حديث مهاجر؛ عمود اسبوعي سوافيكم به كل يوم احد.
عادل شكري من برشلونة.
على طول ممر الرامبلة ببرشلونة، البهلوانات لا تدع للمخيلة شيا أخر تخوض فيه، فقد خاضوا في كل أشكال الحليقات، على غرار ا لحلاقي بمدينة مراكش، تجد بين الفينة و الأخرى وجوها، تلفت انتباهك كثيرا، و كأنك تقول في قرارة نفسك، أين رأيت هذا الشخص من قبل ، و لماذا هذا بالذات بالرغم انك و أنت تعبر ذلك الممر، توجد أشياء كثيرة جديرة بجلب اهتمامك، كحسناوات يرسمون خارطة المنطقة الاسكندينافية لحظة واحدة في مكان واحد. فتلك الوجوه التي شبهتها تذكرك بأول صفعة تلقيتها من وطن غير حنون، من امرأة أهملت أولادها و أكلت ثديها بعد ذلك انتقاما من أنوثتها، و آنت تستعيد مخيلتك بين شقراوات العالم و متقاعديه, في منتزههم ببرشلونة، حيث ترى بجانب كل هذه الفخفخة، عائلات مسلمات أبين إلا أن يكن من بين الحجاج، ليقولوا للعالم أن الشمس تشرق على الجميع بدون امتياز، و لكل واحد الحق في الاستمتاع بأشعتها كيفما شاء، في الأزقة المجاورة لساحة كتالونيا، المطاعم بفولها و عدسها و بصلها، هي هي كما كنت تتجنبها قدر المستطاع، حينما كانت أيادي حنينه أكثر من اللازم، تحضر لك أشهى ما وجدت أمامها.
في الحقيقة، وجوه المغاربة تتميز عن الباقي، و أتذكر انه خلال عشاء عمل في احدي الأيام بنفس المدينة ، دخل احد باعة الورود، و بينما لم يعره احد اهتماما و نحن في غمرة الحديث عن أشغال الدنيا و سوق العمل، اختفت فجأة محفظة السيدة، في موقف حقيقة ليس بالهين، و كان لزاما أن ترافقها إلي مركز الشرطة لتقديم محضر في الواقعة، حينما سألها البوليسي التابع لأمن كتالونيا و الذين يلقبون ب موسوس، سألها عما إذا تشك في أي شخص غريب حاول الاقتراب منها، فكان جوابها نعم، لقد اقترب مني احد المغاربة الذين يبيعون الورود، كان جواب البوليسي أن بائع الورود هندي و ليس مغربي، لان المغاربة خصوصا في برشلونة لا يبيعون الورود، بعدما رحت ابحث في تلك القضية وجدت أن الرجل كان صائبا، بل هذا لم يمنعني من اكتشاف روعة بعض انصاف المغاربة في السرقة، أخر مشهد يستحي المري من ذكره.
و لعل منطقة كتالونيا هي الوجهة المفضلة للعديد من المغاربة الذين أرادوا أن يستعيدوا صهوة الجواد الضائعة في بلاد الأندلس قبل قرونا عددا، لكن الزمان غير الزمان و الرجال غير الرجال ، و الحال غير الحال، الآن المهاجر المغربي الضائع بين خيارات بديلة صعبة و قاسية و بين هروب من وطن اقسي، كم هو قاسي أن تعيش حكاية الفقر و الغني حكاية الغربة و الوطن. و لو انه في غالبية الأحيان نحن من نغرب نفسنا في أراضي ليس لأحد عليها من سلطان فالأرض الواسعة، إنما هي ارض الله و ليست ارض أوباما او ثاباتيرو و ساركوزي. الفترة الأخيرة التي يشهدها العالم ككل و الوتيرة السريعة التي تأتي بها الأحداث الغريبة، توحي علي مؤشر مرحلة انتقالية تاريخية جديدة، إننا بالفعل نخوض في حقبة تاريخية جديدة، و ليس بالغريب أن نسمع بان فرنسا ستكون جمهورية إسلامية بعد حوالي أربعين حولا، و إن العديد من الحضارات المزدهرة الان ستختفي الي الأبد لان معدل نموها الديمغرافي لا يتعدي الحد الادني الذي تحافظ من اجله الحضارات و الأمم علي استمراريتها،هذا إن لم تكن الكرة الأرضية قد اختفت بأكملها .
