محمد بوتخريط . هولندا
"ادفع ايجار منزلي بشكل دائم ... أنا الآن في الشارع ولا أعرف إلى أين أذهب ".
في حادثة تشهدها مدينة أوتريخت الهولندية للمرة الثانية خلال عام تقريبا، وبعد المواطن الستيني محمد بلحسني الذي سبق وأن طُرد من مسكنه ، يشكو السيد "انحجام" من قيام شركة "ميتروس" من طرده من المنزل والرمي به وزوحته و بعض الأكياس البلاستيكية التي هي كل أملاكه الى خارج المنزل...ليتم نقله وزوجته الى مركز 'للايواء' بالمدينة بعد ان قضى الليلة الاولى في فندق بنفس المدينة .
طال صبر شركة السكنى المعنية بأمر الكراء مع المستأجر، ولكن الصبر نفذ .. يقول ارباب ذات الشركة.. ليُطرد الرجل البالغ من العمر 75 عاما يوم الخميس الماضي من منزله في مدينة أوتريخت الهولنية .
ولفت مالك المنزل أنه أقدم على قراره لأمر كون المكتري قضى جزءا كبيرا من العامين الماضيين خارج المنزل.
وفي التفاصيل، يروي السيد "انحجام" أنه وزوجته ومنذ الخميس الماضي خارج المنزل الذي كان يكتريه ، بعد أن قامت الشركة من طرده من ذات المنزل.
جاء قرار الطرد ردا على "كون المنزل الذي يكتريه لا يعمره طويلا ..ضل لما يقارب السنتين "فارغا" ... حسب شركة السكنى المعنية بالأمر .
" السيد 'انحجام' ، أقام لمدة "طويلة" في المغرب. لم يعش خلال العامين الماضيين في المنزل سوى شهرا واحد فقط .. ليظل المنزل لمدة فارغا ...لا يسكنه مكتريه... وفي الوقت الذي نملك فيه لوائح انتظار طويلة لمواطنين ينتظرون دورهم وحقهم في منزل للكراء ..مواطنون آخرون كُثر عليهم أن ينتظروا المواعيد الطويلة ." تشرح الشركة.
على الرغم من أن الرجل كان يسكن بشكل قانوني في هولندا و يستفيد من منزله الذي كان يدفع إيجاره شهريا وبانتظام تام ، الا ان الشركة مالكة المنزل المُكترى تؤكد من جهتها أنه كان يقيم "قليلا جدا" في المنزل.
ومن جانبه، أوضح ، السيد 'انحجام' للشركة أنه اضطر لمغادرة هولندا الى المغرب لاسباب صحية حيث كان يشكو من ألام في رجله اليمنى وتطلب الامر إجراء فحوصات معينة كان يتابعها في المغرب.. كان يشكو من بعض الآلام ولج على إثرها المصحة قصد إجراء الفحوصات اللازمة انتهت ببتر رجله اليمنى بسبب مضاعفات بعد إجراء عملية جراحية بالمصحة .
وفي نهاية المطاف يضيف السيد انحجام "هذا يعني ربما أني تجاوزت المدة الزمنية المحددة لكن لم يكن في نيتي أبدا أن أبقى هناك طويلا...دخلت المستشفى هناك..لان لي الكثير من افراد الأسرة هناك كانو يقفون معي و يساندونني في محنتي.. كان جميلا أن يكونوا معي اثناء العملية .. لكن ذلك استغرق وقتا أطول قليلا مما كان مخططا له. أنا قدمت جميع البيانات وشواهد طبية مختومة من اطباء مختصين تثبت ما اقول ، لكنهم لم يصدقونني...لا أحدا صدقني ." يوضح السيد انحجام.
"أنا فقط لا أفهم ما الذي يحدث ، أنا رجل قاربت الثمانين من عمري ، اسكن هنا منذ 1972 خدمت هولندا طوال تواجدي فيها ..ادفع ايجار منزلي بشكل دائم . أنا الآن في "الشارع" ولا أعرف أي الابواب أطرق لإنصافي ولا أين أذهب .... أين لي أن أذهب الآن؟ " يتحسر في ألم .
"لم تكن لي ابدا مشاكل هنا في هولندا، وبعد كل هذه السنين اتلقى اليوم مثل هذه المعاملة. وأجد نفسي مجبرا على التسكع في الشارع، لم أتوقع هذا...أبداً ".
لكن و رغم كل التفسيرات ومحاولات التوضيح و في مقابل الآلام الشديدة التي انهكت جسده بعد بتر رجله ... تعمدت شركة السكنى المعنية بأمر الكراء طرده من سكناه ليسهل على الالم والمرض والمعانات افتراسه والإجهاز عليه.
ولا شك في الامر ان لدى السيد انحجام أدوية كثيرة .. لكن من المؤكد ان رغم كومة الأدوية التي يتناولها لمحاربة المرض و العوارض التي يعاني منها جراء بتر رجله ، لا يوجد في علبته علاج لأمراض أخرى كثيرة تسكنه ،أولها مرضه وآخرها وليس آخرها داء حالته الاجتماعية بعد الطرد من المنزل وما ينتظره وزوجته من ايام غامضة ملامحها المستقبلية.
"ككلب يُلقى به في الشارع" ، يقول بعض من سمع بالخبر ، متسائلين في ذات الوقت "كيف لهذا الامر أن يحدث في بلد مثل هولندا؟".
"جيد جيدا أن تؤخذ بعين الاعتبار الامور القانونية في مسألة السكن، ولكن كان من الأفضل أن تأخذ شركة السكن حاجيات المُسن في الاعتبار كذلك " .. تتداول ألسن آخرين من الاهل والاقارب وبعض الجيران ... كلمات مساندة و مواسات لكنها أيضا مصحوبة بسؤال حيَّر الجميع: ما الذي دفع به الى اللجوء للمغرب لاجراء الفحوصات و...العملية التي انتهت ببتر رجله ؟؟!!
لكنها كلها أمور لا تغير في الامر شيئا ... فبعد الاستماع والتحري قررت المحكمة أن تؤيد ما تقدمت به شركة السكن المعنية بالامر ... "وهكذا لم يعد المكان مقر إقامته الرئيسية" تؤكد التحقيقات والتي خلصت الى أن ذلك سببا كافيا لقبول طلب شركة السكن لـ " طرد" الرجل العجوز وزوجته من المنزل لصالح الشركة / المالك .
هي معاناة المسنين هنا والتي لا تنتهي....
هي حالة فقط ونموذج لكثير من حالات وحكايات اخرى كثيرة ، والتي تشير إلى حالات بعض هؤلاء وغيرهم هنا ممن "تقطّعت" بهم السبل تقض الاسئلة مضجعهم عندما يبحثون عن جهة ما يتوجهون إليها لإنصافهم وإيجاد حلول لمشاكلهم، لا يعرفون أي الأبواب يطرقون بعد أن تداخلت الجهات في رأيهم وتشابكت الصلاحيات ...وغابت الرؤيا.
ووفق واقع الحال، فإن أبرز ما يواجهونه من تحديات إلى جانب السن و المرض وعدم إتقانهم للغة التواصل في البلد وفضلا كذلك عن تأثيرات التغيّر في القيم الاجتماعية ، هو عدم علمهم ببعض القواعد القانونية بل الغالب هو جهلهم بها ... وغياب دور الجهات المعنية (وسواء هنا او في المغرب ) في احتواء معاناتهم . لتتفاقم المعاناة اكثر في ظل عدم وجود أي علاقات أخرى من أي نوع تربطهم بغيرهم ، فلا أسرة هنا ولا أبناء ولا من حتى يقرأ لهم رسائل كالتي ربما تكون قد ارسلتها شركة السكن إياها الى المكتري تأمره باقتراب أجل مغادرته للمنزل ..أو بانذار ما او شيء من هذا القبيل او ذاك.!!.
هكذا وفي رمشة عين يجدوا انفسهم بعد حياة مليئة بالعمل الجاد والتفاني اللامحدود وحيدين يصارعون الحياة بعد وهن عظمهم وقلة حيلتهم. وهو الوضع الذي يثير مخاوف كثيرة وعديدة خاصة وانهم يعيشون حياة معيشية وصحيّة صعبة جدا، ورغم بعض الرعاية التي يتلقونها ..إلا أن ما يقدّم لهؤلاء وفي مثل حالاتهم وفي مثل هذا السن لا يرقى إلى مستوى ما يحتاجونه من عناية ورعاية... ولما لا رد اعتبار!
