المزيد من الأخبار






دعاة وفقهاء: ليس في الدين ما يحرم شرب الخمر 40 يوما قبل رمضان


دعاة وفقهاء: ليس في الدين ما يحرم شرب الخمر 40 يوما قبل رمضان
ناظورسيتي:

يتوقف العديد من المغاربة عن شرب الكحول أربعين يوما قبل رمضان. وذلك حسب اعتقاد أو عادة دأبوا عليها. لكن هل هذا الاعتقاد والسلوك يخص الثقافة المغربية فقط؟ وهل له أساس أو نص ديني؟ وكيف يؤثر ذلك على اقتصاد البلاد؟

بحانة "لاسيغال" (la Cigale) الشهيرة بالدار البيضاء، وتحت أزيز مروحة قديمة، يجوب صاحب المحل بنظره أنحاء المكان. في الساعة الثامنة مساء، لا ييتجاوزعدد الزبناء العشرين.. يشربون جعتهم المفضلة "سبيسيال"، ويستمعون لمقطع "بلو جين بلوز". عادة، في هذه الساعة، تمتلئ الحانة للنصف تقريبا بالصحفيين، المناضلين، والزبناء.. يناقشون كيفية إعادة تشكيل العالم!

بدا مالك المكان "الحاج"، كما يناديه زبناؤه، محبطا من حصيلة هذا اليوم، "فالناس لا يشربون خلال الأربعين يوما التي تسبق شهر رمضان، وهكذا هو الحال كل سنة"، يبوح الحاج، ويؤكد أنه سيغلق عندما ينتهي مخزونه.

وعلى درب "الحاج"، يضطر أصحاب المطاعم، الفنادق، الحانات، موزعو الكحول، "الكرابة".. لتوقيف نشاطهم في انتظار نهاية رمضان، نظرا لتأثير هذا الشهرعلى مدخولهم الاقتصادي.

هذه الأيام التي تسبق رمضان، وبالتحديد الأربعين يوما، تعتبر عند البعض مقدسة، وعند آخرين لعنة. ورغم أن هذا الاعتقاد لا ينبني على أي أساس منطقي، فإنه أصبح "عادة مقدسة" ينفرد بها المغاربة عن باقي شعوب العالم الاسلامي، وهي عادة تحيّر الباحثين والفقهاء.

أربعون يوما؟
أي سبب إذن يعتمده المغاربة للامتناع عن شرب الكحول أربعين يوما قبل هذ الشهر المقدس؟ يجيب بعضهم، ومنهم ياسين، إطار في شركة للاتصالات، أن "استقبال الشهر الكريم بالشرب، يُعدّ محرما دينيا، حسب ما جاء في القرآن، وإن كان النص لا يحضرني الآن". ويضيف مهدي، متحدث آخر يعمل كمستشار في مركز للاتصال، ومعتاد على الشرب: "أفعل مثلما يفعل الجميع، يقولون إنه محرم في الدين. ورغم أني أشك في ذلك، إلا أني أحترم الأربعين يوما".

ما الذي سأكسبه إن لم أحترم ذلك؟ هذا السؤال والتحدي الباسكالي (نسبة لنظرية باسكال)، لا يمكن طرحه أمام ردود البعض،خاصة من النوع الذي يعتقد أن: "أن أولائك الذين يشربون خلال الأربعين يوما، يموتون في السنة ذاتها (ما يدورش عليهم العام)". صاحب هذا الرأي لم يوافق، واكتفى بهز رأسه عندما وضعنا أمامه نماذج معاكسة.

في بعض المنتديات، يدافع المغاربة عن هذه العادة بـ"صرامة علمية"، ويدّعون أن "الكحول يبقى 40 يوما في الدم"؛ أي أن تشرب رشفة من الخمر أو برميلا، فإن أقل نقطة من الكحول ترافقك إلى غاية رمضان. بالنسبة لمتحدثينا، فإن "الشرب" و"الروحانية" لا يجتمعان.

ويبقى من الصعب على مدمني الكحول، التخلي عن مادة يعتبرونها "حيوية". وقد صرح لنا أحد هؤلاء بالدار البيضاء، رفض الكشف عن هويته: "نرى في هذه الفترة أشخاصا أكثر في اجتماعات مدمني الكحول، جلهم يعترفون أنه من أجل احترام الدين، يجب علينا التوقف عن الشرب".

حجج باطلة
زكرياء وهبي، الحائز على لقب "أفضل ساقي في المغرب"، ومساعد رئيس السقاة في فندق "رويال منصور"، يحترم بدوره شهر شعبان، ويقول: "لا يفسر هذا بالدين أو العلم. أقوم بذلك احتراما لشهر رمضان ولله".

وعن هذا الموضوع، يرى أحمد الخمليشي، مدير دار الحديث الحسنية، في حديثه إلى "تيل كيل"، وبضحكة مسبقة، أنه "لا يوجد هناك لا 40 ولا 15 يوما. الحلال والحرام غير محددان بعدد الأيام. هذه عادة ثقافية، كغيرها من العادات، ومحاولة إلصاق معتقدات ثقافية بالدين".

الفكرة ذاتها يتفق معها محمد عبد الوهاب رفيقي (المعروف بأبو حفص)، إذ يقول: "لا علاقة لهذا بالاسلام، لسبب بسيط، هو أنه لا توجد أي آية قرآنية أو حديث صحيح في هذا الموضوع". ويضيف رفيقي، أن "هذا الاختراع الثقافي، يمكن تفسيره بحديث هو نفسه ضعيف، والذي لا يتكلم على الصيام أساسا؛ ما مضمونه أن شارب الخمر لا يقبل الله له عمل أربعين يوما". استنادا على هذا النص، حسب المتحدث، "اعتبر البعض أن الأمر متعلق بالصيام أيضا، ولا يجب الشرب في تلك المدة، لكن الحديث ضعيف بإجماع الفقهاء".

الاعتقاد إذن بخصوصية هذه الأيام، اعتقاد خاطئ ترسخ في الثقافة المغربية. ويتذكر الخمليشي (82 سنة) سنوات الستينات والسبعينات، حيث "كان الناس يتوقفون عن الشرب مع اقتراب رمضان، من أجل التفرغ للصلاة، ولم تكن فكرة 40 يوما موجودة".

لكن ماذا يقول العلم عن الكحول الذي يظل في الدم طيلة 40 يوما؟

حسب دراسة أنجزت سنة 2004 من طرف المعهد السويسري للوقاية من الكحول وباقي أنواع الإدمان، فإن الجسم يتخلص من 0.10 إلى 0,15 غرام من الكحول في الدم كل ساعة. الأمر نفسه يؤكده لنا أحد الأطباء المختصين، ويقول إن "الكحول يختفي من الجسم بعد 10 ساعات من شربه، ويختفي أثره كليا من الجسم بعد 24 ساعة كأقصى تقدير". لا أساس ديني أو علمي، يبرر هذه العادة التي تؤثر بشكل مهم على بعض القطاعات الاقتصادية.

حيل اقتصادية بديلة
حسب أحد المدراء بـ"براسري المغرب"، المصنع الأول للكحول في المغرب، فإن "رقم المعاملات ينخفض من 35 إلى 40 في المائة، مع دخول 40 يوما"، وبالتالي لا يجد المصنع إلا أن يتماشى مع أحوال المستهلك بتوقيف إنتاجه. "أزمة الأربعين"، لا تؤثر على "براسري المغرب" فحسب، بل تطال الفنادق كذلك. حيث تتراجع حركية ونشاط المطاعم مع دخول الأربعين يوما قبل شهر رمضان.

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، حسب رشدي البواب، رئيس سلسلة غولدن توليب المغرب، "إذ يمتنع حتى الأجانب عن الشرب، احتراما للموظفين وللثقافة المغربية". ومن أجل الحد من مضاعفات ذلك، يتجه الفندقي إلى "الحلال"، عبر عدة ابتكارات وطرق، كتنظيم موائد الفطور خلال شهر رمضان. الشيء الذي لم يكن ممكنا في العشرين سنة الماضية.

على نفس المنوال، تتحايل بعض الحانات بـ"الساعة السعيدة" (Happy Hour)، أي ما يعرف بتقديم جعتين بسعر الواحدة. هذه الحيلة، حسب ما أسرّ لنا أحد ممارسيها، "تمكنهم على الأقل من التخلص من المخزون، وتجنبهم الخسائر" قبل دخول رمضان.

نقلا عن مجلة تيل كيل الالكترونية




1.أرسلت من قبل أبو خالد في 03/04/2018 13:09
"لا يوجد هناك لا 40 ولا 15 يوما. الحلال والحرام غير محددان بعدد الأيام. هذه عادة ثقافية، كغيرها من العادات، ومحاولةنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْ إلصاق معتقدات ثقافية بالدين".
"لا علاقة لهذا بالاسلام، لسبب بسيط، هو أنه لا توجد أي آية قرآنية أو حديث صحيح في هذا الموضوع".
"هذا الاختراع الثقافي، تفسيره أنـه أعتقـاد خـاطئ ، أن شارب الخمر لا يقبل الله له عمل .
" وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِين"
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"

2.أرسلت من قبل 4maroc.co في 03/04/2018 14:21
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالسائل يشير إلى حديث ابن عمر عند الترمذي وأحمد: من شرب الخمر لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحاً. وهذا الحديث إنما هو في حق غير التائبين، وأما التائب فإن إثمه ممحو بإذن الله تعالى.

وقد جاء في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين صباحاً، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحاً، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد في الرابعة لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحاً، فإن تاب لم يتب الله عليه، وسقاه من نهر الخبال، أي صديد أهل النار. رواه الترمذي ومثله عند أبي داود والنسائي.

فإذا تاب شارب الخمر فإن صلاته وأعماله الصالحة تقبل، ثم هذا الحديث ليس إذناً لشارب الخمر في ترك الصلاة أربعين يوماً كما قد يظهر من فهم السائل، فإن ترك الصلاة الواحدة شر من الزنا والسرقة وشرب الخمر وقتل النفس إجماعاً فكيف بصلاة أربعين يوماً، بل من ترك الصلاة لكونه شرب الخمر فقد جمع حشفاً وسوء كيل، وزاد الطين بلة والأمر علة، فبدلاً من أن يتوب ويرجع إلى ربه عالج المشكلة بمزيد من التهاون والتخاذل، فكان كمن فر من الرمضاء إلى النار، وإنما معنى الحديث أن شارب الخمر المصر على ذنبه لا يثاب على صلاته أربعين يوماً وإن كان مأموراً بها وهي مسقطة للفرض تبرأ بها الذمة، .

وعلى هذا فشارب الخمر تاب أو لم يتب فالصلاة واجبة عليه لا تسقط عنه، لكنه يحرم ثواب صلاة أربعين يوماً مع عدم التوبة، فإن تاب فأجره تام وثوابه موفر.

والله أعلم.

3.أرسلت من قبل محند اشمرار في 03/04/2018 15:08 من المحمول
الكحول يوجد في جميع الفواكة الطازجة بنسب مختلفة. القاعدة الفقهية: ما سكر كثيره فقليله فكثيره حرام قاعدة باطلة لان الرسول نفسه لم يحترمها لانه مثلا كان يحب الخل والخل فيه بقايا من الكحول.

فقهاءنا دمرو اقتصادنا بنضرتهم الضيقة وفهمهم المحدود

4.أرسلت من قبل محمد عيسوي في 03/04/2018 16:43
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....بسم الله الرحمان الرحيم ...
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
(18)
وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
(19)
لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ
(20)
لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ
(21)
هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ
(22)
هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ
(23)
هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
(24) ...أيّها المؤمنون: ومن علامات الساعة الصغرى انتشار شرب واستحلال الخمور، حتى إنّها لتسمّى بغير اسمها، ففي الحديث الصحيح الذي رواه الإمام - أحمد رحمه الله - عن عباده بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لتستحلَّنّ طائفة من أمّتي الخمر باسم يسمونها إيّاه"[2]، وفي صحيح البخاري من حديث أنس رضي الله عنه قال: سمعت من رسول صلى الله عليه وسلم حديثاً لا يحدثكم به غيري قال: "من أشراط الساعة أن يظهر الجهل، ويقل العلم، ويظهر الزنا، وتُشرب الخمر، ويقل الرجال، ويكثر النّساء حتى يكون لخمسين امرأة قيمهن رجل واحد"[3].

ومن حكمة الله العليم الحكيم أن الساعة لا تقوم إلا على شرار الناس ديناً وخلقاً حتّى يصبحوا كالحُمُر ينزوا بعضهم على بعض، ولعل انتشار الخمور وفشوها في بعض المجتمعات حتى تصبح كأي مأكول ومشروب هو إيذان بانحلاله وفساده، ومن ثمّ فإنَّ ذلك إشارة إلى دُنو الساعة.

ولقد انتشرت الخمور في البلدان الإسلامية، وأكثر البلدان العربية حتى أصبحت كأي سلعة تباع وتشترى على مرأى من النّاس، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فقلّ أن تدخل فندقاً، أو مطعماً، أو محلاً تجارياً إلا وجدت الخمر معروضاً وبأسعار مغرية، وإنّ الشرع لم يقصد الخمر بعينها بل قصدها وما شاركها في العلّة حيث إنّ الخمر يُذهب العقل فيجعل العاقل سفيهاً والمستقيم مجرماً.

فبه تفعل كل جريمة، وترتكب كل معصية؛ ولذا سميت بأمّ الخبائث، وإن ظهور المخدرات من علامات الساعة ولاشكّ، بل لهي أشد وأخطر وأعظم أثراً من الخمر، ولقد تنوعت المخدرات وتشكّلت، وانتشرت باختلاف أسمائها وألوانها من حشيشةٍ، وهروين، وكوكائين، وغير ذلك.

أيها المسلم: لابد أن تعرف العلة من تحريم الخمر، وهو أنها تُذهب العقل؛ لذا قال رسولُنا صلى الله عليه وسلم: "كل مسكر حرام"[4]، فكل ما شمّهُ الإنسان، أو استنشقه، أو بلعه، أو شربه فأذهب عقله وكان مما يذهب العقل استوى كثيره وقليله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "ما أسكر كثيره فقليله حرام"[5].

أيّها المؤمنون: لقد انتشرت المخدرات انتشاراً لم يسبق له مثيل ولاشك أن هذا نذير شر بهلاك المجتمع ودماره، وفي مجتمعنا العربي الإسلامي نصيب عظيم من هذه المخدرات.???

5.أرسلت من قبل محمد عيسوي في 03/04/2018 20:26
عرف عن أهل الجاهلية شربهم للخمر فكانوا يحرصون عليها، ويبذلون الجهود لتحصيلها والاستمتاع بها، والإسراف في شربها، حتى أُشربت قلوبهم محبّتها، فالخمر كانت بالنسبة لهم الملاذ الآمن من متاعب الحياة ومشاقّها، والعيش في عالم السعادة الزائفة، حيث لا حدود للأماني ولا سقف للخيال، وبلغ ولعُ العرب بها حدّاً كبيراً، ويمكن إدراك ذلك بالعودة إلى أشعار العرب قبل الجاهليّة، لنجد أحدهم يقول:

              إذا مت فادفني إلى جنب كرمة    تروي عظامي بعد موتي عروقها 
              ولا تدفنـّــــــــني بالفـلاة فإنني    أخـــاف إذا ما مت أن لا أذوقـها

وبقي في أهل الجاهليّة ثُلّةٌ قليلة لم تغرّها (منافع الخمر) ولم يحجب سترها الرقيق البالي مساوئ تعاطيها، وأدركت هذه الثُلّة تأثيرها على قوّة العقل والتفكير، واتزان الشعور والإدراك، فها هو عاصم المنقري -وقد كان من سادات العرب- يُعلن بغضه لأمّ الخبائث قائلاً:   

