NadorCity.Com
 


معلم في الأرياف: مدرسة "أغليظ" بالحسيمة نموذج لمعاناة معلم السبعينات بالأرياف


معلم في الأرياف: مدرسة "أغليظ" بالحسيمة نموذج لمعاناة معلم السبعينات بالأرياف
ناظورسيتي عن ريف توداي

في هضبة بعيدة عن بلدة تماسينت ببضع كيلومترات، تقع مدرسة أغليظ المختلطة. لم تكن المدرسة توفر لنا نحن معلميها موسم 1978 ـ 1979، حين قذفت بنا أقدار الحياة إلى مهنة التدريس ونحن لم نتجاوز بعد سن العشرين، سوى منزل يفتقر إلى أبسط التجهيزات الضرورية، وقاعة صغيرة، كان يطلق عليها تجاوزا المطعم المدرسي، نتخذ من كراسيها الخشبية أسرة لأخذ قسط من الراحة، في انتظار الواحدة ظهرا، ما كان يجنبنا عناء التنقل أربع مرات في اليوم. كنت أنا والسي بوزيان معلم اللغة الفرنسية، نتوجه إلى مدرسة أغليظ راجلين، ونقطع عشرة كيلومترات، لنؤدي مهمتنا النبيلة، ثم نعود في المساء إلى تماسينت، لنجد طبق اللوبيا والسردين في انتظارنا بأحد مطاعم تماسينت.

تعرضت أغراضنا ومراجعنا وقرارت التعيين للسرقة في عطلة عيد الأضحى، من داخل منزلنا بأغليظ، وعمد المشتبه فيه إلى مزج حبات اللوبيا بالمربى وحليب " البقرات الأربع " الهولندي، الشيء الذي دفع قائد إمزورن أنذاك باستدعاء أحد المعلمين الذي كان يقطن معنا المنزل نفسه لاستفساره عن الحادث. اكترينا منزلا بتامسينت، قربنا إلى حد ما بأجواء الأخيرة، حيث الماء الصالح للشرب والخبز والمواد الغذائية متوفرة. لم تكن تفارقنا في الليل أباريق الشاي التي كان يعدها زميلنا عبد الباقي بوتزضيط، خريج مركز تكوين المعلمين بطنجة، الذي كان يحدثنا كثيرا عن رحلة نظمها المركز إلى مدينة إيفران. كان لدينا مذياع وآلة تسجيل، يضمن لنا الأول نحن الثلاثة، الارتباط بعالم الحواضر، وتتبع أخبار وتطورات سقوط نظام شاه إيران وثورة الخميني، فيما الثانية، الاستماع إلى أغاني أم كلثوم " ياظالمني " و" شمس الأصيل " و"رباعيات الخيام" ومجموعة ناس الغيوان وجيل جيلالة ولمشاهب.

كنت أتخذ من آلة التسجيل أنيسا لا يفارقني، إلا إذا انغمست في إعداد التحاضير. كثيرا ما تناولت الطماطم والخيار صباحا، بدل القهوة أوالشاي، بسبب التوقيت الذي كان يزاحمنا كثيرا، إذ كان علينا الاستيقاظ في الخامسة صباحا، للوصول إلى أغليظ قبل موعد الدخول وهو السابعة. لم تكن تعيق الأمطار وفيضانات الأودية تحركنا، فرغم أجواء فصل الشتاء، فقد كنا مواظبين على عملنا، خاصة وأن مدير مجموعة مدارس تماسينت 2 السيد بنعبد القادر رحمه الله، كان حريصا على مراقبتنا، إذ كان من الضروري المرور بإدارة المؤسسة بعد خروجنا في الثالثة عصرا، لنسجل حضورنا اليومي. لم يكن الخبز مشروطا على سكان أغليظ لتقديمه للمعلمين، كما في مناطق أخرى، فباستثناء وجبة غذائية واحدة كان قدمها لنا تلميذ وهي عبارة عن بيض وزيت وإبريق شاي، فلم نكن نطالب التلاميذ بأي شيء من هذا القبيل. يلتأم السوق الأسبوعي يوم الأحد، ونستغله نحن المعلمين لاقتناء الخضر واللحم الذي كنا نتناوله مرة واحدة في الأسبوع، أما ماتبقى من أيام الأخير، فكانت الوجبات الغذائية عبارة عن الفول واللوبيا والبطاطس وكان ذلك من اختصاص الزميل بوتزضيط الذي كان يحسن الطهو، مستعملا التوابل بكثرة، ماأدى إلى إصاباتي بقرحة المعدة. كنت أتناول السيجارة بنهم شديد علها تنسيني الأجواء المحيطة بنا، ولم يكن ثمن العلبة الواحدة من السجائر الشقراء لايتعدى 13 درهما.