"ادفع ايجار منزلي بشكل دائم ... أنا الآن في الشارع ولا أعرف إلى أين أذهب ".
في حادثة تشهدها مدينة أوتريخت الهولندية للمرة الثانية خلال عام تقريبا، وبعد المواطن الستيني محمد بلحسني الذي سبق وأن طُرد من مسكنه ، يشكو السيد "انحجام" من قيام شركة "ميتروس" من طرده من المنزل والرمي به وزوحته و بعض الأكياس البلاستيكية التي هي كل أملاكه الى خارج المنزل...ليتم نقله وزوجته الى مركز 'للايواء' بالمدينة بعد ان قضى الليلة الاولى في فندق بنفس المدينة .
طال صبر شركة السكنى المعنية بأمر الكراء مع المستأجر، ولكن الصبر نفذ .. يقول ارباب ذات الشركة.. ليُطرد الرجل البالغ من العمر 75 عاما يوم الخميس الماضي من منزله في مدينة أوتريخت الهولنية .
ولفت مالك المنزل أنه أقدم على قراره لأمر كون المكتري قضى جزءا كبيرا من العامين الماضيين خارج المنزل.
وفي التفاصيل، يروي السيد "انحجام" أنه وزوجته ومنذ الخميس الماضي خارج المنزل الذي كان يكتريه ، بعد أن قامت الشركة من طرده من ذات المنزل.
جاء قرار الطرد ردا على "كون المنزل الذي يكتريه لا يعمره طويلا ..ضل لما يقارب السنتين "فارغا" ... حسب شركة السكنى المعنية بالأمر .
" السيد 'انحجام' ، أقام لمدة "طويلة" في المغرب. لم يعش خلال العامين الماضيين في المنزل سوى شهرا واحد فقط .. ليظل المنزل لمدة فارغا ...لا يسكنه مكتريه... وفي الوقت الذي نملك فيه لوائح انتظار طويلة لمواطنين ينتظرون دورهم وحقهم في منزل للكراء ..مواطنون آخرون كُثر عليهم أن ينتظروا المواعيد الطويلة ." تشرح الشركة.
على الرغم من أن الرجل كان يسكن بشكل قانوني في هولندا و يستفيد من منزله الذي كان يدفع إيجاره شهريا وبانتظام تام ، الا ان الشركة مالكة المنزل المُكترى تؤكد من جهتها أنه كان يقيم "قليلا جدا" في المنزل.
ومن جانبه، أوضح ، السيد 'انحجام' للشركة أنه اضطر لمغادرة هولندا الى المغرب لاسباب صحية حيث كان يشكو من ألام في رجله اليمنى وتطلب الامر إجراء فحوصات معينة كان يتابعها في المغرب.. كان يشكو من بعض الآلام ولج على إثرها المصحة قصد إجراء الفحوصات اللازمة انتهت ببتر رجله اليمنى بسبب مضاعفات بعد إجراء عملية جراحية بالمصحة .
وفي نهاية المطاف يضيف السيد انحجام "هذا يعني ربما أني تجاوزت المدة الزمنية المحددة لكن لم يكن في نيتي أبدا أن أبقى هناك طويلا...دخلت المستشفى هناك..لان لي الكثير من افراد الأسرة هناك كانو يقفون معي و يساندونني في محنتي.. كان جميلا أن يكونوا معي اثناء العملية .. لكن ذلك استغرق وقتا أطول قليلا مما كان مخططا له. أنا قدمت جميع البيانات وشواهد طبية مختومة من اطباء مختصين تثبت ما اقول ، لكنهم لم يصدقونني...لا أحدا صدقني ." يوضح السيد انحجام.
"أنا فقط لا أفهم ما الذي يحدث ، أنا رجل قاربت الثمانين من عمري ، اسكن هنا منذ 1972 خدمت هولندا طوال تواجدي فيها ..ادفع ايجار منزلي بشكل دائم . أنا الآن في "الشارع" ولا أعرف أي الابواب أطرق لإنصافي ولا أين أذهب .... أين لي أن أذهب الآن؟ " يتحسر في ألم .
"لم تكن لي ابدا مشاكل هنا في هولندا، وبعد كل هذه السنين اتلقى اليوم مثل هذه المعاملة. وأجد نفسي مجبرا على التسكع في الشارع، لم أتوقع هذا...أبداً ".
لكن و رغم كل التفسيرات ومحاولات التوضيح و في مقابل الآلام الشديدة التي انهكت جسده بعد بتر رجله ... تعمدت شركة السكنى المعنية بأمر الكراء طرده من سكناه ليسهل على الالم والمرض والمعانات افتراسه والإجهاز عليه.
ولا شك في الامر ان لدى السيد انحجام أدوية كثيرة .. لكن من المؤكد ان رغم كومة الأدوية التي يتناولها لمحاربة المرض و العوارض التي يعاني منها جراء بتر رجله ، لا يوجد في علبته علاج لأمراض أخرى كثيرة تسكنه ،أولها مرضه وآخرها وليس آخرها داء حالته الاجتماعية بعد الطرد من المنزل وما ينتظره وزوجته من ايام غامضة ملامحها المستقبلية.
"ككلب يُلقى به في الشارع" ، يقول بعض من سمع بالخبر ، متسائلين في ذات الوقت "كيف لهذا الامر أن يحدث في بلد مثل هولندا؟".
"جيد جيدا أن تؤخذ بعين الاعتبار الامور القانونية في مسألة السكن، ولكن كان من الأفضل أن تأخذ شركة السكن حاجيات المُسن في الاعتبار كذلك " .. تتداول ألسن آخرين من الاهل والاقارب وبعض الجيران ... كلمات مساندة و مواسات لكنها أيضا مصحوبة بسؤال حيَّر الجميع: ما الذي دفع به الى اللجوء للمغرب لاجراء الفحوصات و...العملية التي انتهت ببتر رجله ؟؟!!
لكنها كلها أمور لا تغير في الامر شيئا ... فبعد الاستماع والتحري قررت المحكمة أن تؤيد ما تقدمت به شركة السكن المعنية بالامر ... "وهكذا لم يعد المكان مقر إقامته الرئيسية" تؤكد التحقيقات والتي خلصت الى أن ذلك سببا كافيا لقبول طلب شركة السكن لـ " طرد" الرجل العجوز وزوجته من المنزل لصالح الشركة / المالك .
هي معاناة المسنين هنا والتي لا تنتهي....
هي حالة فقط ونموذج لكثير من حالات وحكايات اخرى كثيرة ، والتي تشير إلى حالات بعض هؤلاء وغيرهم هنا ممن "تقطّعت" بهم السبل تقض الاسئلة مضجعهم عندما يبحثون عن جهة ما يتوجهون إليها لإنصافهم وإيجاد حلول لمشاكلهم، لا يعرفون أي الأبواب يطرقون بعد أن تداخلت الجهات في رأيهم وتشابكت الصلاحيات ...وغابت الرؤيا.
ووفق واقع الحال، فإن أبرز ما يواجهونه من تحديات إلى جانب السن و المرض وعدم إتقانهم للغة التواصل في البلد وفضلا كذلك عن تأثيرات التغيّر في القيم الاجتماعية ، هو عدم علمهم ببعض القواعد القانونية بل الغالب هو جهلهم بها ... وغياب دور الجهات المعنية (وسواء هنا او في المغرب ) في احتواء معاناتهم . لتتفاقم المعاناة اكثر في ظل عدم وجود أي علاقات أخرى من أي نوع تربطهم بغيرهم ، فلا أسرة هنا ولا أبناء ولا من حتى يقرأ لهم رسائل كالتي ربما تكون قد ارسلتها شركة السكن إياها الى المكتري تأمره باقتراب أجل مغادرته للمنزل ..أو بانذار ما او شيء من هذا القبيل او ذاك.!!.
هكذا وفي رمشة عين يجدوا انفسهم بعد حياة مليئة بالعمل الجاد والتفاني اللامحدود وحيدين يصارعون الحياة بعد وهن عظمهم وقلة حيلتهم. وهو الوضع الذي يثير مخاوف كثيرة وعديدة خاصة وانهم يعيشون حياة معيشية وصحيّة صعبة جدا، ورغم بعض الرعاية التي يتلقونها ..إلا أن ما يقدّم لهؤلاء وفي مثل حالاتهم وفي مثل هذا السن لا يرقى إلى مستوى ما يحتاجونه من عناية ورعاية... ولما لا رد اعتبار!