رمسيس بولعيـُون
الانتماء للريف لا يعني الإنتماء لحيز جغرافي فقط، بل هو إنتماء لثقافة وهوية وفكر سياسي، فكر لا يؤمن بالخضوع والإستسلام، فكر مستلهم من نضالات رجال من هذه المنطقة عبر التاريخ.
هذه الأرض التي أنجبت المقاوم الشرس الشريف محمد أمزيان.. وأسد الريف محمد عبد الكريم الخطابي، والذي يرجع له الفضل الكبير في تنظيم الريف سياسيا وإقتصاديا، إضافة لما أقدم عليه من تأسيس لوعي شعبي بضرورة التوحد ضمن جبهة واحدة من أجل الحرية، ولا تزال مقولته "لا أرى في قضية الحرية حلاّ وسطا" يتداولها السياسيون والمناضلون إلى يومنا هذا.
تشبث أبناء الريف بأرائهم وحقوقهم لا زال يجعل سوادهم الأعظم غير راض عن سياسات المركز، فيما تعدّ أبرز سمة في تاريخ المنطقة والبلاد متمثلة في عدم التوافق بين القصر والريف.. هذا التاريخ الشاهد لمحطّات كإعلان جمهورية اتحاد قبائل الريف، مرورا بأحداث العامين 1958-1959، والإنقلابات العسكرية التي تزعمتها كوادر عسكرية من الريف، ثم انتفاضة العام 1984، وصولا إلى زلزال الحسيمة والتحركات التي زامنته لامتصاص غضب ساكنة المنطقة.
الانتماء للريف لا يعني الإنتماء لحيز جغرافي فقط، بل هو إنتماء لثقافة وهوية وفكر سياسي، فكر لا يؤمن بالخضوع والإستسلام، فكر مستلهم من نضالات رجال من هذه المنطقة عبر التاريخ.
هذه الأرض التي أنجبت المقاوم الشرس الشريف محمد أمزيان.. وأسد الريف محمد عبد الكريم الخطابي، والذي يرجع له الفضل الكبير في تنظيم الريف سياسيا وإقتصاديا، إضافة لما أقدم عليه من تأسيس لوعي شعبي بضرورة التوحد ضمن جبهة واحدة من أجل الحرية، ولا تزال مقولته "لا أرى في قضية الحرية حلاّ وسطا" يتداولها السياسيون والمناضلون إلى يومنا هذا.
تشبث أبناء الريف بأرائهم وحقوقهم لا زال يجعل سوادهم الأعظم غير راض عن سياسات المركز، فيما تعدّ أبرز سمة في تاريخ المنطقة والبلاد متمثلة في عدم التوافق بين القصر والريف.. هذا التاريخ الشاهد لمحطّات كإعلان جمهورية اتحاد قبائل الريف، مرورا بأحداث العامين 1958-1959، والإنقلابات العسكرية التي تزعمتها كوادر عسكرية من الريف، ثم انتفاضة العام 1984، وصولا إلى زلزال الحسيمة والتحركات التي زامنته لامتصاص غضب ساكنة المنطقة.
جمهورية الريف وخوف البلاط
في الفاتح فبراير 1923 تم الإعلان رسميا عن تشكيل جمهورية الريف التي أطلق عليها "الجمهورية الإتحادية لقبائل الريف" وأختير لها يوم 18 شتنبر عيدا وطنيا مصادفا لثورة الريفيين عام 1921 ضدّ إسبانيا وإعلانهم إستقلالهم عن الحماية.
حينها دعا "مولاي محند" القبائل إلى اجتماع عام في معسكره، وقد لبت النداء، إذ عُقد مؤتمر شاركت فيه كل كبار القبائل وشهد الإتفاق على الدفاع عن الريف مع تأسيس نظام سياسي، فتم تشكيل مجلس عام للشورى، عرف بالجمعية الوطنية، وكان دوره تنظيم المقاومة الوطنية وإدارة شؤون البلاد.. فكان أوّل قرار اتخذ هو إعلان استقلال الريف، وتأسيس نظام جمهوري دستوري بحكومة غالبيتها من الشباب برئاسة محمد بن عبد الكريم الخطابي، ووضعت الجمعية الوطنية في تلك الفترة ميثاقا قوميا.
تأسيس جمهورية الريف كان أيضا إعلان عن عدم الرضى تجاه سياسة المخزن المتمركز، خصوصا مواجهته للإستعمار، وفي هذا الصدد يقول محمد زاهد، الباحث في تاريخ المنطقة، إن علاقة الريف بالسلطة المركزية ظلت محكومة إما بالقطيعة أو الصدام المباشر، ذلك أن مجال تحكم المخزن كان لا يخرج عن نطاق عاصمة السلطان وأحوازها، وكانت حاملة لتسمية "بلاد السيبة" وتعدّ "مغضوبا عليها".
"هناك عدة أحداث تاريخية ووقائع تبين علاقة الاستقلال التي ميزت الريف عن السلطة المركزية، منها الحملات التأديبية التي تم تفعيلها، خصوصا مع نهاية القرن 19.. وخلال القرن الماضي شهد الريف تكالبا استعماريا كلفه غاليا، لكن كانت هناك أحداث أخرى عكست علاقة الصراع والصدام مع المخزن، في حين يعد إعلان الجمهورية لحظة مفصلية أكدت التشنج التاريخي والسياسي القائم أصلا.. فكان ذلك مؤشرا على الاستقلالية تجاه السلطتين الاستعمارية والمخزنية، على اعتبار التعارض التام بين بنية القبائل الريفية وبنية الحامي والمحمي" يقول زاهد قبل أن يردف بأن إعلان جمهورية الريف كان إعلانا لصراع قديم ـ جديد بين الريف والقصر، وهو ما يمكن فهمه في سياقات تلك المرحلة وملابساتها وكذا الموقف الذي عبر عنه السلطان مولاي يوسف سنة 1926، فالقصر أنذاك كان له موقف متقدم من فرنسا مقارنة بالمقاومة الريفية.
إن إعلان تأسيس جمهورية الريف كان له تأثير واضح على علاقة القصرـ المخزن بمنطقة الريف، ولعل العمل السياسي المنظم الذي أبان عنه رجال المنطقة جعلت المخزن يراجع حساباته و يضرب ألف حساب للريف بجعله في خانة القبائل المتمردة.
في الفاتح فبراير 1923 تم الإعلان رسميا عن تشكيل جمهورية الريف التي أطلق عليها "الجمهورية الإتحادية لقبائل الريف" وأختير لها يوم 18 شتنبر عيدا وطنيا مصادفا لثورة الريفيين عام 1921 ضدّ إسبانيا وإعلانهم إستقلالهم عن الحماية.
حينها دعا "مولاي محند" القبائل إلى اجتماع عام في معسكره، وقد لبت النداء، إذ عُقد مؤتمر شاركت فيه كل كبار القبائل وشهد الإتفاق على الدفاع عن الريف مع تأسيس نظام سياسي، فتم تشكيل مجلس عام للشورى، عرف بالجمعية الوطنية، وكان دوره تنظيم المقاومة الوطنية وإدارة شؤون البلاد.. فكان أوّل قرار اتخذ هو إعلان استقلال الريف، وتأسيس نظام جمهوري دستوري بحكومة غالبيتها من الشباب برئاسة محمد بن عبد الكريم الخطابي، ووضعت الجمعية الوطنية في تلك الفترة ميثاقا قوميا.
