محمد أرغم
حز في نفسي أمر خطير، وأنا أتملى منظر التلاميذ وهم يعاكسون تلميذات "الليسي" فقلت: " ..التلاميذ مطاردون بالتوقيت المحدد، وكل تهاون في عدم احترام المواعيد، يجدون أنفسهم أمام إدارة المؤسسة، تستفسرهم عن هذا التأخر أو الغياب......هؤلاء شبابنا في مقتبل العمر، يطوفون ويصطفون حول أبواب الإعداديات والثانويات؛ إنهم تلاميذ اليوم، وطلاب الغد، وعاطلون "أو معطلون" بعد الغد، وموظفون في أسوء الحالات في الزمن المنظور؛ لا يعبئون بما يجري في المقررات من تغيير وتعديل، في الشكل أوفي المضمون، ومدى ملائمة- وتطابق- هذا الإصلاح مع منطق العرض والطلب، وهل كل هذا مفهوم بما يكفي؟ وهم المطالبون والمطاردون بالامتحانات وسط أو آخر السنة؛ فهل هم واعون بقواعد لعبة الطرد والمطاردة أم هم في عداد أهل الكهف؟ في تقديري – والتقدير لا يغني عن الضبط – لو طلب منهم وتقرر بالشكل النهائي والرسمي، أنه من حصل على المعدلات:
- معدل يفوق 16/20 سيفوز وسيظفر بتأشيرة ومنحة دراسية في الديار الأمريكية؛ إذ ذاك سيسعد الكل، ويشتد التنافس، ويتحقق الحلم في بلاد" تمثال الحرية" وبلاد استقطاب الأدمغة و... والدولارات... والشقراوات...
- معدل يتراوح بين (12-15)/20 سيكون محظوظا بشد الرحال وإتمام الدراسة في الجامعات الكندية؛ وما أجمل الدراسة في هذه الجامعات....!
- ......
- .......
تجد، بهذه المحفزات، "جل التلاميذ" حريصين أشد الحرص عن عدم ضياع الوقت في الإبحار- الغير المجدي- في عالم الانترنيت، والنبش في الثقافة الإباحية ...ومعاكسة التلميذات... يحصنون أنفسهم ويتشجعون لتحقيق الذات – ذات يضنونها ضائعة في بلدهم الحبيب- ويتخلون عن ربط العلاقات "الغرامية بالخصوص" التي تفسد عليهم مسعاهم الدراسي، وتجعلهم يعيشون بين نار الطرد وشوق المطاردة ... إنه مجرد اقتراح ... حيث تنزيله على أرض الواقع، يتطلب وقتا من التفكير– والتفكير عندنا مؤجل إلى إشعار آخر –إنه بهذا التحفيز تقرأ – وأنت مار أمام مدارسنا- في عيون التلاميذ تباشير وعلامات الأمل مشعة كالشمس، وتشم رائحة النجاح تنضح من وجوههم البريئة من الغدو حتى الآصال، وتقر الأعين بهؤلاء الشباب الحامل لمشعل الغد المشرق؛ بدل أن تراهم على ما هم فيه من إعراض عن الدراسة وإدبار كلي عن النصائح.
يرقبون، ويراقبون أبواب المدارس(الإعداديات والثانويات)، لا يرقبون في ذلك إلا ولا ذمة؛ يعاكسون التلميذات، منهن من يخضعن بالقول، فيطمع الذي في قلبه أعشاش من الخدع والتغرير. إذا كانت التلميذة قد تربت على العفاف والحشمة والوقار فلا تبالي بما يرشقها به هؤلاء المتسكعون والفوضوييون من الكلام الساقط؛ هذا الصنف من التلميذات المجتهدات لا يعرن أي اهتمام لما يجري تحت جسر الحب من كلام منمق ومزوق؛ ديدنها هو التحصيل، لا شيء غير التحصيل، تحصيل تغدو إليه بالإبكار مع سهر الليالي الطوال. أما ما دونهن من التلميذات المائعات، فهن دوما عرضة للمعاكسة، من طرف تلاميذ وغرباء عن الساحة التلاميذية، هؤلاء وأمثالهم كثيرون، يطلقون الكلام على عواهنه، يتمايلون في خيلاء مفتونين بتلميذات استرخصن عرضهن ووقتهن، يستجبن وينجذبن لكل من زاغت فطرته عن الآداب والأخلاق الفاضلة؛ بتصرفهن، هذا، تخالهن، وأنت تنظر إليهن على ما هن عليه من لباس لا يليق بالتلميذات المتعففات، ولربما أصدرت أحكاما فورية، وأنت تقول في نفسك أنهن لا يردن لا يد لامس ولا يخبن رجاء عين غامز. بين اللامس والغامز، تراهن يتهاونن في دروسهن ويتهاوين بالكامل في أحضان الغرام، يقترفن كل ما يخدش وجه الحياء والعفة، إنهن يخضعن بالكامل لكل ما يروج من سفاسف الأمور، ويستجبن دون تحفظ لكل ما يعرض في السوق من أنواع الموضة- أزياء شفافة غاية في الخطورة- إنهن فلذات أكبادنا فهل قمنا بالواجب؟ واجب لمن شأنه أن يحد ولو جزئيا من طوفان التيارات الهدامة التي لا تكل ولا تمل من زرع ونفث سموم التفسخ والانحلال؛ تيارات وجدت التربة الخصبة التي أعانتها على تصريف نقع فوضى الموضة: الفضائيات، المسلسلات، عارضات الأزياء....، ما لم يتوقف هذا السيل الجارف، وما لم تحاول الجهات المسؤولة عن الشأن العام –خصوصا القطاع السمعي البصري- بوضع فرامل ومكابح لهذه الآلة الجهنمية التي تأتي على ما تبقى من أخلاقنا وعاداتنا الحميدة...، فهل نترك شاباتنا وشبابنا يمرحون ويتسكعون على إيقاعات رنات هواتفهم وعلى أنغام وأغاني وائل ألخوري أو على رنات أغاني سيلينديون الماجنة ...؟
إن تحصين الشباب من واجب الآباء، والتحصيل من واجب الشباب، فهل الكل مجند لأداء الواجب؟ أم الأبناء في واد يسيحون عبر الإنترنيت ويخصصون أوقاتا مستقطعة من وقتهم الغالي، والآباء في الضفة المقابلة واهمين أن أبنائهم على أحسن ما يرام ؟ فالكل مطالب بتقديم النصح – في هذا الوقت بالذات- لكي لا نعزي أنفسنا في فلذات الأكباد، ونبني جميعا جيلا صالحا لرفع راية هذا البلد".
بقدر ما كنت منشغلا بموضوع "كارثة العزوف عن الدراسة وعن المعاكسة الصاخبة"، بقدر أكبر كنت منهمكا في فك طلاسيم مثالا صيني قفز الى ذهني للتو، حيث كلمة "كارثة" تتكون في اللغة الصينية من حرفين: الأول يمثل الخطر والآخر يمثل الفرصة....هل ما زال أمامنا فرصة لإصلاح ما فسده " الهيب هوب" اللاهبة لمشاعر الشباب، "والتقليعات العصرية" التي تعتبر بحق مقاليع الأخلاق الحميدة، والموضة...وما أدراك ما الموضة...؟ أم أننا جميعا لم نعد ندرك، بعد، خطر معاكسة بناتنا أمام المدارس...؟ أم نسلم الأمر لله، ونسلم "الحمل الوديع "لذئاب البراري"، ذئاب تنتظر الصغير عند فم الوادي مستغلة العطش الحار للبريء...؟
علينا أن نستحضر المثال الايطالي الشهير:" كل شيء يحتاج إلى المعلم ...إلا الشر".... لكي نحاصر الخطر والشر المحدق بناشئتنا، ونخلق الفرص ...حتى لا نترك أولادنا يهيمون على وجوههم وهم يغنون: "فين غدي بيا أخويا، فين غدي بيا أخويا، فين غدي بيا أخويا...." !!!
