حكايات لا تنتهي عن معاناة المهاجرين المغاربة نقلتها الصباح خلال زيارتها للعاصمة الهولندية
صورة قاتمة يرسمها مهاجرون مغاربة عن قنصلية بلدهم بالعاصمة أمستردام. حكايات تتكرر على كل لسان حول سوء الخدمة المقدمة للمرتفقين لهذه المؤسسة الديبلوماسية، أو طريقة معاملتهم والتي تتسم في الغالب بالمماطلة والإهانة، هي جزء من هذه الصورة وقفت "الصباح" على بعض من تقاسيمها أثناء زيارتها لمقر القنصلية. تشعر منذ الوهلة الأولى وقبل أن تلمح العلم الوطني على واجهة القنصلية أنك أمام مقر إداري بطابع مغربي... خارج البناية رجال ونساء يسرعون الخطى للدخول. هواجس كثيرة تقض مضاجعهم أولها أن ركن سياراتهم في المواقف العمومية يكلفهم خمس أوروهات للساعة الوحدة، تحت طائلة الغرامة في حال تجاوزها، آخرون تدبروا أكثر من عذر للحصول على ترخيص بالغياب عن العمل لبعض الساعات من أجل انجاز وثيقة إدارية مغربية، قبل العودة لاستئناف العمل في كثير من الحالات دون إنجاز المطلوب.
علامة الدار على باب الدار
تقع القنصلية داخل بناية تاريخية من طابقين علويين وطابق أرضي، تم إدخال إصلاحات عليها قبل عدة سنوات على عهد القنصل السابق أحمد الباي، لكنها لم ترق مع ذلك إلى مستوى ما يصبو إليه أفراد الجالية المغربية، وفق ما استقته "الصباح" من شهادات يؤكد من خلالها المهاجرون المغاربة أن قنصلية بلادهم تفتقد إلى الكثير من المواصفات لتكون في مستوى إدارة حديثة تواكب مستوى الإدارات الهولندية.
تتوزع خدمات ومرافق القنصلية على الطوابق الثلاثة. في الداخل قاعة استقبال ضيقة يجلس في واجهتها الأمامية المفتوحة عدد من الموظفين. في الجانب الأيسر منها مكتب صغير مخصص لإنجاز بطاقة التعريف الوطنية. بعد مشقة يمكن لكبار السن والنساء الحوامل الوصول إلى الطابق الأول والثاني. أول ما يقابلك على جهة اليسار من الطابق الأول الذي يضم مكتب القنصل مرحاض على بابه ورقة صغيرة كتب عليها بالعربية عبارة "معطل". هكذا يضطر مرتفقو البناية إلى استعمال مرحاض مشترك خلافا لما يفرضه القانون الهولندي من إلزام المحلات التجارية والمؤسسات العمومية بتوفير مرحاضين للوافدين عليها. تقابل "الصباح" أثناء معاينتها لمرافق القنصلية شابا يخرج من مرحاض آخر عليه علامة تدل على أنه مخصص للنساء، لكن استعماله صار مشتركا بين الجنسين...
"هادوما ماشي بحال النصارى" تقول شابة مغربية مخاطبة أحد أقاربها الذي اتصل بها وهي بالكاد تهم بمغادرة القنصلية. كريمة (اسم مستعار) تبدو غير راضية تماما على مستوى المعاملة الذي لقيته من خلال قسمات وجهها، والسبب كما تشرح لـ"الصباح" أنها بعدما اضطرت للانتظار مدة طويلة فوجئت بأن وثيقتها التي أتت من أجلها لا يمكنها الحصول عليها إلا في موعد آخر، وهو ما يعني بالنسبة إليها أن الإدارة المغربية ينتفي فيها ما يعهد في الإدارات الهولندية من سرعة وجودة الخدمة المقدمة وحسن التواصل مع المواطن الهولندي أو أي أجنبي مقيم بالبلد.
ينتظر أولئك المهاجرون حلول موعد زيارتهم للقنصلية متسلحين بقدر كبير من الصبر، كما يقول مهاجر آخر وهو يراقب ملامح كل من يغادر البوابة الرئيسية. هناك وقف مغربي يلعن سوء الخدمة بالمقارنة مع ما تقدمه الإدارة الهولندية من تسهيلات وحسن استقبال.
