محمد سالكة
كنت أشاهد ـ وأنتم كذلك ـ بالقنوات الفضائية الوطنية ، وكذا بشوارع المدن المغربية ،لوحات إشهارية بعنوان " جا وقت التغيير " فلن تتصوروا الفرحة التي كانت تغمرني آنذاك ،كنت أقول مع نفسي أن الحرية ستغني لنا أغنيتها الخالدة ، وأننا سنضحك حتى البكاء ... بكاء الفرحة بميلاد دولة الحق والقانون والمساواة ، وأننا سنرفع أصواتنا المكبوتة ونسرح حناجرنا المبحوحة ونحل ألسنتنا المعقودة ... لأن هذا اليوم عظيم حيث سنقرر فيه ـ نحن الشعب ـ مصيرنا وأنه ستتغير العقليات وأنماط التفكير وسيتمتع كل مواطن بشروط العيش الكريم ... لكن بعدما تأكدت من فحوى هذا الإشهار خاب ظني ـ طبعا ـ وذبل حلمي الجميل ، فلم تكن كلمات " جا وقت التغيير " إلا لشركة بورجوازية تقوم بإشهار منتوجها قصد التعريف به لدى المواطنين لغرض شرائه . فبديهي ومنطقي أن التغيير ـ لصالح الشعب ـ لا ولن يأتي من لدن من لا مصلحة لهم فيه ،أولئك الذين يكرسون الأوضاع و ينتعشون كلما نجحوا أكثر في تأزيم الشعب . إن الواقع الجاثم على صدورنا جعلني لم أعد أقوى على تحمل سلبياتي ولا سلبيات الآخرين ، فذا يغازل طفلة تمر مع والدتها ، وذاك يجر امرأة من ض! راعها ليرغمها على الحديث معه ، رجل هرم يغتصب طفلا في ربيعه الخامس ، إبنة تحمل من والدها ، زوجة رجل تتبادل القبل مع عشيقها، أم تروج المخدرات مع إبنها الشاب ، رجال الأمن يغازلون الفتيات أثناء نوبات العمل ، أساتذة يكتبون رسائل غرامية لتلميذاتهم ، شاب يقتل والدته ... وماخفي كان أعظم !!! أيمكن أن نعيش في مجتمع كله حلول ترقيعية لوضعية مزرية ، وأجيال تضيع ونحن نشاهد ولا نحرك ساكنا ، فنحن شاهد سلبي على العصر ، ومع كل يوم تزيد هذه السلبيات كلما رأينا مواطن يبيع ذمته لمرشح مقابل مئة درهم ، وأثمنة المواد الإستهلاكية تناطح السماء ونقتنيها ببرود غير منددين بتلك الزيادات الصاروخية ،التي جعلت المتسولين يملأون الشوارع ، والمؤسسات البنكية تستنزف المواطنين البسطاء . كيف يمكن للحياة أن تستمر والجيوب فارغة ، والبطون جائعة ، والأسر مشردة ، والرؤوس مطأطأة ، والمبادئ تندثر مع أول فرصة للترقية ولمنصب وظيفي ؟ ومع هذا كله بدأ الكل على قناعة راسخة ، بأن " هاد الشي لي كتب الله " ولا تسألوني عن دور الجمعيات الحقوقية ، والنقابات المستقلة ودور الصحافة ، لأن في المغرب توزع كمامات خاصة بالمواطن المغربي يرت! ديها لا تجنبا من " وباء أنفلونزا الخنازير " ولكن وقاية من الكل! ام المحظور " عنداك تخسر الهدرا " . إنه من باب التهريج والسذاجة أن نتحدث عن دولة الحق والقانون وحقوق مواطنوها مهدورة بالجملة ؛ وكأنهم يتحدثون عن شعب أخر بإحدى الكواكب الأخرى ... فهل عليك أن تحتج من تحت الماء كما قال أحدهم ؟ وهل عليك أن ترضى بسكن غير لائق وتعليم غير لائق ومعيشة وصحة ... الكل غير لائق ؟ مع كل هذه التناقضات التي أصبحت تشل حركتي أفترض أحيانا أنني صرت هرما لا يرغب في الدنيا ، والأن ما بين الشهيق والزفير صرنا نحس بغصة من الحنين للكلمات العذبة والأمان الذي افتقدناه على مر السنين ، ولولا هذه الكلمات التي نقتسم فيها الأمل بالحلم المنشود ،لصارت الحياة أضيق ، كم جميل أن نناضل ونعبر ونكتب ...ونحس أننا مازلنا أحياء ولو في ورقة ننتقل بها إلى العالم الجميل ، فنحس بلذة عارمة تشحن فينا الرغبة بمواصلة العيش بالواقع على أمل تغييره يوما ما.
كنت أشاهد ـ وأنتم كذلك ـ بالقنوات الفضائية الوطنية ، وكذا بشوارع المدن المغربية ،لوحات إشهارية بعنوان " جا وقت التغيير " فلن تتصوروا الفرحة التي كانت تغمرني آنذاك ،كنت أقول مع نفسي أن الحرية ستغني لنا أغنيتها الخالدة ، وأننا سنضحك حتى البكاء ... بكاء الفرحة بميلاد دولة الحق والقانون والمساواة ، وأننا سنرفع أصواتنا المكبوتة ونسرح حناجرنا المبحوحة ونحل ألسنتنا المعقودة ... لأن هذا اليوم عظيم حيث سنقرر فيه ـ نحن الشعب ـ مصيرنا وأنه ستتغير العقليات وأنماط التفكير وسيتمتع كل مواطن بشروط العيش الكريم ... لكن بعدما تأكدت من فحوى هذا الإشهار خاب ظني ـ طبعا ـ وذبل حلمي الجميل ، فلم تكن كلمات " جا وقت التغيير " إلا لشركة بورجوازية تقوم بإشهار منتوجها قصد التعريف به لدى المواطنين لغرض شرائه . فبديهي ومنطقي أن التغيير ـ لصالح الشعب ـ لا ولن يأتي من لدن من لا مصلحة لهم فيه ،أولئك الذين يكرسون الأوضاع و ينتعشون كلما نجحوا أكثر في تأزيم الشعب . إن الواقع الجاثم على صدورنا جعلني لم أعد أقوى على تحمل سلبياتي ولا سلبيات الآخرين ، فذا يغازل طفلة تمر مع والدتها ، وذاك يجر امرأة من ض! راعها ليرغمها على الحديث معه ، رجل هرم يغتصب طفلا في ربيعه الخامس ، إبنة تحمل من والدها ، زوجة رجل تتبادل القبل مع عشيقها، أم تروج المخدرات مع إبنها الشاب ، رجال الأمن يغازلون الفتيات أثناء نوبات العمل ، أساتذة يكتبون رسائل غرامية لتلميذاتهم ، شاب يقتل والدته ... وماخفي كان أعظم !!! أيمكن أن نعيش في مجتمع كله حلول ترقيعية لوضعية مزرية ، وأجيال تضيع ونحن نشاهد ولا نحرك ساكنا ، فنحن شاهد سلبي على العصر ، ومع كل يوم تزيد هذه السلبيات كلما رأينا مواطن يبيع ذمته لمرشح مقابل مئة درهم ، وأثمنة المواد الإستهلاكية تناطح السماء ونقتنيها ببرود غير منددين بتلك الزيادات الصاروخية ،التي جعلت المتسولين يملأون الشوارع ، والمؤسسات البنكية تستنزف المواطنين البسطاء . كيف يمكن للحياة أن تستمر والجيوب فارغة ، والبطون جائعة ، والأسر مشردة ، والرؤوس مطأطأة ، والمبادئ تندثر مع أول فرصة للترقية ولمنصب وظيفي ؟ ومع هذا كله بدأ الكل على قناعة راسخة ، بأن " هاد الشي لي كتب الله " ولا تسألوني عن دور الجمعيات الحقوقية ، والنقابات المستقلة ودور الصحافة ، لأن في المغرب توزع كمامات خاصة بالمواطن المغربي يرت! ديها لا تجنبا من " وباء أنفلونزا الخنازير " ولكن وقاية من الكل! ام المحظور " عنداك تخسر الهدرا " . إنه من باب التهريج والسذاجة أن نتحدث عن دولة الحق والقانون وحقوق مواطنوها مهدورة بالجملة ؛ وكأنهم يتحدثون عن شعب أخر بإحدى الكواكب الأخرى ... فهل عليك أن تحتج من تحت الماء كما قال أحدهم ؟ وهل عليك أن ترضى بسكن غير لائق وتعليم غير لائق ومعيشة وصحة ... الكل غير لائق ؟ مع كل هذه التناقضات التي أصبحت تشل حركتي أفترض أحيانا أنني صرت هرما لا يرغب في الدنيا ، والأن ما بين الشهيق والزفير صرنا نحس بغصة من الحنين للكلمات العذبة والأمان الذي افتقدناه على مر السنين ، ولولا هذه الكلمات التي نقتسم فيها الأمل بالحلم المنشود ،لصارت الحياة أضيق ، كم جميل أن نناضل ونعبر ونكتب ...ونحس أننا مازلنا أحياء ولو في ورقة ننتقل بها إلى العالم الجميل ، فنحس بلذة عارمة تشحن فينا الرغبة بمواصلة العيش بالواقع على أمل تغييره يوما ما.