حز في نفسي أمر خطير، وأنا أتملى منظر التلاميذ وهم يعاكسون تلميذات "الليسي" فقلت: " ..التلاميذ مطاردون بالتوقيت المحدد، وكل تهاون في عدم احترام المواعيد، يجدون أنفسهم أمام إدارة المؤسسة، تستفسرهم عن هذا التأخر أو الغياب......هؤلاء شبابنا في مقتبل العمر، يطوفون ويصطفون حول أبواب الإعداديات والثانويات؛ إنهم تلاميذ اليوم، وطلاب الغد، وعاطلون "أو معطلون" بعد الغد، وموظفون في أسوء الحالات في الزمن المنظور؛ لا يعبئون بما يجري في المقررات من تغيير وتعديل، في الشكل أوفي المضمون، ومدى ملائمة- وتطابق- هذا الإصلاح مع منطق العرض والطلب، وهل كل هذا مفهوم بما يكفي؟ وهم المطالبون والمطاردون بالامتحانات وسط أو آخر السنة؛ فهل هم واعون بقواعد لعبة الطرد والمطاردة أم هم في عداد أهل الكهف؟ في تقديري – والتقدير لا يغني عن الضبط – لو طلب منهم وتقرر بالشكل النهائي والرسمي، أنه من حصل على المعدلات:
- معدل يفوق 16/20 سيفوز وسيظفر بتأشيرة ومنحة دراسية في الديار الأمريكية؛ إذ ذاك سيسعد الكل، ويشتد التنافس، ويتحقق الحلم في بلاد" تمثال الحرية" وبلاد استقطاب الأدمغة و... والدولارات... والشقراوات...
- معدل يتراوح بين (12-15)/20 سيكون محظوظا بشد الرحال وإتمام الدراسة في الجامعات الكندية؛ وما أجمل الدراسة في هذه الجامعات....!
- ......
- .......
تجد، بهذه المحفزات، "جل التلاميذ" حريصين أشد الحرص عن عدم ضياع الوقت في الإبحار- الغير المجدي- في عالم الانترنيت، والنبش في الثقافة الإباحية ...ومعاكسة التلميذات... يحصنون أنفسهم ويتشجعون لتحقيق الذات – ذات يضنونها ضائعة في بلدهم الحبيب- ويتخلون عن ربط العلاقات "الغرامية بالخصوص" التي تفسد عليهم مسعاهم الدراسي، وتجعلهم يعيشون بين نار الطرد وشوق المطاردة ... إنه مجرد اقتراح ... حيث تنزيله على أرض الواقع، يتطلب وقتا من التفكير– والتفكير عندنا مؤجل إلى إشعار آخر –إنه بهذا التحفيز تقرأ – وأنت مار أمام مدارسنا- في عيون التلاميذ تباشير وعلامات الأمل مشعة كالشمس، وتشم رائحة النجاح تنضح من وجوههم البريئة من الغدو حتى الآصال، وتقر الأعين بهؤلاء الشباب الحامل لمشعل الغد المشرق؛ بدل أن تراهم على ما هم فيه من إعراض عن الدراسة وإدبار كلي عن النصائح.
يرقبون، ويراقبون أبواب المدارس(الإعداديات والثانويات)، لا يرقبون في ذلك إلا ولا ذمة؛ يعاكسون التلميذات، منهن من يخضعن بالقول، فيطمع الذي في قلبه أعشاش من الخدع والتغرير. إذا كانت التلميذة قد تربت على العفاف والحشمة والوقار فلا تبالي بما يرشقها به هؤلاء المتسكعون والفوضوييون من الكلام الساقط؛ هذا الصنف من التلميذات المجتهدات لا يعرن أي اهتمام لما يجري تحت جسر الحب من كلام منمق ومزوق؛ ديدنها هو التحصيل، لا شيء غير التحصيل، تحصيل تغدو إليه بالإبكار مع سهر الليالي الطوال. أما ما دونهن من التلميذات المائعات، فهن دوما عرضة للمعاكسة، من طرف تلاميذ وغرباء عن الساحة التلاميذية، هؤلاء وأمثالهم كثيرون، يطلقون الكلام على عواهنه، يتمايلون في خيلاء مفتونين بتلميذات استرخصن عرضهن ووقتهن، يستجبن وينجذبن لكل من زاغت فطرته عن الآداب والأخلاق الفاضلة؛ بتصرفهن، هذا، تخالهن، وأنت تنظر إليهن على ما هن عليه من لباس لا يليق بالتلميذات المتعففات، ولربما أصدرت أحكاما فورية، وأنت تقول في نفسك أنهن لا يردن لا يد لامس ولا يخبن رجاء عين غامز. بين اللامس والغامز، تراهن يتهاونن في دروسهن ويتهاوين بالكامل في أحضان الغرام، يقترفن كل ما يخدش وجه الحياء والعفة، إنهن يخضعن بالكامل لكل ما يروج من سفاسف الأمور، ويستجبن دون تحفظ لكل ما يعرض في السوق من أنواع الموضة- أزياء شفافة غاية في الخطورة- إنهن فلذات أكبادنا فهل قمنا بالواجب؟ واجب لمن شأنه أن يحد ولو جزئيا من طوفان التيارات الهدامة التي لا تكل ولا تمل من زرع ونفث سموم التفسخ والانحلال؛ تيارات وجدت التربة الخصبة التي أعانتها على تصريف نقع فوضى الموضة: الفضائيات، المسلسلات، عارضات الأزياء....، ما لم يتوقف هذا السيل الجارف، وما لم تحاول الجهات المسؤولة عن الشأن العام –خصوصا القطاع السمعي البصري- بوضع فرامل ومكابح لهذه الآلة الجهنمية التي تأتي على ما تبقى من أخلاقنا وعاداتنا الحميدة...، فهل نترك شاباتنا وشبابنا يمرحون ويتسكعون على إيقاعات رنات هواتفهم وعلى أنغام وأغاني وائل ألخوري أو على رنات أغاني سيلينديون الماجنة ...؟
إن تحصين الشباب من واجب الآباء، والتحصيل من واجب الشباب، فهل الكل مجند لأداء الواجب؟ أم الأبناء في واد يسيحون عبر الإنترنيت ويخصصون أوقاتا مستقطعة من وقتهم الغالي، والآباء في الضفة المقابلة واهمين أن أبنائهم على أحسن ما يرام ؟ فالكل مطالب بتقديم النصح – في هذا الوقت بالذات- لكي لا نعزي أنفسنا في فلذات الأكباد، ونبني جميعا جيلا صالحا لرفع راية هذا البلد".
بقدر ما كنت منشغلا بموضوع "كارثة العزوف عن الدراسة وعن المعاكسة الصاخبة"، بقدر أكبر كنت منهمكا في فك طلاسيم مثالا صيني قفز الى ذهني للتو، حيث كلمة "كارثة" تتكون في اللغة الصينية من حرفين: الأول يمثل الخطر والآخر يمثل الفرصة....هل ما زال أمامنا فرصة لإصلاح ما فسده " الهيب هوب" اللاهبة لمشاعر الشباب، "والتقليعات العصرية" التي تعتبر بحق مقاليع الأخلاق الحميدة، والموضة...وما أدراك ما الموضة...؟ أم أننا جميعا لم نعد ندرك، بعد، خطر معاكسة بناتنا أمام المدارس...؟ أم نسلم الأمر لله، ونسلم "الحمل الوديع "لذئاب البراري"، ذئاب تنتظر الصغير عند فم الوادي مستغلة العطش الحار للبريء...؟
علينا أن نستحضر المثال الايطالي الشهير:" كل شيء يحتاج إلى المعلم ...إلا الشر".... لكي نحاصر الخطر والشر المحدق بناشئتنا، ونخلق الفرص ...حتى لا نترك أولادنا يهيمون على وجوههم وهم يغنون: "فين غدي بيا أخويا، فين غدي بيا أخويا، فين غدي بيا أخويا...." !!!