محمد الصلحيوي
أطلقت مسيرة الكرامة الوطنية ليوم 27 ماي 2012، والمنظمة من طرف المركزيتين النقابيتين، الفدرالية الديمقراطية للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بمدينة الدار البيضاء، سيرورة التنسيق النقابي المشترك، والتي تصاعدت وتيرتها قطاعيا بتنظيم الوقفة الوطنية للتعليم(ف.د.ش و ك.د.ش) ضمن إضراب وطني في التعليم، وتشكل المسيرة الوطنية المشتركة ليوم 31 مارس حلقتها الراهنة، وبين هذه وتلك، المسيرات المحلية المشتركة في إطار يوم احتجاجي يوم 8 دجنبر 2012.
ان انطلاقة هذه السيرورة النضالية المشتركة نقلة نوعية في الحقل النقابي المغربي، اعتبارا لوضعية هذا الحقل منذ سنوات، وأيضا، لتأثيرات المشهد النقابي بكل ملامحه ومعطياته على منتجي الثروة الوطنية. وككل خطوة نوعية، لا بد أن يحايثهاّ\يصاحبها نقاش يطال المنطلق والجدوى. وأنتج التنسيق المشترك الحالي ثلاثة آراء:
الأول: رافض للتنسيق النضالي المشترك بين المركزيتين، ولا يستطيع لحد الآن التعبير عن نفسه بوضوح، لكنه يشتغل بمنطق تضخيم تعقيدات الماضي، ويمتد هذا الرأي ليطال بعض المنتمين للمركزيتين والذين استفادوا(إن جاز التعبير) من معطيات مرحلة القوس المؤلم الذي فتح أوائل الألفية، وبالتالي يعتبرون رفع وتيرة التنسيق مضادة لمصالحهم الضيقة والذاتية في الغالب.
الثاني: ينطلق هذا الرأي من فكرة تقول "إن كان لابد من تنسيق نقابي، فيجب أن يشمل جميع المركزيات، لأنها تضم قواعد عمالية مناضلة" والإشارة هنا إلى الاتحاد المغربي للشغل، وبالتالي فمساندتهم النضالية –ميدانيا وإعلاميا- للتنسيق الثنائي الفدشي الكدشي، مشروط بالتنسيق أيضا مع المركزية الأخرى، وبهذا التعويم يتهرب هذا الرأي من تحمل مسؤولية التعبير عن رأيه الحقيقي والمضاد في العمق لتوجه التنسيق الحالي، ولابد من الإشارة هنا إلى أن هذا الرأي على صنفين:
- صنف يفكر من داخل اللحظة السياسية الراهنة، والتي يحدد النقطة المركزية فيها إسقاط الحكومة الحالية، وبالتالي فهو لا ينحاز كلية إلى التنسيق المشترك لكي لا يفقد التواصل مع من له نفس الهدف الراهن، ونراه يمد صلات الوصل مع كل من يعارض الحكومة بصرف النظر عن طبيعته السياسية والايديولوجية والنقابية حتى، فجميع الطرق تؤدي إلى روما. وبالتالي فموقفه من النضال النقابي حاليا ينطلق من مدى خدمة الأخير لهدفه الظرفي والضيق.
- صنف ثان يفكر من داخل مقولتي حزب الطبقة العاملة ونقابة الطبقة العاملة. وبذلك سجن نفسه في موقف عدم وجود أية مركزية ديمقراطية، وبالتالي فجميعها بيروقراطية، والنتيجة عند هذا الصنف هي: دعم ومساندة التنسيق المشترك الكونفدرالي والفدرالي معناه إقصاء للإتحاد المغربي للشغل، وهو كذلك – التنسيق- مناورة من قيادتي المركزيتين لا توضح دوافعها السياسية الحقيقية.
إن وضع جميع المركزيات في مستوى واحد، وعدم الانتباه إلى أننا بصدد نضال نقابي في بلد يناضل من أجل التغيير الديمقراطي، هو، مقتل هذا الرأي.
الثالث: ينطلق هذا الرأي من كون التنسيق بين الكدش والفدش هو في حقيقة أمره دينامية مدرسة نقابية واحدة، انطلقت – رسميا- سنة 1978، عرفت منعرجات أدائية هي مثار خلاف من حيث التقويم والتقييم، والمطلوب الآن إعادة اللحمة التنظيمية والنضالية لهذه المدرسة الكفاحية، والسير بهذا التنسيق صوب وحدة نضالية.
يتبين من خلال عرض مضامين الآراء والمواقف الثلاثة أعلاه، أن الرأي الأخير – الثالث- هو الأكثر عقلانية وواقعية ونضالية، لماذا؟
إن أطروحتي هنا كالتالي: أطلقت حركة 20 فبراير دينامية مجتمعية عامة، منها، دينامية إعادة بناء اليسار، وأيضا، دينامية إعادة بناء الفكر النقابي المكافح، وللوصول إلى تناسب عقلاني ما بين معطيات الوضع الاجتماعي وتعبيراته التأطيرية، لابد من مضمون أرقى للوحدة النقابية.
إن السؤال التحليلي هنا هو: هل الارتقاء بمضمون الوحدة النقابية هو توحيد المركزيات النقابية الموجودة؟
يمر الجواب عن السؤال السابق عبر تحديد الدوائر النقابية التي لها امتدادات وسط الشغيلة المغربية، وهي حصريا ثلاثة دوائر:
1- دائرة النقابة الخبزية ويمثلها الاتحاد المغربي للشغل ومعه مجموعة من التعبيرات الاجتماعية من قبيل الجمعية الوطنية لحملة الشواهد المعطلين.
2- دائرة النقابة الحزبية التنظيمية، ويمثلها الاتحاد العام والاتحاد الوطني للشغل.
3- دائرة النقابة الديمقراطية ويمثلها الكدش والفدش ومعهما كل التنسيقيات الفئوية.
لنضع الآن هذه الدوائر النقابية تحت مجهر التحول الاجتماعي الذي عبرت عنه حركة 20 فبراير من حيث جوهرها النضالي. ونتيجة الفحص والتشخيص، انشطار هذه الدوائر الثلاثة إلى تيارين: تيار " محايد" أو مضاد للتحول الاجتماعي ( من حيث المطالب والدينامية ) وآخر منسجم ومنخرط في الدينامية الاجتماعية المشار إليها، إنه تيار تجديد تحرير الأرض والإنسان لسنة 1978، وقد كانت مسيرة الكرامة في 27 ماي 2012 التعبير الجلي والواضح عن مضمون هذا التيار النقابي. من هنا فالجواب عن سؤال المضمون الحالي للوحدة هو التالي: إن مضمون الوحدة النقابية لما قبل 20 فبراير قد ولى وانتهى، وأن الوحدة الممكنة والواقعية هي وحدة الفدش والكدش، ينضاف إليهما كل التعبيرات الديمقراطية في النقابات الأخرى.
إذن فالتنسيق المشترك الحالي معطى مجتمعي قبل أن يكون قرارا لقيادتي المركزيتين، فمهما كانت نواياها وخططها، فإن مضامين مسيرة الكرامة محددة لأفق ومضمون التنسيق المشترك. المسيرة التي حددت المضمون الاجتماعي والمضمون الاقتصادي والمضمون السياسي، فالملكية البرلمانية والاقتصاد التنموي والمجتمع المتضامن والمرسخ للكرامة، عناوين الوحدة النضالية للمركزيتين. إن ما يسرع أو يؤخر تحقق هذا الأفق النضالي النقابي المطلوب واقعيا والمطروح تاريخيا هو مدى وقوة تدخل القوى اليسارية للدفع وتوفير أجواء الوحدة والنضال، إن المناضل النقابي الحقيقي اليوم هو الذي يناضل بكل قواه من أجل هذه الوحدة بين الكدش والفدش. فهل نكون في الموعد التاريخي؟
أطلقت مسيرة الكرامة الوطنية ليوم 27 ماي 2012، والمنظمة من طرف المركزيتين النقابيتين، الفدرالية الديمقراطية للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بمدينة الدار البيضاء، سيرورة التنسيق النقابي المشترك، والتي تصاعدت وتيرتها قطاعيا بتنظيم الوقفة الوطنية للتعليم(ف.د.ش و ك.د.ش) ضمن إضراب وطني في التعليم، وتشكل المسيرة الوطنية المشتركة ليوم 31 مارس حلقتها الراهنة، وبين هذه وتلك، المسيرات المحلية المشتركة في إطار يوم احتجاجي يوم 8 دجنبر 2012.
ان انطلاقة هذه السيرورة النضالية المشتركة نقلة نوعية في الحقل النقابي المغربي، اعتبارا لوضعية هذا الحقل منذ سنوات، وأيضا، لتأثيرات المشهد النقابي بكل ملامحه ومعطياته على منتجي الثروة الوطنية. وككل خطوة نوعية، لا بد أن يحايثهاّ\يصاحبها نقاش يطال المنطلق والجدوى. وأنتج التنسيق المشترك الحالي ثلاثة آراء:
الأول: رافض للتنسيق النضالي المشترك بين المركزيتين، ولا يستطيع لحد الآن التعبير عن نفسه بوضوح، لكنه يشتغل بمنطق تضخيم تعقيدات الماضي، ويمتد هذا الرأي ليطال بعض المنتمين للمركزيتين والذين استفادوا(إن جاز التعبير) من معطيات مرحلة القوس المؤلم الذي فتح أوائل الألفية، وبالتالي يعتبرون رفع وتيرة التنسيق مضادة لمصالحهم الضيقة والذاتية في الغالب.
الثاني: ينطلق هذا الرأي من فكرة تقول "إن كان لابد من تنسيق نقابي، فيجب أن يشمل جميع المركزيات، لأنها تضم قواعد عمالية مناضلة" والإشارة هنا إلى الاتحاد المغربي للشغل، وبالتالي فمساندتهم النضالية –ميدانيا وإعلاميا- للتنسيق الثنائي الفدشي الكدشي، مشروط بالتنسيق أيضا مع المركزية الأخرى، وبهذا التعويم يتهرب هذا الرأي من تحمل مسؤولية التعبير عن رأيه الحقيقي والمضاد في العمق لتوجه التنسيق الحالي، ولابد من الإشارة هنا إلى أن هذا الرأي على صنفين:
- صنف يفكر من داخل اللحظة السياسية الراهنة، والتي يحدد النقطة المركزية فيها إسقاط الحكومة الحالية، وبالتالي فهو لا ينحاز كلية إلى التنسيق المشترك لكي لا يفقد التواصل مع من له نفس الهدف الراهن، ونراه يمد صلات الوصل مع كل من يعارض الحكومة بصرف النظر عن طبيعته السياسية والايديولوجية والنقابية حتى، فجميع الطرق تؤدي إلى روما. وبالتالي فموقفه من النضال النقابي حاليا ينطلق من مدى خدمة الأخير لهدفه الظرفي والضيق.
- صنف ثان يفكر من داخل مقولتي حزب الطبقة العاملة ونقابة الطبقة العاملة. وبذلك سجن نفسه في موقف عدم وجود أية مركزية ديمقراطية، وبالتالي فجميعها بيروقراطية، والنتيجة عند هذا الصنف هي: دعم ومساندة التنسيق المشترك الكونفدرالي والفدرالي معناه إقصاء للإتحاد المغربي للشغل، وهو كذلك – التنسيق- مناورة من قيادتي المركزيتين لا توضح دوافعها السياسية الحقيقية.
إن وضع جميع المركزيات في مستوى واحد، وعدم الانتباه إلى أننا بصدد نضال نقابي في بلد يناضل من أجل التغيير الديمقراطي، هو، مقتل هذا الرأي.
الثالث: ينطلق هذا الرأي من كون التنسيق بين الكدش والفدش هو في حقيقة أمره دينامية مدرسة نقابية واحدة، انطلقت – رسميا- سنة 1978، عرفت منعرجات أدائية هي مثار خلاف من حيث التقويم والتقييم، والمطلوب الآن إعادة اللحمة التنظيمية والنضالية لهذه المدرسة الكفاحية، والسير بهذا التنسيق صوب وحدة نضالية.
يتبين من خلال عرض مضامين الآراء والمواقف الثلاثة أعلاه، أن الرأي الأخير – الثالث- هو الأكثر عقلانية وواقعية ونضالية، لماذا؟
إن أطروحتي هنا كالتالي: أطلقت حركة 20 فبراير دينامية مجتمعية عامة، منها، دينامية إعادة بناء اليسار، وأيضا، دينامية إعادة بناء الفكر النقابي المكافح، وللوصول إلى تناسب عقلاني ما بين معطيات الوضع الاجتماعي وتعبيراته التأطيرية، لابد من مضمون أرقى للوحدة النقابية.
إن السؤال التحليلي هنا هو: هل الارتقاء بمضمون الوحدة النقابية هو توحيد المركزيات النقابية الموجودة؟
يمر الجواب عن السؤال السابق عبر تحديد الدوائر النقابية التي لها امتدادات وسط الشغيلة المغربية، وهي حصريا ثلاثة دوائر:
1- دائرة النقابة الخبزية ويمثلها الاتحاد المغربي للشغل ومعه مجموعة من التعبيرات الاجتماعية من قبيل الجمعية الوطنية لحملة الشواهد المعطلين.
2- دائرة النقابة الحزبية التنظيمية، ويمثلها الاتحاد العام والاتحاد الوطني للشغل.
3- دائرة النقابة الديمقراطية ويمثلها الكدش والفدش ومعهما كل التنسيقيات الفئوية.
لنضع الآن هذه الدوائر النقابية تحت مجهر التحول الاجتماعي الذي عبرت عنه حركة 20 فبراير من حيث جوهرها النضالي. ونتيجة الفحص والتشخيص، انشطار هذه الدوائر الثلاثة إلى تيارين: تيار " محايد" أو مضاد للتحول الاجتماعي ( من حيث المطالب والدينامية ) وآخر منسجم ومنخرط في الدينامية الاجتماعية المشار إليها، إنه تيار تجديد تحرير الأرض والإنسان لسنة 1978، وقد كانت مسيرة الكرامة في 27 ماي 2012 التعبير الجلي والواضح عن مضمون هذا التيار النقابي. من هنا فالجواب عن سؤال المضمون الحالي للوحدة هو التالي: إن مضمون الوحدة النقابية لما قبل 20 فبراير قد ولى وانتهى، وأن الوحدة الممكنة والواقعية هي وحدة الفدش والكدش، ينضاف إليهما كل التعبيرات الديمقراطية في النقابات الأخرى.
إذن فالتنسيق المشترك الحالي معطى مجتمعي قبل أن يكون قرارا لقيادتي المركزيتين، فمهما كانت نواياها وخططها، فإن مضامين مسيرة الكرامة محددة لأفق ومضمون التنسيق المشترك. المسيرة التي حددت المضمون الاجتماعي والمضمون الاقتصادي والمضمون السياسي، فالملكية البرلمانية والاقتصاد التنموي والمجتمع المتضامن والمرسخ للكرامة، عناوين الوحدة النضالية للمركزيتين. إن ما يسرع أو يؤخر تحقق هذا الأفق النضالي النقابي المطلوب واقعيا والمطروح تاريخيا هو مدى وقوة تدخل القوى اليسارية للدفع وتوفير أجواء الوحدة والنضال، إن المناضل النقابي الحقيقي اليوم هو الذي يناضل بكل قواه من أجل هذه الوحدة بين الكدش والفدش. فهل نكون في الموعد التاريخي؟