                      رأيت الخمر منقصة وفيها       مقابح تفضح الرجل الكريما 
                     فلا والله أشربـهــا حيــاتي        ولا أشفــي بها أبدا سقيـــما

ثم جاء الإسلام، فتدرّج في تحريم الخمر على عدّة مراحل معلومة ليس هذا مجالُ ذكرها، وحسبنا أن نعلم أن آخر تلك المراحل كانت التحريم القطعيّ الذي لا يزايله شكّ: { يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون* إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون} (المائدة:90-91)، ومنذ ذلك اليوم انتهى الجميع عن معاقرتها كظاهرةٍ عامّة، وبقي من يُمارسها كحالاتٍ فرديّة خفيّة ويسيرة محدودة، تبقى في نظر الناس عملاً مستهجناً، وفعلاً دنيئاً.

ولكن الإنسان ظلومٌ جهول بطبعه، يتمادى في الغيّ ولا يرعوي عن الباطل، فلم يكتفِ في آخر الزمان بتقحّم الحرام والتوغّل فيه، حتى أصبح الحديث عن الخمر كأمرٍ معروفٍ ومعلوم يُجاهر فيه بالشرب علناً أمام الخلائق، ويبلغ الانحراف مداه بالتحايل على الشرع من خلال تسمية هذا المشروب بغير اسمه فضلاً عن ادّعاء حلّه، ليكون هذا الانحراف السلوكيّ والخلل التشريعي مظهراً جديداً تتجلّى فيه أشراط الساعة التي تحقّقت في أزماننا.

فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن من أشراط الساعة: أن يرفع العلم ويثبت الجهل، ويُشرب الخمر، ويظهر الزنا) رواه البخاري ومسلم، والمقصود بشرب الخمر كما ذكر الشرّاح: كثرة ذلك واشتهاره، بدليل ما جاء في الرواية الأخرى للحديث، وفيه: (ويكثر شرب الخمر) وقد رواها البخاري كذلك.

وعن التحايل في الشرع وتسمية الخمر بغير اسمها، واستحلالها وإنكار تحريمها، ورد حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ليستحلنّ طائفة من أمتي الخمر، باسم يسمّونها إياه ) رواه أحمد وابن ماجة.

وأقوى منه الحديث الذي رواه البخاري، وفيه وعيدٌ شديد في حقّ أصحاب هذه المعصية، فقد روى عبد الرحمن بن غنم الأشعري فقال: حدثني أبو عامر أو أبو مالك الأشعري -والله ما كذبني-: سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (ليكوننّ من أمتي أقوام، يستحلّون الحِرَ والحرير، والخمر والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب عَلَم، يروح عليهم بسارحةٍ لهم، يأتيهم -يعني الفقير- لحاجةٍ فيقولون: ارجع إلينا غداً. فيبيّتهم الله، ويضع العَلَم، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة) رواه البخاري.

والاستحلال هنا:اعتقاد حلّ شربها، والحِرَ: الزنا، والعَلَم هو الجبل، وقوله –صلى الله عليه وسلم-: (يروح عليهم بسارحةٍ لهم) يعني يذهب إليهم الراعي بغنمهن، والتبييت: الإهلاك بالليل، ومنه قوله سبحانه وتعالى: {أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون}(الأعراف: 97)،والمقصود بلفظة: (ويضع العَلَم) دكّ الجبل حتى يقع على رؤوسهم.

والمعنى كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية: أن هؤلاء المستحلين ينزل منهم أقوام إلى جنب جبل، فيواعدهم رجلٌ إلى الغد، فيهلكهم الله سبحانه وتعالى ليلاً، ويمسخ منهم آخرين قردة وخنازير، والأصل في المسخ الحقيقة لا المجاز، وإن كان معنى المجاز محتملاً، وعليه فالظاهر أن يحدث هذا المسخ على وجه الحقيقة.

