محمد بونوار* | ألمانيا
في 18 من شهر أكتوبر من سنة 2011 نزل ألآف من الأروبيين في خمس قارات وفي 82 بلد و950 مدينة الى الشوارع للمطالبة بوضع حد لتدني القدرة الشرائية , وهو ما يعني أن هناك أزمة اقتصادية من جراء تحكم أصحاب رؤوس الأموال في وضع سياسة السوق بل وفرضها على حكومات البلدان التي تعمل بها .
إذا أمعن الانسان النظر بتأن فإن انتفاضة الشعوب الأروبية ليست إلا نسخة من التورات العربية الأخيرة والتي لازالت أطوارها لم تتوقف بعد، لأن الشعوب الأروبية أدركت أن العدو الأول هو جشع الشركات وأصحاب رؤوس الأموال والنظام الرأسمالي الامبريالي الذي يقف وراء اضمحلال القوة الشرائية لسكان العالم ،والتي تزداد يوما بعد يوم بدون رقيب ولا حسيب , في حين أن الشعوب العربية تطارد مكمن القمع والاستبداد والسيطرة المطلقة والحكم الأحادي بدون أدنى مشاركة المواطن في صناعة القرار, وهو الأمر الذي يخلف الفقر والجهل والاقصاء والتهميش وعدم الديموقراطية, ويفتح أيضا شهية أصحاب رؤوس الأموال في فرض قوانينهم بدون مراقبة ولا محاسبة .
مقارنة مع ظاهرة الربيع العربي فاٍن الخريف الآروبي لازال سابقا لآوانه بعض الشيء , وذلك لعدة أسباب أذكر من بينها التعويضات المادية عن البطالة ولو أنها لم تعد تصلح اٍلا لسد الرمق . واٍضافة الى هزالة المساعدات الاجتماعية بدأت تظهر في الآفق اٍمكانية تقليص مستحقات التقاعد وربما حذفها جزئيا وذلك لعدم قدرة النظام المالي الوفاء بها , رغم بنود الدستور والقوانين الاجتماعية التي تنص عليها حرفيا , ومن غير المستبعد أن يثور المواطنون الاروبيون بصفة مفاجئة من جراء اٍفلاس منظومة التقنين المالي العالمي .ومما لا شك فيه أن استسلام كل من الاقتصاد اليوناني والاسباني والبرتغالي والايرلندي وأخيرا الايطالي علانية أمام الآمر الواقع لجدير بوضع تخمينات استنباطية أن حلقة من حلقات النظام المالي لمقبلة على خريف ساخن ,وهو الموضوع الذي يتحاشاه الاعلام الاروبي خاصة , و دول الصف الاول مخافة من اٍشعال فتيل السخط والتمرد والعصيان .ساسة أروبا أو دول الصف الآول حاولت أن تستغل الربيع العربي بواسطة عقد صفقات جديدة لتهيئ البنيات التحتية للدول الفائزة لانعاش اقتصاداتها المهترئة مخافة من افتضاح أمرها أمام الملئ الذي يتطلع الى تحقيق احتياجاته الكثيرة والمتعددة .
صناع الربيع العربي قفزوا الى الامام مرتين , الاولى حصلوا على الربيع السياسي بكل حمولاته , الثانية وقعوا معاهدات بيع مع من ساعدهم لبلوغ هدفهم ألاسمى , وأمضوا عقد لاعادة البنية التحية مع مراعاة متطلبات المواطنين.
المستفيذون من صفقات الربيع العربي يحصون على رؤوس الاصابع , والمتضررون من النظام المالي الجديد قسم في مجموعة الاتحاد الاروبي في القارة الاروبية , والولايات المتحدة الامريكية في القارة الامريكية , ودولة اليابان في القارة الاسيوية .القاسم المشترك بين هذه الدول ليس الدولار أو الاورو أو الين , لكن النظام الرأسمالي الذي يعتمد على فلسفة العولمة .
مخطئ من يعتقد أن الدول الغربية تسعى الى اٍرساء الديموقراطية في العالم العربي لتعزيز حقوق الانسان , لآنه لو كان ذلك صحيحا لما أدرجت دولة فلسطين في هيئة الامم المتحدة نزولا عند رغبتها لطلب العضوية الكاملة , وهو الامر الذي دفع أمريكا الى استعمال حق الفيتو حتى لا يتم قبولها, ولو كان ذلك صحيحا لما صوتت جميع الدول المنظوية تحت الهيئة المذكورة لدخول فلسطين الى منظمة اليونسكو .