بعد وقت قصير، يخرج شيخ بلحية بيضاء وبرفقته ابنته. يستجمع هدا المهاجر أنفاسه ليعبر عن سخطه عن واقع القنصلية، التي يقول إنها تبقى بعيدة كل البعد عن مستوى الإدارات الهولندية ،رغم أنها توجد فوق التراب الهولندي، "لقد لجأت للمناورة لأحصل على ترخيص من مسؤول الشركة التي أعمل بها، وها أنذا أعود دون أن أنجز الوثيقة التي تخص ابنتي"، وذلك راجع في نظره، للمماطلة والتسويف الذي يلقاه المهاجرون من لدن الموظفين.
سوء معاملة وابتزاز
وصلت أصداء هده الأوضاع داخل القنصلية إلى الإعلام الهولندي، ما يزكي الانطباع أن علاقة المهاجرين بالمعاناة التي يعيشونها لا تنتهي، بدءا بالجفاء الذي يقابلون به وممارسات ترد على كل لسان حول اتهام بعض الموظفين بالمحسوبية وفرض إتاوات لقاء عملهم،
ينضاف إليها أن المهاجر الذي يجد نفسه في الغالب في مواجهة الإجراءات المعقدة والانتظار الطويل يقحم تلقائيا في صراع مستمر مع الوقت، إذ لا يمكنه قضاء مصلحة داخل القنصلية دون تجاوز المدة القانونية لركن سيارته في الخارج والعودة إلى استئناف عمله دون مشاكل. وفي داخل البناية لا تتوفر قاعة مناسبة للاستقبال، مما يجبر الكثيرين على الاصطفاف في منظر يذكر المهاجرين أنفسهم بطوابير الانتظار في أي مقاطعة داخل أرض الوطن، والنتيجة أن كثيرا من مغاربة الجيل الثالث يتفادون زيارة هذه القنصلية إلا عند الضرورة القصوى، كما يشرح مهاجر من الجيل الثاني لـ"الصباح".
لا يغيب هذا الوضع عن أحاديث المغاربة فيما بينهم، وآخر ما يتم تداوله قضية غريبة معروضة على إحدى محاكم العاصمة الهولندية، فلقد قرر الموظف "ر.و" المتحدر من إحدى مدن الريف المغربي رفع دعوى ضد مهاجر مغربي اتهمه في تعليق على صفحته في الفايسبوك بالرشوة وابتزاز من يفد على القنصلية لقضاء مصالحه الإدارية.
المعني بهذه الدعوى، حسن المان يعتبر أن قصته لا تمثل إلا نزرا قليلا من معاناة متعددة يلقاها أفراد الجالية المغربية، "لقد كان طموح الجميع أن تقوم القنصلية بخطوات جدية نحو تقريب الإدارة من المهاجر، وتكون خدماتها في المستوى وأن يقصدها أبناؤنا من الجيل الثالث بانشراح، باعتبارهم يفدون على مؤسسة تمثل وجه المغرب في الخارج، وإذا بنا نكتشف أن موظفا يرفع دعوى ضد تعليق في الفايسبوك عوض الاهتمام بتصحيح أسباب نفور المغاربة من قنصلية بلدهم بسبب طريقة التعامل معهم".
مطالب المهاجر
يقول حسن المان، المهاجر المقيم في العاصمة الهولندية منذ نهاية السبعينات، أن الدعوى القضائية التي رفعها ضده "ر.و" ، ورغم أنها فارغة المحتوى، لن تزيده إلا إصرارا على المطالبة بقنصلية تقرب الخدمة من المهاجر وتربي في أبناء الجالية حب وطنهم، عوض سعيها لتكميم الأفواه، وهو أسلوب يقول إنه لن يجر القنصلية إلا لنشر غسيلها أمام الرأي العام الهولندي، وبخاصة وسائل الإعلام والمنظمات المدافعة عن حرية التعبير، على حد تعبيره.
