NadorCity.Com
 


ردا على فضيلة الدكتور أحمد الريسوني


ردا على فضيلة الدكتور أحمد الريسوني

الحسين بحماني

إن من قرأ المقال المنشور للدكتور الريسوني، رئيس "حركة التوحيد والإصلاح" الإسلامية السابق، بجريدة "المساء" المغربية عدد 912 ليوم الأربعاء 26 غشت، والذي عنونه ب"ظهور دعاة ترسيم العامية وإحلالها محل اللغة العربية وجه من وجوه الاحتيال لتشكيل هوية جديدة للمغرب" ، ستساوره مجموعة من التساؤلات حول ما إذا كانت العامية هي المستهدفة من سلسلة "الحجج" التي ربما يعتبرها الشيخ ذات قوة داحضة وتملك من المنطق ما يجعلها تبدو على هيأة من الانسجام لدى القارئ، وهي تلك التي استقاها لبيان تهافت "دعاة ترسيم العامية". والواقع في نظري أن المستهدف هو اللغة الأمازيغية بكل ما يتصل بها من الحضارة وخط الكتابة إلى حد البث بشكل ضمني في ترسيمها (من قبل الشيخ).
"من يتابع المسألة اللغوية والسياسة اللغوية بالمغرب الحديث، والجدالات المتواصلة حولها، منذ استقلال المغرب وإلى الآن، يحس أنه أمام بلد ما زال يبحث عن هوية، وأنه يعيش مخاض ولادة وتَشَكّل..."
هكذا يبدأ الشيخ مقاله محاولا بث الشك في نفس القارئ وخلط الأشياء في فهمه محاولا الربط المقصود بين التعدد اللغوي والهوية. هنا السؤال مشروع، إذا كنا نريد الحديث عن هوية الشعب، إن كان الشعب المغربي (والشمال إفريقي عموما) هو شيء آخر غير ذلك الشعب الأمازيغي الساكن لهذه الأرض منذ أقدم العصور، والذي لم يقع تعريبه (بحيث يصبح عربيا) إلا في خيالاتهم وكذا في الكتابات المؤدلِجة للتاريخ وللإنسان. هذا ولا أحد سينكر التعدد الثقافي الحاصل وسط هذا الشعب من ثقافة أمازيغية وعربية وإفريقية وإسلامية ويهودية وغيرها، وهنا يجب التأكيد كذلك أن العربفونية مهما بلغت على الأرض ومهما بلغ احتضانها من طرف ءيمازيغن فهي لن تتمكن من محو هوية الإنسان والأرض الأمازيغيين، فهي لا تعدو أن تكون رمزا من رموز التعدد على الأرض كما أسلفنا.

فضيلة الدكتور يجعل هوية المغرب "هوية" عربية، وكل شيء لا يصب في صميم هذه الهوية المفترضة إنما هو وجه "من وجوه التخبط والاحتيال والالتفاف ومحاولات تشكيل جديد لهوية المغرب". وهو إذ "يبين" شرعية هذا الحسم لصالح العروبة "هوية ً" للمغرب، يضيف "وكل هذا يستمر ويتكرر منذ نصف قرن ويزيد، وهو زمن أكثر من كثير لحسم هذه القضية، فكيف وهي محسومة شعبيا وتاريخيا ودستوريا؟؟!! ".
من هنا نرد على فضيلة الدكتور ونقول بناء على ما أورد:

- شعبيا:
"الشعب صاحب السيادة" لم يكن يوما يقرر مصيره في المغرب الحديث، حيث كان مغيبا في جميع السياسات العامة للدولة كهدف في حد ذاته بحيث يكون "مصدرا لكل السلطات"، وهذا لانعدام شرط الديمقراطية لدى الدولة. ولو أرادت الدولة، افتراضا، أن تشرك الشعب في قضية مثل هذه يجب أن تكون قد حققت أولا الحد الأدنى من حقوق الإنسان ومنه شرط التعليم لكل أفراد الشعب، وأن يكون الجهل هو النادر وليس العكس. ثم إن ال"بلد [الذي] يحترم نفسه ويؤمن بذاته" يرسم اللغات التي يتكلمها الشعب دون الدخول في "حسابات إيديولوجية" إسلاموية أو عروبية أو غيرها.

- تاريخيا:
لا داعي لأن نذهب بعيدا، فالكل أصبح الآن مطلعا على التاريخ، بالرغم من الطمس الذي لحقه، أو على الأقل يسمع ماذا يقول العالمون بالأشياء. والذي ينبغي أن نشير إليه هو أن مؤدلجي التاريخ (من التيارات الإسلامية والقومية) لا يعتبر عندهم تاريخا إلا ما بعد "الفتح". وهو أمر يدعو إلى الضحك بالفعل، فكأن الشعوب لا تاريخ لها إلا ما أسسه العرب لها باسم الإسلام.
ولا أحتاج أن أذكر الشيخ أن المنهج العلمي في التعاطي مع الأشياء أصبح مهما الآن، فلم يعد الناس يصدقون الخرافات التي يُروﱠج لها ولو أتت من أفواه المرشدين.

- دستوريا:
منذ متى يعبر" دستورنا" عن سيادة الأمة؟ أليس الشعب يتكلم أغلبيته لغة ً ليست هي لغة الدستور أو إحدى لغاته على الأقل. هنا أيضا المسألة واضحة، فالكل مجمع على لا ديموقراطية الدستور.


فليطمئن الشيخ، فنحن لا نريد "قرارات سياسية تتخذها الجهات الممثلة للأمة، أو الجهات ذات القرار والتنفيذ" والتي تكون في أغلب الأحيان فجة ولا مفكرا فيها بشكل تكون معها سياسة ً في صميم الديمقراطية (أي في صالح الشعب). بل ما نريد هو أن تستجيب الدولة إن كانت تحترم نفسها للنقاشات العمومية، وتجعل وسائل الإعلام في خدمة المثقفين وليس في سبيل بقائها في السلطة بدون شرعية. هكذا ستتخذ الأمور مجراها في خدمة الديموقراطية.
وكل هذا لا يعني بتاتا مصادرة حقوق الشعب بدعوى أنها تحتاج لمزيد من النقاش. فاللغة معطى يرسم ابتداءً من الدستور الأول للدولة المستقلة، لو أننا فعلا في دولة ديمقراطية تحترم المواطنين كمواطنين.

و" لو أردنا دراسة الموضوع دراسة علمية استراتيجية شاملة، يتولاها علماء خبراء مختصون أكفاء" لما تجاوزوا الواقع وقفزوا على معطياته من أجل الاستناد إلى إيديولوجيا الحركات السياسية. وهذا افتراضا منا أن هؤلاء "الخبراء المختصين" يجهلون تاريخ البلد والشعب وحضارته الأصيلة.
وإذا أردنا الحديث عن الاستفتاء فلنعلم أن الشعب المسلوب الإرادة والهوية، والمفلكرة ثقافته وحضارته لصالح ثقافة الشرق الذي أصبحنا نسخة مشوهة عنه، فلن يصوت إلا لصالح لغة اضطهاده وسلب ثقافته. وتلزمنا عقود من الزمن لكي يسترجع المغربي أصالته ويحترم ذاته ويقطع مع كل أشكال ربطه بقضايا الآخرين على حساب القضايا الوطنية المصيرية. آنذاك يمكن أن نؤمن بمصداقية الاستفتاء على الدستور.
ولا يمكن أن نقول لو حدث أن خالفنا الدستور أننا نخونه أو أننا نخون الاستفتاءات الشعبية. فالاستفتاءات الشعبية لا مصداقية لها والدستور لا شرعية له، أليس هو نفسه الدستور الذي خان ويخون سيادة الشعب المحرمة لغته عنه.

أما بالنسبة للمكانة اللائقة التي تدعون لأن تُولاﱠها الأمازيغية فنحن نشك في ذلك. وأما بالنسبة للخصومة التي تتحدثون عنها بين الأمازيغية والعربية فهي غير موجودة إطلاقا وإنما أنتم من تفتعلونها لتهييج عواطف الناس بربط العربية بالمعتقد الديني مع الاختلاف الواضح بينهما. فقط يكفي أن نشير إلى أن الحركة الأمازيغية تستعدي التعريب الهوياتي الماسخ للإنسان فقط،، فكونها في صلب الحركة الديمقراطية في المغرب لا يمكنها أبدا من أن تتنكر لبعد من أبعاد التعدد اللغوي والثقافي ببلادنا في إطار الهوية الأمازيغية.
أما اعتباركم للأمازيغية "شقيقة" للعربية فواضح المقصود منها، بدليل الدعوة إلى التخلي عن الحرف الأمازيغي تفيناغ لصالح الحرف العربي، لكي يصبح كل شيء في الأخير لصالح التعريب (أو المسخ) الهوياتي، بل إلى حد تعريب لغة مستقلة بذاتها.
ولفضح هذا الزعم الذي يقول بكون اختيارالكتابة بالحرف الأمازيغي تفيناغ "خطأ جسيما" يجب أن نورد الإيضاحات التالية:

أولا: ليست "الحسابات النخبوية الإديولوجية" هي التي تتحكم في الحرف الذي تكتب به الأمازيغية، وإنما تاريخ اللغة التي كتب بها الحرف في الصخور والشجر والزرابي في ارتباط الإنسان الأمازيغي به. إذ يشكل الحرف جزءا من الذات الحضارية للشعب الأمازيغي في كل تمازغا قديما و حديثا. وإن كان الأمازيغ كتبوا بالحرف العربي فإنهم أيضا كتبوا بالحرف اللاتيني، ولكنهم لم يتخلوا يوما عن الحرف الأصلي للكتابة الأمازيغية لصالح أي حرف كان.
ثم، يا دكتور، ليست العربية هي الحارس الأمين ل"الوحدة الوطنية"، فالوحدة الوطنية ليس المسخ الهوياتي ما سيعززها بل بالعكس سيقوضها. إن ما يعزز الوحدة الوطنية هي الديموقراطية الحقة والإعتراف الدستوري بالتعدد اللغوي للشعب. وكذلك ف"الأصالة التاريخية" تكمن في العودة إلى الحرف الأصيل تفيناغ للاندماج في الحضارة الأمازيغية وليس باستبداله بحرف لا علاقة للغة به.

ثانيا: القول ب " أن كتابة اللغة الأمازيغية بالحروف العربية هو أقرب طريق نحو تقويتها وتعميمها على كافة المغاربة بسهولة وتلقائية" إنما هو من أجل تغليط القارئ، لكون:

- أكثر من نصف المغاربة "أميون" بالتعريف الرسمي للأمية، أي لا يعرفون القراءة ولا الكتابة بالحرف العربي نفسه.
- الحرف العربي حرف معقد، والملاحظ البسيط سيلاحظ هذا، لأنه بالإضافة إلى السواكن ففيه أيضا حركات (الفتحة، الضمة ...) بالإضافة إلى الهمزة بكل أنواعها.
- تفيناغ عكس الحرف العربي، فحسب خبراء معيرة الخطوط: من الأيام الأولى من تعلمه سيتعلم التلميذ قراءته وكذا كتابته بدون أي مجهود أو أي عقد.
ثالثا: إذا كان "الوجود الحقيقي للغة هو اللسان"، وأنا متفق معك، فقل للعرب في جزيرتهم العربية ولمجمعات اللغة العربية أن يستبدلوا حرفهم بحرف يسهل معه تعميمها على العالم، فالحرف لن يغير شيئا في اللسان العربي. ماذا سيقول العرب؟ : إن الحرف العربي جزء من الامتداد الحضاري والهوياتي للإنسان العربي. فكذلك الأمر بالنسبة للأمازيغي.
ثم إن الشعوب غير العربية التي تكتب لغاتها بالحرف العربي (وذلك شأنها)، فلأنها لم تستطع أن تبدع خطا مع الوجود الشفوي للسان. ولكن الشعب الأمازيغي أبدع تفيناغ: وهنا مكمن التميز.

أود أن أختم بسؤال أخير لفضيلة الدكتور: منذ متى تهمكم مصلحة اللغة الأمازيغية؟




1.أرسلت من قبل ناظوري في 05/09/2009 23:00
برافو الحسين بحماني! رد ومقال في المستوى

2.أرسلت من قبل السيدة الحرة في 06/09/2009 01:45
السيد الحسين بحماني 10/10 .لقد تعبت عيناي من قراءة مثل هدة الكتابات الماسخةالتي تفرق اكثر مما تجمع’ انها اديولوجية اقصائية مريضة يعود تاريخها االى الغزو الاعرابي لشمال افريقيا باسم الدين .لقد بدات الحقيقة تنكشف للجميع لهدا تراهم يستغلون اللغة العربية مرة اخرى كمقدس خوفا من هده الحقيقة المرة .انـه استرزاق باسم الاختلاف.
سؤالي اطرحه على الجميع بدون استثناء’ هل الله يتحدث اللغة العربية؟ وادا كان يتحدثها لمادا خلقنا على اساس اننا مختلفين ؟
احب اللغة العربية الفصحى وكدلك احب امازغيتي وفرنسيتي واسبانيتي وانجليزيتي وروسيتي وفارسيتي ...احب كل لغات العالم لانني انسان اقبل الآخر في اختلافه دون استرزاق.
المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف .لان الاول سيد نفسه وفكره بينما الثاني عبد لسيده وفكر سيده.
ارجو النشر شكرا ناضورسيتي.

3.أرسلت من قبل amziew في 06/09/2009 04:53
بسم الله الرحمن الرحيم
ياأخي ، أحمد الريسوني ومحمد عابد الجابري وغيرهم كثيرون هم أذناب وامتداد للفكر الوهابي القومجي المتصهين، إنهم يستعملون كأدوات تصرف عليها الملايين من البترودولار لنشر القومجية العروبية وللعمل على طمس الهوية الأمازيغية في شمال إفريقيا مستغلين بذلك ديننا الحنيف والبريء منهم ومن أعمال الزندقة اللتي يمارسونها.
إن (مفكريننا) و(منظريننا) الأشاوس يحاولون استبلاد المغاربة بخزعبلات أتت أكلها في القرون البائدة ولايجسد مروجوها الآنيين سوى البلادة نفسها .
يفرضون علينا وصايتهم وما هم سوى بعبيد لأسيادهم (أجلاف الصحراء)
والله أعلم

4.أرسلت من قبل ميس نتمورث في 06/09/2009 18:43
أمثال هذه الشسوخ مثلهم مثل التماسيح لا تستطيع ان تعيش خارج مياه البرك التي تعودت عليها.. الريسوني ومن هو على شاكلته يسترزقون بالدين واللغة العربية. خمنوا فقط لو كتب لهذا البلد الذي يسمى المغرب يوما ما أن يعترف حكامه بتاريخه كما بواقعه ويتم بذلك تبويب اللغة الأمازيغية في واقعه الرسمي كيف سيكون حال امثال هؤلاء؟ أبهم سيصيهون لأنهم مغيبون ثقافيا في الوسط الحقيقي لهذا اليلد.. أنهم لا يجدون ضالتهم إلا في الإلتصاق بالحديث عن الدفاع عن الإسلام واللغة العربية كأن مئات الملايين من المسلمين الأتراك والفرس والبشتون والملايو هم مريخيون وليسوا بمسلمين أو انهم أقل إيمانا لانهم لا يتحدثون العربية!! العربية بالنسبة لهؤلاء هو مصدر عيش ومصدر سلطة روحية على المهبولين والذين يربطون الإسلام بالعربية .. مع العلم بان اللغة العربية كناطق رسمي للإسلام هي لغة مرحب بها لكن التعريب الذي لا يعني غير محو الهوية الحقيقية للشعب واستبدالها بهوية مستودة لاتمثل غير قيم العنف والتخلف الأجتماعي المنتشر بالمشرق هو ارتباط عضوي بقيم دخيلة وبصالح لا تتعارض بالضرورة مع مصلحة الشعب المغربي الأمازيغي في غالبيته الساحقة.


5.أرسلت من قبل السيدة الحرة في 06/09/2009 20:41
ميس نتمورث اتساءل... ولا انتظر منك الرد لانني استنبطه من خلال ردودي الدي امتنع موقع ....... من نشرها خاصة ردودي بخصوص مقال بولعلاوي الدي اعتبرته درسا من دروس التربية الاسلامية مستوى اعدادي
هل انت من القائمين على موقع.......؟ اجو النشر شكرا ناضورسيتي.

6.أرسلت من قبل ميس نتمورث في 06/09/2009 22:32
إلى السيدة الحرة
اطمئني فانا لست من القائمين على أية مواقع.. اما المقال الذي تتحدثين عنه فلا اعتقد أنني اعرف أحدا او موضوعا باسم بولعلاوي وإن كنت اعتقد أنك تشيرين لموقع ما غير ناظور سيتي..












المزيد من الأخبار

الناظور

ابن تزطوطين إسماعيل مومني يحصل على درجة مهندس دولة من الجامعة الأورومتوسطية بفاس

عامل إقليم الناظور يجري حركة انتقالية داخلية بالسلطة الترابية على مستوى قيادتين بالإقليم

المجلس الإقليمي للناظور يستضيف تنظيمات شبابية في لقاء مفتوح حول تعزيز دور الشباب في التنمية

انتخاب رئيس جديد لجماعة إمزرون بعد عزل المساوي

اليوم الثاني من معرض الشرق يستضيف شيف مغربية من بلجيكا

تقرير إسباني يكشف كيف أثرت القيود على الهجرة غير النظامية في مليلية

أخيرا إطلاق خط الناظور – الرباط.. هل تلتزم "العربية للطيران" بالموعد الجديد؟