لكن يجب الاقرار أن ضراوة الانكماش الاقتصاد العالمي و استحالة التكهن بتبعاته كان سببا في الامدادات المادية المعنوية من الدول الغربية التي مهدت لازالة أنظمة عربية عقيمة . ولولا تعاقس أقتصاداتها فأين كانت هذه الدول الغربية لما يزيد عن 40 سنة من العقم؟ .
قسم من الاعلام الغربي يقر أن جشع الربح المسترسل في النظام الرأسمالي الذي يؤيد الربا ويعمل به هو من يقف وراء فشل المنظومة المالية المتبعة في الدول المتضررة , وهناك ثلة من الاقتصاديين ترى أن الحل هو تبني نظام البنوك الاسلامية التي أثبتت نجاحة في التدبير المالي على المدى البعيد .الغرب بصفة عامة و صناع القرار والاستراتيجيات السياسة تؤمن أن الحياة العامة لا يمكن لها أن تستقيم من دون خلق خصم رئيسي للرأي العام استنادا على مقولتهم المشهورة - الطبيعة تكره الفراغ - .
في السنين التي خلت كان النظام الرأسمالي قد وجد ضالته في مقارعة النظام الاشتراكي , وبعدما تقلص وتراجع هذا الاخير , استبدلته القوى العظمى بالاسلام ومعتنقيه .ولتعزيز الحدث صنع الاعلام الغربي من القاعدة شبح خيالي وغول خطير وخطر محدق , لكن سرعان ما انبرت اللعبة عن مجراها , وتعاطفت الشعوب العربية مع ما هو مطلب واقعي وارتمت في أحضان الربيع العربي, فيما الشعوب الاروبية لازالت تعيش في خريفها الافتصادي على أمل اٍنتعاش الآسواق المالية العالمية .
المقاربة العظمى هو اٍذا ما أثبثت الآيام أن اٍنقاذ المنظومة المالية العالمية هي العمل بالنظام المالي الاسلامي الذي يحرم الربا في جميع أشكاله .
* مستشار ثقافي
في 18 من شهر أكتوبر من سنة 2011 نزل ألآف من الأروبيين في خمس قارات وفي 82 بلد و950 مدينة الى الشوارع للمطالبة بوضع حد لتدني القدرة الشرائية , وهو ما يعني أن هناك أزمة اقتصادية من جراء تحكم أصحاب رؤوس الأموال في وضع سياسة السوق بل وفرضها على حكومات البلدان التي تعمل بها .
إذا أمعن الانسان النظر بتأن فإن انتفاضة الشعوب الأروبية ليست إلا نسخة من التورات العربية الأخيرة والتي لازالت أطوارها لم تتوقف بعد، لأن الشعوب الأروبية أدركت أن العدو الأول هو جشع الشركات وأصحاب رؤوس الأموال والنظام الرأسمالي الامبريالي الذي يقف وراء اضمحلال القوة الشرائية لسكان العالم ،والتي تزداد يوما بعد يوم بدون رقيب ولا حسيب , في حين أن الشعوب العربية تطارد مكمن القمع والاستبداد والسيطرة المطلقة والحكم الأحادي بدون أدنى مشاركة المواطن في صناعة القرار, وهو الأمر الذي يخلف الفقر والجهل والاقصاء والتهميش وعدم الديموقراطية, ويفتح أيضا شهية أصحاب رؤوس الأموال في فرض قوانينهم بدون مراقبة ولا محاسبة .
مقارنة مع ظاهرة الربيع العربي فاٍن الخريف الآروبي لازال سابقا لآوانه بعض الشيء , وذلك لعدة أسباب أذكر من بينها التعويضات المادية عن البطالة ولو أنها لم تعد تصلح اٍلا لسد الرمق . واٍضافة الى هزالة المساعدات الاجتماعية بدأت تظهر في الآفق اٍمكانية تقليص مستحقات التقاعد وربما حذفها جزئيا وذلك لعدم قدرة النظام المالي الوفاء بها , رغم بنود الدستور والقوانين الاجتماعية التي تنص عليها حرفيا , ومن غير المستبعد أن يثور المواطنون الاروبيون بصفة مفاجئة من جراء اٍفلاس منظومة التقنين المالي العالمي .ومما لا شك فيه أن استسلام كل من الاقتصاد اليوناني والاسباني والبرتغالي والايرلندي وأخيرا الايطالي علانية أمام الآمر الواقع لجدير بوضع تخمينات استنباطية أن حلقة من حلقات النظام المالي لمقبلة على خريف ساخن ,وهو الموضوع الذي يتحاشاه الاعلام الاروبي خاصة , و دول الصف الاول مخافة من اٍشعال فتيل السخط والتمرد والعصيان .ساسة أروبا أو دول الصف الآول حاولت أن تستغل الربيع العربي بواسطة عقد صفقات جديدة لتهيئ البنيات التحتية للدول الفائزة لانعاش اقتصاداتها المهترئة مخافة من افتضاح أمرها أمام الملئ الذي يتطلع الى تحقيق احتياجاته الكثيرة والمتعددة .
صناع الربيع العربي قفزوا الى الامام مرتين , الاولى حصلوا على الربيع السياسي بكل حمولاته , الثانية وقعوا معاهدات بيع مع من ساعدهم لبلوغ هدفهم ألاسمى , وأمضوا عقد لاعادة البنية التحية مع مراعاة متطلبات المواطنين.
المستفيذون من صفقات الربيع العربي يحصون على رؤوس الاصابع , والمتضررون من النظام المالي الجديد قسم في مجموعة الاتحاد الاروبي في القارة الاروبية , والولايات المتحدة الامريكية في القارة الامريكية , ودولة اليابان في القارة الاسيوية .القاسم المشترك بين هذه الدول ليس الدولار أو الاورو أو الين , لكن النظام الرأسمالي الذي يعتمد على فلسفة العولمة .
مخطئ من يعتقد أن الدول الغربية تسعى الى اٍرساء الديموقراطية في العالم العربي لتعزيز حقوق الانسان , لآنه لو كان ذلك صحيحا لما أدرجت دولة فلسطين في هيئة الامم المتحدة نزولا عند رغبتها لطلب العضوية الكاملة , وهو الامر الذي دفع أمريكا الى استعمال حق الفيتو حتى لا يتم قبولها, ولو كان ذلك صحيحا لما صوتت جميع الدول المنظوية تحت الهيئة المذكورة لدخول فلسطين الى منظمة اليونسكو .
لكن يجب الاقرار أن ضراوة الانكماش الاقتصاد العالمي و استحالة التكهن بتبعاته كان سببا في الامدادات المادية المعنوية من الدول الغربية التي مهدت لازالة أنظمة عربية عقيمة . ولولا تعاقس أقتصاداتها فأين كانت هذه الدول الغربية لما يزيد عن 40 سنة من العقم؟ .
قسم من الاعلام الغربي يقر أن جشع الربح المسترسل في النظام الرأسمالي الذي يؤيد الربا ويعمل به هو من يقف وراء فشل المنظومة المالية المتبعة في الدول المتضررة , وهناك ثلة من الاقتصاديين ترى أن الحل هو تبني نظام البنوك الاسلامية التي أثبتت نجاحة في التدبير المالي على المدى البعيد .الغرب بصفة عامة و صناع القرار والاستراتيجيات السياسة تؤمن أن الحياة العامة لا يمكن لها أن تستقيم من دون خلق خصم رئيسي للرأي العام استنادا على مقولتهم المشهورة - الطبيعة تكره الفراغ - .
في السنين التي خلت كان النظام الرأسمالي قد وجد ضالته في مقارعة النظام الاشتراكي , وبعدما تقلص وتراجع هذا الاخير , استبدلته القوى العظمى بالاسلام ومعتنقيه .ولتعزيز الحدث صنع الاعلام الغربي من القاعدة شبح خيالي وغول خطير وخطر محدق , لكن سرعان ما انبرت اللعبة عن مجراها , وتعاطفت الشعوب العربية مع ما هو مطلب واقعي وارتمت في أحضان الربيع العربي, فيما الشعوب الاروبية لازالت تعيش في خريفها الافتصادي على أمل اٍنتعاش الآسواق المالية العالمية .
المقاربة العظمى هو اٍذا ما أثبثت الآيام أن اٍنقاذ المنظومة المالية العالمية هي العمل بالنظام المالي الاسلامي الذي يحرم الربا في جميع أشكاله .
* مستشار ثقافي