عبد الحكيم اسباعي (امستردام) - الصباح
صورة قاتمة يرسمها مهاجرون مغاربة عن قنصلية بلدهم بالعاصمة أمستردام. حكايات تتكرر على كل لسان حول سوء الخدمة المقدمة للمرتفقين لهذه المؤسسة الديبلوماسية، أو طريقة معاملتهم والتي تتسم في الغالب بالمماطلة والإهانة، هي جزء من هذه الصورة وقفت "الصباح" على بعض من تقاسيمها أثناء زيارتها لمقر القنصلية. تشعر منذ الوهلة الأولى وقبل أن تلمح العلم الوطني على واجهة القنصلية أنك أمام مقر إداري بطابع مغربي... خارج البناية رجال ونساء يسرعون الخطى للدخول. هواجس كثيرة تقض مضاجعهم أولها أن ركن سياراتهم في المواقف العمومية يكلفهم خمس أوروهات للساعة الوحدة، تحت طائلة الغرامة في حال تجاوزها، آخرون تدبروا أكثر من عذر للحصول على ترخيص بالغياب عن العمل لبعض الساعات من أجل انجاز وثيقة إدارية مغربية، قبل العودة لاستئناف العمل في كثير من الحالات دون إنجاز المطلوب.
علامة الدار على باب الدار
تقع القنصلية داخل بناية تاريخية من طابقين علويين وطابق أرضي، تم إدخال إصلاحات عليها قبل عدة سنوات على عهد القنصل السابق أحمد الباي، لكنها لم ترق مع ذلك إلى مستوى ما يصبو إليه أفراد الجالية المغربية، وفق ما استقته "الصباح" من شهادات يؤكد من خلالها المهاجرون المغاربة أن قنصلية بلادهم تفتقد إلى الكثير من المواصفات لتكون في مستوى إدارة حديثة تواكب مستوى الإدارات الهولندية.
تتوزع خدمات ومرافق القنصلية على الطوابق الثلاثة. في الداخل قاعة استقبال ضيقة يجلس في واجهتها الأمامية المفتوحة عدد من الموظفين. في الجانب الأيسر منها مكتب صغير مخصص لإنجاز بطاقة التعريف الوطنية. بعد مشقة يمكن لكبار السن والنساء الحوامل الوصول إلى الطابق الأول والثاني. أول ما يقابلك على جهة اليسار من الطابق الأول الذي يضم مكتب القنصل مرحاض على بابه ورقة صغيرة كتب عليها بالعربية عبارة "معطل". هكذا يضطر مرتفقو البناية إلى استعمال مرحاض مشترك خلافا لما يفرضه القانون الهولندي من إلزام المحلات التجارية والمؤسسات العمومية بتوفير مرحاضين للوافدين عليها. تقابل "الصباح" أثناء معاينتها لمرافق القنصلية شابا يخرج من مرحاض آخر عليه علامة تدل على أنه مخصص للنساء، لكن استعماله صار مشتركا بين الجنسين...
"هادوما ماشي بحال النصارى" تقول شابة مغربية مخاطبة أحد أقاربها الذي اتصل بها وهي بالكاد تهم بمغادرة القنصلية. كريمة (اسم مستعار) تبدو غير راضية تماما على مستوى المعاملة الذي لقيته من خلال قسمات وجهها، والسبب كما تشرح لـ"الصباح" أنها بعدما اضطرت للانتظار مدة طويلة فوجئت بأن وثيقتها التي أتت من أجلها لا يمكنها الحصول عليها إلا في موعد آخر، وهو ما يعني بالنسبة إليها أن الإدارة المغربية ينتفي فيها ما يعهد في الإدارات الهولندية من سرعة وجودة الخدمة المقدمة وحسن التواصل مع المواطن الهولندي أو أي أجنبي مقيم بالبلد.
ينتظر أولئك المهاجرون حلول موعد زيارتهم للقنصلية متسلحين بقدر كبير من الصبر، كما يقول مهاجر آخر وهو يراقب ملامح كل من يغادر البوابة الرئيسية. هناك وقف مغربي يلعن سوء الخدمة بالمقارنة مع ما تقدمه الإدارة الهولندية من تسهيلات وحسن استقبال.