والواقع يشهد بأن جزءاً كبيراً من هذه النبوءة قد تحقّق في زماننا، وإن كان السؤال الذي يرد هنا: كيف آلت الأمور إلى ذلك؟

نعلم من خلال دراسة التاريخ المعاصر أن الأمر قد بدأ بالاستعمار والاحتلال الأجنبي للشعوب المسلمة، في الفترة التي شهدت تقدّماً علميّاً وثورة صناعيّة في بلاد الغرب ، يُقابله تخلّف علميّ وانحطاط عقديّ خُلُقي في الدول التي تمّ استعمارها، ونتيجةً لذلك: نشأت أجيالٌ من المنبهرين بحضارة الغرب ممن قاموا بالربط غير الموفّق بين ضرورة التقدّم العلمي، وبين استجلاب جميع مظاهر الحضارة الغربيّة وعدم إخضاعها للفحص والتدقيق، فجعلوا طريق التقدّم الوحيد هو لبوس ثوب الغرب الذي لا تناسب مع قيمنا وشرعنا وإرثنا التاريخي والحضاري، مهما كان ضيق هذا الثوب وبغض النظر عما يحتويه من الدنس والنجس والرّجس.

ومما أسهم في شيوع هذه الظاهرة وذيوعها: الغزو الثقافي والضغط الإعلامي وآثاره التراكميّة، من خلال عرض أدبيّات (أهل الحضارة المزعومة) ومسلسلاتهم، ولا يكاد إنتاج إعلامي غربي يخلو من شرب الخمر أو ذكرها أو مدحها وإظهار أساليب صنعها، وعقد المسابقات لها، حتى استمرأ الناس النظرَ إليها وما عادوا يستقبحونها كالسابق، وبالطبع فقد تسلّل هذا الفساد الإعلامي إلى أوساطنا المجتمعيّة المسلمة، وبات أثرها التراكمي يذيب صخرة القناعات السابقة، خصوصاً عند من يُسمّون بالنُّخب الثافيّة ودعاة التغريب، ويكفي للتدليل على ذلك: الصور المعتادة في الكثير مما يُسمّى بالأفلام والمسلسلات التي تُعرض على القنوات، منها على سبيل المثال: صورة (الاستقراطي) الذي يُدخّن الغليون وبيده الأخرى كأس من المشروب المحرّم، وصورة اجتماع (التقدّمييّن) –بزعمهم، والتقدّم منهم براء- وكؤوس الخمر تُدار بينهم، وكذلك المشهد المتكرّر المألوف الذي يفجأنا في الدراما الرديئة: حين يُصاب (البطل) بمصيبةٍ في حياته، فيهرع إلى كؤوس الخمر فيعاقرها، لعلّه أن ينسى الهمّ الذي هو فيه!

وتزداد الصورةُ قتامةً حينما نرى الانتشار الواسع للخمور في الأوساط السياحيّة بحيث تًصبح في متناول أيديهم لاعتباراتٍ اقتصاديّة وسياحيّةٍ بحتة،فضلاً عن تسمية الخمور بغير اسمها، وتوصيفها بغير حقيقتها، وقد اقترعوا لها الكثير من الأسماء الجذّابة وليس (الخمر) منها، ووصوفها بأنها (مشروب روحي) ولا يخفي على لبيبٍ دلالات هذا الوصف ومقاصده.

نعم، لم تصل الأمور إلى حد (الانتشار الربوي) الذي تكلّمنا عنه في موضوعٍ سابق، لكن العجلة تتسارع، وإن نسبة 0.01% من شاربي الخمر في مجتمعٍ ما، هو حديثٌ عن آلافٍ تمارس هذا الفعل المحرّم، وهو رقمٌ مخيف بلا شك، ويستدعي من كافّة الشرفاء والمصلحين وقفةً حازمةً تحصّن مجتمعاتنا من الإفلاس القيمي الذي نجح بكل أسفٍ في التسلّل إليها.

ويكمن العلاج من خلال مسلكين:

المسلك الأوّل: بيان أن تسمية الأمور بغير اسمها لن يغيّر من الحقائق شيئاً، وسياج الشريعة محكم واضحٌ لا يمكن التلاعب به، فمتى وُجدت العلّة –وهي الإسكار كما يقول أهل الأصوليّون- ثبت الحكم حتى ولو أسمينا الخمر على سبيل التجوّز ماءً! أخذاً بحديث النبي –صلى الله عليه وسلم- الواضح الصريح: (كل شراب أسكر فهو حرام ) رواه البخاري، وحديث: (كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام) رواه مسلم.