في البرتغال وجدت للمغربي تمثالا عريقا في مخيلة البرتغاليين، احترام في الحقيقة تحسدنا عليه الكثير من الجاليات الأخرى و اغلبهم من البرازيل غانا الكونغو...الخ، و حينما رحت أجول في أزقة و شوارع لشبونة ابحثعنهؤلاء المغاربة، وجدت انهم فقط يوجدون في المخيلة، فالمغاربة ما عادوا يهاجرون للبرتغال، ليس كما الحال بالنسبة لباقي الدول الاوروبية، ليس لسبب أهم من أن الحد الادنى للأجور لا يتعدى سقف الخمسمائة اورو. فصدق الشاعر قوله الفقر فى الوطن غُربة ... والغنى فى الغُربة وطن
أصبحت مسألة الهجرة بالمغرب عموما تشكل هاجسا يوميا نعيش فصوله في كل لحظة، فلا أحد منا يخفى عليه كم أصبح يشغل بال الجميع الوصول إلى الفردوس المفقود فمنهم من رحل و منهم من لا زال يكرر نفس الحلقة أمام أبواب القنصليات أو على أمواج مياه البحر الأبيض المتوسط ... حينما اخترت الحديث عن جالية لم أقصد فقط الجالية المغربية التي تطبع جوازات سفرها في مصلحة الدخول بميناء بني أنصار، و إنما أقصد كذلك مشروع الجالية التي تقطن بالمغرب لأنها بكل بساطة ستطبع جوازات سفرها أيضا قريبا في مصلحة الخروج.
إذن هناك مجموعة من الأشخاص لديهم خطة مشروع هجرة هؤلاء طبعا هم سيصبحون كذلك ممن سنتحدث عنهم قريبا كجالية مغربية أيضا ...و مما لا شك فيه أنه ليس بالبعيد إن يكون أحد ممن يقرأ هذا الموضوع في القريب هو كذلك يطبع جواز سفره دخولا و خروجا..المهم هو أن المسالة فيه دخول و خروج ،فيها ذهاب و إياب ،و لله الحمد على أن المهاجرين المغاربة هم من المهاجرين الذين لا يقطعون الصلة بأرض الوطن إلى درجة تثبت فيه الإحصائيات باسبانيا مثلا أن حجم التحويلات المالية المسجلة في هذه السنة للمغاربة الذين يرسلون أموالهم إلى ذويهم هنا بالمغرب فاقت كل المعاملات بالمقارنة مع الجاليات الأخرى.
لقد تبلورت لدي هذه الفكرة منذ إن عايشت عن كثب تجربة المهاجر المغربي حتى اختلفت الرؤية لهاته الفئة التي لا نريد لها أن تنفصل عن مكونات المجتمع المغربي، فالذي يجمع بيننا نحن المغاربة لا تمنعه حواجز و لا حدود...روابط المحبة العائلية و الوطنية إنما هي روابط ثابتة لا يؤثر عليها طول المسافات ولا علو الأمواج .
عادل شكري من برشلونة.
على طول ممر الرامبلة ببرشلونة، البهلوانات لا تدع للمخيلة شيا أخر تخوض فيه، فقد خاضوا في كل أشكال الحليقات، على غرار ا لحلاقي بمدينة مراكش، تجد بين الفينة و الأخرى وجوها، تلفت انتباهك كثيرا، و كأنك تقول في قرارة نفسك، أين رأيت هذا الشخص من قبل ، و لماذا هذا بالذات بالرغم انك و أنت تعبر ذلك الممر، توجد أشياء كثيرة جديرة بجلب اهتمامك، كحسناوات يرسمون خارطة المنطقة الاسكندينافية لحظة واحدة في مكان واحد. فتلك الوجوه التي شبهتها تذكرك بأول صفعة تلقيتها من وطن غير حنون، من امرأة أهملت أولادها و أكلت ثديها بعد ذلك انتقاما من أنوثتها، و آنت تستعيد مخيلتك بين شقراوات العالم و متقاعديه, في منتزههم ببرشلونة، حيث ترى بجانب كل هذه الفخفخة، عائلات مسلمات أبين إلا أن يكن من بين الحجاج، ليقولوا للعالم أن الشمس تشرق على الجميع بدون امتياز، و لكل واحد الحق في الاستمتاع بأشعتها كيفما شاء، في الأزقة المجاورة لساحة كتالونيا، المطاعم بفولها و عدسها و بصلها، هي هي كما كنت تتجنبها قدر المستطاع، حينما كانت أيادي حنينه أكثر من اللازم، تحضر لك أشهى ما وجدت أمامها.
في الحقيقة، وجوه المغاربة تتميز عن الباقي، و أتذكر انه خلال عشاء عمل في احدي الأيام بنفس المدينة ، دخل احد باعة الورود، و بينما لم يعره احد اهتماما و نحن في غمرة الحديث عن أشغال الدنيا و سوق العمل، اختفت فجأة محفظة السيدة، في موقف حقيقة ليس بالهين، و كان لزاما أن ترافقها إلي مركز الشرطة لتقديم محضر في الواقعة، حينما سألها البوليسي التابع لأمن كتالونيا و الذين يلقبون ب موسوس، سألها عما إذا تشك في أي شخص غريب حاول الاقتراب منها، فكان جوابها نعم، لقد اقترب مني احد المغاربة الذين يبيعون الورود، كان جواب البوليسي أن بائع الورود هندي و ليس مغربي، لان المغاربة خصوصا في برشلونة لا يبيعون الورود، بعدما رحت ابحث في تلك القضية وجدت أن الرجل كان صائبا، بل هذا لم يمنعني من اكتشاف روعة بعض انصاف المغاربة في السرقة، أخر مشهد يستحي المري من ذكره.
و لعل منطقة كتالونيا هي الوجهة المفضلة للعديد من المغاربة الذين أرادوا أن يستعيدوا صهوة الجواد الضائعة في بلاد الأندلس قبل قرونا عددا، لكن الزمان غير الزمان و الرجال غير الرجال ، و الحال غير الحال، الآن المهاجر المغربي الضائع بين خيارات بديلة صعبة و قاسية و بين هروب من وطن اقسي، كم هو قاسي أن تعيش حكاية الفقر و الغني حكاية الغربة و الوطن. و لو انه في غالبية الأحيان نحن من نغرب نفسنا في أراضي ليس لأحد عليها من سلطان فالأرض الواسعة، إنما هي ارض الله و ليست ارض أوباما او ثاباتيرو و ساركوزي. الفترة الأخيرة التي يشهدها العالم ككل و الوتيرة السريعة التي تأتي بها الأحداث الغريبة، توحي علي مؤشر مرحلة انتقالية تاريخية جديدة، إننا بالفعل نخوض في حقبة تاريخية جديدة، و ليس بالغريب أن نسمع بان فرنسا ستكون جمهورية إسلامية بعد حوالي أربعين حولا، و إن العديد من الحضارات المزدهرة الان ستختفي الي الأبد لان معدل نموها الديمغرافي لا يتعدي الحد الادني الذي تحافظ من اجله الحضارات و الأمم علي استمراريتها،هذا إن لم تكن الكرة الأرضية قد اختفت بأكملها .
في البرتغال وجدت للمغربي تمثالا عريقا في مخيلة البرتغاليين، احترام في الحقيقة تحسدنا عليه الكثير من الجاليات الأخرى و اغلبهم من البرازيل غانا الكونغو...الخ، و حينما رحت أجول في أزقة و شوارع لشبونة ابحثعنهؤلاء المغاربة، وجدت انهم فقط يوجدون في المخيلة، فالمغاربة ما عادوا يهاجرون للبرتغال، ليس كما الحال بالنسبة لباقي الدول الاوروبية، ليس لسبب أهم من أن الحد الادنى للأجور لا يتعدى سقف الخمسمائة اورو. فصدق الشاعر قوله الفقر فى الوطن غُربة ... والغنى فى الغُربة وطن
أصبحت مسألة الهجرة بالمغرب عموما تشكل هاجسا يوميا نعيش فصوله في كل لحظة، فلا أحد منا يخفى عليه كم أصبح يشغل بال الجميع الوصول إلى الفردوس المفقود فمنهم من رحل و منهم من لا زال يكرر نفس الحلقة أمام أبواب القنصليات أو على أمواج مياه البحر الأبيض المتوسط ... حينما اخترت الحديث عن جالية لم أقصد فقط الجالية المغربية التي تطبع جوازات سفرها في مصلحة الدخول بميناء بني أنصار، و إنما أقصد كذلك مشروع الجالية التي تقطن بالمغرب لأنها بكل بساطة ستطبع جوازات سفرها أيضا قريبا في مصلحة الخروج.
إذن هناك مجموعة من الأشخاص لديهم خطة مشروع هجرة هؤلاء طبعا هم سيصبحون كذلك ممن سنتحدث عنهم قريبا كجالية مغربية أيضا ...و مما لا شك فيه أنه ليس بالبعيد إن يكون أحد ممن يقرأ هذا الموضوع في القريب هو كذلك يطبع جواز سفره دخولا و خروجا..المهم هو أن المسالة فيه دخول و خروج ،فيها ذهاب و إياب ،و لله الحمد على أن المهاجرين المغاربة هم من المهاجرين الذين لا يقطعون الصلة بأرض الوطن إلى درجة تثبت فيه الإحصائيات باسبانيا مثلا أن حجم التحويلات المالية المسجلة في هذه السنة للمغاربة الذين يرسلون أموالهم إلى ذويهم هنا بالمغرب فاقت كل المعاملات بالمقارنة مع الجاليات الأخرى.
لقد تبلورت لدي هذه الفكرة منذ إن عايشت عن كثب تجربة المهاجر المغربي حتى اختلفت الرؤية لهاته الفئة التي لا نريد لها أن تنفصل عن مكونات المجتمع المغربي، فالذي يجمع بيننا نحن المغاربة لا تمنعه حواجز و لا حدود...روابط المحبة العائلية و الوطنية إنما هي روابط ثابتة لا يؤثر عليها طول المسافات ولا علو الأمواج .