أكرم قروع
كثيرا ما نسمع عن تراجع مستوى اللغة العربية لدى مجموعة كبيرة من الطلبة والتلاميذ، إذ يلاحظ قصور هام في التعبير وكتابة المواضيع الإنشائية باللغة العربية.
إذن فما هو السبب وراء هذا التدني؟وما هي الوسائل الكفيلة لحل هذه المعضلة؟هذا ما سنطرحه للتحليل في هذا الموضوع.
-إن أهم سبب لهذه المشكلة هو أن النظم التعليمية في بلادنا،وأساليب الاختبارات العامة أتاحت للطالب النجاح في اللغة العربية ولو لم يحط بشيء من علم النحو،وهو العلم الأساسي الأول من علوم تلك اللغة.والنحو علم يبحث في أصول تكوين الجملة وقواعد الإعراب،كما يسمى أيضا بعلم الإعراب،والإعراب هو أحد أهم خصائص العربية،وهي خاصية عرفت بعد أن تفشى النطق الخاطئ في اللسان العربي،ويعتبر أيضا أهم الأسباب لتفوق الأدب العربي(سواء كان في الشعر أو النثر أو القصص،...)على لغات العالم.فعن طريق الإعراب تستطيع معرفة الفاعل والمفعول به في الجملة حتى لو تم تقديم المفعول به عن الفاعل، مع أنه في جميع لغات العالم تقريبا يكون الترتيب:فاعل ثم مفعول به.
-وهنا أتذكر موقفا طريفا حدث لي مع أحد أساتذة التربية الإسلامية في مرحلة الدراسة الإعدادية،إذ كان أحد زملائي بصدد قراءة نص قراني،وعندما وصل إلى الآية التي يقول فيها الله عز وجل:*إنما يخشى الله من عباده العلماء*،قام هذا الزميل برفع كلمة الله ونصب كلمة العلماء،والصحيح أن ينصب كلمة الله لأنها مفعول به مقدم ويرفع كلمة العلماء لأنها فاعل مؤخر.ولحسن الحظ انتبه أستاذنا الجليل لهذا الخطأ وقام بتصحيحه وإمدادنا بالشروحات اللازمة.ويلاحظ من خلال هذا المثال كيف أن المعنى قد تغير تماما لمجرد إهمال حركة بسيطة في آخر الكلمة.فالخشية تأتي من العبد وليس من الله، فكيف يمكن لله تعالى أن يخشى من العلماء؟والأصح أن العلماء هم أكثر الناس خشية لله، لأنهم أكثر علما ومعرفة بقدرته وبصفاته.فمثلا عالم الفيزياء يعرف بعلمه أن جميع الظواهر الفيزيائية الموجودة في الكون هي من تقدير العزيز العليم،والعالم في علم الأحياء والطبيعة يعرف أن التوالد عند الكائنات الحية والدقة في الهندسة الوراثية أشياء لم تحصل بالصدفة،بل أن وراءها أسرارا خارجة عن قدرة البشر،وهي خاصة بالله تعالى المبدع المصور.هذا مثال من الكثير من الأمثلة والأخطاء الشائعة في علم النحو.
-وقد اتفق المؤرخون أن واضع أساس علم النحو هو التابعي أبو الأسود الدؤلي،وقيل أن هذا كان بإشارة من أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب،ثم أكمله من بعده الخليل الفراهيدي الذي وضع أول معجم عربي أسماه معجم العين.ثم أخذ عن الخليل تلميذه النجيب:سيبويه،الذي أكثر من التفاريع ووضع الأدلة والشواهد من كلام العرب لقواعد هذا العلم.وقد أصبح كتاب سيبويه أساسا لكل ما كتب بعده في علم النحو،ودون العلماء علم الصرف مع علم النحو.وفي عصرنا الحالي تتابعت الدعوات المطالبة بتيسير النحو العربي وتبسيطه للمتعلمين،إلا أن حركة التيسير والتجديد في النحو لم تزل تسير ببطء شديد،ولم يكتب لها النجاح المطلق حتى الآن،فلا زالت الجامعات العربية تقوم بتدريس النحو العربي من خلال أدبياته القديمة دون تغيير.ومن أهم الكتب التي جاءت في هذا العلم هو كتاب:شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك،وهو عبارة عن أبيات شعرية من ألف وثلاثة أبيات نظمها ابن مالك وشرحها ابن عقيل،تشرح قواعد النحو،تسهيلا للطلبة والتلاميذ.
تلك هي مشكلة تدني مستوى اللغة العربية،والحل هو أن يكون علم النحو علما أساسيا مستقلا يترتب على الرسوب فيه الرسوب العام في امتحان نهاية السنة الدراسية،حتى لا يضيع هذا العلم بجوار غيره من علوم يعتبر النحو أصلها وهي مجرد فروع.ويجب أن يعطى العناية التي يستحقها،فيدرس على أنه أساس اللغة العربية،لا على أنه زائد يمكن الاستغناء عنه،وبالتالي فان الطالب في مسلك اللغة العربية سيشعر بأن هناك حافزا يغريه بالإقبال على علم النحو،ذلك الحافز هو النجاح في اللغة العربية الذي لا يتحقق بغير النجاح في هذا العلم.
-وفي النهاية،أوجه نداءا إلى السادة المسؤولين بأن يقرروا اعتبار علم النحو أو الإعراب علما أساسيا ذا شخصية مستقلة عند وضعه في ميزان التقدير،فلا تشفع له درجات غيره من مواد اللغة العربية عندما تكون درجته صفرا،ولا يعتبر الطالب ناجحا في اللغة العربية وهو لا يفقه شيئا في قواعدها.
هذا كفيل بإذن الله من الرفع من مستوى لغة القران وإحياء حلاوتها وقيمتها.
akram.ka@hotmail.com
كثيرا ما نسمع عن تراجع مستوى اللغة العربية لدى مجموعة كبيرة من الطلبة والتلاميذ، إذ يلاحظ قصور هام في التعبير وكتابة المواضيع الإنشائية باللغة العربية.
إذن فما هو السبب وراء هذا التدني؟وما هي الوسائل الكفيلة لحل هذه المعضلة؟هذا ما سنطرحه للتحليل في هذا الموضوع.
-إن أهم سبب لهذه المشكلة هو أن النظم التعليمية في بلادنا،وأساليب الاختبارات العامة أتاحت للطالب النجاح في اللغة العربية ولو لم يحط بشيء من علم النحو،وهو العلم الأساسي الأول من علوم تلك اللغة.والنحو علم يبحث في أصول تكوين الجملة وقواعد الإعراب،كما يسمى أيضا بعلم الإعراب،والإعراب هو أحد أهم خصائص العربية،وهي خاصية عرفت بعد أن تفشى النطق الخاطئ في اللسان العربي،ويعتبر أيضا أهم الأسباب لتفوق الأدب العربي(سواء كان في الشعر أو النثر أو القصص،...)على لغات العالم.فعن طريق الإعراب تستطيع معرفة الفاعل والمفعول به في الجملة حتى لو تم تقديم المفعول به عن الفاعل، مع أنه في جميع لغات العالم تقريبا يكون الترتيب:فاعل ثم مفعول به.
-وهنا أتذكر موقفا طريفا حدث لي مع أحد أساتذة التربية الإسلامية في مرحلة الدراسة الإعدادية،إذ كان أحد زملائي بصدد قراءة نص قراني،وعندما وصل إلى الآية التي يقول فيها الله عز وجل:*إنما يخشى الله من عباده العلماء*،قام هذا الزميل برفع كلمة الله ونصب كلمة العلماء،والصحيح أن ينصب كلمة الله لأنها مفعول به مقدم ويرفع كلمة العلماء لأنها فاعل مؤخر.ولحسن الحظ انتبه أستاذنا الجليل لهذا الخطأ وقام بتصحيحه وإمدادنا بالشروحات اللازمة.ويلاحظ من خلال هذا المثال كيف أن المعنى قد تغير تماما لمجرد إهمال حركة بسيطة في آخر الكلمة.فالخشية تأتي من العبد وليس من الله، فكيف يمكن لله تعالى أن يخشى من العلماء؟والأصح أن العلماء هم أكثر الناس خشية لله، لأنهم أكثر علما ومعرفة بقدرته وبصفاته.فمثلا عالم الفيزياء يعرف بعلمه أن جميع الظواهر الفيزيائية الموجودة في الكون هي من تقدير العزيز العليم،والعالم في علم الأحياء والطبيعة يعرف أن التوالد عند الكائنات الحية والدقة في الهندسة الوراثية أشياء لم تحصل بالصدفة،بل أن وراءها أسرارا خارجة عن قدرة البشر،وهي خاصة بالله تعالى المبدع المصور.هذا مثال من الكثير من الأمثلة والأخطاء الشائعة في علم النحو.
-وقد اتفق المؤرخون أن واضع أساس علم النحو هو التابعي أبو الأسود الدؤلي،وقيل أن هذا كان بإشارة من أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب،ثم أكمله من بعده الخليل الفراهيدي الذي وضع أول معجم عربي أسماه معجم العين.ثم أخذ عن الخليل تلميذه النجيب:سيبويه،الذي أكثر من التفاريع ووضع الأدلة والشواهد من كلام العرب لقواعد هذا العلم.وقد أصبح كتاب سيبويه أساسا لكل ما كتب بعده في علم النحو،ودون العلماء علم الصرف مع علم النحو.وفي عصرنا الحالي تتابعت الدعوات المطالبة بتيسير النحو العربي وتبسيطه للمتعلمين،إلا أن حركة التيسير والتجديد في النحو لم تزل تسير ببطء شديد،ولم يكتب لها النجاح المطلق حتى الآن،فلا زالت الجامعات العربية تقوم بتدريس النحو العربي من خلال أدبياته القديمة دون تغيير.ومن أهم الكتب التي جاءت في هذا العلم هو كتاب:شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك،وهو عبارة عن أبيات شعرية من ألف وثلاثة أبيات نظمها ابن مالك وشرحها ابن عقيل،تشرح قواعد النحو،تسهيلا للطلبة والتلاميذ.
تلك هي مشكلة تدني مستوى اللغة العربية،والحل هو أن يكون علم النحو علما أساسيا مستقلا يترتب على الرسوب فيه الرسوب العام في امتحان نهاية السنة الدراسية،حتى لا يضيع هذا العلم بجوار غيره من علوم يعتبر النحو أصلها وهي مجرد فروع.ويجب أن يعطى العناية التي يستحقها،فيدرس على أنه أساس اللغة العربية،لا على أنه زائد يمكن الاستغناء عنه،وبالتالي فان الطالب في مسلك اللغة العربية سيشعر بأن هناك حافزا يغريه بالإقبال على علم النحو،ذلك الحافز هو النجاح في اللغة العربية الذي لا يتحقق بغير النجاح في هذا العلم.
-وفي النهاية،أوجه نداءا إلى السادة المسؤولين بأن يقرروا اعتبار علم النحو أو الإعراب علما أساسيا ذا شخصية مستقلة عند وضعه في ميزان التقدير،فلا تشفع له درجات غيره من مواد اللغة العربية عندما تكون درجته صفرا،ولا يعتبر الطالب ناجحا في اللغة العربية وهو لا يفقه شيئا في قواعدها.
هذا كفيل بإذن الله من الرفع من مستوى لغة القران وإحياء حلاوتها وقيمتها.
akram.ka@hotmail.com