نببيل محمد بوحميدي
دكتور في الحقوق
المدير المؤسس لموقع MarocDroit
أقرت بتاريخ 12 يونيو 2018 الجمعية العامة للأمم المتحدة، "16 يونيو" يوما عالميا للتحويلات المالية العائلية، ويؤكد المراقبون أن هذه التحويلات على مستوى العالم هى شريان الحياة بالنسبة للبلدان الصاعدة والنامية حيث يقوم حسب إحصائيات الأمم المتحدة أكثر من 200 مليون عامل وعاملة إلى تحويل أموال من دول الإقامة إلى دول المنشأ لدعم ما يناهز 800 مليون فرد، وتُستخدم لمواجهة الاحتياجات الأساسية للأسر وجانب منها مخصص للإستثمار ما يجعلها من عناصر التنمية.
على مستوى المملكة المغربية أصبحت تحويلات المغاربة أكبر من مجرد مساهم في التنمية بعد أن أنعشت خزينة الدولة سنة 2022 حيث تجاوزت 100 مليار درهم لتتساوى مع صادرات المغرب من الفوسفاط والسيارات اللتان تخطت حاجز 100 مليار درهم لكل منهما خلال سنة 2022 أيضا.
هذه التحويلات نالت إشادة بنك المغرب ومكتب الصرف لما توفره من إحتياطات العملة الصعبة وقوة مرنة لمواجهة تقلبات النمو، وقد شهدنا خلال الأزمة الاقتصادية الناتجة عن الحجر الصحي العالمي الناتج عن جائحة كورونا كيف صمدت هذه التحويلات بل تمكنت من أن ترتفع سنة 2020،
أمام هذا الدور السوسيو-إقتصادي لمغاربة العالم نستحضر الخطاب الملكي بتاريخ 20 غشت 2015 " .. نجدد الدعوة لبلورة استراتيجية من جهة تقوم على التفاعل والتنسيق بين المؤسسات الوطنية المختصة بقضايا الهجرة، وجعلها اكثر نجاعة في خدمة مصالح مغاربة الخارج، بما في ذلك الاستفادة من التجربة والخبرة التي راكمها مجلس الجالية، من أجل إقامة مجلس يستجيب لتطلعات ابناءنا بالخارج".
كما نستحضر الخطاب الملكي للسنة الماضية 20 غشت 2022 الذي جاء فيه " نجدد الدعوة للشباب وحاملي المشاريع المغاربة، المقيمين بالخارج، للاستفادة من فرص الاستثمار الكثيرة بأرض الوطن، ومن التحفيزات والضمانات التي يمنحها ميثاق الاستثمار الجديد".
ومن جهتها، فإن المؤسسات العمومية، وقطاع المال والأعمال الوطني، مطالبون بالانفتاح على المستثمرين من أبناء الجالية؛ وذلك باعتماد آليات فعالة من الاحتضان والمواكبة والشراكة، بما يعود بالنفع على الجميع.
وفي الأخير، وبالنظر الى التطلعات المتجددة لمغاربة العالم، فقد حان الوقت لتحديث وتأهيل الإطار المؤسسي، الخاص بهذه الفئة العزيزة من المواطنين."
فبعد مرور سنة من هذا الخطاب لم نرى نقاشا يهم تحديثا مؤسساتيا ولا إنفتاحا على الكفاءات سوى بعض مبادرات من مجلس الجالية ونقاشا هنا وهناك دون توضيحات رسمية مفصلة تتعلق بالاتفاقين متعددي الأطراف بين السلطات المختصة بشأن تبادل الإقرارات عن كل بلد، والتبادل الآلي للمعلومات المتعلقة بالحسابات المالية.
فالاتفاق الأول متعدد الأطراف بين السلطات المختصة بشأن التبادل الآلي للمعلومات المتعلقة بالحسابات المالية، ينظم مجموعة من القواعد والمعايير بين الدول الأعضاء بهدف تحسين الامتثال الضريبي ومكافحة التهرب الضريبي، أما الاتفاق الآخر فهو اتفاق متعدد الأطراف بين السلطات المختصة بشأن تبادل التصاريح بين الدول، يسمح للدول الأعضاء بممارسة الشفافية في المجال الضريبي، وتمكين الإدارات الضريبية للدول الموقعة من الولوج إلى المعلومات عن طريق التبادل الآلي للتصاريح السنوية لكل بلد.
هذه الإتفاقات التي لازال يلفها الغموض لدى عدد من أفراد الجالية المقيمة بالخارج خاصة وأن التحويلات يطغى عليها الطابع التضامني وتلك التي تكتسي طابعا استثماريا غالبا ما تكون مرتبطة باقتناء عقارات أوبقع أرضية أو شقق، أو استثمار في مقاهي ومطاعم، الشيء الذي سيجعلها تتراجع نتيجة هاتين الإتفاقيتين حيث ستكون ذات أثر على المستفيدين من دعم السكن أو على مكتسبات مرتبطة بخدمات إجتماعية كالتقاعد أو غيره.
إن الاتفاق المذكور أثار عن صواب تخوفات لدى مغاربة العالم من انعكاساته عليهم، والذي طرح للمناقشة في لجنة الخارجية للدفاع المدني و الشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين بالخارج الأسبوع الماضي و لكن تم تأجيله .والتخوف يبقى مصدره في ظل غياب التواصل المؤسساتي معهم لتوضيح محتويات هاتين الإتفاقيتين وأثارها بعد أن تصبح سارية المفعول بالمغرب وعند المصادقة على مشروع القانون الخاص بها وصدوره بالجريدة الرسمية، وهنا يحق التساؤل عن موقع دعوة صاحب الجلالة "بالانفتاح على المستثمرين من أبناء الجالية؛ وذلك باعتماد آليات فعالة من الاحتضان والمواكبة والشراكة" من كل هذا ؟؟
فمن خلال الإطلاع فقط على المذكرة التوضيحية المتعلقة فقط بالاتفاق متعدد الأطراف بين السلطات المختصة بشأن التبادل الآلي للمعلومات المتعلقة بالحسابات المالية، يتضح أن الهدف منها تحسين الامتثال الضريبي، ومكافحة التهرب الضريبي عن طريق تعميق علاقتهم فيما يخص المساعدة الضريبية المتبادلة، لكن أعتقد أنه من اللازم القيام بدراسة أثر هاتين الاتفاقيتين قبل المصادقة عليهما لتحديد مدى إيجابية اعتمادهما من عدمه، خاصة وأن مغاربة العالم عبروا عن رفضهم المطلق لهذه الإتفاقيتين، خاصة أنهما تزامنتا مع بعض الإجراءات التي قامت بها بعض الدول الأوروبية، ضمنها التحقيق في الأملاك العقارية التي يتوفر عليها الأشخاص الذين يتلقون مساعدات اجتماعية ببلجيكا، والتحقيق الذي قامت به هولندا بهذا الخصوص.
ملاحظة: فإن مشروع قانون رقم 76.19 هو الذي بموجبه سيتم الموافقة على الاتفاق متعدد الأطراف بين السلطات المختصة بشأن تبادل الإقرارات عن كل بلد، الموقع من طرف المملكة المغربية في 25 يونيو 2019، وأما مشروع قانون رقم 77.19 فهو الذي سيوافق بموجبه على الاتفاق متعدد الأطراف بين السلطات المختصة بشأن التبادل الآلي للمعلومات المتعلقة بالحسابات المالية، الموقع من طرف المملكة المغربية في 25 يونيو 2019، وقد تم إرجاء البث فيهما بالإجماع خلال الجلسة البرلمانية 18/07/2023، وأوضح رئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي، أن المجلس توصل بمراسلة من رئيسة لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين في الخارج تتضمن ملاحظات اللجنة حول هذين المشروعين وتفيد بأن كافة أعضاء اللجنة قدموا بعض الملاحظات بخصوص مجموعة من بنود الاتفاقيتين، مستحضرين ما أثارته من تساؤلات وانشغالات أبناء الجالية المغربية المقيمة بالخارج، ويعتبرون أن إقرارها على هذا النحو قد يمس بمصالحهم.
دكتور في الحقوق
المدير المؤسس لموقع MarocDroit
أقرت بتاريخ 12 يونيو 2018 الجمعية العامة للأمم المتحدة، "16 يونيو" يوما عالميا للتحويلات المالية العائلية، ويؤكد المراقبون أن هذه التحويلات على مستوى العالم هى شريان الحياة بالنسبة للبلدان الصاعدة والنامية حيث يقوم حسب إحصائيات الأمم المتحدة أكثر من 200 مليون عامل وعاملة إلى تحويل أموال من دول الإقامة إلى دول المنشأ لدعم ما يناهز 800 مليون فرد، وتُستخدم لمواجهة الاحتياجات الأساسية للأسر وجانب منها مخصص للإستثمار ما يجعلها من عناصر التنمية.
على مستوى المملكة المغربية أصبحت تحويلات المغاربة أكبر من مجرد مساهم في التنمية بعد أن أنعشت خزينة الدولة سنة 2022 حيث تجاوزت 100 مليار درهم لتتساوى مع صادرات المغرب من الفوسفاط والسيارات اللتان تخطت حاجز 100 مليار درهم لكل منهما خلال سنة 2022 أيضا.
هذه التحويلات نالت إشادة بنك المغرب ومكتب الصرف لما توفره من إحتياطات العملة الصعبة وقوة مرنة لمواجهة تقلبات النمو، وقد شهدنا خلال الأزمة الاقتصادية الناتجة عن الحجر الصحي العالمي الناتج عن جائحة كورونا كيف صمدت هذه التحويلات بل تمكنت من أن ترتفع سنة 2020،
أمام هذا الدور السوسيو-إقتصادي لمغاربة العالم نستحضر الخطاب الملكي بتاريخ 20 غشت 2015 " .. نجدد الدعوة لبلورة استراتيجية من جهة تقوم على التفاعل والتنسيق بين المؤسسات الوطنية المختصة بقضايا الهجرة، وجعلها اكثر نجاعة في خدمة مصالح مغاربة الخارج، بما في ذلك الاستفادة من التجربة والخبرة التي راكمها مجلس الجالية، من أجل إقامة مجلس يستجيب لتطلعات ابناءنا بالخارج".
كما نستحضر الخطاب الملكي للسنة الماضية 20 غشت 2022 الذي جاء فيه " نجدد الدعوة للشباب وحاملي المشاريع المغاربة، المقيمين بالخارج، للاستفادة من فرص الاستثمار الكثيرة بأرض الوطن، ومن التحفيزات والضمانات التي يمنحها ميثاق الاستثمار الجديد".
ومن جهتها، فإن المؤسسات العمومية، وقطاع المال والأعمال الوطني، مطالبون بالانفتاح على المستثمرين من أبناء الجالية؛ وذلك باعتماد آليات فعالة من الاحتضان والمواكبة والشراكة، بما يعود بالنفع على الجميع.
وفي الأخير، وبالنظر الى التطلعات المتجددة لمغاربة العالم، فقد حان الوقت لتحديث وتأهيل الإطار المؤسسي، الخاص بهذه الفئة العزيزة من المواطنين."
فبعد مرور سنة من هذا الخطاب لم نرى نقاشا يهم تحديثا مؤسساتيا ولا إنفتاحا على الكفاءات سوى بعض مبادرات من مجلس الجالية ونقاشا هنا وهناك دون توضيحات رسمية مفصلة تتعلق بالاتفاقين متعددي الأطراف بين السلطات المختصة بشأن تبادل الإقرارات عن كل بلد، والتبادل الآلي للمعلومات المتعلقة بالحسابات المالية.
فالاتفاق الأول متعدد الأطراف بين السلطات المختصة بشأن التبادل الآلي للمعلومات المتعلقة بالحسابات المالية، ينظم مجموعة من القواعد والمعايير بين الدول الأعضاء بهدف تحسين الامتثال الضريبي ومكافحة التهرب الضريبي، أما الاتفاق الآخر فهو اتفاق متعدد الأطراف بين السلطات المختصة بشأن تبادل التصاريح بين الدول، يسمح للدول الأعضاء بممارسة الشفافية في المجال الضريبي، وتمكين الإدارات الضريبية للدول الموقعة من الولوج إلى المعلومات عن طريق التبادل الآلي للتصاريح السنوية لكل بلد.
هذه الإتفاقات التي لازال يلفها الغموض لدى عدد من أفراد الجالية المقيمة بالخارج خاصة وأن التحويلات يطغى عليها الطابع التضامني وتلك التي تكتسي طابعا استثماريا غالبا ما تكون مرتبطة باقتناء عقارات أوبقع أرضية أو شقق، أو استثمار في مقاهي ومطاعم، الشيء الذي سيجعلها تتراجع نتيجة هاتين الإتفاقيتين حيث ستكون ذات أثر على المستفيدين من دعم السكن أو على مكتسبات مرتبطة بخدمات إجتماعية كالتقاعد أو غيره.
إن الاتفاق المذكور أثار عن صواب تخوفات لدى مغاربة العالم من انعكاساته عليهم، والذي طرح للمناقشة في لجنة الخارجية للدفاع المدني و الشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين بالخارج الأسبوع الماضي و لكن تم تأجيله .والتخوف يبقى مصدره في ظل غياب التواصل المؤسساتي معهم لتوضيح محتويات هاتين الإتفاقيتين وأثارها بعد أن تصبح سارية المفعول بالمغرب وعند المصادقة على مشروع القانون الخاص بها وصدوره بالجريدة الرسمية، وهنا يحق التساؤل عن موقع دعوة صاحب الجلالة "بالانفتاح على المستثمرين من أبناء الجالية؛ وذلك باعتماد آليات فعالة من الاحتضان والمواكبة والشراكة" من كل هذا ؟؟
فمن خلال الإطلاع فقط على المذكرة التوضيحية المتعلقة فقط بالاتفاق متعدد الأطراف بين السلطات المختصة بشأن التبادل الآلي للمعلومات المتعلقة بالحسابات المالية، يتضح أن الهدف منها تحسين الامتثال الضريبي، ومكافحة التهرب الضريبي عن طريق تعميق علاقتهم فيما يخص المساعدة الضريبية المتبادلة، لكن أعتقد أنه من اللازم القيام بدراسة أثر هاتين الاتفاقيتين قبل المصادقة عليهما لتحديد مدى إيجابية اعتمادهما من عدمه، خاصة وأن مغاربة العالم عبروا عن رفضهم المطلق لهذه الإتفاقيتين، خاصة أنهما تزامنتا مع بعض الإجراءات التي قامت بها بعض الدول الأوروبية، ضمنها التحقيق في الأملاك العقارية التي يتوفر عليها الأشخاص الذين يتلقون مساعدات اجتماعية ببلجيكا، والتحقيق الذي قامت به هولندا بهذا الخصوص.
ملاحظة: فإن مشروع قانون رقم 76.19 هو الذي بموجبه سيتم الموافقة على الاتفاق متعدد الأطراف بين السلطات المختصة بشأن تبادل الإقرارات عن كل بلد، الموقع من طرف المملكة المغربية في 25 يونيو 2019، وأما مشروع قانون رقم 77.19 فهو الذي سيوافق بموجبه على الاتفاق متعدد الأطراف بين السلطات المختصة بشأن التبادل الآلي للمعلومات المتعلقة بالحسابات المالية، الموقع من طرف المملكة المغربية في 25 يونيو 2019، وقد تم إرجاء البث فيهما بالإجماع خلال الجلسة البرلمانية 18/07/2023، وأوضح رئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي، أن المجلس توصل بمراسلة من رئيسة لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين في الخارج تتضمن ملاحظات اللجنة حول هذين المشروعين وتفيد بأن كافة أعضاء اللجنة قدموا بعض الملاحظات بخصوص مجموعة من بنود الاتفاقيتين، مستحضرين ما أثارته من تساؤلات وانشغالات أبناء الجالية المغربية المقيمة بالخارج، ويعتبرون أن إقرارها على هذا النحو قد يمس بمصالحهم.