
علي كراجي
تشهد الساحة السياسية بإقليم الناظور تكرارًا مملاً لسيناريو الوعود الانتخابية التي لا تجد طريقها إلى التنفيذ؛ فمع اقتراب كل استحقاق انتخابي، تشتعل وسائل الإعلام المحلية وصفحات التواصل الاجتماعي بتصريحات برّاقة من السياسيين الذين يتعهدون بجلب المشاريع الاستثمارية والبنى التحتية، وذلك بعد تحضير وصفتهم السحرية التي تقودهم إلى "أكل مخ" المواطن، لكن سرعان ما يخفت هذا الحماس بمجرد الإعلان عن النتائج، لتنتقل اللغة من "غادي نديرو ليكم" إلى "غير صبرو معانا".
لطالما حاول الكثير ممن ضمنوا لأنفسهم مقعدًا في إحدى غرف البرلمان، سواء في الولاية الحالية أو الولايات السابقة، إقناع المواطن بأنهم يمارسون دورهم بكل تفانٍ وإتقان، وذلك عبر توظيف "الأسئلة الكتابية" وأحيانًا "الشفوية" في التسويق لأنفسهم، بالرغم من علم بعضهم بأن أغلب هذه الأسئلة لا تجيب عنها الحكومة. في هذا الإطار، لا بأس بأن نطرح بعض الأسئلة حول حصيلة ممثلي إقليم الناظور في البرلمان؟ وقبل ذلك، لا بأس من التذكير بأن ما يدخل في التسويق لا يندرج ضمن المنجزات، كالتدوينات التي تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي حول اعتزام القيام بكذا وكذا، وعقد لقاء مع الوزير الفلاني، والتحدث عن مشاريع محتملة دون تحديد جدول زمني أو مصادر تمويل حقيقية لها، والاكتفاء باستعمال العبارات الفضفاضة مثل "دخلنا مرحلة نقاش جدي حول إحداث ملعب كبير، ومستشفى ينهي معاناة السكان، واستثمارات ستقلص نسب البطالة".
تشهد الساحة السياسية بإقليم الناظور تكرارًا مملاً لسيناريو الوعود الانتخابية التي لا تجد طريقها إلى التنفيذ؛ فمع اقتراب كل استحقاق انتخابي، تشتعل وسائل الإعلام المحلية وصفحات التواصل الاجتماعي بتصريحات برّاقة من السياسيين الذين يتعهدون بجلب المشاريع الاستثمارية والبنى التحتية، وذلك بعد تحضير وصفتهم السحرية التي تقودهم إلى "أكل مخ" المواطن، لكن سرعان ما يخفت هذا الحماس بمجرد الإعلان عن النتائج، لتنتقل اللغة من "غادي نديرو ليكم" إلى "غير صبرو معانا".
لطالما حاول الكثير ممن ضمنوا لأنفسهم مقعدًا في إحدى غرف البرلمان، سواء في الولاية الحالية أو الولايات السابقة، إقناع المواطن بأنهم يمارسون دورهم بكل تفانٍ وإتقان، وذلك عبر توظيف "الأسئلة الكتابية" وأحيانًا "الشفوية" في التسويق لأنفسهم، بالرغم من علم بعضهم بأن أغلب هذه الأسئلة لا تجيب عنها الحكومة. في هذا الإطار، لا بأس بأن نطرح بعض الأسئلة حول حصيلة ممثلي إقليم الناظور في البرلمان؟ وقبل ذلك، لا بأس من التذكير بأن ما يدخل في التسويق لا يندرج ضمن المنجزات، كالتدوينات التي تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي حول اعتزام القيام بكذا وكذا، وعقد لقاء مع الوزير الفلاني، والتحدث عن مشاريع محتملة دون تحديد جدول زمني أو مصادر تمويل حقيقية لها، والاكتفاء باستعمال العبارات الفضفاضة مثل "دخلنا مرحلة نقاش جدي حول إحداث ملعب كبير، ومستشفى ينهي معاناة السكان، واستثمارات ستقلص نسب البطالة".
