يوسف ججيلي
تكاد تعرف أدق تفاصيل أجندة أنشطة الملك اليومية ومواقيت مغادرته لإقامته بالمضيق وعودته إليها مضبوطة على ساعتها اليدوية التي لا تفارقها، أما عدد مرافقيه ونوعية السيارات التي يمتطيها فليست أسرارا بالنسبة إلى لطيفة، المرأة الجبلية، التي فضلت مطاردة الملك بينما هو يقضي عطلته الصيفية بالمدن الشمالية.
رغم تقدمها في السن، إذ تتجاوز عقدها الخامس، فإنها أصرت على تصيد فرصة تواجد الملك بإقامته بالمضيق لترك عالم الفقر وراءها، حيث تؤكد أن حبها للملك والفاقة التي تعيشها رفقة أبنائها الذين تعيلهم دفعاها إلى مطاردة الملك علها تحظى بكرمه بدخل مالي يحفظ كرامتها وكرامة عائلتها. بعد إعدادها لوجبة الإفطار، في حدود الساعة السابعة والنصف صباحا، تقصد المدينة تاركة البيت الضيق الذي تقطنه رفقة أبنائها الخمسة بدوار عند قدم الجبل بمنطقة المضيق الصغيرة، إيذانا ببداية برنامجها اليومي في مطاردتها للملك.
«سيدنا باقي ماغاديش يخرج دابا...»، تقول لطيفة، التي رافقتها «المساء» في رحلتها بحثا عن الملك. كانت الساعة تشير حينها إلى حوالي العاشرة صباحا، حين قالت لطيفة، بنبرة واثقة، إن الملك يمارس في هذه الأثناء رياضة المشي ويقوم ببعض التمارين الرياضية طيلة الصباح، وبعد ذلك سيطالع بعض الكتب ولن يغادر الإقامة إلى بعد الزوال في حدود الساعة الثالثة والنصف أو الرابعة. من فرط انشغالها بشخص الملك، أصبح خيالها يجنح بها بعيدا، حيث يعبر بها أسوار الإقامة الملكية التي يحيط بها الحرس من كل جوانبها، ويُصور لها ما يقوم به الملك في الداخل.
«كانشوف سيدنا في المنام كل ليلة»، تقول لطيفة وهي تترصد الملك في مكان بعيد ببضعة أمتار عن إقامته. لازالت تنتظر بلوغ ساعة الصفر لملاقاته بعد أسابيع من المطاردة. هل سبق أن تم اعتقالك بسبب ما تقومين به؟ ليس بعد، ولا يهم أن يعتقلوني، «أنا ما كنطلب حتا واحد، أنا طالبة نشوف سيدنا»، تجيب بلكنة جبلية وبنبرة إصرار على تحقيق مناها. في حدود الساعة الثالثة والنصف، فُتح باب الإقامة وبدت سيارة من طراز «ميرسيديس» صغيرة تجتازه في اتجاه اليمين، وعلى متنها شخصان، كان أحدهما الملك محمد السادس.
انطلقت السيارة بسرعة لم تدع للطيفة وقتا حتى للاقتراب منها لعامل البعد والحرس الذي كان يحيط بسيارة الملك المكشوفة. بدت الحسرة على ملامح لطيفة وهي تقف منتظرة أمام الإقامة عودة الملك. دام الانتظار بعضا من الوقت دون جدوى، فقررت المغادرة والعودة إلى بيتها
الضيق .
بيد أن إصرار لطيفة مكنها من بلوغ هدفها، إذ بعد أسبوع من مرافقة «المساء» لها في رحلتها، وبينما كانت على متن سيارة أجرة من النوع الكبير في الطريق الرابطة بين مدينتي المضيق والفنيدق، رأت سيارة الملك تمر في الاتجاه المعاكس، لتطلب في الحين من صاحب سيارة الأجرة التوقف. ترجلت دون إخبار الركاب بما شاهدته، حيث نزلت من السيارة وهي تعلم بأن الملك سيعود من نفس الطريق في اتجاه إقامته، انتظرت لدقائق معدودة حتى ظهرت لها السيارة الصغيرة المكشوفة قادمة في اتجاهها. لم تتردد لطيفة للحظة في الوقوف وسط الطريق، وهي التي طالما انتظرت هذه الفرصة. ضغط الملك على كوابح السيارة وأمر مساعديه بأن يلبوا طلبات السيدة. استحق عناء لطيفة رخصة استغلال سيارة أجرة تسلمتها من مصالح عمالة المضيق في اليوم الموالي بعد عشر ساعات من التحقيق معها من قبل رجال الأمن.