تأسيس جمهورية الريف كان أيضا إعلان عن عدم الرضى تجاه سياسة المخزن المتمركز، خصوصا مواجهته للإستعمار، وفي هذا الصدد يقول محمد زاهد، الباحث في تاريخ المنطقة، إن علاقة الريف بالسلطة المركزية ظلت محكومة إما بالقطيعة أو الصدام المباشر، ذلك أن مجال تحكم المخزن كان لا يخرج عن نطاق عاصمة السلطان وأحوازها، وكانت حاملة لتسمية "بلاد السيبة" وتعدّ "مغضوبا عليها".
"هناك عدة أحداث تاريخية ووقائع تبين علاقة الاستقلال التي ميزت الريف عن السلطة المركزية، منها الحملات التأديبية التي تم تفعيلها، خصوصا مع نهاية القرن 19.. وخلال القرن الماضي شهد الريف تكالبا استعماريا كلفه غاليا، لكن كانت هناك أحداث أخرى عكست علاقة الصراع والصدام مع المخزن، في حين يعد إعلان الجمهورية لحظة مفصلية أكدت التشنج التاريخي والسياسي القائم أصلا.. فكان ذلك مؤشرا على الاستقلالية تجاه السلطتين الاستعمارية والمخزنية، على اعتبار التعارض التام بين بنية القبائل الريفية وبنية الحامي والمحمي" يقول زاهد قبل أن يردف بأن إعلان جمهورية الريف كان إعلانا لصراع قديم ـ جديد بين الريف والقصر، وهو ما يمكن فهمه في سياقات تلك المرحلة وملابساتها وكذا الموقف الذي عبر عنه السلطان مولاي يوسف سنة 1926، فالقصر أنذاك كان له موقف متقدم من فرنسا مقارنة بالمقاومة الريفية.
إن إعلان تأسيس جمهورية الريف كان له تأثير واضح على علاقة القصرـ المخزن بمنطقة الريف، ولعل العمل السياسي المنظم الذي أبان عنه رجال المنطقة جعلت المخزن يراجع حساباته و يضرب ألف حساب للريف بجعله في خانة القبائل المتمردة.
58.59 نضال الريفيين وعنف المخزن
"لقد وجدنا أن كل الملابسات تدعونا إلى القيام بهذه الحركة لإنقاذ الوطن، و إلا سوف لن يرحمنا التاريخ والأجيال الصاعدة" هكذا قال قائد إنتفاضة 58/59 محمد الحاج سلام بعدما وجد أن الريفيين على وشك الإنفجار بسبب تهميش الإدارة وسياسة الإقصاء المتعمدة من طرف المركز والحكام الجدد في تلك المرحلة.
وتعددت أسباب قيام الإنتفاضة في تلك الفترة، حيث لخصها الباحث دافيد هارت، في كتابه "أيث ورياغل قبيلة من الريف المغربي"، في عدم رضا الريفيين عن زمن الإستقلال و خيبة ظنهم في الأحزاب السياسية والحكومة المغربية التي لم يحصل فيها الريفيون و لو على منصب عامل إقليم، أضف إلى ذلك أن تخلف منطقتهم، قياسا على غيرها، عمّق الإحساس بالحُكْرَة لدى الريفيين. وبالفعل تشكلت حركة ووضع لها أهداف و برنامج و حسب ما جاء في كتاب هارت دعت الحركة إلى جلاء القوات الأجنبية عن المغرب، وإلى تكوين حكومة وطنية ذات قاعدة عريضة وحكومة وحدة وطنية. وطالبت بعودة عبد الكريم الخطابي وأسرته من المنفى إلى وطنه المغرب، وإقامة نظام ديمقراطي وإصلاحات جذرية من الناحية الاقتصادية والسياسية والإجتماعية، ومجموعة من المطالب الأخرى المشروعة تم رفعها للسلطان في نونبر 1958".
ويزيد ذات الباحث: "المخزن لم يتعامل مع هذه المطالب بجدية.. ما جعل الريفيين يعلنون العصيان المدني كوسيلة للإحتجاج على هذا الإهمال. ولم يستسغ المخزن ذلك، وعوضا عن الجلوس مع أهالي المنطقة إلى طاولة الحوار، إختار التعامل بعنف و قمع هذه الإنتفاضة، وعمم المخزن أنذاك بلاغ عبر الإذاعات، بالريفية، أقرب للتهديد، يعطي فيه مهلة 48 ساعة لصاعدي الجبال حتى ينزلوا منها و يعودوا إلى منازلهم. كما أنه تم توعد سكان الريف من المنتفضين بأقصى العقوبات، وتهددّهم بإرسال حملة تأديبية لترهيبهم و تأديبهم إن لم يحترموا المدة المحددة. وفي نفس الوقت تحركت قوى الجيش، بحوالي 20 ألف جندي، نحو الريف لتتدخل بعنف لم يعرف المغرب مثيلا له، وقد كشفت عدة شهادات أن العسكر، الذي كان يقوده ولي العهد مولاي الحسن الثاني والضابط أوفقير، إجتهد في تقتيل أبناء المنقطة، متدخلا بالقنابل اليدوية والرصاص الحي، واغتصاب النساء، ووصل عنف الجيش إلى القصف بقنابل نابلم تحملها طائرات فرنسية".
ذات التحرك العسكري جاء هذا لأجل بسط الهيمنة المركزية على الريف، وتكسير شوكة ساكنة المنطقة، خصوصا أن المخزن يعرف جيدا أن لهذه الجهة خصوصيات ثقافية واجتماعية وسياسية قادرة على فرض التنظيم بتوحيد المنطقة.. وقد اقترنت هذه الحملة العسكرية باسم "إقبّارْنْ" (خوذات العسكر) وفقا لما تحتفظ به الذاكرة الجماعية بالمنطقة.
"لقد وجدنا أن كل الملابسات تدعونا إلى القيام بهذه الحركة لإنقاذ الوطن، و إلا سوف لن يرحمنا التاريخ والأجيال الصاعدة" هكذا قال قائد إنتفاضة 58/59 محمد الحاج سلام بعدما وجد أن الريفيين على وشك الإنفجار بسبب تهميش الإدارة وسياسة الإقصاء المتعمدة من طرف المركز والحكام الجدد في تلك المرحلة.
وتعددت أسباب قيام الإنتفاضة في تلك الفترة، حيث لخصها الباحث دافيد هارت، في كتابه "أيث ورياغل قبيلة من الريف المغربي"، في عدم رضا الريفيين عن زمن الإستقلال و خيبة ظنهم في الأحزاب السياسية والحكومة المغربية التي لم يحصل فيها الريفيون و لو على منصب عامل إقليم، أضف إلى ذلك أن تخلف منطقتهم، قياسا على غيرها، عمّق الإحساس بالحُكْرَة لدى الريفيين. وبالفعل تشكلت حركة ووضع لها أهداف و برنامج و حسب ما جاء في كتاب هارت دعت الحركة إلى جلاء القوات الأجنبية عن المغرب، وإلى تكوين حكومة وطنية ذات قاعدة عريضة وحكومة وحدة وطنية. وطالبت بعودة عبد الكريم الخطابي وأسرته من المنفى إلى وطنه المغرب، وإقامة نظام ديمقراطي وإصلاحات جذرية من الناحية الاقتصادية والسياسية والإجتماعية، ومجموعة من المطالب الأخرى المشروعة تم رفعها للسلطان في نونبر 1958".