حياتي المهنية بتامسينت كانت مليئة بالمغامرات والوقائع. ومن الوقائع التي مازالت راسخة في ذهني، هي اليوم الذي زارني فيه مفتش اللغة العربية السيد بنقاسم، كان ذلك في شهر يونيو من سنة1979. فبمجرد ما لمحته رفقة المدير، حتى بدأت أرتجف. اكتشف المفتش أنني نزعت معظم الوثائق من اللوحة المخصصة لتثبيتها، كالتوزيع السنوي والشهري، ماأثار قلقه، ونبهني وأنا مازلت معلما مؤقتا، إلى أن الأمر هو تقصير في واجبي، ومنحني أنذاك نقطة 7 على عشرين. أتذكر حين دعت النقابة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل إلى إضراب في قطاع التعليم في شهر دجنبر من سنة 1979، مورست علينا ضغوطات لثنينا عن المشاركة فيه، بل هناك من هددنا بالطرد. وساورتني شكوك كثيرة، خاصة وأنني كنت معلما مؤقتا دون رقم تأجير، الشيء الذي فطن إليه أحد المعلمين المتدربين، الذي طلب مني عدم الانخراط في الإضراب، غير أن قناعتي بما دعت إليه هذه المركزية، وتشبعنا أنذاك بالفكر الماركسي، جعلني أستجيب لقرار الإضراب، ودونت ذلك في مذكرة الدروس اليومية، علما أن القانون يمنع ذلك. هي ذكريات جميلة، تؤرخ لسنة كاملة، قضيتها بتامسينت 2 ، كان فيها المعلم يحمل هم التلميذ ويرتجف حين يلمح المفتش، قبل انتقالي إلى مدرسة السواني، وتلك حكاية أخرى.



1.أرسلت من قبل أستاذ من فرخانة في 16/11/2012 11:31
قصتك هي قصتي و قصة الآلاف من المعلمين في المغرب مازلنا نقطع عشرات الكلومترات للوصول للفرعية و مازلنا لا نجد الماء الصالح للشرب و .... الجديد ان لا أحد يقدر عملنا لا السكان و لا الادارة و لا المفتش الذي لا يريد اصلا زيارتنا المهم اننا نعمل لارضاء ضميرنا في حين أن الاشباح يتمتعون بالاجر في منازلهم و يكملون دراستهم الجامعية و يترقون و نحن مازلنا لعقود نصارع الطبيعة للوصول لأقسامنا التي تشبه الاسطبلات.

2.أرسلت من قبل nadoriya في 17/11/2012 08:21
dikrayat la tonssa llah i tawal f3omrak hhhhhhhhhhhhhh












المزيد من الأخبار

الناظور

الفنان رشيد الوالي يخطف الأضواء خلال زيارته لأشهر معد "بوقاذيو نواتون" بالناظور

تلاميذ ثانوية طه حسين بأزغنغان يستفيدون من حملة تحسيسية حول ظاهرة الانحراف

بحضور ممثل الوزارة ومدير الأكاديمية.. الناظور تحتضن حفل تتويج المؤسسات الفائزة بالألوية الخضراء

البرلمانية فريدة خينيتي تكشف تخصيص وزارة السياحة 30 مليار سنتيم لإحداث منتجع سياحي برأس الماء

تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية

جماهير الفتح الناظوري تحتشد أمام مقر العمالة للمطالبة برحيل الرئيس

تعزية للصديقين فهد ونوردين بوثكنتار في وفاة والدتهما