إن مشروع قانون المالية، وبالرغم من أن الحكومة هي التي تتولى إعداده وإحالته على السلطة التشريعية للمصادقة عليه، يمثل فرصة حقيقية للبرلمانيين للترافع عن مصالح دوائرهم الانتخابية، حيث يمكنهم تقديم تعديلات واقتراحات تهم توزيع الموارد المالية للدولة. غير أن الواقع يُظهر ضعف مساهمة ممثلي الناظور في هذا الإطار، حيث يقتصر تدخلهم غالبًا على تصريحات فضفاضة داخل قبة البرلمان أو عبر الإعلام، دون تقديم مقترحات عملية تُجبر الحكومة على الالتزام بمشاريع تنموية حقيقية. وإذا كان العكس، فلا بأس بأن تطلعنا هذه الفئة على مقترحاتها، وعلى تساؤلاتها بشأن تمويل مجموعة من المشاريع وأسباب اختفاء أخرى من هذا القانون، ومن بين هذه المشاريع الملعب الكبير، المستشفى الإقليمي، المدرسة العليا للتكنولوجيا، المدرسة العليا للهندسة، مشاريع مارتشيكا... والمشاريع الاستثمارية الأخرى التي تهم خلق فرص شغل مباشرة للخريجين وحاملي الشهادات العليا والجامعية؟.
إن الدور الأساسي للنائب البرلماني لا يقتصر فقط على نقل هموم المواطنين من باب "تنشيط البطولة" و "المهم هو المشاركة"، بل يتجلى في استخدام الأدوات التشريعية المتاحة، كاقتراح التعديلات على الميزانية، والضغط من خلال اللجان البرلمانية، وعقد لقاءات مع الوزراء والمسؤولين لضمان تنزيل مشاريع تنموية حقيقية، ففي الناظور وعلى مر السنين والولايات، يندر أن نرى هذه الممارسات بفاعلية، مما يجعل الميزانية تمر كل عام دون أن تحظى المنطقة بحصتها العادلة من الاستثمارات العمومية. ولتغطية هذا القصور، يظهر خطاب آخر يوظف لضمان انتشاره مجموعة من الأشخاص، والجهات، والجمعيات، وحساب المنصات الاجتماعية، والمواقع الالكترونية، وكل ذلك بهدف إيهام المواطنين بأن هناك جهودًا جبارة تُبذل، وقريبا سنسمع أخبارا مفرحة، بينما الواقع يشير إلى العكس فلا شيء سيتغير بالنظر إلى ضعف الترافع وعدم القدرة على إقناع صانع القرار.
وعلى المستوى المحلي، لطالما سمعنا في اللقاءات الحزبية والحكومية التي تعقدها مؤسسات الدولة والجمعيات والنقابات، أن مسؤولية كبرى تقع على عاتق المنتخبين الجهويين والمحليين في دفع عجلة التنمية بالإقليم. فالمجالس المنتخبة تتمتع بصلاحيات تمكنها من إعداد مشاريع قابلة للتمويل عبر الميزانيات الجهوية أو الاستثمارات الخاصة، لكن غياب الرؤية الاستراتيجية، وافتقاد النخب المحلية إلى الجرأة السياسية والقدرة على فرض الملفات التنموية، يعرقل أي تقدم ملموس. كما أن غياب التنسيق بين مختلف الفاعلين المحليين، من برلمانيين ومنتخبين محليين وجهويين، يجعل جهود الترافع مشتتة وغير فعالة، ما يسهل على الحكومة تهميش مطالب الإقليم تحت ذريعة ضعف المشاريع المقدمة أو عدم وجود ضغط سياسي كافٍ.
فلا يمكن القول أن الإقصاء ممنهج، لأن ذلك سيدخلنا في المزايدات، لكن يصلح الحديث في هذا الباب عن الفشل وتغليب المصالح الضيقة على المصلحة العامة، ما أدخل الناظور في نفق مظلم دون أن يجد مخرجًا له، حتى وإن كان على شاكلة ثقب إبرة لينتعش ببعض النور الذي قد يصله من الخارج. لا يجب أن نلوم الحكومة دائمًا، فهذه الأخيرة مؤسسة سياسية، وأجندتها ليست ثابتة، بل تخضع للتفاوض والتجاذبات السياسية، حيث تلعب المصالح الحزبية والتحالفات دورًا حاسمًا في تحديد الأولويات. وهذا ما يجعل مناطق مثل الناظور عرضة للتهميش، لكونها لا تمتلك تمثيلاً سياسيًا قويًا قادرًا على فرض ملفاتها داخل دوائر صنع القرار.
من حيث التمثيل، لم ينجح البرلمانيون ولا المنتخبون في خلق لوبي سياسي يدافع عن مصالح الإقليم بفعالية داخل المؤسسات الوطنية. وقد تبرر الحكومة تهميش الناظور بعدم وجود مشاريع قابلة للتمويل، في حين أن المسؤولية تقع على عاتق المنتخبين الذين لا يملكون رؤية تنموية واضحة، في وقت تحظى فيه عدد من الأقاليم الكبرى بميزانيات ضخمة، ليظل سؤال غياب التنمية في الناظور معلقًا، لأن كل الأجوبة قد تكون ناقصة، لكوننا نتحدث عن إقليم له أهمية استراتيجية واقتصادية، وتراهن عليه الدولة ليكون قطبًا استثماريًا يجذب رؤوس الأموال الدولية في المستقبل، نظرًا لوجود ميناء غرب المتوسط، ولكونه الإقليم الوحيد في المغرب الذي يتوفر على ثلاثة حدود دولية؛ بحرية، وجوية، وبرية.
وبالرغم من كل ما قيل وسيقال خلال هذه الأسابيع والأشهر، ومع اقتراب كل استحقاق انتخابي، تتفنن الأحزاب السياسية في تقديم الوعود المغرية لاستمالة الناخبين، فتتحدث عن مشاريع وهمية، وتحاول إقناع المواطن بأن البرلماني الفلاني "قلب الطاولة" أو "أفزع الحكومة"، لكن الحقيقة أن هذه الخطابات لا تتجاوز كونها أدوات للاستهلاك الإعلامي دون أثر فعلي على أرض الواقع. إن المواطن في هذا الجزء العزيز من البلاد لم يعد يقبل بأن يُستخدم كورقة انتخابية ثم يُنسى بمجرد انتهاء الانتخابات.
إن بناء وعي سياسي جديد يقوم على المحاسبة الدورية للمسؤولين، وخلق نقاش جدي يفرض على المنتخبين تقديم تقارير دورية عن إنجازاتهم، وربط المسؤولية بالمحاسبة الحقيقية، عوض التصفيق لصورة والتطبيل لتدوينة ورفع القبعة لمداخلة. أما استمرار الوضع الحالي سيبقي الناظور في هامش التنمية، ما لم يتغير النهج السياسي للبرلمانيين والمنتخبين، وما لم يقرر المواطن وضع حد للاستغلال الانتخابي المستمر الذي يتعرض له حين يجعل "مخه" وجبة يسهل أكلها بعد إضافة بعض البهارات والنكهات على الخطاب السياسي الانتخابوي. فالطريق نحو التغيير يبدأ بالوعي والمساءلة، فلا يمكن لمن ارتضوا لأنفسهم ان يكونوا رهائن وعود جوفاء أن ينتظروا الأفضل، كما لا يمكن لإقليم أن ينهض ما دام أبناؤه يكرسون عن قصد أو دون قصد واقع الإقصاء والتهميش بدل مواجهته.
إن الدور الأساسي للنائب البرلماني لا يقتصر فقط على نقل هموم المواطنين من باب "تنشيط البطولة" و "المهم هو المشاركة"، بل يتجلى في استخدام الأدوات التشريعية المتاحة، كاقتراح التعديلات على الميزانية، والضغط من خلال اللجان البرلمانية، وعقد لقاءات مع الوزراء والمسؤولين لضمان تنزيل مشاريع تنموية حقيقية، ففي الناظور وعلى مر السنين والولايات، يندر أن نرى هذه الممارسات بفاعلية، مما يجعل الميزانية تمر كل عام دون أن تحظى المنطقة بحصتها العادلة من الاستثمارات العمومية. ولتغطية هذا القصور، يظهر خطاب آخر يوظف لضمان انتشاره مجموعة من الأشخاص، والجهات، والجمعيات، وحساب المنصات الاجتماعية، والمواقع الالكترونية، وكل ذلك بهدف إيهام المواطنين بأن هناك جهودًا جبارة تُبذل، وقريبا سنسمع أخبارا مفرحة، بينما الواقع يشير إلى العكس فلا شيء سيتغير بالنظر إلى ضعف الترافع وعدم القدرة على إقناع صانع القرار.
وعلى المستوى المحلي، لطالما سمعنا في اللقاءات الحزبية والحكومية التي تعقدها مؤسسات الدولة والجمعيات والنقابات، أن مسؤولية كبرى تقع على عاتق المنتخبين الجهويين والمحليين في دفع عجلة التنمية بالإقليم. فالمجالس المنتخبة تتمتع بصلاحيات تمكنها من إعداد مشاريع قابلة للتمويل عبر الميزانيات الجهوية أو الاستثمارات الخاصة، لكن غياب الرؤية الاستراتيجية، وافتقاد النخب المحلية إلى الجرأة السياسية والقدرة على فرض الملفات التنموية، يعرقل أي تقدم ملموس. كما أن غياب التنسيق بين مختلف الفاعلين المحليين، من برلمانيين ومنتخبين محليين وجهويين، يجعل جهود الترافع مشتتة وغير فعالة، ما يسهل على الحكومة تهميش مطالب الإقليم تحت ذريعة ضعف المشاريع المقدمة أو عدم وجود ضغط سياسي كافٍ.
فلا يمكن القول أن الإقصاء ممنهج، لأن ذلك سيدخلنا في المزايدات، لكن يصلح الحديث في هذا الباب عن الفشل وتغليب المصالح الضيقة على المصلحة العامة، ما أدخل الناظور في نفق مظلم دون أن يجد مخرجًا له، حتى وإن كان على شاكلة ثقب إبرة لينتعش ببعض النور الذي قد يصله من الخارج. لا يجب أن نلوم الحكومة دائمًا، فهذه الأخيرة مؤسسة سياسية، وأجندتها ليست ثابتة، بل تخضع للتفاوض والتجاذبات السياسية، حيث تلعب المصالح الحزبية والتحالفات دورًا حاسمًا في تحديد الأولويات. وهذا ما يجعل مناطق مثل الناظور عرضة للتهميش، لكونها لا تمتلك تمثيلاً سياسيًا قويًا قادرًا على فرض ملفاتها داخل دوائر صنع القرار.
من حيث التمثيل، لم ينجح البرلمانيون ولا المنتخبون في خلق لوبي سياسي يدافع عن مصالح الإقليم بفعالية داخل المؤسسات الوطنية. وقد تبرر الحكومة تهميش الناظور بعدم وجود مشاريع قابلة للتمويل، في حين أن المسؤولية تقع على عاتق المنتخبين الذين لا يملكون رؤية تنموية واضحة، في وقت تحظى فيه عدد من الأقاليم الكبرى بميزانيات ضخمة، ليظل سؤال غياب التنمية في الناظور معلقًا، لأن كل الأجوبة قد تكون ناقصة، لكوننا نتحدث عن إقليم له أهمية استراتيجية واقتصادية، وتراهن عليه الدولة ليكون قطبًا استثماريًا يجذب رؤوس الأموال الدولية في المستقبل، نظرًا لوجود ميناء غرب المتوسط، ولكونه الإقليم الوحيد في المغرب الذي يتوفر على ثلاثة حدود دولية؛ بحرية، وجوية، وبرية.
وبالرغم من كل ما قيل وسيقال خلال هذه الأسابيع والأشهر، ومع اقتراب كل استحقاق انتخابي، تتفنن الأحزاب السياسية في تقديم الوعود المغرية لاستمالة الناخبين، فتتحدث عن مشاريع وهمية، وتحاول إقناع المواطن بأن البرلماني الفلاني "قلب الطاولة" أو "أفزع الحكومة"، لكن الحقيقة أن هذه الخطابات لا تتجاوز كونها أدوات للاستهلاك الإعلامي دون أثر فعلي على أرض الواقع. إن المواطن في هذا الجزء العزيز من البلاد لم يعد يقبل بأن يُستخدم كورقة انتخابية ثم يُنسى بمجرد انتهاء الانتخابات.
إن بناء وعي سياسي جديد يقوم على المحاسبة الدورية للمسؤولين، وخلق نقاش جدي يفرض على المنتخبين تقديم تقارير دورية عن إنجازاتهم، وربط المسؤولية بالمحاسبة الحقيقية، عوض التصفيق لصورة والتطبيل لتدوينة ورفع القبعة لمداخلة. أما استمرار الوضع الحالي سيبقي الناظور في هامش التنمية، ما لم يتغير النهج السياسي للبرلمانيين والمنتخبين، وما لم يقرر المواطن وضع حد للاستغلال الانتخابي المستمر الذي يتعرض له حين يجعل "مخه" وجبة يسهل أكلها بعد إضافة بعض البهارات والنكهات على الخطاب السياسي الانتخابوي. فالطريق نحو التغيير يبدأ بالوعي والمساءلة، فلا يمكن لمن ارتضوا لأنفسهم ان يكونوا رهائن وعود جوفاء أن ينتظروا الأفضل، كما لا يمكن لإقليم أن ينهض ما دام أبناؤه يكرسون عن قصد أو دون قصد واقع الإقصاء والتهميش بدل مواجهته.