ويزيد ذات الباحث: "المخزن لم يتعامل مع هذه المطالب بجدية.. ما جعل الريفيين يعلنون العصيان المدني كوسيلة للإحتجاج على هذا الإهمال. ولم يستسغ المخزن ذلك، وعوضا عن الجلوس مع أهالي المنطقة إلى طاولة الحوار، إختار التعامل بعنف و قمع هذه الإنتفاضة، وعمم المخزن أنذاك بلاغ عبر الإذاعات، بالريفية، أقرب للتهديد، يعطي فيه مهلة 48 ساعة لصاعدي الجبال حتى ينزلوا منها و يعودوا إلى منازلهم. كما أنه تم توعد سكان الريف من المنتفضين بأقصى العقوبات، وتهددّهم بإرسال حملة تأديبية لترهيبهم و تأديبهم إن لم يحترموا المدة المحددة. وفي نفس الوقت تحركت قوى الجيش، بحوالي 20 ألف جندي، نحو الريف لتتدخل بعنف لم يعرف المغرب مثيلا له، وقد كشفت عدة شهادات أن العسكر، الذي كان يقوده ولي العهد مولاي الحسن الثاني والضابط أوفقير، إجتهد في تقتيل أبناء المنقطة، متدخلا بالقنابل اليدوية والرصاص الحي، واغتصاب النساء، ووصل عنف الجيش إلى القصف بقنابل نابلم تحملها طائرات فرنسية".
ذات التحرك العسكري جاء هذا لأجل بسط الهيمنة المركزية على الريف، وتكسير شوكة ساكنة المنطقة، خصوصا أن المخزن يعرف جيدا أن لهذه الجهة خصوصيات ثقافية واجتماعية وسياسية قادرة على فرض التنظيم بتوحيد المنطقة.. وقد اقترنت هذه الحملة العسكرية باسم "إقبّارْنْ" (خوذات العسكر) وفقا لما تحتفظ به الذاكرة الجماعية بالمنطقة.
جنرالات الريف والمحاولات الانقلابية
"أتت من الريف.. سكان هذه المنطقة لم ينسوا أبدا ما جرى في 1958 حين قنبل الحسن الثاني المنطقة، وهو الذي كان وليا للعهد حينذاك، المنطقة. جمع السكان وحكم عليهم بالعشرات.. وهذا ما دفع الريفيين إلى احتضان الأحلام الانفصالية، وبعد ذلك، رأى الريفيون بسلبية احتكار الفاسيين للوظائف العليا في أجهزة الدولة، ما يفسر نوعا ما عنف المواجهات بين ساكنة الريف والجيش".. هكذا أجاب محمد الرايس، المشارك في إنقلاب 1972، عن سؤال يهم انطلاقة فكرة إسقاط النظام بالسلاح.
من الواضح جدّا، خلال المحاولات الانقلابية التي عرفها المغرب، مشاركة الجنرالات المنتمين للريف ضمنها.. ففي انقلاب 1971 كان ابنا الريف المذبوح وأعبابو من مهندسيه، حيث خططا لهذه العملية يوم 14 مارس بالحاجب، إلا انه تقرر، في آخر لحظة، تأجيلها إلى وقت لاحق، لتأتي محاولة الـ10 يوليوز 1971 التي لقي الاثنان حتفهما ضمنها بعدما نال الرصاص من الأوّل وعانى الثاني من نزيف حاد لساعات قبل أن يطلب "رصاصة الرحمة".
أما محاولة الانقلاب العسكري لـ1972، والذي يلقب بـ "انقلاب أوفقير"، عرف مشاركة تخطيط ابن الريف محمد أمقران، قائد القاعدة الجوية بالقنيطرة، الذي قاد سرب المقاتلات المحاولة تحطيم طائرة الراحل الحسن الثاني حين عودته من زيارة قادته لفرنسا.. وقد أعدم أمقران بعد سنة إلى جوار 12 مسؤولا عسكريا.. ومن تلك المرحلة لم يعد للريفيين مكان وسط مراتب متقدمة في الجيش.
"أتت من الريف.. سكان هذه المنطقة لم ينسوا أبدا ما جرى في 1958 حين قنبل الحسن الثاني المنطقة، وهو الذي كان وليا للعهد حينذاك، المنطقة. جمع السكان وحكم عليهم بالعشرات.. وهذا ما دفع الريفيين إلى احتضان الأحلام الانفصالية، وبعد ذلك، رأى الريفيون بسلبية احتكار الفاسيين للوظائف العليا في أجهزة الدولة، ما يفسر نوعا ما عنف المواجهات بين ساكنة الريف والجيش".. هكذا أجاب محمد الرايس، المشارك في إنقلاب 1972، عن سؤال يهم انطلاقة فكرة إسقاط النظام بالسلاح.
من الواضح جدّا، خلال المحاولات الانقلابية التي عرفها المغرب، مشاركة الجنرالات المنتمين للريف ضمنها.. ففي انقلاب 1971 كان ابنا الريف المذبوح وأعبابو من مهندسيه، حيث خططا لهذه العملية يوم 14 مارس بالحاجب، إلا انه تقرر، في آخر لحظة، تأجيلها إلى وقت لاحق، لتأتي محاولة الـ10 يوليوز 1971 التي لقي الاثنان حتفهما ضمنها بعدما نال الرصاص من الأوّل وعانى الثاني من نزيف حاد لساعات قبل أن يطلب "رصاصة الرحمة".
أما محاولة الانقلاب العسكري لـ1972، والذي يلقب بـ "انقلاب أوفقير"، عرف مشاركة تخطيط ابن الريف محمد أمقران، قائد القاعدة الجوية بالقنيطرة، الذي قاد سرب المقاتلات المحاولة تحطيم طائرة الراحل الحسن الثاني حين عودته من زيارة قادته لفرنسا.. وقد أعدم أمقران بعد سنة إلى جوار 12 مسؤولا عسكريا.. ومن تلك المرحلة لم يعد للريفيين مكان وسط مراتب متقدمة في الجيش.
1984.. إنتفاضة الكرامة
يناير 1984 لا يزال يذكره كل الريفيين، حتى من لم يعيشه من الساكنة يعرفون تفاصيله الدقيقة التي نقشت ضمن الذاكرة الجماعية وكذلك لقب "انتفاضة الكرامة" الذي التصق بهذه الأحداث.. ومن مسبباتها الاحتقان والصراع السياسي الناجم عن مجموعة من الاعتقالات التي طالت معارضين محتجين على التضييق والقمع.. أمّا اقتصاديا فقد تسبب في الانتفاضة غلاء الأسعار وتفشي الفقر الذي اذكاه غلق الحدود مع مليلية بشكل حرم عائلات من مورد رزقهم المستند على التهريب.
ويقول محمد البطيوي، المعتقل السياسي السابق ورئيس التجمع العالمي الأمازيغي، إن "إنتفاضة 1984، في بدايتها، كانت إنتفاضة تهم جميع المغاربة وليس الريف فقط.. وجاءت نتاج ارتفاع أثمنة المواد الغذائية الأساسية وبفعل تطبيق بنود مخطط التقويم الهيكلي الذي فرضه صندوق النقد الدولي والبنك العالمي على المغاربة"، ويضيف محمد البطيوي أنها "كانت إنتفاضة ضد المخزن وسياسته التقشفية"، ويختم بالقول أنه، وبعد خطاب الحسن الثاني الذي نعت فيه الريفيين بالأوباش ومهربي المخدرات، "أخذت الإنتفاضة منحى أخر لتحيي سياسة التهميش تجاه المنطقة".
عرفت هذه الإنتفاضة مواجهة مباشرة بين عسكر نظامي مسلح ومجهز، من جهة، ومواطنين عزل، من جهة.. وقد إستعمل فيها الجيش الرصاص الحي، واعترف رسميا بسقوط 16 قتيلا رغما عن الروايات والشهادات التي تؤكّد أن الحصيلة تفوق ذلك بكثير، خصوصا بعد الكشف مؤخرا عن رفات 13 شابا بثكنة للوقاية المدنية بالناظور أمام مطالب جمعويين بـ "نبش مقبرة جماعية مفترضة جوار ثكنة الجيش بحي تاويمة من ذات المدينة".
الغريب في الأمر أن الريف، و دون غيره من المناطق التي عرفت إحتجاجات مماثلة ذات السنة، هو لوحده من شهد تدخلا مفرطا في العنف والتقتيل، ما يمكن ربطه بتاريخية الصراع البادي بين البلاط والمنطقة المكتسبة لتوحّد سياسي أكثر من تواجد بنية قبلية نمطية.. وهنا يمكن استحضار خطاب الملك الحسن الثاني ذات العام وما حمله من اعتراف ضمني بوجود صراع.
يناير 1984 لا يزال يذكره كل الريفيين، حتى من لم يعيشه من الساكنة يعرفون تفاصيله الدقيقة التي نقشت ضمن الذاكرة الجماعية وكذلك لقب "انتفاضة الكرامة" الذي التصق بهذه الأحداث.. ومن مسبباتها الاحتقان والصراع السياسي الناجم عن مجموعة من الاعتقالات التي طالت معارضين محتجين على التضييق والقمع.. أمّا اقتصاديا فقد تسبب في الانتفاضة غلاء الأسعار وتفشي الفقر الذي اذكاه غلق الحدود مع مليلية بشكل حرم عائلات من مورد رزقهم المستند على التهريب.
ويقول محمد البطيوي، المعتقل السياسي السابق ورئيس التجمع العالمي الأمازيغي، إن "إنتفاضة 1984، في بدايتها، كانت إنتفاضة تهم جميع المغاربة وليس الريف فقط.. وجاءت نتاج ارتفاع أثمنة المواد الغذائية الأساسية وبفعل تطبيق بنود مخطط التقويم الهيكلي الذي فرضه صندوق النقد الدولي والبنك العالمي على المغاربة"، ويضيف محمد البطيوي أنها "كانت إنتفاضة ضد المخزن وسياسته التقشفية"، ويختم بالقول أنه، وبعد خطاب الحسن الثاني الذي نعت فيه الريفيين بالأوباش ومهربي المخدرات، "أخذت الإنتفاضة منحى أخر لتحيي سياسة التهميش تجاه المنطقة".
عرفت هذه الإنتفاضة مواجهة مباشرة بين عسكر نظامي مسلح ومجهز، من جهة، ومواطنين عزل، من جهة.. وقد إستعمل فيها الجيش الرصاص الحي، واعترف رسميا بسقوط 16 قتيلا رغما عن الروايات والشهادات التي تؤكّد أن الحصيلة تفوق ذلك بكثير، خصوصا بعد الكشف مؤخرا عن رفات 13 شابا بثكنة للوقاية المدنية بالناظور أمام مطالب جمعويين بـ "نبش مقبرة جماعية مفترضة جوار ثكنة الجيش بحي تاويمة من ذات المدينة".
الغريب في الأمر أن الريف، و دون غيره من المناطق التي عرفت إحتجاجات مماثلة ذات السنة، هو لوحده من شهد تدخلا مفرطا في العنف والتقتيل، ما يمكن ربطه بتاريخية الصراع البادي بين البلاط والمنطقة المكتسبة لتوحّد سياسي أكثر من تواجد بنية قبلية نمطية.. وهنا يمكن استحضار خطاب الملك الحسن الثاني ذات العام وما حمله من اعتراف ضمني بوجود صراع.
الانتقام بالإقصاء
الريف واحد من المناطق المغربية التي عرفت إقصاءً و تهميشا ممنهجا منذ العام 1956 بوضعه خارج كل الاهتمامات وتصنيفه وسط لائحة "هوامش الهامش"، وبذلك غابت عنه البنى التحتية المقترنة بالتنقل والتعلّم والتطبيب.. فيما اقترن التركيز الحالي على وضع مشاريع بمراكز دون قصد عمق المنطقة.. وفي هذا الصدد يقول سعيد العمراني، المنسق العام لمنتدى شمال المغرب بأوروبا، إنه "لا يمكن نكران إنجاز بعض المشاريع المعدودة.. أهمها توسيع الميناء، و الطريق المزدوجة من اجدير إلى الحسيمة على 4 أو 5 كلوميترات، وبعدهما الطريق الساحلي.. وقد يكون لهذه المشاريع، خاصة الطريق الساحلي، أهمية لمستقبل الريف، لكن مقارنة مع أكثر من نصف قرن من التهميش المتعمد، أضحت هذه الانجازات غير كافية على الإطلاق ولا تستجيب لطموحات أهل الريف ولا تتوافق مع الإمكانيات الطبيعية والسياحية والاقتصادية والبشرية التي يزخر بها الريف".
"إن سياسة التهميش التي نهجها المخزن تجاه الريف لها قراءة واحدة ووحيدة وهي أن المخزن و المركز ينتقم من المنطقة بالإقصاء"، يقول البطيوي ويزيد: "ذلك ليس حديث العهد، بل يعود إلى إنتفاضة 58/59 وعدم الإعتراف بجيش التحرير بالشمال، وهو المؤسس من طرف عباس لمسعدي بالناظور.. هذا التهميش هو مؤامرة من المخزن و حزب الإستقلال اللذان حاولا فرض سياسة الحزب الواحد و المنفرد بالسلطة للدفاع عن مصالح أهل فاس، هذه السياسة ما تزال مستمرة إلى يومنا هذا ".
الريف واحد من المناطق المغربية التي عرفت إقصاءً و تهميشا ممنهجا منذ العام 1956 بوضعه خارج كل الاهتمامات وتصنيفه وسط لائحة "هوامش الهامش"، وبذلك غابت عنه البنى التحتية المقترنة بالتنقل والتعلّم والتطبيب.. فيما اقترن التركيز الحالي على وضع مشاريع بمراكز دون قصد عمق المنطقة.. وفي هذا الصدد يقول سعيد العمراني، المنسق العام لمنتدى شمال المغرب بأوروبا، إنه "لا يمكن نكران إنجاز بعض المشاريع المعدودة.. أهمها توسيع الميناء، و الطريق المزدوجة من اجدير إلى الحسيمة على 4 أو 5 كلوميترات، وبعدهما الطريق الساحلي.. وقد يكون لهذه المشاريع، خاصة الطريق الساحلي، أهمية لمستقبل الريف، لكن مقارنة مع أكثر من نصف قرن من التهميش المتعمد، أضحت هذه الانجازات غير كافية على الإطلاق ولا تستجيب لطموحات أهل الريف ولا تتوافق مع الإمكانيات الطبيعية والسياحية والاقتصادية والبشرية التي يزخر بها الريف".
"إن سياسة التهميش التي نهجها المخزن تجاه الريف لها قراءة واحدة ووحيدة وهي أن المخزن و المركز ينتقم من المنطقة بالإقصاء"، يقول البطيوي ويزيد: "ذلك ليس حديث العهد، بل يعود إلى إنتفاضة 58/59 وعدم الإعتراف بجيش التحرير بالشمال، وهو المؤسس من طرف عباس لمسعدي بالناظور.. هذا التهميش هو مؤامرة من المخزن و حزب الإستقلال اللذان حاولا فرض سياسة الحزب الواحد و المنفرد بالسلطة للدفاع عن مصالح أهل فاس، هذه السياسة ما تزال مستمرة إلى يومنا هذا ".
محاولات الصلح و الإنصاف و المصالحة
هناك من يسير في الطرح المورد أن القصر بدأ يتصالح مع الريف بداية العشرية الأولى من القرن الواحد و العشرين، بعد وصول الملك محمد السادس إلى العرش، خصوصا بعد زياراته المتكررة للمنطقة.. إلا أن كريم مصلوح، المنسق العام للجنة التحضيرية للحركة من أجل الحكم الذاتي للريف ورئيس جمعية "ثاويزا"، يقول إن "الصّلح يُعبّر عن تجاوز حالة سابقة كانت تتّصف بالسلبية والتنازعيّة نحو حالة جديدة تتجاوز هذه التنازعيّة"، وبالنّسبة لمصلوح "لم يحدثَ شيء من ذلك.. فالصّلح تُعبّر عنه القوانين والمؤسّسات وليس الأفعال وردود الأفعال المقترنة بها.. المخزن لم يقم بأيّ شيء يُمكن أن يضمن للريف تطوّره السّليم والإستراتيجي.. الريف في حالة خطر لم يسبق لها مثيل، إذ هو أمام تقوقع وانطواء وفُقدان لأهميته ومكانته على كلّ المستويات. وللأسَف فإن طُغيان الجُبن والخوف وقلّة الالتزام جَعَل النّاس في الريف لا يعرفون أين تَكْمُنُ مصلحتهم".
من جهة أخرى يرى البعض أن المشاريع التي عرفتها المنطقة هي بمثابة رسائل يعبر بها المركز عن إرادته في الصلح مع الريف وتجاوز أخطاء الماضي، إلا أنها تبقى غير كافية مقارنة بقيمة إرث الماضي المقترن بالتعاطي مع المنطقة.. خصوصا أما الانتقادات التي ترى أنه لا يمكن البصم على صلح حقيقي دون أن تعتذر الدولة على انتهاكاتها.. فإحداث هيئة الإنصاف و المصالحة و تطرقها للتجاوزات التي حدثت بالريف لم يفلح في جعل الريفيين ينسون ما حدث، خصوصا أن تقرير الهيئة كان مختزلا بشدّة لدرجة أن أصوات الانتقاد نعتته بـ "الخرق الإضافي".
ويرى عمر لمعلم، ضمن مداخلة له بندوة عن "ما موقع الريف في تقرير هيئة الإنصاف و المصالح؟"، أن بداية عمل لجنة الإنصاف والمصالحة رافقتها تخوفات تعني طمسا أخر لحقيقة ما جرى بالريف، "بعد الإطلاع على التقرير أصبح ذلك التخوف أمرا واقعا، إذ تبين أن المجازر التي ارتكبت بالريف خلال الفترة الممتدة من 1955 إلى 1960 لم تحظى بالاهتمام الكافي، وأن الهيئة لم تعمل بالجدية المطلوبة لإجلاء الحقيقة الكاملة بشأنها"، و يضيف عمر لمعلم أن تقرير لجنة إدريس بنزكري "كان مجحفا في حق الريف". ويتساءل "هل الهيئة خلقت فعلا لإبراز الحقيقة؟ وهل كان مسموحا لها أن تنجز تقريرا موضوعيا تتجاوز فيه السقف الذي حدد لها من قبل منشئيها؟.. على مكونات الهيئة أن يعرفوا بأن تقريرهم ساهم فقط في الرفع من مستوى الكشف عن الحقيقة، بعدما أقروا بأنفسهم أنهم لم يكشفوا عنها بالكامل".
هناك من يسير في الطرح المورد أن القصر بدأ يتصالح مع الريف بداية العشرية الأولى من القرن الواحد و العشرين، بعد وصول الملك محمد السادس إلى العرش، خصوصا بعد زياراته المتكررة للمنطقة.. إلا أن كريم مصلوح، المنسق العام للجنة التحضيرية للحركة من أجل الحكم الذاتي للريف ورئيس جمعية "ثاويزا"، يقول إن "الصّلح يُعبّر عن تجاوز حالة سابقة كانت تتّصف بالسلبية والتنازعيّة نحو حالة جديدة تتجاوز هذه التنازعيّة"، وبالنّسبة لمصلوح "لم يحدثَ شيء من ذلك.. فالصّلح تُعبّر عنه القوانين والمؤسّسات وليس الأفعال وردود الأفعال المقترنة بها.. المخزن لم يقم بأيّ شيء يُمكن أن يضمن للريف تطوّره السّليم والإستراتيجي.. الريف في حالة خطر لم يسبق لها مثيل، إذ هو أمام تقوقع وانطواء وفُقدان لأهميته ومكانته على كلّ المستويات. وللأسَف فإن طُغيان الجُبن والخوف وقلّة الالتزام جَعَل النّاس في الريف لا يعرفون أين تَكْمُنُ مصلحتهم".
من جهة أخرى يرى البعض أن المشاريع التي عرفتها المنطقة هي بمثابة رسائل يعبر بها المركز عن إرادته في الصلح مع الريف وتجاوز أخطاء الماضي، إلا أنها تبقى غير كافية مقارنة بقيمة إرث الماضي المقترن بالتعاطي مع المنطقة.. خصوصا أما الانتقادات التي ترى أنه لا يمكن البصم على صلح حقيقي دون أن تعتذر الدولة على انتهاكاتها.. فإحداث هيئة الإنصاف و المصالحة و تطرقها للتجاوزات التي حدثت بالريف لم يفلح في جعل الريفيين ينسون ما حدث، خصوصا أن تقرير الهيئة كان مختزلا بشدّة لدرجة أن أصوات الانتقاد نعتته بـ "الخرق الإضافي".
ويرى عمر لمعلم، ضمن مداخلة له بندوة عن "ما موقع الريف في تقرير هيئة الإنصاف و المصالح؟"، أن بداية عمل لجنة الإنصاف والمصالحة رافقتها تخوفات تعني طمسا أخر لحقيقة ما جرى بالريف، "بعد الإطلاع على التقرير أصبح ذلك التخوف أمرا واقعا، إذ تبين أن المجازر التي ارتكبت بالريف خلال الفترة الممتدة من 1955 إلى 1960 لم تحظى بالاهتمام الكافي، وأن الهيئة لم تعمل بالجدية المطلوبة لإجلاء الحقيقة الكاملة بشأنها"، و يضيف عمر لمعلم أن تقرير لجنة إدريس بنزكري "كان مجحفا في حق الريف". ويتساءل "هل الهيئة خلقت فعلا لإبراز الحقيقة؟ وهل كان مسموحا لها أن تنجز تقريرا موضوعيا تتجاوز فيه السقف الذي حدد لها من قبل منشئيها؟.. على مكونات الهيئة أن يعرفوا بأن تقريرهم ساهم فقط في الرفع من مستوى الكشف عن الحقيقة، بعدما أقروا بأنفسهم أنهم لم يكشفوا عنها بالكامل".
