المزيد من الأخبار






من بوابة بني أنصار.. أثنار يعود إلى الواجهة برسائل استعمارية مغلفة


من بوابة بني أنصار.. أثنار يعود إلى الواجهة برسائل استعمارية مغلفة
ناظورسيتي: متابعة

في زيارة وصفت بـ"الخاصة" حل الرئيس الإسباني الأسبق، خوسيه ماريا أثنار، بمدينة مليلية المحتلة، رفقة زوجته ومجموعة من الأصدقاء، في مشهد أقرب إلى نزهة عائلية منه إلى مهمة رسمية، غير أن رمزية المكان وهوية الزائر جعلت من هذه الخطوة أكثر من مجرد زيارة سياحية.

فالرجل لم يكن يوما عابرا في العلاقات المغربية الإسبانية، بل كان أحد أبرز وجوه التوتر بين البلدين في مطلع الألفية، عندما قاد حكومة يمينية اتسمت بالعداء الصريح للمغرب، بلغت ذروتها في أزمة جزيرة ليلى سنة 2002، وها هو اليوم يقوم بجولة في الثغر المحتل، بدأها من المعبر الحدودي "بني أنصار"، في إشارة رمزية محمّلة بالرسائل، كمن يريد أن يتفقد بوابة "إسبانيا" كما وصفها ليتأكد إن كانت لا تزال تُفتح وتُغلق بإذن الرباط.


وحسب صحف إسبانية، فقد استغل أثنار تواجده بمعبر بني انصار، في توجيه تحية ودية لسكان الثغر المحتل، داعيا في الوقت نفسه إلى استعادة الثقة في إسبانيا انطلاقا من المدينة السليبة التي وصفها بـنقطة "بداية إسبانيا".

واللافت في التصريحات التي أدلى بها أثنار خلال هذه الزيارة لم يكن فقط دفاعه عن "إسبانية" مليلية، بل تلميحه بأن "إسبانيا تبدأ من هنا"، وهو تصريح يعيد إلى الأذهان زمن الإمبراطوريات التي كانت ترسم حدودها بفرشاة الغرور الاستعماري، متناسية الجغرافيا والتاريخ والشرعية، وبينما حاول الرجل بث روح الثقة في الذات الوطنية الإسبانية، بدا وكأنه يسعى إلى إحياء سردية استعمارية لم تعد تقنع حتى النخبة السياسية المعاصرة في بلاده.

وقد كان في مرافقة أثنار خلال هذه الجولة حاكم المدينة خوان خوسيه إمبرودا، الذي استقبله وكأنه زعيم منقذ عاد لاستعادة أمجاد مضت، في مدينة تعاني اليوم من تراجع اقتصادي وتجاري بات يشكل عبئا حتى على أنصار السيادة الإسبانية التقليدية.

وفي موقف يعكس تناقضا صارخا، انتقد أثنار بشدة خطة الحكومة اليسارية الحالية بشأن توزيع القاصرين غير المصحوبين بين الأقاليم الإسبانية، معتبرا أن هذا القرار "مسيس" ويخدم مصالح معينة، حيث نسي أو تناسى أنه نفسه، خلال سنوات حكمه، لم يقدم حلا عمليا لهذا الملف المعقد، وهو اليوم يتحدث كأنه معلق خارجي وليس مسؤولا سابقا ترك خلفه تركة ثقيلة من الملفات المفتوحة.

إلى ذلك، فإن هذه الزيارة، وإن غلفت بطابع "ثقافي وسياحي"، فلا يمكن فصلها عن سياق العلاقات المغربية الإسبانية، التي شهدت تحسنا ملحوظا في ظل حكومة بيدرو سانشيز. هذا التقارب، الذي تُوج بموقف مدريد الداعم لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، أقلق دوائر اليمين المحافظ، وجعل بعض رموزه يسارعون إلى "احتلال" الرمزية السياسية، كما فعل أثنار، في محاولة لعرقلة دينامية التقارب التي ترعاها حكومة يسارية.

والمثير في الأمر، أن أثنار، طالب بإعادة الاعتبار لإسبانيا دوليا، حيث اختار مليلية كنقطة انطلاق لخطابه القومي، وكأن المدينة المغربية المحتلة أضحت منصة لاستعادة الصوت الإمبراطوري، أو على الأقل لتذكير الداخل الإسباني بأن "اليمين لا يزال هنا"، يراقب خطوات التقارب مع المغرب، ويتحين الفرص للرد عليها بحسابات داخلية أكثر مما هي إستراتيجية.





تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح