المزيد من الأخبار






محمد أحداد: عبد الكريم الريفي وعلال الفاسي ومشروع الدولة الحديثة


محمد أحداد: عبد الكريم الريفي وعلال الفاسي ومشروع الدولة الحديثة
كتب: محمد أحداد

تحدث بوعبيد طويلا عن الوطنية المغربية وعن النفسانية المغربية، لكنه أفرد حيزا كبيرا للحديث عن ثورة محمد بن عبد الكريم الخطابي في الريف. أسئلة العروي، وإن كانت تبدو في جوهرها بسيطة، إلا أنه في عمقها كانت تحمل نوعا من الاستفزاز لواحد من أبرز رموز أحزاب الحركة الوطنية المغربية. قال بوعبيد إن الخطابي لم يكن سلفيا كما هو مأثور عنه أو كما هو مقرر في الوثائق الصادرة عن الجمهورية الريفية، وأنه كان يأكل الخنزير، ولو انتصر كان سيؤسس لسلالة جديدة..

نفهم من السلالة الجديدة، أن ابن عبد الكريم لم يكن هدفه فقط تحرير المغرب من الغزاة الاستعماريين، بقدر ما كانت فكرة تأسيس دولة جديدة سابقة في ذهنه عن فكرة المقاومة. معنى ذلك، إذا أردنا الاختصار أكثر، أن الخطابي، المؤمن بتحرير البلاد، كان ينتظر المناسبة فقط ليعلن عن ميلاد سلالة جديدة من المواطنين يدينون به، ويرون فيه رئيس الدولة غير الآبه بمواضعات الاستعمار ولا بالسلطان محمد الخامس.

الخلاف بين الخطابي وأحزاب الحركة الوطنية يشبه إلى حد بعيد خلاف عباس المساعدي معهم، ليس لأنهم كانوا يملتكون جرأة زائدة أو مندفعون أكثر من اللازم، بل لأنهم كانوا يحملون مشروعا مناقضا. الخطابي كان يحمل مشروعا للدولة والمساعدي كان يحمل مشروعا للتحرر وكلاهما إلى جانب المختار السوسي تعرضوا لحملة قاسية من لدن أقطاب الحركة الوطنية.

“رغم كل المجاملات وخطابات الود والتمجيد التي تبادلها الوطنيون والخطابي على حد سواء، فإن الصراع بينهما ظل خفيا قبل أن يتحول إلى مواجهة مباشرة”

لا يخفي العروي هذا الاختلاف بين عبد الكريم الريفي الذي ربته شعاب الجبال وقساوة الجغرافيا، ودسائس ذوي القربى وإحراق منزل عائلته بأجدير، وبين علال الفاسي ابن المدينة سليل تربية سلفية بنفس حداثي. لاحظوا التمييز جيدا إنه صراع بين الريفي والفاسي، بين المدينة والبادية حسب العروي، لذلك نقرأ معه في لحظة من لحظات التشبيه القليلية التي أقامها صاحب الأدلوجة بين الرجلين:

رجلان متشابهان، لكنهنا مختلفان في آن، يتحدثان لكم هل يتفاهمان، على العموم انتهى شهر العسل بينهما مبكرا. إن الصراع بين علال الفاسي وعبد الكريم تشكل صورة مؤلمة لوعينا الوطني.

هي مؤلمة حقا لأن قادة الحركة الوطنية الذين عجزوا عن استقطاب الخطابي إلى صفهم وفشلوا في استثمار صورته لمواجهة فرنسا لجأت إلى وسائل غير شريفة في التدافع السياسي حيث وصفته بالعجوز الشيخ “الهرم الذي تجاوزته الأحداث” وحاولت تشويه صورته عند المسؤولين المصريين، وقاموا بكل شيء ليثبتوا للمخابرات المصرية أن الخطابي استحال إلى مجرد ذكرى ينبغي ترصيصه في متحف التاريخ.

رغم كل المجاملات وخطابات الود والتمجيد التي تبادلها الوطنيون والخطابي على حد سواء، فإن الصراع بينهما ظل خفيا قبل أن يتحول إلى مواجهة مباشرة عندما صاغ الخطابي وثيقة ضمنها لائحة بأسماء الذين اختطفهم حزب الاستقلال وعذبهم، وذهب أبعد من ذلك، حيث ورط المهدي بن ببركة في عمليات الاغتيال.