بعد وقت قصير، يخرج شيخ بلحية بيضاء وبرفقته ابنته. يستجمع هدا المهاجر أنفاسه ليعبر عن سخطه عن واقع القنصلية، التي يقول إنها تبقى بعيدة كل البعد عن مستوى الإدارات الهولندية ،رغم أنها توجد فوق التراب الهولندي، "لقد لجأت للمناورة لأحصل على ترخيص من مسؤول الشركة التي أعمل بها، وها أنذا أعود دون أن أنجز الوثيقة التي تخص ابنتي"، وذلك راجع في نظره، للمماطلة والتسويف الذي يلقاه المهاجرون من لدن الموظفين.
سوء معاملة وابتزاز
وصلت أصداء هده الأوضاع داخل القنصلية إلى الإعلام الهولندي، ما يزكي الانطباع أن علاقة المهاجرين بالمعاناة التي يعيشونها لا تنتهي، بدءا بالجفاء الذي يقابلون به وممارسات ترد على كل لسان حول اتهام بعض الموظفين بالمحسوبية وفرض إتاوات لقاء عملهم،
ينضاف إليها أن المهاجر الذي يجد نفسه في الغالب في مواجهة الإجراءات المعقدة والانتظار الطويل يقحم تلقائيا في صراع مستمر مع الوقت، إذ لا يمكنه قضاء مصلحة داخل القنصلية دون تجاوز المدة القانونية لركن سيارته في الخارج والعودة إلى استئناف عمله دون مشاكل. وفي داخل البناية لا تتوفر قاعة مناسبة للاستقبال، مما يجبر الكثيرين على الاصطفاف في منظر يذكر المهاجرين أنفسهم بطوابير الانتظار في أي مقاطعة داخل أرض الوطن، والنتيجة أن كثيرا من مغاربة الجيل الثالث يتفادون زيارة هذه القنصلية إلا عند الضرورة القصوى، كما يشرح مهاجر من الجيل الثاني لـ"الصباح".
لا يغيب هذا الوضع عن أحاديث المغاربة فيما بينهم، وآخر ما يتم تداوله قضية غريبة معروضة على إحدى محاكم العاصمة الهولندية، فلقد قرر الموظف "ر.و" المتحدر من إحدى مدن الريف المغربي رفع دعوى ضد مهاجر مغربي اتهمه في تعليق على صفحته في الفايسبوك بالرشوة وابتزاز من يفد على القنصلية لقضاء مصالحه الإدارية.
المعني بهذه الدعوى، حسن المان يعتبر أن قصته لا تمثل إلا نزرا قليلا من معاناة متعددة يلقاها أفراد الجالية المغربية، "لقد كان طموح الجميع أن تقوم القنصلية بخطوات جدية نحو تقريب الإدارة من المهاجر، وتكون خدماتها في المستوى وأن يقصدها أبناؤنا من الجيل الثالث بانشراح، باعتبارهم يفدون على مؤسسة تمثل وجه المغرب في الخارج، وإذا بنا نكتشف أن موظفا يرفع دعوى ضد تعليق في الفايسبوك عوض الاهتمام بتصحيح أسباب نفور المغاربة من قنصلية بلدهم بسبب طريقة التعامل معهم".
مطالب المهاجر
يقول حسن المان، المهاجر المقيم في العاصمة الهولندية منذ نهاية السبعينات، أن الدعوى القضائية التي رفعها ضده "ر.و" ، ورغم أنها فارغة المحتوى، لن تزيده إلا إصرارا على المطالبة بقنصلية تقرب الخدمة من المهاجر وتربي في أبناء الجالية حب وطنهم، عوض سعيها لتكميم الأفواه، وهو أسلوب يقول إنه لن يجر القنصلية إلا لنشر غسيلها أمام الرأي العام الهولندي، وبخاصة وسائل الإعلام والمنظمات المدافعة عن حرية التعبير، على حد تعبيره.
عبد الحكيم اسباعي (امستردام) - الصباح