليس تصورا جامدا،بل يخضع دوريا للتطوير والمراجعة من طرف خبراء برنامج الامم المتحدة،فمنذ انشاء دليل التنمية البشرية سنة 1990،تم تطوير أدلة تكميلية تهتم بجوانب معينة من التنمية البشرية مثل:دليل الفقر البشري ،دليل التنمية الجنسانية(الجنس أو النوع) ومقياس تمكين المرأة.
دليل الفقر البشري:
يقيس دليل التنمية البشرية إجمالي تقدم التنمية في بلد ما،أما دليل الفقر البشري فيظهر توزيع هذا التقدم ويقيس تراكم شتى انواع الحرمان في أبعاد التنمية البشرية الاساسية،وهناك دليلين لقياس الفقر البشري،يقيس دليل الفقر البشري رقم 1 في البلدان النامية،ويركز على أنواع الحرمان في ثلاثة أبعاد
العمر:يقاس باحتمال عدم العيش عند الولادة حتى سن الاربعين
المعرفة: تقاس بمعدل الأمية لدى البالغين
اجمالي توفير الحاجيات الاقتصادية من القطاعين العام والخاص:يقاس بالنسبة المئوية للناس الذين ليست لديهم منافذ مستدامة للوصول الى مصادر ملائمة للمياه،والنسبة المئوية للأطفال دون الخامسة ناقصي الوزن المعتاد(المفترض) لأعمارهم.
ونظرا لتفاوت مستويات الحرمان البشري حسب الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية لمجتمع محلي ما فقد تم تصميم دليل خاص لقياس الفقر البشري(دليل الفقر البشري رقم 2 ) في عدد مختار من بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية،ويركز هذا الدليل على الحرمان في الابعاد الثلاثة الرسمية للتنمية مثل دليل الفقر البشري رقم 1 ،على بعد إضافي يتمثل في الاستبعاد الاجتماعي،أما المؤشرات فهي:
احتمال عدم العيش حتى سن 60 عند الولادة(سن 40 في دليل الفقر رقم 1)
معدل الالمام الوظيفي للبالغين بالقراءة والكتابة,
النسبة المئوية للذين يعيشون تحت خط فقر الدخل,
نسبة البطالة لأمد طويل (12 شهرا أو أكثر).
دليل التنمية الجنسانية:
يقيس هذا الدليل أبعاد التنمية البشرية،ويستخدم المؤشرات المعتمدة في دليل التنمية البشرية،لكنه يعطي صورة واضحة عن شتى أنواع اللامساواة بين الجنسين (النساء والرجال)،وهو ليس سوى دليل للتنمية البشرية،فكلما ازداد التباين بين الجنسين في التنمية البشرية الاساسية،انخفضت درجة البلد في دليل التنمية الجنسانية،مقارنة مع درجته في هذا الدليل.فعلى سبيل المثال،إذا كانت العديد من الدول الافريقية تصنف ضمن مجموعة التنمية البشرية المنخفضة حسب دليل التنمية البشرية،فإن هذه الدول بالضرورة تحتل مراتب متأخرة ومعدلات منخفضة في دليل التنمية الجنسانية.
مقياس تمكين المرأة:
يكشف هذا المقياس ما إذا كانت النساء قادرات على الاشتراك الفعال في الحياة الاقتصادية والسياسية ويركز على المشاركة،فيقيس عدم المساواة بين الجنسين في مجالات رئيسية من المشاركة وصنع القرار اقتصاديا وسياسيا،حيث يهتم هذا المقياس بمعرفة السنة التي حصلت فيها المرأة على حق التصويت والترشح للانتخابات في بلد ما ويتتبع النسب المئوية للنساء الاعضاء في البرلمانات ،ونسبتهن من بين المشرعين وكبار المسؤولين والمديرين ومن بين المهنيين والعامليين التقنيين،كما يقيس التباين بين الجنسين في مجال الاستقلالية الاقتصادية .ويختلف مقياس تمكين المرأة عن دليل التنمية الجنسانية في أنه يكشف اللامساواة في الفرص في مجالات مختارة.
ثانيا : مؤشر الحكامة
ان محاولة تعميم اسس الحكامة التي تتبناها الامم المتحدة للتنمية على المجتمعات كافة عبر استخدام معايير موحدة،قد تحمل بعض التعسف الذي ينتج عن عدم احترام الخصوصيات الثقافية والفوارق في مستويات التطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي بين المجتمعات والدول،لذلك ينبغي تكييف معايير الحكامة مع حالة البلد أو المناطق على الاقل،حيث قد تختلف الاولويات حسب تاريخ هذه البلدان وتراثها وثقافتها ومستوى تطورها،ويعتبر هذا التكييف للمؤشرات والمعايير ضروريا للانتقال من مرحلة المفهوم النظري الى ابتكار الاليات العملية التطبيقية التي تسمح تدريجيا بتطوير تدبير الشأن العمومي،اعتمادا على المؤشرات التالية:
المشاركة:
ان وجود وملائمة وفعالية السياسات ترتبط ارتباطا وثيقا بالمشاركة الواسعة لجميع الفاعلين المجتمعين في عملية اتخاذ القرار.إن فعل المشاركة له من الحضور والقوة والأبعاد ما يجعله نشاطا وفعلا موجها في بناء وصنع السياسات واختبار أولوياتها وتحديد الطرق المثلى لتنفيذها،ويجعلها ذات تعبيرات اجتماعية مقبولة تسهم في جعل شروط التنمية،شروطا ذاتية في الاصل تمتاز بالتلقائية والتطوعية. ورغم التعدد غير المتناهي لصور المشاركة،فإنها تأخذ في المجمل ثلاث صور رئيسية ،وهي:
المشاركة الاجتماعية : تفيد تلك الانشطة التي تهدف التغلب على بعض المشكلات الاجتماعية العملية اليومية،وتسهم في تحقيق قدر من التضامن والتكامل بين أعضاء المجتمع في الجانبين المادي والمعنوي.
المشاركة الاقتصادية : تفيد المساهمة المدنية في مشاريع التنمية الاقتصادية سواء من حيث التصور والبناء أو التمويل.
المشاركة السياسية:تفيد أساسا تلك الانشطة التي يقوم بها المواطنون بهدف التأثير بشكل مباشر أو غير مباشر في عملية اختيار الحكام،أو التأثير في القرارات أو السياسات التي يتخذونها،كما تفيد أيضا العملية التي يلعب الفرد من خلالها دورا في الحياة السياسية العامة،وتكون لديه الفرصة لأن يسهم في مناقشة الاهداف العامة للمجتمع وتحديد أفضل الوسائل والسبل لتحقيقها وانجازها.
2 - حكم القانون:
يقصد بسيادة القانون،اعتبار القانون مرجعية للجميع وضمان سيادته على الجميع دون استثناء،ويتطلب ذلك بالضرورة بناء صيغة حكم مستقرة وتطويرها،وذلك من خلال الاستقرار السياسي والسلم المجتمعي وبناء المؤسسات الديمقراطية التي تسمح بتداول السلطة سلميا ودوريا دون اللجوء الى العنف .ويتضمن هذا نوعا من التوافق بين الاطراف السياسية والقوى الاجتماعية-السياسية على قواعد التنافس وفي مقدمة هذه القواعد قبول الربح كما الخسارة وتنظيم الحياة السياسية على اسس نزيهة سليمة تحكمها الانتخابات الدورية والاطار الدستوري والعمل المؤسسي.
الشرعية:
ان تكون السلطة مشروعة من حيث الاطار التشريعي والمؤسسي،والقرارات المحددة من حيث المعايير المرعية في المؤسسة والعمليات والإجراءات أن تكون مقبولة لدى العامة،وفي اطار التحولات التي يعرفها المحيط السوسيو-سياسي وما لها من أثر كبير على تطور وتزايد حاجيات وتطلعات المواطنين بالمعنى الواسع(الافراد،العائلات،المقاولات،الجمعيات،الجماعات المحلية...)،تضع على عاتق الحكام واجبا أساسيا يتمثل في اشباع وتلبية حاجيات وتطلعات المحكومين بطريقة فعالة،إذ لا يكفي الاستماع الدقيق والفهم العميق لجميع متطلبات المواطنين المعنيين من طرف المسؤولين ولكن أيضا يجب أن يبادر هؤلاء الى خدمتهم والوفاء بالتزاماتهم تجاههم،وإيجاد الحلول المناسبة لمشاكلهم ومعاناتهم.
العدالة والمساواة:
لا يخفى على أحد أن العدالة والمساواة هي أسمى وأنبل المبادئ التي ترنو الى تحقيقها كل المجتمعات،نظرا لأهميتها القصوى في تحقيق السلم والأمن الاجتماعي وضمان استقرار الدول،إلا أن هذين المبدأين لا ينبغي أن يظلا حبيسا التمني،بل يجب اتخاذ اجراءات عملية لضمان تطبيقها على ارض الواقع ولو بكيفية نسبية،فالعدالة تدفعنا لتحسين النظام القضائي وتفعيل مبادئ العدالة الاجتماعية وتطبيق القاعدة القانونية دون تحيز،الشيء الذي يستلزم وجود علاقات قائمة على روابط عقدية وإلغاء كل اشكال التمييز،مع منح بعض الامتيازات للفئات الاقل حظا في المجتمعات لتمكينهم من الالتحاق بالركب.
الشفافية والمسؤولية:
ان الشفافية على مستوى جهاز الدولة تستلزم بالضرورة توافر المعلومات وحرية تدفقها وتداولها،بحيث تكون العمليات والمؤسسات والمعلومات في متناول المعنيين بها وتكون هذه المعلومات المتوفرة كافية لهم مع ما يتطلب انفتاح هذه الاخيرة على بعضها البعض،وعلى المجتمع من جهة اخرى عن طريق مد وتبسيط قنوات الاتصال والتواصل ،ويقتضي هذا المعطى الاخير بدوره استعمال مؤسسات الدولة ومختلف أجهزتها للغة سلسة مفهومة من طرف الجمهور،إذ يحظى هذا الامر بأهمية خاصة من أجل دعم الثقة في المؤسسات المعقدة وعدم ترك أي مجال للشك أو لسوء الظن بالإضافة الى ضرورة مأسسة التقيم المستقل والمختص بالسياسات العامة.
اللامركزية:
تعتبر جزءا مكملا لمنطق الديمقراطية المحلية التي تعني قوة الجمهور في اختيار نظام وأشكال الحكم بواسطة الجماعات المحلية،وتمثيلهم فيها وفي سياساتها وخدماتها،إذ من الضروري بمكان عند تصميم السياسات العامة على الصعيد المحلي التأكيد على توفير عمليات المساءلة،الشفافية والاستجابة من خلال الفعاليات المجتمعية لمختلف الشروط والتنمية المحلية.
الرؤية الاستراتيجية:
هي رؤية تتخذ من قبل مؤسسات المجتمع والدولة من خلال منظور بعيد المدى لعملية التطوير المجتمعي والتنمية البشرية المستدامة،مع توفير الوضوح في رسم البدائل التي تأخذ بالاعتبار المتغيرات المحلية والدولية الحالية والمستقبلية.