المساء
تكاد تعرف أدق تفاصيل أجندة أنشطة الملك اليومية ومواقيت مغادرته لإقامته بالمضيق وعودته إليها مضبوطة على ساعتها اليدوية التي لا تفارقها، أما عدد مرافقيه ونوعية السيارات التي يمتطيها فليست أسرارا بالنسبة إلى لطيفة، المرأة الجبلية، التي فضلت مطاردة الملك بينما هو يقضي عطلته الصيفية بالمدن الشمالية.
رغم تقدمها في السن، إذ تتجاوز عقدها الخامس، فإنها أصرت على تصيد فرصة تواجد الملك بإقامته بالمضيق لترك عالم الفقر وراءها، حيث تؤكد أن حبها للملك والفاقة التي تعيشها رفقة أبنائها الذين تعيلهم دفعاها إلى مطاردة الملك علها تحظى بكرمه بدخل مالي يحفظ كرامتها وكرامة عائلتها. بعد إعدادها لوجبة الإفطار، في حدود الساعة السابعة والنصف صباحا، تقصد المدينة تاركة البيت الضيق الذي تقطنه رفقة أبنائها الخمسة بدوار عند قدم الجبل بمنطقة المضيق الصغيرة، إيذانا ببداية برنامجها اليومي في مطاردتها للملك.
«سيدنا باقي ماغاديش يخرج دابا...»، تقول لطيفة، التي رافقتها «المساء» في رحلتها بحثا عن الملك. كانت الساعة تشير حينها إلى حوالي العاشرة صباحا، حين قالت لطيفة، بنبرة واثقة، إن الملك يمارس في هذه الأثناء رياضة المشي ويقوم ببعض التمارين الرياضية طيلة الصباح، وبعد ذلك سيطالع بعض الكتب ولن يغادر الإقامة إلى بعد الزوال في حدود الساعة الثالثة والنصف أو الرابعة. من فرط انشغالها بشخص الملك، أصبح خيالها يجنح بها بعيدا، حيث يعبر بها أسوار الإقامة الملكية التي يحيط بها الحرس من كل جوانبها، ويُصور لها ما يقوم به الملك في الداخل.
«كانشوف سيدنا في المنام كل ليلة»، تقول لطيفة وهي تترصد الملك في مكان بعيد ببضعة أمتار عن إقامته. لازالت تنتظر بلوغ ساعة الصفر لملاقاته بعد أسابيع من المطاردة. هل سبق أن تم اعتقالك بسبب ما تقومين به؟ ليس بعد، ولا يهم أن يعتقلوني، «أنا ما كنطلب حتا واحد، أنا طالبة نشوف سيدنا»، تجيب بلكنة جبلية وبنبرة إصرار على تحقيق مناها. في حدود الساعة الثالثة والنصف، فُتح باب الإقامة وبدت سيارة من طراز «ميرسيديس» صغيرة تجتازه في اتجاه اليمين، وعلى متنها شخصان، كان أحدهما الملك محمد السادس.
انطلقت السيارة بسرعة لم تدع للطيفة وقتا حتى للاقتراب منها لعامل البعد والحرس الذي كان يحيط بسيارة الملك المكشوفة. بدت الحسرة على ملامح لطيفة وهي تقف منتظرة أمام الإقامة عودة الملك. دام الانتظار بعضا من الوقت دون جدوى، فقررت المغادرة والعودة إلى بيتها
الضيق .
بيد أن إصرار لطيفة مكنها من بلوغ هدفها، إذ بعد أسبوع من مرافقة «المساء» لها في رحلتها، وبينما كانت على متن سيارة أجرة من النوع الكبير في الطريق الرابطة بين مدينتي المضيق والفنيدق، رأت سيارة الملك تمر في الاتجاه المعاكس، لتطلب في الحين من صاحب سيارة الأجرة التوقف. ترجلت دون إخبار الركاب بما شاهدته، حيث نزلت من السيارة وهي تعلم بأن الملك سيعود من نفس الطريق في اتجاه إقامته، انتظرت لدقائق معدودة حتى ظهرت لها السيارة الصغيرة المكشوفة قادمة في اتجاهها. لم تتردد لطيفة للحظة في الوقوف وسط الطريق، وهي التي طالما انتظرت هذه الفرصة. ضغط الملك على كوابح السيارة وأمر مساعديه بأن يلبوا طلبات السيدة. استحق عناء لطيفة رخصة استغلال سيارة أجرة تسلمتها من مصالح عمالة المضيق في اليوم الموالي بعد عشر ساعات من التحقيق معها من قبل رجال الأمن.
المساء