الزلزال و موجة الغضب
في الـ24 من فبراير 2004 وقع زلزال الحسيمة الذي راح ضحيته المئات و أصيب عدد كبير من المواطنين، كما سقطت منازل و تضررت البنى التحتية بالمنقطة.. هذه الفاجعة أتت في وقت كان الكثيرون يعتبر أن الوقت قد شرع في حمل صلح بين القصر و الريف، وبذلك شكل الحدث امتحان للمخزن و سياسته.. ويرى سعيد العمراني، منسق منتدى شمال المغرب بأوروبا أنه "قبل زلزال الحسيمة لسنة 2004، لم تكن هناك مصالحة مع الريف. فباستثناء إحدى الزيارات الملكية مباشرة بعد تولي الملك محمد السادس للحكم، والتي رافقتها شخصيات ريفية و سياسية وازنة أبرزهم المرحوم سعيد الخطابي ابن قائد الثورة الريفية محمد بن عبد الكريم الخطابي، لم نشهد سياسة جيدة لا على المستوى التنموي أو على مستوى السياسي.. فالزيارات الملكية للمنطقة ليست مقياسا لفك الحصار على منطقة أو لرفع المعاناة عن ساكتنها أو حتى الشروع في مسعى المصالحة معهم.. أحيانا قد يكون لها نتائج عكسية، خاصة عندما يتغلب عليها الجانب الأمني و المخابراتي و البهرجة على باقي متطلبات التنمية".
ووفقا للعمراني فإن زلزال 2004 عرف ثلاثة مراحل:
المرحلة الأولى ـ مرحلة التدبير بالقوة: اتسمت بقمع و حصار لاحتجاجات المتضررين إذ بدل إنقاذ الناس و توفير لهم التغذية و التغطية كما تعمل الدول التي تحترم شعوبها، عززت الدولة حضورها الأمني و العسكري لقمع احتجاجات المنكوبين. لكن أمام ضغط الناس و التضامن الواسع مع الحسيميين في الداخل و الخارج، اضطر المخزن للتراجع لينهج أسلوب الاحتواء.
المرحلة الثانية ـ مرحلة سياسة الاحتواء: فطن مهندسو "العهد الجديد" لدور و قوة منظمات المجتمع المدني الريفي، و فهموا أن الطريق السليم الذي يوصل لاحتواء غضب المنكوبين هو تسخير بعض هذه المنظمات لأداء الأدوار الغير المنوط بها، إذ بدل احترام استقلالية الجمعيات و احترام دورها المدني الصرف، دفعت من طرف بعض مستشاري الملك و على رأسهم زليخة نصري، لكي تكون بعض منظمات المجتمع المدني المخاطب الأول للدولة و وسيط بينها و بين الساكنة و تلعب ذلك الدور الاطفائي و المسكن للاحتجاجات، الشيء الذي نجحت فيه الدولة إلى حد بعيد نظرا للمصداقية التي كانت تتمتع بها جل المنظمات الحقوقية و الثقافية و النقابية و التنموية بإقليم الحسيمة.. ولعبت تنسيقيتا "أمل" و "منظمات المجتمع المدني" بزعامة جمعية بادس أدوارا هامة لتخفيف من معانات الساكنة و هذا أمر لا يمكن نكرانه، إذ سمح لها لأول مرة استقبال و توزيع المعونات بما فيها تلك القادمة من الخارج.هذا الهامش سمح لبعض أعضاء هذه التنسيقيات ينخرطون بقوة في المشروع المخزني بدل الاكتفاء بدور المراقبة و دعم الساكنة.
المرحلة الثالثة ـ مرحلة إعادة الاعمار: مرحلة اتسمت بكثير من الغموض.. كانت البداية عبر تزويد الناس بالحديد و الYسمنت لترميم بيوتهم، لكن سرعان ما تشكل ما سمي بـ"الفريق المدني المتعدد التخصصات".. هذا الفريق المكون من مقاولين و مهندسين و بعض الفضوليين من المجتمع المدني أعطي له الضوء الأخضر من طرف والي الجهة آنذاك السيد "المهدية"، بل تلقى ذات الفريق كل أشكال الدعم المادي واللوجيستيكي لانجاز مهامه و المتعلقة في إعادة بناء منازل المتضررين في بعض الدواوير الساخنة .. إن طريقة إعادة التعمير و الشبهات التي طالت عملية توزيع الحديد و الاسمنت و انخراط ما يسمى بالفريق المدني المتعدد التخصصات و تعثر إعادة التعمير في بعض القرى جعل الناس يعودون للشارع و الجبال للاحتجاج ليس ضد سياسة الدولة و حسب بل أيضا ضد ذلك الفريق المدني حتى أضحى بعض الناس يسمونه ب "الفريق المتعدد الاختلاسات" بدل "الفريق المتعدد التخصصات".. أدت هذه الاحتجاجات إلى وقوع أولى الصدامات ببلدة تاماسينت التي شهدت صدامات عنيفة بين السكان المتضررين و مختلف الأجهزة القمعية حيث استعملت فيها المروحيات و القنابل المسيلة للدموع لأول مرة منذ الإنتفاضة.
و يرى سعيد العمراني أن أحداث ثاماسينت شكلت نقطة تحول كبرى، إذ "سقط قناع المصالحة المغشوشة واستيقظ الناس من سباتهم ليجدوا أنفسهم أمام نفس الممارسات و الأساليب القمعية" وفق تعبيره.. و أن "هذه الأحداث، بالإضافة إلى طريقة تدبير هيئة الإنصاف لملف الانتهاكات، جعل كل هذه المؤامرات تنكسر وسط أول جلسة استماع للضحايا بعدما صرخ الجميع في وجه المنصتين: الريف لن يباع، ولا مصالحة مع الريف إن لم تعتذر الدولة عن جرائمها المرتكبة في أكثر من مرة بالريف الشامخ.. وأخيرا ما حدث في بلدة آيث بوعياش".
في الـ24 من فبراير 2004 وقع زلزال الحسيمة الذي راح ضحيته المئات و أصيب عدد كبير من المواطنين، كما سقطت منازل و تضررت البنى التحتية بالمنقطة.. هذه الفاجعة أتت في وقت كان الكثيرون يعتبر أن الوقت قد شرع في حمل صلح بين القصر و الريف، وبذلك شكل الحدث امتحان للمخزن و سياسته.. ويرى سعيد العمراني، منسق منتدى شمال المغرب بأوروبا أنه "قبل زلزال الحسيمة لسنة 2004، لم تكن هناك مصالحة مع الريف. فباستثناء إحدى الزيارات الملكية مباشرة بعد تولي الملك محمد السادس للحكم، والتي رافقتها شخصيات ريفية و سياسية وازنة أبرزهم المرحوم سعيد الخطابي ابن قائد الثورة الريفية محمد بن عبد الكريم الخطابي، لم نشهد سياسة جيدة لا على المستوى التنموي أو على مستوى السياسي.. فالزيارات الملكية للمنطقة ليست مقياسا لفك الحصار على منطقة أو لرفع المعاناة عن ساكتنها أو حتى الشروع في مسعى المصالحة معهم.. أحيانا قد يكون لها نتائج عكسية، خاصة عندما يتغلب عليها الجانب الأمني و المخابراتي و البهرجة على باقي متطلبات التنمية".
ووفقا للعمراني فإن زلزال 2004 عرف ثلاثة مراحل:
المرحلة الأولى ـ مرحلة التدبير بالقوة: اتسمت بقمع و حصار لاحتجاجات المتضررين إذ بدل إنقاذ الناس و توفير لهم التغذية و التغطية كما تعمل الدول التي تحترم شعوبها، عززت الدولة حضورها الأمني و العسكري لقمع احتجاجات المنكوبين. لكن أمام ضغط الناس و التضامن الواسع مع الحسيميين في الداخل و الخارج، اضطر المخزن للتراجع لينهج أسلوب الاحتواء.
المرحلة الثانية ـ مرحلة سياسة الاحتواء: فطن مهندسو "العهد الجديد" لدور و قوة منظمات المجتمع المدني الريفي، و فهموا أن الطريق السليم الذي يوصل لاحتواء غضب المنكوبين هو تسخير بعض هذه المنظمات لأداء الأدوار الغير المنوط بها، إذ بدل احترام استقلالية الجمعيات و احترام دورها المدني الصرف، دفعت من طرف بعض مستشاري الملك و على رأسهم زليخة نصري، لكي تكون بعض منظمات المجتمع المدني المخاطب الأول للدولة و وسيط بينها و بين الساكنة و تلعب ذلك الدور الاطفائي و المسكن للاحتجاجات، الشيء الذي نجحت فيه الدولة إلى حد بعيد نظرا للمصداقية التي كانت تتمتع بها جل المنظمات الحقوقية و الثقافية و النقابية و التنموية بإقليم الحسيمة.. ولعبت تنسيقيتا "أمل" و "منظمات المجتمع المدني" بزعامة جمعية بادس أدوارا هامة لتخفيف من معانات الساكنة و هذا أمر لا يمكن نكرانه، إذ سمح لها لأول مرة استقبال و توزيع المعونات بما فيها تلك القادمة من الخارج.هذا الهامش سمح لبعض أعضاء هذه التنسيقيات ينخرطون بقوة في المشروع المخزني بدل الاكتفاء بدور المراقبة و دعم الساكنة.
المرحلة الثالثة ـ مرحلة إعادة الاعمار: مرحلة اتسمت بكثير من الغموض.. كانت البداية عبر تزويد الناس بالحديد و الYسمنت لترميم بيوتهم، لكن سرعان ما تشكل ما سمي بـ"الفريق المدني المتعدد التخصصات".. هذا الفريق المكون من مقاولين و مهندسين و بعض الفضوليين من المجتمع المدني أعطي له الضوء الأخضر من طرف والي الجهة آنذاك السيد "المهدية"، بل تلقى ذات الفريق كل أشكال الدعم المادي واللوجيستيكي لانجاز مهامه و المتعلقة في إعادة بناء منازل المتضررين في بعض الدواوير الساخنة .. إن طريقة إعادة التعمير و الشبهات التي طالت عملية توزيع الحديد و الاسمنت و انخراط ما يسمى بالفريق المدني المتعدد التخصصات و تعثر إعادة التعمير في بعض القرى جعل الناس يعودون للشارع و الجبال للاحتجاج ليس ضد سياسة الدولة و حسب بل أيضا ضد ذلك الفريق المدني حتى أضحى بعض الناس يسمونه ب "الفريق المتعدد الاختلاسات" بدل "الفريق المتعدد التخصصات".. أدت هذه الاحتجاجات إلى وقوع أولى الصدامات ببلدة تاماسينت التي شهدت صدامات عنيفة بين السكان المتضررين و مختلف الأجهزة القمعية حيث استعملت فيها المروحيات و القنابل المسيلة للدموع لأول مرة منذ الإنتفاضة.
و يرى سعيد العمراني أن أحداث ثاماسينت شكلت نقطة تحول كبرى، إذ "سقط قناع المصالحة المغشوشة واستيقظ الناس من سباتهم ليجدوا أنفسهم أمام نفس الممارسات و الأساليب القمعية" وفق تعبيره.. و أن "هذه الأحداث، بالإضافة إلى طريقة تدبير هيئة الإنصاف لملف الانتهاكات، جعل كل هذه المؤامرات تنكسر وسط أول جلسة استماع للضحايا بعدما صرخ الجميع في وجه المنصتين: الريف لن يباع، ولا مصالحة مع الريف إن لم تعتذر الدولة عن جرائمها المرتكبة في أكثر من مرة بالريف الشامخ.. وأخيرا ما حدث في بلدة آيث بوعياش".
إستقطاب رجال من الريف
المنطقة عرفت نهج سياسة لإستقطاب عناصر، خصوصا تلك الحاملة لسمات المعارضة، بغية إعادة إفراز لنخب مفترضة، ووكب ذلك بتحركات للاحتواء ضمن مؤسسات مختلفة منها السياسية.. كريم مصلوح يرى أن "الريف لم يشهد مُعارضين للمخزن انطلاقاً من القضيّة الرّيفيّة، وفي الحقيقة هذه مُشكلة أساس. لقد كانَ آخر من قام بذلك هي القيادة التي تولّت انتفاضة عامي 58-59 في الحسيمة، والمبادئ التي عبّر عنها القائد زريوح بالناضور. ومنذ ذلك الوقت لم نشهد أية مُعارضة ريفية للمخزن.. ويبدو لي أنّ القصد ينصب على بعض الريفيين الذي ينشطون وسط الشأن السياسي دون أن يكون لهم وزن ضمن الساحة المغربية، خصوصا خلال العقد الأول من الألفية الحالي.. لقد كانوا خاضعين للقيادات المركزيّة التي كانت تتحكّم في توجيه القرارات، بعضهم كان يتمّ تصويره بطريقة مبالغ في تضخيمها، فالسياسة تقوم على التنظيم والمصالح بين الطّبقات والفئات، وفي الريف لم نَبْلُغ هذه المرحلة بعد. بعض الفئات استفادت من انتمائها للريف من أجل الحصول عن بعض المناصب الحكوميّة مثلاً، وأسهم هذا في إظهار الريفيين ضمن صورة مغلوطة مفادها تواجدهم بمؤسسات الدولة. فيما دور الكثير من هؤلاء المُوَالين يقترن بالسّكوت عن الفساد لقاء مصالح ذاتية ضّيّقة والتقرّب من الحكام".
"أُنبّه إلى تشكّل فئة من التّجّار، ومن المجتمع المدني، لا هَمَّ لها سوى الانخراط في سياسة الحكم التي تفتقد الرؤى الواضحة.. وهنا الخطر" يزيد مصلوح ضمن الطرح الذي زكته أصوات من قبل عن استقطابات في صفوف أبناء الريف لاحتواءات تهم احتواء غضب الشوارع والجر صوب القبول بكافة قرارات المركز.
المنطقة عرفت نهج سياسة لإستقطاب عناصر، خصوصا تلك الحاملة لسمات المعارضة، بغية إعادة إفراز لنخب مفترضة، ووكب ذلك بتحركات للاحتواء ضمن مؤسسات مختلفة منها السياسية.. كريم مصلوح يرى أن "الريف لم يشهد مُعارضين للمخزن انطلاقاً من القضيّة الرّيفيّة، وفي الحقيقة هذه مُشكلة أساس. لقد كانَ آخر من قام بذلك هي القيادة التي تولّت انتفاضة عامي 58-59 في الحسيمة، والمبادئ التي عبّر عنها القائد زريوح بالناضور. ومنذ ذلك الوقت لم نشهد أية مُعارضة ريفية للمخزن.. ويبدو لي أنّ القصد ينصب على بعض الريفيين الذي ينشطون وسط الشأن السياسي دون أن يكون لهم وزن ضمن الساحة المغربية، خصوصا خلال العقد الأول من الألفية الحالي.. لقد كانوا خاضعين للقيادات المركزيّة التي كانت تتحكّم في توجيه القرارات، بعضهم كان يتمّ تصويره بطريقة مبالغ في تضخيمها، فالسياسة تقوم على التنظيم والمصالح بين الطّبقات والفئات، وفي الريف لم نَبْلُغ هذه المرحلة بعد. بعض الفئات استفادت من انتمائها للريف من أجل الحصول عن بعض المناصب الحكوميّة مثلاً، وأسهم هذا في إظهار الريفيين ضمن صورة مغلوطة مفادها تواجدهم بمؤسسات الدولة. فيما دور الكثير من هؤلاء المُوَالين يقترن بالسّكوت عن الفساد لقاء مصالح ذاتية ضّيّقة والتقرّب من الحكام".
"أُنبّه إلى تشكّل فئة من التّجّار، ومن المجتمع المدني، لا هَمَّ لها سوى الانخراط في سياسة الحكم التي تفتقد الرؤى الواضحة.. وهنا الخطر" يزيد مصلوح ضمن الطرح الذي زكته أصوات من قبل عن استقطابات في صفوف أبناء الريف لاحتواءات تهم احتواء غضب الشوارع والجر صوب القبول بكافة قرارات المركز.
الريف لا يخضع
الناشط فكري الأزرق يرى أن للريف، كمنطقة جغرافية وسكانية، خصوصيات اثنوثقافية، اقتصادية، اجتماعية.. "إنه يختزن تاريخا طويلا من الصراعات غير المتكافئة مع المركز ـ القصر، وهي الصراعات التي استعمل فيها البلاط، في مرحلة ما قبل تحالفه مع فرنسا (عقد الحماية)، أو في التاريخ السياسي المعاصر منذ 1956، مختلف أساليب الترهيب والتعذيب قصد قتل الروح الثورية في الشخصية الريفية، وبالتالي بناء مجتمع على مٌقاس المخزن".
ويرى الأزرق أن "الملاحظة الأساسية في كل محطات الصراع، التي طبعت تاريخ العلاقة بين الطرفين، هي أن المخزن يستعمل كل ما لديه من قوة لإرغام الريفيين على الخضوع، كما جرى نهاية الخمسينيات، ويواجه المنطقة بقمع وحشي كلما طالب أبناؤها بمطالب أكثر من شرعية".. ويزيد "الوحشية التي تم بها التعامل مع الريف، على مر التاريخ، تركت انطباعا متوارثا أفرز حقدا جماعيا، وما إبرازهم لمعالم الحكم المركزي محليا إلا اتقاء لشر رجال السلطة رغما عن الرفض المترسخ في اللاوعي الجماعي".
وعن الحراك الذي عاشته المنطقة يقول فكري إن "الرسالة الجماعية لأهل الريف صوب الحكم المركزي موجودة في طبيعة الشعارات القوية التي سبق وأن رفعت ضد النظام السياسي، كما هي موجودة أيضا في طبيعة الدينامية الاحتجاجية بالمنطقة دون غيرها من المناطق المغربية، وموجودة أيضا في أعلام الجمهورية الريفية المرفوعة في المظاهرات"، ويزيد: "عدم خضوع الريف راجع لتشبث الريفيين بمطالبهم، و كذلك برفضهم للطريقة التي يتعامل بها المخزن مع المنطقة على مر الزمن، و لعل صمود أهالي الريف، بإذكاء من دماء ضحايا الأحداث المتتالية، أفرز مناعة قوية ضد سياسات المركز ـ المخزن".
الناشط فكري الأزرق يرى أن للريف، كمنطقة جغرافية وسكانية، خصوصيات اثنوثقافية، اقتصادية، اجتماعية.. "إنه يختزن تاريخا طويلا من الصراعات غير المتكافئة مع المركز ـ القصر، وهي الصراعات التي استعمل فيها البلاط، في مرحلة ما قبل تحالفه مع فرنسا (عقد الحماية)، أو في التاريخ السياسي المعاصر منذ 1956، مختلف أساليب الترهيب والتعذيب قصد قتل الروح الثورية في الشخصية الريفية، وبالتالي بناء مجتمع على مٌقاس المخزن".
ويرى الأزرق أن "الملاحظة الأساسية في كل محطات الصراع، التي طبعت تاريخ العلاقة بين الطرفين، هي أن المخزن يستعمل كل ما لديه من قوة لإرغام الريفيين على الخضوع، كما جرى نهاية الخمسينيات، ويواجه المنطقة بقمع وحشي كلما طالب أبناؤها بمطالب أكثر من شرعية".. ويزيد "الوحشية التي تم بها التعامل مع الريف، على مر التاريخ، تركت انطباعا متوارثا أفرز حقدا جماعيا، وما إبرازهم لمعالم الحكم المركزي محليا إلا اتقاء لشر رجال السلطة رغما عن الرفض المترسخ في اللاوعي الجماعي".
وعن الحراك الذي عاشته المنطقة يقول فكري إن "الرسالة الجماعية لأهل الريف صوب الحكم المركزي موجودة في طبيعة الشعارات القوية التي سبق وأن رفعت ضد النظام السياسي، كما هي موجودة أيضا في طبيعة الدينامية الاحتجاجية بالمنطقة دون غيرها من المناطق المغربية، وموجودة أيضا في أعلام الجمهورية الريفية المرفوعة في المظاهرات"، ويزيد: "عدم خضوع الريف راجع لتشبث الريفيين بمطالبهم، و كذلك برفضهم للطريقة التي يتعامل بها المخزن مع المنطقة على مر الزمن، و لعل صمود أهالي الريف، بإذكاء من دماء ضحايا الأحداث المتتالية، أفرز مناعة قوية ضد سياسات المركز ـ المخزن".
الكرامة أولا.. الكرامة دائما
لكل منطقة خصوصياتها و ثقافتها، و لعل أبرز ما تتسم به الخصوصية الريفية، هي التربية التي تربى عليها أهل هذه المنطقة، تربية ترفض الخضوع و الإنصياع و التذلل، تربية العز و النخوة و الإفتخار للإنتماء للريف، تربية الحق في العيش بكل كرامة، فمعركة الريفيين و منذ الأزل هي معركة من أجل الكرامة أولا و الكرامة دائما، و في هذا يقول الأستاذ محمد البطيوي إن "نضال الريفيين كان دائما يتمثل في الكرامة أولا و قبل كل شيء"
لكل منطقة خصوصياتها و ثقافتها، و لعل أبرز ما تتسم به الخصوصية الريفية، هي التربية التي تربى عليها أهل هذه المنطقة، تربية ترفض الخضوع و الإنصياع و التذلل، تربية العز و النخوة و الإفتخار للإنتماء للريف، تربية الحق في العيش بكل كرامة، فمعركة الريفيين و منذ الأزل هي معركة من أجل الكرامة أولا و الكرامة دائما، و في هذا يقول الأستاذ محمد البطيوي إن "نضال الريفيين كان دائما يتمثل في الكرامة أولا و قبل كل شيء"