رأت الحركة الوطنية في اتهامات الخطابي نزاعا حول الشرعية وليس انتقادا عاديا، ولأن الوثيقة كانت صادرة عن الخطابي نفسه، فإنه لا يمكن، بأي حال من الأحوال تجاهلها، فاتهموه مرة أخرى بالانتماء إلى حزب الشورى والاستقلال الذي خاص حرب استنزاف طويلة مع الاستقلاليين.

حتى لا نضيع في التفاصيل، فإن التصور الذي كان يحمله الخطابي عن بناء الدولة الحديثة، كان مختلفا جدا عن تصور الحركة الوطنية والقصر، فهو رفض أن ينزع سلاح جيش التحرير وأن يبقى الجزائريون وحدهم مرابطين في الجبهات، ورفض الدستور الجديد ووصفه بالممنوح، ورفض الاستقلال وقال عنه استقلال أعرج.. هي معالم لمشروع دولة حاول أن يؤسسها في العشرينيات من القرن الماضي- رغم كل الخلاف عن طبيعتها- لكنه أدرك، بعد أن حاول استدرار عطف فرنسا..أن الاستعمار ملة واحدة.g[ 



1.أرسلت من قبل mourad nador في 07/02/2018 18:40 من المحمول
غبرتي بزاف يا المؤرخ محمد احداد. يا الرايس. رجعتي بنا حتى لعهد بوعبيد وداك الزمان ديال الحصول على الاسقلال. حتى وان استقل الريف انداك فلن يكون بخير. لان هناك تاريخ ماقبل الخطابي و المساعدي اقله يعود الى اكثر من 150 سنة قبل عهد بوحمارة بكثير

2.أرسلت من قبل amaghrabi في 07/02/2018 19:52
بسم الله الرحمان الرحيم.الصراع الفكر والسياسي شيئ صحي للمسيرة الحضارية او التنموية في أي دولة من دول العالم رغم اني احبب مصطلح التنافس وليس الصراع.بين القائد الجهادي محمد بن عبد الكريم الخطابي رحمه الله واسكنه فسيح جنانه وبين الولة المغربية الحاليةوالتي تقودها العطرة النبوية منذ ان بايعها امازيغ المغرب بصدق وطواعية.هناك تساؤلات منطقية ومعقدة تشغل بال الريفيين الصادقين الذين يتحرون الصدق والموضوعية,وهده التساؤلات كثيرة ومتنوعة يفرضها الواقع الريفي ومطروحة باستمرارنظرا للحزازات السياسية والعنصرية والعدوانية والكرهية وو التي تحملها وتعكر الأجواء العامة المغربية التي تتمنى الوحدة والمحبة ووضع يد في اليد بين جميع المغاربة بدون تمييز لبناء الوطن المغربي الذي في نظري تنتظره مهمات صعبة ومجهودات جبارة للوصول الى ما يصبو اليه جميع المغاربة من حرية وكرامة وعز وسؤدد وووو.لماذا نبقى حبيسين في استنطاق التاريخ المهزوم لجلد الذات أولا ورفع راية العصيان بالفكار السياسية السلبية التي تدعو الا الى عرقلة عجلة التنمية بخلق فلاقل هنا وهناك .لماذا نتكلم على بطلنا فقط لنشوش على دولتنا الحاضرة وهي صراحة تقوم بواجبات ايجابة كثيرة لصالح جميع المغاربة بدون تمييز.يجب ان نعترف ان الدولة المغربية قامت بخطوات جيدة منذ الاستقلال الى اليوم وما زالت تضاعف المجهودات من اجل السير قدما نحو الأفضل.المشاكل كثيرة نعم,الظلم موجود نعم والفساد موجود نعم وووو وكثير من الماسي ,ولكن دولتنا والحمد لله قامت بمشاريع مهمة جدا وفي جميع الميادين وما زالت سائرة وتخطط حسب امكانياتها البسيطة في نظري من اجل البناء والتشيد,يجب ان نعترف ونقر ونطلب ونعمل ونساعد.النبش في التاريخ لهدم الحاضر في نظري واستسمح من اخواني الريفيين تفكير سلبي لا يزيد في الواقع الا السلبيات ومزيد من السلبيات ولا يقدم أي منفعة تذكر على الاطلاق

تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح