من إعداد: طارق والقاضي
تصوير: محمد كنفاوي/إلياس حجلة
ظاهرة الإدمان في الناظور
لقد انتشرت ظاهرة ترويج وتعاطي المخدرات بشكل أصبح يقلق الجميع، فهذه السموم استفحلت في الآونة الأخيرة وتزايد الإقبال عليها وعجزت الأجهزة الأمنية عن القيام بدورها ، وأصبحت نسبة من الشباب(تنحصر أعمارهم مابين 15 و30 سنة) مهددة بالانهيار التام والانسياق نحو المجهول، وتقع كثير من حوادث النشل والسرقة والاعتداء العنفي المصحوب باستعمال السلاح الأبيض بسبب هؤلاء المدمنين الذين يلجؤون إلى ارتكاب مختلف أنواع الإجرام لتوفير المال اللازم لشراء المخدر والحصول على الجرعة الكافية، هذا في غياب الأجهزة الأمنية وعجزها عن تحمل مسؤوليتها القانونية التي تـلزمها بحماية المجتمع من هذه الآفة المدمرة للضرب بقوة على المتاجرين فيها.
أدى هذا بالشباب الغافل المغفل إلى إستهلاك المخدرات القوية حيث إنتظم البعض منهم في شكل عصابات مختلفة في السرقة والنشل والسطو المسلح بالليل والنهار، وما حادثة قتل أب من طرف ابنه بفرخانة هذا العام ،وحادثة قتل الشاب الحسيمي بدار الشباب بالناظور والتي هزت مشاعر الرأي العام المحلي وأثارت إستنكاره ، من قبل مجرمين تحت تأثير المخدرات القوية ،إلا دليل قاطع على أن إستهلاك المخدرات بلغت مداها في المجتمع وانهارت بسببها عائلات بأكملها وأصبحت تهدد النسيج الإجتماعي.
إرتفاع نسبة الوفيات في صفوف المُدمنين
يصاب المرئ حقيقة بالدهشة والحيرة وهو يتجول بين أرجاء مدينة الناظور ، حيث يقع نظره على مناظر تدمع القلب، شباب في مقتبل العمر تائهين في عالم خاص فاقدين للوعي، شباب يتعاطون لشتى أنواع الأقراص المهلوسة ومختلف أنواع المخدرات السامة، فذهبت بعقولهم وبراحة أسرهم التي أحست بالذل والمهانة.
ذكرت جريدة "العبور الصحفي" المحلية الصادرة بالناظور في عدد 89 بتاريخ 15/09/2010 ، أن دوار إمسعودن بحي براقة شهد وفاة شابين من مواليد السبعينات بسبب تعاطيهما لمخدر الهروين، ووفق ذات المصدر توفي شخص آخر في الثلاثينات من العمر يوم 02 يونيو المنصرم بسبب تعاطيه الهروين وُجد ميتا بأحد المنازل المهجورة بأولاد بوطيب، وأضافت الجريدة حسب مصادرها أن نقط بيع المخدرات القوية تتوزع في محيط ثانوية المسيرة وقرابة محطة سيارات الأجرة الكبيرة المتوجهة نحو أزغنغن ، وضواحي المستشفى الحسني وحي عاريض ومنطقة بويزرزان الخاضعة لنفوذ درك أزغنغن ، هذا ناهيك عن المناطق البعيدة عن مركز المدينة كفرخانة وسلوان وزايو وغيرة من البؤر السوداء في الإقليم.
من هٌم المسؤولون عن هذه الآفة المدمرة:
1/ تجارالمخدرات:
تعتبر التجارة في المخدرات من أبشع الجرائم التي تقترف في حق المجتمع من طرف ثلة من المجرمين القتلة يسعون إلى تخريب بنية المجتمع وتدمير شبابها وجني الأموال بطرق غير شرعية، يتلهفون وراء المزيد من الأموال القذرة الوسخة،حيث تجدهم يقودون سيارات فارهة أنفقوا عشرات الملايين لاقتنائها في مظهر يوحي بالتباهي والتفاخر وبالحداثة الزائفة، يتصفون بالإنفاق إلى حد التبذير على أنفسهم وذويهم ويتميزون بحب الظهور أمام الناس بمظهر حسن يوحي في بعض الأحيان بالالتزام الديني العلني، لكنهم في السر يحسبون كل الناس عبيدا لديهم ويتخطون حدود المعقول الذي يتحول إلى هوس مرضي يسكنهم ويجعلهم يتظاهرون بالميز الاجتماعي على غيرهم من الناس الذين يأخذون تجار المخدرات بالأحضان ويلقون عندهم كل ترحاب مع العلم أنهم يقتلون أبنائهم ويبيعون لهم السموم لتدمير صحتهم ويفسدون عليهم عيشهم...
ويتفنن تجار الحشيش والحرام في إبتداع الأساليب التي تهدف إلى نزع إعتراف اجتماعي بأهميتهم وبامتلاكهم لناصية النفوذ الاجتماعي والمالي،خصوصا أن معايير التقييم الاجتماعي قد تغيرت وأصبح المظهر الأنيق والوجاهة البراقة تلقى كل الترحيب في المجتمع،إضافة إلى الاستهلاك المبالغ فيه من لدنهم وإغداق المال الحرام على أبنائهم مما أنتج فئة من المغاربة يفتقدون لآداب التعامل في المدارس والفضاءات العمومية ويستبيحون حرمات الناس وخصوصياتهم ويعيثون في الأرض فسادا وإفسادا، يركزون جل اهتمامهم للتباهي بالمسكن الواسع وبالسيارة الفارهة وبتنظيم الأعراس الخيالية والتشبث بالمظاهر الخداعة التافهة التي تفنى بزوال صاحبه ويظنون أنهم أكثر مالا وأعزُ نفرا وهم ظالمون لأنفسهم ، وما السلوكات التي يٌعبرون عنها وعقدة التفوق الاجتماعي إلا تعبير عن الدونية التي يحسون بها، وعن الخوف المرضي الذي يلازمهم ولا يفارقهم فيلجؤون إلى الإستعراض والتفاخر بحثا عن التفوق على الآخرين، ورغبتهم في الإغتناء السريع وعشقهم الزائد للمال ولو ضدا على القانون وآناهم المتعطشة لشغل الواجهة الاجتماعية .
مثال للأنانية البغيضة
يُحكى بأن تاجرا في المخدرات القوية، مرض له إبن فقال باكيا: أنه مستعد بأن يداويه في أمريكا ليشفى، ونسي هذا المجرم أنه يتسبب في تدمير العديد من الأسر في فلذات أكبادهم هو وغيره من تجار المخدرات بشتى أنواعها،الذين حولوا حياة هذه العائلات إلى جحيم ومهانة وذل لا يطاق، مما جعل هذه الأسر تتمنى موت أبنائها المُدمنين وخلاصهم ليرتاحوا ويريحوا.
2/ أطراف أخرى مسؤولة عن هذه الآفة الخطيرة:
عندما يتم القبض على من يتعاطى المخدرات يٌزج به في السجن، فتضطر أمه لزيارته في السجن، هذه الأم المسكينة التي ظلت مُحجًبة في بيتها طوال حياتها تخرج لتقف أمام باب السجن،فتسمع من الإهانات والكلام الفاحش ما لا يسمعه السجناء أنفسهم، ومن أراد أن يتأكد فليقف أمام أبواب السجون ساعة الزيارة... هذه الأم المحافظة الذي تسبب في إخراجها من بيتها هؤلاء المجرمين المتاجرين في المخدرات، الذين ضيعوا إبنها وفلذة كبدها.
إن تشدد الأحكام ضد المتورطين في الاتجار بالمخدرات هو الحل الوحيد لردع هذه الشرذمة من المجرمين، لأن ما يشجعهم على التمادي في غيهم هي الأحكام القضائية المخففة التي تصدر في حقهم في حال اعتقالهم وتقديمهم للعدالة.
إن تباهي تجار المخدرات بما يفعلونه لهو سلوك سلبي وحقير يكرس الحقد بين أفراد المجتمع الواحد،وتجعل كل الأمراض النفسية تصيبه وهي ظاهرة خطيرة، فالتباهي الحقيقي هو الوصول إلى أعلى درجات العلم والمعرفة وخلق مجتمع مبني أساسا على مبدأ التكافل والتلاحم والألفة بعيدا عن كل أشكال الحقد والكراهية والإحساس بعدم تكافئ الفرص، ولقد إبتلينا في هذه المدينة بشرذمة من تجار المخدرات همهم هو جمع المال السُحت الحرام والتباهي به في تحدٍ لأنظار الجميع، ولا تحسبن الله غافلا عما يفعل الظالمون.
عندما يجتمع رجل السلطة والمسؤول الأمني الفاسد إضافة إلى البرلماني الفاسد مع تجار المخدرات )شبكة الزعيمي المتاجرة في الحشيش كمثال على هذا (فهذا يعني أننا دخلنا منعطفا خطيرا ، فحين يجتمع المال الحرام والسلطة الفاسدة المتواطئة تغيب معه هيبة الدولة وتقترب من مظاهر الانفلات وتصبح فريسة فئة ظالة مارقة خارجة عن القانون، وعلى الدولة أن تتدخل بحزم وقوة لإقرار سلطتها وتطبيق سيف القانون والعدالة على الخارجين عليه.
3/ الدولة والأسرة والمسجد والمجتمع مسؤولون كذلك
عندما سألنا الأستاذ ميمون بريسول رئيس المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور، عن مجهوداتهم؟ وهل هناك تنسيق بين المجلس العلمي(كهيئة دينية تعنى بالشأن الروحي والديني في الإقليم) وبين السلطات والمجتمع المدني، أجاب الأستاذ الفاضل بوجود تنسيق مع فعاليات المجتمع المدني والسلطات المحلية في محاربة ظاهرة المخدرات.
لكن الواقع يقول عكس هذا، فليس بمحاضرتين في التدخين سنقضي على تعاطي المخدرات القوية في الإقليم، على المجلس العلمي أن يتحمل مسؤوليته ويتدخل ليُفعل دوره في تحريك المساجد لتقوم برسالتها المنوطة به، وذلك بتكثيف الدروس والندوات والمحاضرات وفتح المساجد لإلقاء الدروس الدينية وتوعية المواطنين والشباب، وخروج الوعاظ والمرشدين الدينيين إلى أماكن تواجد المدمنين لنصحهم وإرشادهم إلى جادة الصواب، ويكون هناك حراك عام في المجتمع حتى على مستوى الأسرة لمراقبة أبنائها وتربيتهم على أحسن وجه، وعلى الدولة كذلك أن تتدخل لحماية الشباب من ظاهرة المخدرات القوية وذلك بانشاء دور للشباب والفضاءات الرياضة والشغل الكريم المؤدية إلى تحسين ظروف العيش.
4/ غياب مراكز معالجة الإدمان
لا يوجد أي مستشفى للأمراض العقلية والنفسية بالناظور، فقط جناح يتيم بالمستشفى الحسني لا يكفي لسد حاجيات المرضى النفسانيين المتوافدين عليه، ويعد مستشفى الرازي للأمراض العقلية والنفسية المستشفى الوحيد في الجهة الشرقية ، والذي يستقبل جميع مرضى الجهة الشرقية ويعرف اكتظاظا على امتداد السنة.
ويساهم العلاج النفسي لمتعاطي المخدرات في شفائه بنسبة قوية جدا حسب الدكاترة النفسانيين ، والتي تبتدأ بالمعالجة النفسية والتحسيسية لمحيط المريض (أفراد الأسرة) ليكون العلاج فعالا وشاملا (أنظر الروبورطاج المصور).
في خلاصة لمؤتمر الجمعية المغربية للأطباء النفسانيين للصحة العمومية المنعقد بطنجة في 24 أبريل الماضي، أجمعوا على أن للمُدمن على أقراص الهلوسة أحد المآلات الثلاث: " فإما مستشفى الأمراض العقلية وإما السجن وإما القبر...".
المواجهة والمواجهة ثم المواجهة
لمواجهة هذه الآفة الخطيرة التي باتت تشكل خطرا حقيقيا تهدد النسيج الاجتماعي وتهدر طاقة شبابنا، يجب أن يكون هناك تكتل يجمع الأسرة ورجل الدين والمجتمع المدني بتنسيق تام مع الأجهزة الأمنية والقضائية والطبية للخروج من هذا المأزق المُدمٍر، لأنه بدون تظافر الجهود لا يمكن أن نصل إلى أي نتيجة وسنظل نراوح مكاننا إلى الأبد.
فقط الإرادة القوية والعمل ولو بإمكانيات ضعيفة ومنعدمة، فالمُهم أن نصل في النهاية خير من أن لا نصل.
تصريح للدكتور عمر الشيخاوي صاحب كتاب "حقائق عن المخدرات"، وذلك حول موضوع ظاهرة المخدرات القوية
عن كتاب "حقائق المخدرات" للدكتور عمر الشيخاوي ص: 84 و 85
تصوير: محمد كنفاوي/إلياس حجلة
ظاهرة الإدمان في الناظور
لقد انتشرت ظاهرة ترويج وتعاطي المخدرات بشكل أصبح يقلق الجميع، فهذه السموم استفحلت في الآونة الأخيرة وتزايد الإقبال عليها وعجزت الأجهزة الأمنية عن القيام بدورها ، وأصبحت نسبة من الشباب(تنحصر أعمارهم مابين 15 و30 سنة) مهددة بالانهيار التام والانسياق نحو المجهول، وتقع كثير من حوادث النشل والسرقة والاعتداء العنفي المصحوب باستعمال السلاح الأبيض بسبب هؤلاء المدمنين الذين يلجؤون إلى ارتكاب مختلف أنواع الإجرام لتوفير المال اللازم لشراء المخدر والحصول على الجرعة الكافية، هذا في غياب الأجهزة الأمنية وعجزها عن تحمل مسؤوليتها القانونية التي تـلزمها بحماية المجتمع من هذه الآفة المدمرة للضرب بقوة على المتاجرين فيها.
أدى هذا بالشباب الغافل المغفل إلى إستهلاك المخدرات القوية حيث إنتظم البعض منهم في شكل عصابات مختلفة في السرقة والنشل والسطو المسلح بالليل والنهار، وما حادثة قتل أب من طرف ابنه بفرخانة هذا العام ،وحادثة قتل الشاب الحسيمي بدار الشباب بالناظور والتي هزت مشاعر الرأي العام المحلي وأثارت إستنكاره ، من قبل مجرمين تحت تأثير المخدرات القوية ،إلا دليل قاطع على أن إستهلاك المخدرات بلغت مداها في المجتمع وانهارت بسببها عائلات بأكملها وأصبحت تهدد النسيج الإجتماعي.
إرتفاع نسبة الوفيات في صفوف المُدمنين
يصاب المرئ حقيقة بالدهشة والحيرة وهو يتجول بين أرجاء مدينة الناظور ، حيث يقع نظره على مناظر تدمع القلب، شباب في مقتبل العمر تائهين في عالم خاص فاقدين للوعي، شباب يتعاطون لشتى أنواع الأقراص المهلوسة ومختلف أنواع المخدرات السامة، فذهبت بعقولهم وبراحة أسرهم التي أحست بالذل والمهانة.
ذكرت جريدة "العبور الصحفي" المحلية الصادرة بالناظور في عدد 89 بتاريخ 15/09/2010 ، أن دوار إمسعودن بحي براقة شهد وفاة شابين من مواليد السبعينات بسبب تعاطيهما لمخدر الهروين، ووفق ذات المصدر توفي شخص آخر في الثلاثينات من العمر يوم 02 يونيو المنصرم بسبب تعاطيه الهروين وُجد ميتا بأحد المنازل المهجورة بأولاد بوطيب، وأضافت الجريدة حسب مصادرها أن نقط بيع المخدرات القوية تتوزع في محيط ثانوية المسيرة وقرابة محطة سيارات الأجرة الكبيرة المتوجهة نحو أزغنغن ، وضواحي المستشفى الحسني وحي عاريض ومنطقة بويزرزان الخاضعة لنفوذ درك أزغنغن ، هذا ناهيك عن المناطق البعيدة عن مركز المدينة كفرخانة وسلوان وزايو وغيرة من البؤر السوداء في الإقليم.
من هٌم المسؤولون عن هذه الآفة المدمرة:
1/ تجارالمخدرات:
تعتبر التجارة في المخدرات من أبشع الجرائم التي تقترف في حق المجتمع من طرف ثلة من المجرمين القتلة يسعون إلى تخريب بنية المجتمع وتدمير شبابها وجني الأموال بطرق غير شرعية، يتلهفون وراء المزيد من الأموال القذرة الوسخة،حيث تجدهم يقودون سيارات فارهة أنفقوا عشرات الملايين لاقتنائها في مظهر يوحي بالتباهي والتفاخر وبالحداثة الزائفة، يتصفون بالإنفاق إلى حد التبذير على أنفسهم وذويهم ويتميزون بحب الظهور أمام الناس بمظهر حسن يوحي في بعض الأحيان بالالتزام الديني العلني، لكنهم في السر يحسبون كل الناس عبيدا لديهم ويتخطون حدود المعقول الذي يتحول إلى هوس مرضي يسكنهم ويجعلهم يتظاهرون بالميز الاجتماعي على غيرهم من الناس الذين يأخذون تجار المخدرات بالأحضان ويلقون عندهم كل ترحاب مع العلم أنهم يقتلون أبنائهم ويبيعون لهم السموم لتدمير صحتهم ويفسدون عليهم عيشهم...
ويتفنن تجار الحشيش والحرام في إبتداع الأساليب التي تهدف إلى نزع إعتراف اجتماعي بأهميتهم وبامتلاكهم لناصية النفوذ الاجتماعي والمالي،خصوصا أن معايير التقييم الاجتماعي قد تغيرت وأصبح المظهر الأنيق والوجاهة البراقة تلقى كل الترحيب في المجتمع،إضافة إلى الاستهلاك المبالغ فيه من لدنهم وإغداق المال الحرام على أبنائهم مما أنتج فئة من المغاربة يفتقدون لآداب التعامل في المدارس والفضاءات العمومية ويستبيحون حرمات الناس وخصوصياتهم ويعيثون في الأرض فسادا وإفسادا، يركزون جل اهتمامهم للتباهي بالمسكن الواسع وبالسيارة الفارهة وبتنظيم الأعراس الخيالية والتشبث بالمظاهر الخداعة التافهة التي تفنى بزوال صاحبه ويظنون أنهم أكثر مالا وأعزُ نفرا وهم ظالمون لأنفسهم ، وما السلوكات التي يٌعبرون عنها وعقدة التفوق الاجتماعي إلا تعبير عن الدونية التي يحسون بها، وعن الخوف المرضي الذي يلازمهم ولا يفارقهم فيلجؤون إلى الإستعراض والتفاخر بحثا عن التفوق على الآخرين، ورغبتهم في الإغتناء السريع وعشقهم الزائد للمال ولو ضدا على القانون وآناهم المتعطشة لشغل الواجهة الاجتماعية .
مثال للأنانية البغيضة
يُحكى بأن تاجرا في المخدرات القوية، مرض له إبن فقال باكيا: أنه مستعد بأن يداويه في أمريكا ليشفى، ونسي هذا المجرم أنه يتسبب في تدمير العديد من الأسر في فلذات أكبادهم هو وغيره من تجار المخدرات بشتى أنواعها،الذين حولوا حياة هذه العائلات إلى جحيم ومهانة وذل لا يطاق، مما جعل هذه الأسر تتمنى موت أبنائها المُدمنين وخلاصهم ليرتاحوا ويريحوا.
2/ أطراف أخرى مسؤولة عن هذه الآفة الخطيرة:
عندما يتم القبض على من يتعاطى المخدرات يٌزج به في السجن، فتضطر أمه لزيارته في السجن، هذه الأم المسكينة التي ظلت مُحجًبة في بيتها طوال حياتها تخرج لتقف أمام باب السجن،فتسمع من الإهانات والكلام الفاحش ما لا يسمعه السجناء أنفسهم، ومن أراد أن يتأكد فليقف أمام أبواب السجون ساعة الزيارة... هذه الأم المحافظة الذي تسبب في إخراجها من بيتها هؤلاء المجرمين المتاجرين في المخدرات، الذين ضيعوا إبنها وفلذة كبدها.
إن تشدد الأحكام ضد المتورطين في الاتجار بالمخدرات هو الحل الوحيد لردع هذه الشرذمة من المجرمين، لأن ما يشجعهم على التمادي في غيهم هي الأحكام القضائية المخففة التي تصدر في حقهم في حال اعتقالهم وتقديمهم للعدالة.
إن تباهي تجار المخدرات بما يفعلونه لهو سلوك سلبي وحقير يكرس الحقد بين أفراد المجتمع الواحد،وتجعل كل الأمراض النفسية تصيبه وهي ظاهرة خطيرة، فالتباهي الحقيقي هو الوصول إلى أعلى درجات العلم والمعرفة وخلق مجتمع مبني أساسا على مبدأ التكافل والتلاحم والألفة بعيدا عن كل أشكال الحقد والكراهية والإحساس بعدم تكافئ الفرص، ولقد إبتلينا في هذه المدينة بشرذمة من تجار المخدرات همهم هو جمع المال السُحت الحرام والتباهي به في تحدٍ لأنظار الجميع، ولا تحسبن الله غافلا عما يفعل الظالمون.
عندما يجتمع رجل السلطة والمسؤول الأمني الفاسد إضافة إلى البرلماني الفاسد مع تجار المخدرات )شبكة الزعيمي المتاجرة في الحشيش كمثال على هذا (فهذا يعني أننا دخلنا منعطفا خطيرا ، فحين يجتمع المال الحرام والسلطة الفاسدة المتواطئة تغيب معه هيبة الدولة وتقترب من مظاهر الانفلات وتصبح فريسة فئة ظالة مارقة خارجة عن القانون، وعلى الدولة أن تتدخل بحزم وقوة لإقرار سلطتها وتطبيق سيف القانون والعدالة على الخارجين عليه.
3/ الدولة والأسرة والمسجد والمجتمع مسؤولون كذلك
عندما سألنا الأستاذ ميمون بريسول رئيس المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور، عن مجهوداتهم؟ وهل هناك تنسيق بين المجلس العلمي(كهيئة دينية تعنى بالشأن الروحي والديني في الإقليم) وبين السلطات والمجتمع المدني، أجاب الأستاذ الفاضل بوجود تنسيق مع فعاليات المجتمع المدني والسلطات المحلية في محاربة ظاهرة المخدرات.
لكن الواقع يقول عكس هذا، فليس بمحاضرتين في التدخين سنقضي على تعاطي المخدرات القوية في الإقليم، على المجلس العلمي أن يتحمل مسؤوليته ويتدخل ليُفعل دوره في تحريك المساجد لتقوم برسالتها المنوطة به، وذلك بتكثيف الدروس والندوات والمحاضرات وفتح المساجد لإلقاء الدروس الدينية وتوعية المواطنين والشباب، وخروج الوعاظ والمرشدين الدينيين إلى أماكن تواجد المدمنين لنصحهم وإرشادهم إلى جادة الصواب، ويكون هناك حراك عام في المجتمع حتى على مستوى الأسرة لمراقبة أبنائها وتربيتهم على أحسن وجه، وعلى الدولة كذلك أن تتدخل لحماية الشباب من ظاهرة المخدرات القوية وذلك بانشاء دور للشباب والفضاءات الرياضة والشغل الكريم المؤدية إلى تحسين ظروف العيش.
4/ غياب مراكز معالجة الإدمان
لا يوجد أي مستشفى للأمراض العقلية والنفسية بالناظور، فقط جناح يتيم بالمستشفى الحسني لا يكفي لسد حاجيات المرضى النفسانيين المتوافدين عليه، ويعد مستشفى الرازي للأمراض العقلية والنفسية المستشفى الوحيد في الجهة الشرقية ، والذي يستقبل جميع مرضى الجهة الشرقية ويعرف اكتظاظا على امتداد السنة.
ويساهم العلاج النفسي لمتعاطي المخدرات في شفائه بنسبة قوية جدا حسب الدكاترة النفسانيين ، والتي تبتدأ بالمعالجة النفسية والتحسيسية لمحيط المريض (أفراد الأسرة) ليكون العلاج فعالا وشاملا (أنظر الروبورطاج المصور).
في خلاصة لمؤتمر الجمعية المغربية للأطباء النفسانيين للصحة العمومية المنعقد بطنجة في 24 أبريل الماضي، أجمعوا على أن للمُدمن على أقراص الهلوسة أحد المآلات الثلاث: " فإما مستشفى الأمراض العقلية وإما السجن وإما القبر...".
المواجهة والمواجهة ثم المواجهة
لمواجهة هذه الآفة الخطيرة التي باتت تشكل خطرا حقيقيا تهدد النسيج الاجتماعي وتهدر طاقة شبابنا، يجب أن يكون هناك تكتل يجمع الأسرة ورجل الدين والمجتمع المدني بتنسيق تام مع الأجهزة الأمنية والقضائية والطبية للخروج من هذا المأزق المُدمٍر، لأنه بدون تظافر الجهود لا يمكن أن نصل إلى أي نتيجة وسنظل نراوح مكاننا إلى الأبد.
فقط الإرادة القوية والعمل ولو بإمكانيات ضعيفة ومنعدمة، فالمُهم أن نصل في النهاية خير من أن لا نصل.
تصريح للدكتور عمر الشيخاوي صاحب كتاب "حقائق عن المخدرات"، وذلك حول موضوع ظاهرة المخدرات القوية
عن كتاب "حقائق المخدرات" للدكتور عمر الشيخاوي ص: 84 و 85