تقرير اخباري
نظمت جمعية إصوراف للفكر الأمازيغي زوال يوم الأحد 3 يناير لقاءا ثقافيا بالمركب الثقافي والرياضي بأيث بوعياش من تأطير الأستاذين عمر أشهبار والهادي يوبا وفق برنامج تضمن تقديم كتاب "المسار الإستعماري لجزيرتي بادس والنكور خلال العصر الحديث" ومداخلة حول "الأمازيغية في الفكر المغربي المعاصر".
إنطلق اللقاء بمداخلة مسير الجلسة السيد مصطفى بوهني استهل فيها كلمته بتقديم ورقة تعريفية بالباحثين والترحيب بالحضور النوعي الذي استجاب لدعوة الجمعية معتبرا ذلك تجسيدا لتنامي مستوى الإهتمام لدى الأوساط الإجتماعية بالمنطقة بمثل هذه الأنشطة الثقافية والفكرية التي تحاول النبش في تاريخ الريف وقضاياه المختلفة.
الأستاذ عبد الهادي يوبا وهو يتناول المداخلة الأولى، أثًث نقاشه بطرح جملة من الإشكالات والتساؤلات تصب في كيفية تعامل المفكر المغربي مع الأمازيغية ومدى حضورها في نقاشاتهم ،لينتقل الى طرح تصنيف لمختلف المواقف المطروحة من قبل المفكرين حول الأمازيغية مقسما إياها الى أربع اتجاهات رئيسية هي المفكر الإديولوجي والمفكر العلموي والمتفلسف عرقيا،والمفكر ذو النزعة التقوية-الدينية وقد اعتبر كل من الجابري وعبد الله حمودي وطه عبد الرحمان وعبد السلام ياسين أبرز ممثلي هذه الإتجاهات على التوالي، معتبرا في ذات السياق أن مواقف هذه الإتجاهات حول الأمازيغية متباينة بين ما أسماها 'الأبادة' وبين داع للإحتواء وبين متجاهل وآخر مشكك.
هذا وركز الباحث في ثنايا مناقشته على ما سماه بنموذج المفكر ذي النزعة العلمية من خلال تقديم كتاب عبد الله حمودي " الحداثة والهوية: سياسة الخطاب والحكم المعرفي حول الدين واللغة" محاولا تفكيك ما تضمنه المؤلف من أفكار ليصل الى خلاصة مفادها أن حمودي وهو يطرح موقفه من تيموزغا، عمل على احترام المنهج الذي يقترحه والقائم أساسا على "الشك الإيجابي" و "بناء مسافة إجرائية بين الباحث والوقائع" وهو أمر إيجابي جدا وسيسهم لامحالة في تطوير الخطاب الأمازيغي ، شك سيُوجّهه، عبد الله حمودي الطامح لـ" وضع الأسس لبناء معرفة مستقلّة تخصّ المجتمع المغربي والمجتمعات المغاربية والمشرقية بصفة عامة" أي تقديم فهم علمي بمجتمعاتنا (بتعبير حمودي)، لأربعة أركان يتأسس عليها الخطاب الأمازيغي أو يخال ذلك وهي الشك في التسمية(دلالة اسم الأمازيغ) والشك في الأصل والأرض وفي كون الأمازيغ يشكلون أغلبية.
وقد وضح المتدخل أن حمودي يكتفي فقط بالاحتماء بالعلم والقرائن العلمية دون أن يقدم أدلة على ما يدعيه (هناك شعوب قبل الامازيغ)، بل وفي مواضيع كثيرة من الكتاب، يُثبت ما يُنكره عن الحركة الأمازيغية منها كون لفظة الامازيغ تدل على الحر، ولكن حمودي يخلط بين البحث اللساني وبين البحث في التنظيمات الاجتماعية والسياسية لدى الامازيغ، فالمجتمع الامازيغي مثله مثل أي مجتمع لم يعرف الثورة الكوبرنيكية لابد وأن ينتج تنظيمات تكرس التراتبية الاجتماعية، فكيف نطالب الامازيغي أن ينتظم وفق منظومة حقوق الانسان قبل تبلورها بعد ثورات علمية وفلسفية عميقة خصّبت فيما بعد التفكير السياسي والأخلاقي والديني، وهو ما جعل المحاضر يُشكك في استيعاب حمودي للمنهج الابستيمولوجي وكيفية تبلور الأفكار العلمية والفلسفية وتداعياتها على المجتمعات الإنسانية بصفة عامة، كما لاحظ أن بعض المقولات فُهمت بشكل سطحي لا تليق بمفكر ساهم في تعميق الفهم العلمي بالمجتمع المغربي، من بينها عرضه لتصور الحركة الامازيغية للأرض. ليتساءل المحاضر عن الدافع من استثناء عبد حمودي ما سماه "بالهوية العروبية" للمغرب من الشك؟، وهو يجيب عن التساؤل يردف عبد الهادي أن ديكارت استثنى من عملية الشك الاخلاق والدين، وعلى منواله سيسير عبد الله حمودي، فمقابل التشكيك في الامازيغية أوقف تطبيق منهجه على الهوية العروبية للمغرب، وبل اعتبرها أمرا بديهيا ويقينيا ولا تحتاج للمساءلة النقدية، وهو ما ما قاد المحاضر للتساؤل عن الهدف الحقيقي للكتاب قائلا : "هدف حمودي هو تجديد الخطاب القومي العربي إذ أن "القومية القديمة وحتى المتجددة اليوم فشلت في الإعتراف بالمكونات الأمازيغية في المغارب، ومكونات مماثلة في المشرق. وإذا تمادى الفكر العربي التحرري في إقصاء تلك المكونات، فسيكون من نصيبه الإخفاق من جديد".
بعد ذلك تناول الأستاذ الباحث عمر أشهبار الكلمة، وتركزت مداخلته حول كتابه الصادر حديثا والذي هو في الأصل موضوع أطروحة جامعية ناقشها بكلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة ابن طفيل بالقنيطرة. وهو بعنوان " المسار الإستعماري لجزيرتي بادس والنكور خلال العصر الحديث".
وخلالها توقف عند صعوبة القيام بمثل هذه المداخلة التي كلف بها، على اعتبار أن مسألة تقديم وتقييم كتابه، هي مهمة يجب على الباحثين المتخصصين القيام بها. مع ذلك لم يمنعه هذا من تقديم نبذة عن ما ورد فيه. حيث توقف في البداية عند النقص الملحوظ في الدراسات الأكاديمية المنجزة حول تاريخ منطقة الريف، ومن هذا المنطلق نوه إلى أن من الدواعي التي حفزته على إنجاز مثل هذا العمل الأكاديمي هو إحساسه بالمسؤولية الملقاة على كاهل الباحثين المنتمين لمنطقة الريف خصوصا والمغاربة عموما، والذين تقع عليهم مسؤولية رد ولو جزء يسير من ما تستحقه المنطقة من اهتمام وبحث أكاديمي.
كما توقف عند العراقيل التي يمكن أن تعترض الباحث في المنطقة ، سواء وهو بصدد تقديم مشروعه الأكاديمي للتسجيل بالجامعات المغربية أو أثناء البحث حيث تعنت البعض عن تزويد الباحث بما يحتاج إليه من مقالات أو وثائق أو كتب قد تعود بنفع مهم عل مستوى جودة العمل الأكاديمي. لكن ذلك لم يمنع من الإشارة إلى أن مجال البحث الأكاديمي في المدرسة التاريخية المغربية أضحى يتمتع بهامش مهم وملحوظ حول ما يتعلق بتاريخ المغرب عموما ومنطقة الريف خصوصا.
وخلال المداخلة ككل استعرض الباحث عمر أشهبار بشكل موجز ما تطرق إليه في الكتاب ، حيث كانت محاوره تتلخص في التطرق لتاريخ الريف قبل القرن العاشر الهجري ، حيث استعرض فيه تاريخ المجال والإنسان، وحواضر الريف الأوسط، وكذا الإحتلال الإسباني لجزيرة بادس من حيث السياق والنتائج. كما تطرق إلى احتلال الإسبان لجزيرة النكور ومقاومة الإحتلال الإسباني للجزيرتين.
وبعد الإستماع لمداخلتي الأستاذين،تم فتح المجال أمام الحضور الذي أعنى النقاش بجملة من الأفكار والإشكاليات التي تفاعل معها المحاضرين، ليتم في الأخير إختتام اللقاء بتوقيع الكتاب من طرف الجمعية، وتوزيع شواهد تقديرية على المؤطرين كاعتراف رمزي بمجهوداتهم الجبارة في سبيل خدمة القضية الأمازيغية.
نظمت جمعية إصوراف للفكر الأمازيغي زوال يوم الأحد 3 يناير لقاءا ثقافيا بالمركب الثقافي والرياضي بأيث بوعياش من تأطير الأستاذين عمر أشهبار والهادي يوبا وفق برنامج تضمن تقديم كتاب "المسار الإستعماري لجزيرتي بادس والنكور خلال العصر الحديث" ومداخلة حول "الأمازيغية في الفكر المغربي المعاصر".
إنطلق اللقاء بمداخلة مسير الجلسة السيد مصطفى بوهني استهل فيها كلمته بتقديم ورقة تعريفية بالباحثين والترحيب بالحضور النوعي الذي استجاب لدعوة الجمعية معتبرا ذلك تجسيدا لتنامي مستوى الإهتمام لدى الأوساط الإجتماعية بالمنطقة بمثل هذه الأنشطة الثقافية والفكرية التي تحاول النبش في تاريخ الريف وقضاياه المختلفة.
الأستاذ عبد الهادي يوبا وهو يتناول المداخلة الأولى، أثًث نقاشه بطرح جملة من الإشكالات والتساؤلات تصب في كيفية تعامل المفكر المغربي مع الأمازيغية ومدى حضورها في نقاشاتهم ،لينتقل الى طرح تصنيف لمختلف المواقف المطروحة من قبل المفكرين حول الأمازيغية مقسما إياها الى أربع اتجاهات رئيسية هي المفكر الإديولوجي والمفكر العلموي والمتفلسف عرقيا،والمفكر ذو النزعة التقوية-الدينية وقد اعتبر كل من الجابري وعبد الله حمودي وطه عبد الرحمان وعبد السلام ياسين أبرز ممثلي هذه الإتجاهات على التوالي، معتبرا في ذات السياق أن مواقف هذه الإتجاهات حول الأمازيغية متباينة بين ما أسماها 'الأبادة' وبين داع للإحتواء وبين متجاهل وآخر مشكك.
هذا وركز الباحث في ثنايا مناقشته على ما سماه بنموذج المفكر ذي النزعة العلمية من خلال تقديم كتاب عبد الله حمودي " الحداثة والهوية: سياسة الخطاب والحكم المعرفي حول الدين واللغة" محاولا تفكيك ما تضمنه المؤلف من أفكار ليصل الى خلاصة مفادها أن حمودي وهو يطرح موقفه من تيموزغا، عمل على احترام المنهج الذي يقترحه والقائم أساسا على "الشك الإيجابي" و "بناء مسافة إجرائية بين الباحث والوقائع" وهو أمر إيجابي جدا وسيسهم لامحالة في تطوير الخطاب الأمازيغي ، شك سيُوجّهه، عبد الله حمودي الطامح لـ" وضع الأسس لبناء معرفة مستقلّة تخصّ المجتمع المغربي والمجتمعات المغاربية والمشرقية بصفة عامة" أي تقديم فهم علمي بمجتمعاتنا (بتعبير حمودي)، لأربعة أركان يتأسس عليها الخطاب الأمازيغي أو يخال ذلك وهي الشك في التسمية(دلالة اسم الأمازيغ) والشك في الأصل والأرض وفي كون الأمازيغ يشكلون أغلبية.
وقد وضح المتدخل أن حمودي يكتفي فقط بالاحتماء بالعلم والقرائن العلمية دون أن يقدم أدلة على ما يدعيه (هناك شعوب قبل الامازيغ)، بل وفي مواضيع كثيرة من الكتاب، يُثبت ما يُنكره عن الحركة الأمازيغية منها كون لفظة الامازيغ تدل على الحر، ولكن حمودي يخلط بين البحث اللساني وبين البحث في التنظيمات الاجتماعية والسياسية لدى الامازيغ، فالمجتمع الامازيغي مثله مثل أي مجتمع لم يعرف الثورة الكوبرنيكية لابد وأن ينتج تنظيمات تكرس التراتبية الاجتماعية، فكيف نطالب الامازيغي أن ينتظم وفق منظومة حقوق الانسان قبل تبلورها بعد ثورات علمية وفلسفية عميقة خصّبت فيما بعد التفكير السياسي والأخلاقي والديني، وهو ما جعل المحاضر يُشكك في استيعاب حمودي للمنهج الابستيمولوجي وكيفية تبلور الأفكار العلمية والفلسفية وتداعياتها على المجتمعات الإنسانية بصفة عامة، كما لاحظ أن بعض المقولات فُهمت بشكل سطحي لا تليق بمفكر ساهم في تعميق الفهم العلمي بالمجتمع المغربي، من بينها عرضه لتصور الحركة الامازيغية للأرض. ليتساءل المحاضر عن الدافع من استثناء عبد حمودي ما سماه "بالهوية العروبية" للمغرب من الشك؟، وهو يجيب عن التساؤل يردف عبد الهادي أن ديكارت استثنى من عملية الشك الاخلاق والدين، وعلى منواله سيسير عبد الله حمودي، فمقابل التشكيك في الامازيغية أوقف تطبيق منهجه على الهوية العروبية للمغرب، وبل اعتبرها أمرا بديهيا ويقينيا ولا تحتاج للمساءلة النقدية، وهو ما ما قاد المحاضر للتساؤل عن الهدف الحقيقي للكتاب قائلا : "هدف حمودي هو تجديد الخطاب القومي العربي إذ أن "القومية القديمة وحتى المتجددة اليوم فشلت في الإعتراف بالمكونات الأمازيغية في المغارب، ومكونات مماثلة في المشرق. وإذا تمادى الفكر العربي التحرري في إقصاء تلك المكونات، فسيكون من نصيبه الإخفاق من جديد".
بعد ذلك تناول الأستاذ الباحث عمر أشهبار الكلمة، وتركزت مداخلته حول كتابه الصادر حديثا والذي هو في الأصل موضوع أطروحة جامعية ناقشها بكلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة ابن طفيل بالقنيطرة. وهو بعنوان " المسار الإستعماري لجزيرتي بادس والنكور خلال العصر الحديث".
وخلالها توقف عند صعوبة القيام بمثل هذه المداخلة التي كلف بها، على اعتبار أن مسألة تقديم وتقييم كتابه، هي مهمة يجب على الباحثين المتخصصين القيام بها. مع ذلك لم يمنعه هذا من تقديم نبذة عن ما ورد فيه. حيث توقف في البداية عند النقص الملحوظ في الدراسات الأكاديمية المنجزة حول تاريخ منطقة الريف، ومن هذا المنطلق نوه إلى أن من الدواعي التي حفزته على إنجاز مثل هذا العمل الأكاديمي هو إحساسه بالمسؤولية الملقاة على كاهل الباحثين المنتمين لمنطقة الريف خصوصا والمغاربة عموما، والذين تقع عليهم مسؤولية رد ولو جزء يسير من ما تستحقه المنطقة من اهتمام وبحث أكاديمي.
كما توقف عند العراقيل التي يمكن أن تعترض الباحث في المنطقة ، سواء وهو بصدد تقديم مشروعه الأكاديمي للتسجيل بالجامعات المغربية أو أثناء البحث حيث تعنت البعض عن تزويد الباحث بما يحتاج إليه من مقالات أو وثائق أو كتب قد تعود بنفع مهم عل مستوى جودة العمل الأكاديمي. لكن ذلك لم يمنع من الإشارة إلى أن مجال البحث الأكاديمي في المدرسة التاريخية المغربية أضحى يتمتع بهامش مهم وملحوظ حول ما يتعلق بتاريخ المغرب عموما ومنطقة الريف خصوصا.
وخلال المداخلة ككل استعرض الباحث عمر أشهبار بشكل موجز ما تطرق إليه في الكتاب ، حيث كانت محاوره تتلخص في التطرق لتاريخ الريف قبل القرن العاشر الهجري ، حيث استعرض فيه تاريخ المجال والإنسان، وحواضر الريف الأوسط، وكذا الإحتلال الإسباني لجزيرة بادس من حيث السياق والنتائج. كما تطرق إلى احتلال الإسبان لجزيرة النكور ومقاومة الإحتلال الإسباني للجزيرتين.
وبعد الإستماع لمداخلتي الأستاذين،تم فتح المجال أمام الحضور الذي أعنى النقاش بجملة من الأفكار والإشكاليات التي تفاعل معها المحاضرين، ليتم في الأخير إختتام اللقاء بتوقيع الكتاب من طرف الجمعية، وتوزيع شواهد تقديرية على المؤطرين كاعتراف رمزي بمجهوداتهم الجبارة في سبيل خدمة القضية الأمازيغية.