وإلى الذين يدعون جواز شرب الخمر وتحليلها يُقال لهم: إن من استحلّ ما حرّم الله فقد خرج عن دائرة الإسلام ولا شكّ، يقول الشيخ سليمان التميمي: " (وأما استحلال) المحرمات المجمع على حرمتها أو بالعكس، فهو كفرٌ اعتقادي؛ لأنه لا يجحد تحليل ما أحل الله ورسوله، أو تحريم ما حرم الله ورسوله، إلا معاند للإسلام ممتنع من التزام الأحكام، غير قابل للكتاب والسنة وإجماع الأمة".

ويقول القاضي عياض: "وكذا أجمع المسلمون على تكفير كل من استحل القتل أو شرب الخمر، أو شيئا مما حرم الله بعد علم هذا بتحريمه".

وأما المسلك الثاني: فيتمثّل في الجهود التوعويّة التي تُذكّر بمقاصد الإسلام في الحفاظ على الضروريات الخمس ومنها العقل.
فالخمر يغيّب العقل ويمنعه من التفكير السوي، ولهذا المقصد العظيم في الحفاظ على الملكات والعقول، جاء النهي الصريح عن مقارفته، والأمر الصريح بمجانبته، على نحوٍ لا يمكن تأويله أو تحريفه، ولذلك يقول الإمام القرطبي: "قول الله سبحانه وتعالى: {فاجتنبوه}يقتضي الاجتناب المطلق الذي لا يُنتفع معه بشيء بوجه من الوجوه، لا بشربٍ، ولا ببيعٍ، ولا تخليل، ولا مداواة، ولا غير ذلك"، وأخرج ابن ماجة من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تشربوا الخمر؛ فإنها مفتاح كل شر).

ثم يأتي التذكير بما ورد من الترهيب والوعيد الشديد بحق المتعاملين مع الخمر، كمثل حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: (من شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها لم يتب، لم يشربها في الآخرة) رواه مسلم، وحديث جابر رضي الله عنه، وفيه: (وإن على الله لعهدا لمن شرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال: عرق أهل النار) رواه مسلم، وكذلك حديث أبي الرداء رضي الله عنه مرفوعاً:(لا يدخل الجنة مدمن خمر) رواه ابن ماجة.

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من شرب الخمر لم تقبل له صلاةٌ أربعين صباحاً، فإن تاب: تاب الله عليه، فإن عاد لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحاً، فإن تاب: تاب الله عليه، فإن عاد لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحاً، فإن تاب: تاب الله عليه، فإن عاد الرابعة لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحاً، فإن تاب لم يتب الله عليه، وسقاه من نهر الخبال) قيل: يا أبا عبد الرحمن: وما نهر الخبال؟ قال: نهر من صديد أهل النار. رواه الترمذي.

فإن لم يلقَ هذا النصح والتذكير عند أهل الهوى صدى نتيجةً لضعف وازعهم الديني والأخلاقي، وعدم اكتراثهم بالحقائق الشرعيّة، فلا أقل من تذكيرهم بالآثار الاقتصاديّة والاجتماعيّة المدمّرة لشرب الخمور، وأثره في التفكّك الأسري وما ينتج عنه من ضياع الأولاد وزيادة حالات الطلاق، فضلاً عن الأضرار الصحيّة التي أثبتت الدراسات الحديثة وجودها عند مدمني هذه المشروبات المحرّمة، وما يذكره الأطباء من سلسلةٍ طويلة من الأمراض المزمنة والسرطانات الفتّاكة، ألا يُقال بعد ذلك كلّه: الخمر أم الخبائث؟!

6.أرسلت من قبل مسلم في 07/04/2018 06:41 من المحمول
شارب الخمر لا يستطييع ترك خمر لمدة شهر

اذا كان له القدرة لترك هذه العادة القذرة

تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح