عايش ثلاثة ملوك وطاله النسيان من طرف الجهات المسؤولة
محمد العلالي :
في إطار البرنامج الثقافي والفني لموسم 2009 الخاص بالمركب الثقافي بالناظور ، أشرفت مندوبية وزارة الثقافة بالناظور على تنظيم معرضا للفنان التشكيلي محمد متوكي، برواق المركب الثقافي بالناظور، إنطلقت فعالياته يوم 3 غشت الجاري وستستمر إلى غاية 15 منه .
ويعتبر الفنان التشكيلي محمد متوكي ، المزداد سنة 1936 بالناظور ، من الفنانين التشكيليين الذين يفضلون العمل في الظل، بعيدا عن صخب المدينة الذي أضحى مصدر قلق كبير لإبداع الفنان الذي طالما إستلهم أحاسيسه الفنية من مختلف فضاءات مدينة الناظور الفاضلة ،التي إلتهمها الزحف الإسمنتي ، وإنقرضت ملامحها بفعل المضربين العقاريين ، الذين جرد جشعهم، المدينة من مواصفاتها الحضارية، بالإجهاز على معالمها التاريخية والثقافية ، غير أن ريشة الفنان محمد متوكي كانت بالمرصاد "للجرائم" التاريخية التي تعرضت لها المدينة ، مع سبق الإصرار والترصد ، حيث ظلت معالم المدينة حية على لوحاته الفنية، التي وثق عبرها من خلال ريشته الرائعة ، مروثا حضاريا ، يستحق الإمعان فيه والتسائل بحرقة عن الجهات التي إغتالت معالم المدينة خلال فترات متقطعة طيلة عقود خلت ، بحجج دامغة يضعها الفنان رهن إشارة ذوي الضمائر الحية ، قصد الدفاع عن حرمة معالم مدينة إختفت بفعل بشر ، وطال الموضوع النسيان بكل برودة دم وكأن شيء لم يقع .
وفي تصريحه لناظور سيتي ، أكد الفنان التشكيلي محمد متوكي ، أن بدايته الفنية كانت أواسط الأربعينات " 1944" ، حيث جره الميول إلى عالم فن الريشة إثر إعجابه الشديد منذ نعومة أضافره بفنان تشكيلي من أصل إسباني كان يقيم بمدينة تطوان يسمى " بيتوتشي "، كان يتوافد بشكل مستمر على مدينة الناظور لعرض آخر لوحاته التشكيلية ، إلى جانب إعتماده على المدينة كفضاء لممارسة هوايته المفضلة ، حيث توطدت علاقته بهذا الأخير بشكل كبير ، إلى درجة تشجيعه له رغم صغر سنه ، لسلك مسار الفن التشكيلي ، وأضاف محمد متوكي أنه لم يلج يوما أي معهد لتلقي أبجديات الفن التشكيلي ، وأنه فنان بالفطرة ، قام بصقل موهبته خلال ممارسته الميدانية ، مستلهما من الطبيعة ، مصدر إبداعه ، متأثرا ببيئته التي ظل حريصا على حضورها في كل لوحاته الفنية بإعتبار مواضيع هذه الأخيرة مستوحاة من عمق الأولى .
وأكد، الفنان محمد متوكي ، أن وضعه الإجتماعي كفنان تشكيلي ، لم يشهد أي تحسن ، في غياب أدنى إهتمام من لدن الجهات المسؤولة التي لا يحضى الفنان لديها بأية عناية تذكر ، مضيفا أنه طيلة مساره الفني قام بإبداع أزيد من 250 لوحة فنية ، وأن بعض لوحاته التي يضعها رهن البيع تتراوح أثمنتها بين 500 درهم و 1000 درهم ، تتواجد العديد منها بمختلف الدول الأوروبية ، حيث يزوره إبان كل فصل صيف مجموعة من المعجبين بلوحاته من أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج ، وتطرق الفنان ، في معرض حديثه عن ذكرياته الجميلة مع لوحاته الفنية التي يعيش برفقتها داخل فضاء مدينة إفتراضية لم تعد موجودة في الواقع جراء التشوه العمراني الذي شاب مدينة الناظور بفعل المزايدات العقارية التي أتت على الأخضر واليابس ،مضيفا أنه أصبح مظطرا لمغادرة المدينة بغية البحث عن فضاءات يتناولها كمواضيع بريشته الفنية معربا عن أسفه عن الإجهاز الذي طال العديد من المعالم بالمدينة قبل أن يوثقها بريشته .
وقد إستحضر الفنان محمد متوكي ، الذي عايش ثلاثة ملوك ، الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني والملك محمد السادس ، ذكرياته مع فترات حكم الملوك الثلاثة ، كما تناولهم في لوحة فنية مشتركة مؤرخة لأقوى لحظات الحقب المذكورة .
وقد ، طالب الفنان ، بضرورة إخراج مشروع معهد خاص بالفن النتشكيلي بمدينة الناظور ، إلى حيز الوجود في أقرب الآجال ، كلبنة لتوسيع قاعدة الفنانين التشكيليين بالمنطقة .
ويجدر ذكره أن معرض الفنان التشكيلي ، محمد متوكي ، لقي إقبالا كبيرا من طرف مختلف الزوار الذين توافدوا على المكان ، معربين عن إعجابهم الكبير بالمستوى الإبداعي للفنان ، ولحمولة اللوحات التشكيلية ذات البعد الحضاري .