أطر محاضرة بالناظور تحت عنوان : مستقبل مجتمعاتنا وتحديات الواقع المعاصر
الجزء الأول للحوار:
الجزء الثاني :
تحرير : محمد العلالي
تصوير : محمد العزوزي
في إطار الأنشطة الثقافية والدينية المبرمجة من طرف جمعية الإشعاع بالناظور ، طيلة شهر رمضان الأبرك ، كان الحضور بقاعة نيابة التعليم بالناظور مساء أول أمس الجمعة على موعد مع محاضرة تحت عنوان " مستقبل مجتمعاتنا وتحديات الواقع المعاصر " أطرها الأستاذ مصطفى المرابط ، مدير مركز الدراسات بقناة الجزيرة القطرية ، حيث شهدت حضور هام ومتنوع متمثل في مجموعة من الفعاليات المهتمة بالمجال الجمعوي .
وقد عرج الأستاذ المحاضر خلال عرضه ، على الغموض الذي يلف التنبئ بمستقبل مجتمعاتنا ، مبرزا أن نظرة الخبراء الإستراتيجيين تؤكد أنه لايمكن أن نتوقع المستقبل ولكن نستطيع أن نعد له، حيث ذكر أنه يستحيل اليوم معرفة التحديات التي تعيشها مجتمعاتنا ، والتي لايمكن أن توصف بذات التحديات العالمية ، بفعل العولمة التي أصبح من خلالها العالم الآن بقرية كونية صغيرة ، حيث أصبحت المشاكل والتحديات متشابكة ومتداخلة .
وقد أكد الأستاذ المحاضر ، في تمهيد لأهم التحديات التي يعيشها العالم ، من أجل توخي اليقضة بغية التفكير في مستقبل مجتمعاتنا ، أن أبرز التحديات تتمثل في ثلاثة أنواع ، الأولى تتعلق بالتحديات السياسية ، معتبرا أنه بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي ، ركن العالم إلى الإعتقاد بأنه دخل إلى نظام عالمي أحادي القطبية وأن القيم الليبرالية هي التي إنتصرت ، وبعد عقد من الزمن إنهار هذا الإعتقاد ودخل النظام العالمي في فوضى جديدة ، علم إثرها الجميع أن النظام العالمي ليس أحادي القطبية ، في ظل عدم التنبئ بماهية النظام العالمي ، رغم الحديث القائم عن نظام متعدد القطبية ونظام بدون أقطاب ..
وأضاف الأستاذ المحاضر أن التحدي الثاني متمثل في الجانب الإقتصادي ، مؤكدا أن الأزمة العالمية خير دليل ، معتبرا إياها بمثابة زلزال حقيقي يهدد مكتسبات هذه الحضارة ، وأنه لابد من أن تكون للأزمة المالية الراهنة تبعاتها بإعتبار أنها في مرحلة البداية وليس نهايتها ، مبرزا أن الأزمة بدأت في الجانب المالي وإنتقلت إلى الجانب الإقتصادي ، مستدلا بنموذج أمريكا وأوروبا التي بلغت فيها الأزمة الجانب الإجتماعي ، معتبرا أن خطورة الأمر تكمن في إنتقالها إلى الجانب السياسي ، معتبرا أنه في حالة دخول العالم في أزمة إقتصادية وأزمة إجتماعية ، فإن الدول الكبرى ستشهد إنكماشا وتراجعا لمواجهة التحديات الداخلية كالبطالة وغيرها ، وبالتالي ترفع حمايتها على الدول الأخرى مما سيجعل المجاعة تنمو أكثر لتجر إنفصالات سياسية وصراعات بين الدولة والمجتمع مما سيدخل المجتمعات التي تعيش أوضاعا هشة لتدخل في نفق آخر دون علم نتائجه .
وأكد الأستاذ المحاضر أن التحدي الثالث يتعلق بالمستوى القيمي ، بحكم أن الحضارة المعاصرة الآن إستنفذت مالديها من قيم وليس لها القدرة لإعطاء الجواب للتحديات الموجودة ، كما ليس بمقدورها إعطاء نظام من القيم يتناسب وطبيعة التحديات الموجودة اليوم ، مضيفا أنه ثمة تخبط كبير في هذه المسألة مما يجعل الناس يتحدثون عن غياب المعنى ، وفقدان معالم الإرشاد وإنهيار نظام القيم وإنهيار الأخلاق وغيرها ،التي تبتدأ من الجانب العلمي إلى الجانب السياسي مرورا بالحياة العادية ، حيث إعتبر التحديات الثلاثة المذكورة هي من ستتحكم في مشكلات العالم .
وفي الشق الثاني أوضح الأستاذ المحاضر ، أنه بالنسبة لمجتمعاتنا إذا أصيبت بأزمة سياسية إلى جانب الأزمات الموجودة والتي ستظهر ، متحدثا عن تقرير للمخابرات الأمريكية الذي يتحدث عن عالم 2025 ، وأن الملفت في التقرير ذاته أنه في سنة 2025 سيتراجع نهاية الصراع الإيديولوجي بإستثناء العالم العربي والإسلامي الذي سيعرف تكريس إفتعال هذا الصراع الإيديولوجي إضافة إلى جانب هشاشة المجتمعات والصراعات السياسية والصراعات الإيديولوجية ، مضيفا أنه في ظل التساؤل المطروح عن أي نوع من المجتمع نتوقع ، أعطى الأستاذ المحاضر بعض النقط والتوجهات العامة حول كيفية الإستعداد لهذه التحديات لتجنيب المجتمع من الدخول في نفق عدم الإستقرار والتوتر والفوضى وبلوغ مرحلة الهدوء والإستقرار .
وفي حوار لمدير مركز الدراسات بقناة الجزيرة مصطفى المرابط ، خص به ناظور سيتي " أنظر فيديو " تحدث فيه جوابا عن سؤال حول نظرته إلى واقع الإعلام العربي ، أن هذا الأخير إستطاع بعد عشر سنوات من الدخول في تجربة نوعية فريدة ، وقدم خطوات نوعية في مجال الإعلام كي يرتقي إلى مستوى مهني كبير ، معتبرا أن القنوات التي بدأت تظهر بين الفينة والأخرى أصبحت ترقى إلى مستوى القنوات العالمية ، وأن التحول النوعي للمشهد الإعلامي العربي ليس من حيث كثرة القنوات إنما في طبيعة المساهمة في تنوير وتوعية المجتمع ، حيث كان في السابق يتم الإلتجاء إلى القنوات الأجنبية بشأن المادة الخبرية ، عكس الآن حيث أصبحت في بعض القنوات الإعلامية الجادة مجتمعاتنا هي صانعة للخبر ومساهمة في تقديم رؤية للأحداث العالمية من زاويتها ، وبإعتبار منطقة الشرق الأوسط بؤرة التوتر في العالم كانت تغتيطها دائما تتم من الحارج والعين الخارجية دائما تكون سطحية في حين أضحى الإعلام العربي يستنطق هذه المنطقة من الداخل ويتحدث بلسان حالها ، مضيفا أن الإعلام العربي أمامه عقبات وتحديات ولايمكن القول بأنه في مستوى كبير ، وبالعكس إستطاع أن يحرر الإعلامي العربي والمشهد الإعلامي من عقدة أننا لانستطيع أن ننافس ، حيث أضحى اليوم رجال الإعلام يتمتعون بالثقة وأنه إذا توفرت الإمكانات المادية والحرية بإمكانهم أن يصنعوا معجزات ، وفي الخطوات الأخرى إعتبر أنه اليوم بات السؤال المطروح هو كيف يمكن أن نصنع مادة خبرية محلية للمساهمة بها في تصويب رؤية العالم نحونا ونحو مشكلات العالم .
ومن جانب آخر أكد الأستاذ مصطفى المرابط أنه من متتبعي موقع ناظور سيتي ، مضيفا أن هذا الأخير أضحى يشهد تطورا ملحوظا بشكل مستمر ، وأصبح مصدر من المصادر المهمة سواء بأخبار المنطقة أو المغربية ، وكذلك واجهة مهمة جدا للتعريف بطاقات المنطقة والفعاليات المتواجدة بها ، التي كانت دائما مهمشة والتي لعب الموقع دورا كبيرا لرفع الغطاء على المنطقة وإبراز ما تزخر به من إمكانات وطاقات .
وجدير ذكره ،أن الأستاذ مصطفى المرابط ، من مواليد مدينة أزغنغان إقليم الناظور ، سنة 1961 ، تابع دراسته الإبتدائية والثانوية بالناظور، حيث حصل على شهادة الباكالوريا بثاوية عبد الكريم الخطابي بالناظور ، قبل أن يغادر أرض الوطن في إتجاه الديار الفرنسية لإتمام دراسته ، حيث نال شهادة الدكتوراة في البيولوجيا من جامعة ستراسبورغ ، وإشتغل سابقا أستاذا بجامعة محمد الأول بوجدة ، وهو حاليا مدير مركز الدراسات بقناة الجزيرة بقطر، ورئيس تحرير مجلة المنعطف، ونائب رئيس منتدى الحكمة للمفكرين بالمغرب