ناظور سيتي: رشيد صبار
(تعددت الاسباب والموت واحد) ليس الموت بحد ذاته هو الالم بل مايلي هذا الموت من فراق وبعد بين الأجساد وافتقارنا لرؤية من نحب كما تعودنا، ولكن الحمد لله الذي جعل قلب ابن آدم يتقلب في الدنيا ويجد ما يسليه بعد فراق من يحب ويخفف عنه آلم الحزن الذي يكون في اوجه حين حدوث المصاب في اي منزل كان.
في زمن غير بعيد، يعتبر اعداد العائلات التي فقدت احد افرادها لوجبة صدقة على الميت ومكونة من اطباق الكسكس وبعض قطع اللحم والدجاج وكؤوس اللبن، وتوجه الدعوة لبعض افراد العائلة والاقارب وبعض المعزين المتواجدين بمنزل الميت ليرفع الدعاء له.
انتقلت في الأونة الأخيرة عدوى التباهي والتفاخر من الاعراس والحفلات الى المآتم التي اصبحت مراسيمها تتميز بأشكال احتفالية، فمجرد تزهق روح الميت وقبل حتى عملية الدفن تحرك العائلة هاتفها اتجاه احسن واكبر ممون الحفلات لاعداد اكبر وافخم خيمة مكسية باحدث ثوب، ومجهزة باحسن الطاولات والزرابي والكراسي والصحون والمعالق والكؤوس مع اختيار احسن النوادل، ويتجه الهاتف نحو رقم الطباخة (فاطمة الفاسية) و(السعدية الرباطية) اللواتي يعتبرن من امهر الطباخات بالجهة للسهر على طهي احسن الوجبات.. الهاتف يرن مرة اخرى لصانعات الحلويات لاملاء الطلب لعشرات الكيلوغرامات ومن النوع الرفيع(كعب الغزال، لمحنشة، حلوة العش، الفقاز لملوز، الكعك، لفقاقز الطنجوية او التطوانية، تمور المجهول المملوءة بحب اللوز، ومجموعة من المملحات على اشكالها وانواعها، بالإضافة للفواكه اليابسة...). بعدها تبدأ عملية ادخال الخرفان والدجاج، والمشروبات بشتى انواعها، والعواصر والعسل الحر والسمن...
هذه عادات دخيلة واستفزازية اقتحمت مجتمعنا واخذت مسارا لها في التسابق بين العائلات في اعداد احسن وليمة مأتم للتعبير عن حبهم وعزهم الكبير للميت، في الأونة الأخيرة، تحول الاهتمام من مجرد وليمة الى التباهي والسباق نحو عرض كل انواع المأكولات والمشروبات وهو ما استحسنه البعض واستهجنه الاخر،ناسين من القيم السمحة التعاون والتكافل الاجتماعي الذي يظهر في كل الظروف، حيث جعل الرسول(ص)، مسألة اطعام اهل الميت على عاتق الجيران والاقارب، في حين ما نجده في واقع الامر غير هذا.
(تعددت الاسباب والموت واحد) ليس الموت بحد ذاته هو الالم بل مايلي هذا الموت من فراق وبعد بين الأجساد وافتقارنا لرؤية من نحب كما تعودنا، ولكن الحمد لله الذي جعل قلب ابن آدم يتقلب في الدنيا ويجد ما يسليه بعد فراق من يحب ويخفف عنه آلم الحزن الذي يكون في اوجه حين حدوث المصاب في اي منزل كان.
في زمن غير بعيد، يعتبر اعداد العائلات التي فقدت احد افرادها لوجبة صدقة على الميت ومكونة من اطباق الكسكس وبعض قطع اللحم والدجاج وكؤوس اللبن، وتوجه الدعوة لبعض افراد العائلة والاقارب وبعض المعزين المتواجدين بمنزل الميت ليرفع الدعاء له.
انتقلت في الأونة الأخيرة عدوى التباهي والتفاخر من الاعراس والحفلات الى المآتم التي اصبحت مراسيمها تتميز بأشكال احتفالية، فمجرد تزهق روح الميت وقبل حتى عملية الدفن تحرك العائلة هاتفها اتجاه احسن واكبر ممون الحفلات لاعداد اكبر وافخم خيمة مكسية باحدث ثوب، ومجهزة باحسن الطاولات والزرابي والكراسي والصحون والمعالق والكؤوس مع اختيار احسن النوادل، ويتجه الهاتف نحو رقم الطباخة (فاطمة الفاسية) و(السعدية الرباطية) اللواتي يعتبرن من امهر الطباخات بالجهة للسهر على طهي احسن الوجبات.. الهاتف يرن مرة اخرى لصانعات الحلويات لاملاء الطلب لعشرات الكيلوغرامات ومن النوع الرفيع(كعب الغزال، لمحنشة، حلوة العش، الفقاز لملوز، الكعك، لفقاقز الطنجوية او التطوانية، تمور المجهول المملوءة بحب اللوز، ومجموعة من المملحات على اشكالها وانواعها، بالإضافة للفواكه اليابسة...). بعدها تبدأ عملية ادخال الخرفان والدجاج، والمشروبات بشتى انواعها، والعواصر والعسل الحر والسمن...
هذه عادات دخيلة واستفزازية اقتحمت مجتمعنا واخذت مسارا لها في التسابق بين العائلات في اعداد احسن وليمة مأتم للتعبير عن حبهم وعزهم الكبير للميت، في الأونة الأخيرة، تحول الاهتمام من مجرد وليمة الى التباهي والسباق نحو عرض كل انواع المأكولات والمشروبات وهو ما استحسنه البعض واستهجنه الاخر،ناسين من القيم السمحة التعاون والتكافل الاجتماعي الذي يظهر في كل الظروف، حيث جعل الرسول(ص)، مسألة اطعام اهل الميت على عاتق الجيران والاقارب، في حين ما نجده في واقع الامر غير هذا.
ففي منزل الميت الحديث الذي يدور بين المجتمعات والمجتمعين لا دلالة فيه لحزن اهل الميت، وزوجة المرحوم يبدو عنها انها منهمكة بالوقوف على التحضيرات وتتحدث معبرة عن حزنها الاليم لفقدان زوجها، واقامت وليمة عزائه على هذه الطريقة لانها كانت تكن له حبا كبيرا وهو ماجعلها تعد كل هذا، موضحة انها تعتبر ذلك صدقة من ماله، فيما راحت احدى الحاضرات تصف ذلك بالتفاخر والتباهي امام الملأ، والاخرى وصفت عزم الجيران والاقارب واعداد اشهى الاطباق وهي دلالة على التفاخر بانهم اغنياء، واخرى اندهشت من المناظر التي رأتها لان المعزيات في منتهى الاناقة من ملابس جميلة كانهن في معرض للازياء، واعتقدت انها اخطأت عنوان منزل العزاء، اما سيدة متقدمة في السن فتقول ان الفرق بين الولائم يكون في الفرح والحزن. اما فيما يخص المؤكولات والحلويات فلا فرق بين هذا وذاك لان اليوم اصبحت العائلات تتسابق في المظاهر اكثر معنى، لان الحزن في القدم كان في القلب، واليوم اصبح مقياسه يظهر في حجم نفقة العزاء بإقامة المآتم الكبرى يوحي على الشهرة، ووصفت كل هذه التصرفات بالتبذير لان بعض الناس اصبحت تبالغ في التباهي حتى في الجنائز والمآتم التي اصبحت مظاهرها استفزازية واسطورية في غالب الاحيان.
ان التفاخر والتباهي في مجال العزاء والجنازة يعود إلى قلة الوازع الديني، والاهتمام بالمظاهر اكثر من المعنى لانه غابت في مجتمعنا المشاعر الصادقة، ان التقليد الاعمى لعب دورا كبيرا في التأثير على عاداتنا وتقاليدنا. وتجدر الاشارة الا ان هذه الظاهرة التي خيمت على مجتمعنا اصبحت تأخذ ابعادا خطيرة بسبب الرغبة الجامحة في التباهي والتفاخر، واعتبارها علامات من علامة التمدن التي كانت تقتصر على الأفراح فقط، واليوم اصبحت تقام في المآتم وهم الجميع هو ملء البطون دون مراعات الاجسام العارية والبطون الفارغة التي يتركها الميت.
وفي الختام أتساءل، هل نستطيع فعلا التمييز بين عشاء زفاف و عشاء عزاء إن لم نكن على علم مسبق بحيثياته؟؟
ان التفاخر والتباهي في مجال العزاء والجنازة يعود إلى قلة الوازع الديني، والاهتمام بالمظاهر اكثر من المعنى لانه غابت في مجتمعنا المشاعر الصادقة، ان التقليد الاعمى لعب دورا كبيرا في التأثير على عاداتنا وتقاليدنا. وتجدر الاشارة الا ان هذه الظاهرة التي خيمت على مجتمعنا اصبحت تأخذ ابعادا خطيرة بسبب الرغبة الجامحة في التباهي والتفاخر، واعتبارها علامات من علامة التمدن التي كانت تقتصر على الأفراح فقط، واليوم اصبحت تقام في المآتم وهم الجميع هو ملء البطون دون مراعات الاجسام العارية والبطون الفارغة التي يتركها الميت.
وفي الختام أتساءل، هل نستطيع فعلا التمييز بين عشاء زفاف و عشاء عزاء إن لم نكن على علم مسبق بحيثياته؟؟